نشاطات

البيسري محاضرًا عن السوريين في لبنان: يقدّرون بمليونين ومئة ألف نازح ويشكل الموقوفون منهم بجرائم مختلفة 30%

ألقى المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، محاضرة عن مشاكل النزوح السوري في لبنان في “بيت المحامي” بدعوة من نقابة المحامين في بيروت، وحضرها عدد كبير جداً من السفراء والوزراء، والنواب والقضاة والمحامين الذين غصت بهم طبقتا القاعة الكبرى في الطابق الخامس.
كسبار
تقديم من المحامي فادي مسلّم، وترحيب من نقيب المحامين ناضر كسبار الذي قال:
«نرحب بكم في بيت المحامي، هذا البيت الجامع الذي لا يهدأ ولا يستكين. يجمع ولا يفرق. يُدخل الفرح والبهجة إلى القلوب. يعلّم، يثقّف، ينير العقول والقلوب.
مركز الحركة الدائمة مكان الشلل والهمدان في أمكنة ومراكز أخرى يجب أن تكون هي أساس الحركة والإنتاج والتشريع والإنتخاب، والتوجيه، والعطاء.
كما نرحب بسعادة المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، الذي أثبت خلال مسيرته العسكرية أنه رجل دولة بامتياز.
يعمل بشفافية ومنهجية وجدية، بعيداً عن مصالحه الخاصة، وهو الذي يعلم جيداً أن من يمشي على الطريق الصحيح، يكون بمنأى عن الإنتقادات، ومحل تقدير لدى الجميع يرفعه إلى أعلى المناصب. كل ذلك دون أن ننسى دور الأمن العام والمهام المنوطة به وهو من المؤسسات النادرة في لبنان التي تعمل بمنهجية وجدية.
أيها الأحبة،
يجب ألا تنسينا الأحداث الكبيرة والخطيرة في المنطقة الخطر الكبير من النزوح السوري في لبنان. هذا النزوح سوف يولد الإنفجار الكبير في حال عدم معالجته. فلبنان، هذا البلد الصغير بمساحته وبإمكانياته المادية والإقتصادية والمالية، لا يستطيع تحمّل عبء هذا النزوح. والدول عند مصالحها. وإذا دفعت مبالغ معيّنة فتدفعها لهم. فماذا يستفيد  لبنان؟. لا شيء. بالإضافة إلى أنهم تغلغلوا في الشوارع والأحياء اللبنانية، وفتحوا المؤسسات وأسسوا الشركات بأسماء مستعارة. وما دام جميع المسؤولين اللبنانيين، والشعب اللبناني ضد هذا التواجد. فمن يفرضهم عليه وعليهم؟»
البيسري
وتحدّث البيسري فقال:
باسم الحقِّ والعدالةِ والقانون أبدأ.
يغمرني الإعتزازُ وأنا أقف على منبرٍ من منابرِ الوطن، وفي صرحٍ عريقٍ كعراقة لبنانَ الضاربة جذورَهُ في أعماقِ التاريخ الذي لطالما كان منارة الشرق وملتقى الحضارات، تماماً كنقابتِكم التي أخذت على عاتقها مهمةَ الدفاعِ عن الوطن، وكانت ملاذاً للمظلومين. وبالرغم من قساوةِ الظروف، لم تتنحَّ عن أداءِ رسالتِها، ولم تأخذْ يوماً جانبَ الحياد حين تحتدِم المعركةُ بين الحقِّ والباطل. حالُها كحالِ المؤسسةِ التي لي شرفُ تمثيلِها، لنكون معاً درعاً لهذا الوطن وخيمةً تقيهِ المخاطر، وواحةً تلتقي في ربوعها قيمُ وطنِنا الذي ضربتْهُ عواصفُ الأزمات،
ولكنه بقيَ، وسيبقى صامداً، صمودَ الأرزِ الذي لم يكن عَبَثاً أن اختيرَ رمزاً لعلَمِنا.
أشكر وأقدّرُ دعوتَكم التي تعني ليَ الكثير، فهذا أوّلُ لقاءٍ نِقابيٍّ أردتُ تلبيته، واسمحوا لي أن أعبّرَ عن فخريَ واعتزازيَ بوجودي بينكم، وشراكتُكم مع الأمن العام، ما هي إلا تتويجٌ لمسيرةٍ زاخرةٍ بالإنجازات.
منذ ستةِ أشهر، قاربت ملفَّ النزوحِ السوري الذي طوى خريفَهُ الثاني عشر، البعضُ سمّاها أزمةَ وجود، والبعضُ الآخرُ مسألةَ كِيانٍ وهوّيّة، أنا أؤمن أن ما من قوّةٍ تمَسّ كِيانَنا ووجودَنا، والتجربةُ على ذلكَ مسألةُ اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجِّروا من أرضٍ تشهدُ اليومَ فصلاً جديداً من هذه المواجهةِ المستمرةُ من أجل إحقاقِ الحقّ لأصحابِ أرضٍ دفعوا الأثمان الكبيرة من كرامةٍ وحياةٍ ومستقبلٍ ودولة.
