نماذج عن الانتدابات في المحاكم و”طائفية” المراكز القضائية!/علي الموسوي
المحامي المتدرج علي الموسوي:
منعًا لأيّ التباس بخصوص المقال الذي نقلته “محكمة” عن صحيفة الأخبار في عددها الصادر اليوم الخميس الواقع في 27 أيلول 2023، بعنوان:” اعتراضات على تكليف الحسن وصادق: الطائفية تتلاعب بالعدلية!”، في ما يتعلّق بالقاضي زلفا الحسن وتكليفها بترؤس محكمة الجنايات في بيروت خلفًا للقاضي سامي صدقي بعد تقاعده في 29 أيلول 2023، فقد حصل في السنتين الأخيرتين مثلًا أن جرى انتداب قضاة مولجين بمراكز معيّنة ووظائف أصلية في القضاء العدلي بترؤس محاكم أخرى، أو حلّ المستشار الأعلى درجة في المحكمة مكان الرئيس أيضًا.
فعلى سبيل المثال، فإنّ القاضي كمال نصار ترأس محكمة الجنايات في جبل لبنان، وهو قاضي تحقيق في جبل لبنان، بعد تعيين القاضي محمد وسام المرتضى وزيرًا للثقافة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في عهد الرئيس ميشال عون في أيلول 2021، باعتبار أنّ المحكمة من “حصّة” الطائفة الشيعية وهي مستحدثة هناك بموجب التشكيلات القضائية الصادرة في العام 2017. وقد ترأسها المرتضى بعد تعيين رئيسها القاضي محمد بدران رئيسًا لديوان المحاسبة في أيلول 2019.
كما أنّه جرى انتداب قاضي التحقيق في الشمال أحمد رامي الحاج لترؤس محكمة الجنايات في الشمال بعد تعيين القاضي بسام مولوي وزيرًا للداخلية والبلديات في حكومة ميقاتي في عهد عون في أيلول 2021، وهما من الطائفة السنية.
كما أنّ رئيسة الغرفة الخامسة عشرة لمحكمة الاستئناف في جديدة المتن القاضي رندة حروق حلّت بالإنتداب مكان القاضي محمود مكية في رئاسة الغرفة التاسعة لمحكمة الاستئناف في بيروت بعد تعيينه أمينًا عامًا لمجلس الوزراء في آذار 2019.
وجرى انتداب قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد لترؤس محكمة الجنايات في بيروت بعد تعيين القاضي طارق البيطار محقّقًا عدليًا في قضية انفجار مرفأ بيروت وهما من الطائفة الكاثوليكية، وأحيانًا كانت المستشارة الأعلى درجة فيها القاضي ميراي ملاك تترأسها.
وبموازاة ذلك، فإنّ المستشار الأعلى درجة في محكمة ما كان يتولّى رئاستها والحلول مكان رئيسها بعد تقاعده، ويكونان من طائفتين مختلفتين كما حصل بترؤس المستشار في محكمة استئناف الجنح في جديدة المتن الماروني القاضي ناظم الخوري المحكمة نفسها بعد تقاعد رئيسها الشيعي القاضي فيصل حيدر في أيّار 2021.
وهذا ما تكرّر في محكمة استئناف الجنح في بيروت بعد تقاعد رئيسها الماروني رفول البستاني في آذار 2020، فحلّت مكانه الشيعية القاضي هبة عبدالله بصورة مؤقّتة كونها المستشارة الأعلى درجة،، قبل أن ينتدب لترؤسها الأرثوذكسي القاضي نسيب إيليا الذي يرأس الغرفة الثانية عشرة لمحكمة الاستئناف في بيروت. كما أنّ الرئيس الأوّل لمحاكم الاستئناف في بيروت بالإنابة القاضي حبيب رزق الله صار يترأس محكمة المطبوعات بعدما توالت على رئاستها خلفًا للقاضي البستاني نفسه، القاضي هبة عبدالله والقاضي المنفرد الجزائي في بيروت رلى صفير في ملفّات معيّنة.
وفي ما خصّ القضاء العسكري، فإنّه بعد استقالة القاضي رياض أبو غيدا في العام 2018، تمهيدًا لتعيينه عضوًا في المجلس الدستوري، فإنّ قاضي التحقيق الأعلى درجة بين زملائه وهو الماروني فادي صوّان حلّ في مركز قاضي التحقيق العسكري الأوّل بالإنابة، مع أنّ المركز “مخصّص” للطائفة الدرزية وتوجد قاضي تحقيق عسكري درزية هي نجاة أبو شقرا.
هذه نماذج عن الانتدابات المتعبة والمتبعة في آن معًا بطبيعة الحال، والممهّدة بأغلبيتها لأن تكرّس في أيّة تشكيلات قضائية في المستقبل، على أمل أن تلغى طائفية المراكز بشكل كلّي، لأنّ القاضي لا يحقّق ولا يحكم بحسب انتمائه الطائفي وإنّما بما يفرضه القانون والضمير.
“محكمة” – الأربعاء في 2023/9/27