أقول لكم من على هذا المِنبر أننا لن نيأس، ومسيرةُ الألفِ ميلٍ تبدأ بخطوة، وإن طردَ الظلامِ لا يكون بلعْنِهِ، بل بإضاءةِ شمعة، فهذه الأرضُ شهدت حروباً وأزمات، ومرَّ بها طغاةٌ وغزاة، جميعُهم ذهبوا وبقي لبنان، فطائرُ الفينيقِ يعود دائماً من بين الرماد فارداً جناحيه للشمس.
أيها الحضور الكريم…
على طول أمدِ الأزمةِ السورية، كانت يوماً بعد يوم تزدادُ تشعّباً وتعقيداً، وأهم هذه التشعبات ملف النزوح، لا سيما وأن لبنان منذ بداية الأزمة فتحَ حدودَه أمام الهاربين من الأحداث الأليمة نظراً للعلاقات التاريخيّة التي تربِط بين الشعبين وإلتزاماً منه بقواعد القانون الدَّولي الإنساني، إلى جانب كون معاهدة التعاون والتنسيق تسمح بالدخول المرن بين البلدين.
لا يَخفى على أحدٍ أن ملفَّ النازحين هو مادةٌ دسِمة على طاولة التسوية في المنطقة، ولحين حدوثِ هذا الأجل، سَواءَ قَرُبَ أو بَعُد، صار حتمياً علينا أن نُقارب هذا الموضوع بطريقةٍ علميّةٍ وموضوعية بعيداً من أي إعتبارات، ومن هنا سنعرِض عليكم هذا الواقع ببياناتٍ إحصائيٍّة ننطلق منها نحو وضع مقاربةٍ علميّةٍ لرؤيتنا بالتعاون مع شركائنا وعلى رأسِهِم نقابتُكم الموقرة.
وتناول اللواء البيسري مشكلة ولادات النازحين التي لم تكن مسجّلة في لبنان وعددها حوالي 500 ألف ولادة وبالإستناد إلى الولادات المسجلّة في المفوضية بقصد المنفعة. وقال: ” إننا نؤمن بأن للدولة دوراً كبيراً في عملية النزوح السوري لوجود مذكرة تفاهم مع المفوضية عام 2003 تزامنت مع الأزمة العراقية ومعالجته معها. وهذه المذكرة صالحة للتنفيذ وتحتاج ألى ” دفشة لتطبيقها”.
وأذاع البيسري إحصاءات رسمية صادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين عن عدد النازحين: حتى عام 2014 بلغ عدد المسجلّين مليوناً و147 ألف نازح وانخفض العدد اليوم إلى 790 ألف نازح مسجلين بعد تقلص العدد لأسباب عدة منها العودتان الطوعية والتلقائية وإعادة توطين في بلد ثالث. وهؤلاء يتوزعون في المحافظات وفقاً لإحصاء المفوضية: 22% يقطنون في مخيمات غير رسمية، 58% يقيمون في مبان سكنية غير صالحة ومكتظة. و20% في أماكن مختلفة وتراوح أعمار 43% منهم ما بين 19 عاماً و58 عاماً. وشدد على ضرورة جمع المخيمات الصغيرة المتفرقة حرصاً على تأمين الخدمات وحفاظاً على الأمن والبيئة وضبط حركتهم.
 وعن نسبة الوجود السوري في لبنان مقارنة مع اللبنانيين الذين يبلغ عددهم تقديرياً أربعة ملايين و700 الف في مقابل 790 ألف نازح سوري مسجّل لدى المفوضية إضافة إلى 700 ألف مسجّل للحصول على مساعدات. مع ما يزيد عن 500 ألف يحوزون بطاقات إقامة، وهناك عدد تقديري مقيم ما يجعل العدد الإجمالي التقديري مليونين ومئة الف نازح. ما يشكّل 43% من عدد المقيمين في لبنان. فيما يبلغ عدد النازحين خارج سوريا إلى الخارج والدول القريبة تسعة ملايين ومئة ألف نازح.
ويشكّل السوريون الموقوفون بجرائم مختلفة 30% من نسبة الموقوفين.
وتوجّه الى سفراء أوروبيين حاضرين قائلاً باقتضاء ” مقابلة الجهود المبذولة من لبنان بقيام دولهم بجهود لعدم بقاء النازحين فيه أو العمل على تخفيف أعدادهم لقناعتنا بأن للأزمة السورية أبعاداً دولية وإقليمية ومحلية، ويجب ان يعمل كل منها على حلها في اتجاه الأمم المتحدة والجامعة العربية لخلق حلول مشتركة تخفف علينا عبء النزوح”.
“محكمة” – الجمعة في 2023/10/13

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى