65% من السجناء يتعرّضون للتعذيب
“الفرّوج، البلانكو والصدمات الكهربائية”… هي عيّنة من أساليب التعذيب التي امتهنتها الأجهزة الأمنيّة للتحقيق مع المتّهمين، خصوصاً في الساعات الأولى من توقيفهم.
عيّنة استُعيدت أمس مع مختلف أشكال التعذيب النفسي والجسدي للسجناء والموقوفين، بحضور والد السجين المتوفّى (حسّان الضيقة) المحامي توفيق الضيقة وعدد من الحقوقيين المتابعين لقضايا مماثلة.
الاستعادة أتت أمس، بعد عامين من إقرار القانون 2017/65 الخاص بمعاقبة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة، بمناسبة إطلاق دراسة أوّليّة عن “واقع التعذيب في لبنان في ظلّ إقراره” أعدّها المركز اللبناني لحقوق الإنسان. التعذيب “لا يزال يُستخدم كآليّة للتحقيق، ولا يشمل فقط تهم الإرهاب والعمالة، بل مختلف أنواع التهم مثل استخدام هوية مزوّرة” قال رئيس المركز وديع الأسمر، لافتاً إلى “استمرار المعاناة وعدم تحسّن الوضع منذ أوّل تقرير عن التعذيب أصدرناه عام 1997”. القانون المذكور “يحتاج إلى تفعيله وتعديل بعض الثغرات فيه” وفق الأسمر، وأبرزها “التعريف المجتزأ للتعذيب، عدم حصريّة المحاكم العاديّة، وإخضاع التعذيب لعامل مرور الزمن.”
لم تتمّ إلى اليوم ملاحقة أي من المسؤولين عن التعذيب في مراكز التحقيق والسجون اللبنانية، هذا ما توصّل إليه النقاش الذي “احتدم” بعد كلمات ممثّلة وزارة العدل القاضية أنجيلا داغر والنائب السابق غسان مخيبر والأسمر… وتركّز حول غياب المحاسبة، إلزاميّة موافقة النيابة العامة لتسجيل المحامين شكوى عن تعرّض موكّليهم للتعذيب، انتهاك أصول المحاكمات، عدم تطبيق شرط حضور المحامي إلى التحقيق، رفض كتّاب المحاكم طلبات السجناء بتعيين طبيب شرعي وتلكؤ القضاة في متابعة تلك الطلبات.
داغر دافعت عن دور القضاء، مذكّرة بـ”تجاوزات مسكوت عنها للمحامين والمساعدين القضائيين والأطبّاء الشرعيّين، وبقرار لمحكمة جبل لبنان بعدم الأخذ بأقوال موقوف أُخذت تحت التعذيب، وبصدور 140 ألف حكم قضائي سنوياً”. فسأل مخيبر “كم صدر حكم يُجرّم مسؤولاً أو قاضياً بالتعذيب؟”. لتتذرّع داغر “بغياب المكننة”.
ثمّ ردّ مخيبر “بأنّ قراراً مماثلاً كان طبل الدني!”، داعياً إلى “تطبيق القوانين الموجودة أوّلاً قبل تعديلها.”
الدراسة أعدّها المركز بدعم من سفارة النرويج في لبنان، ووُزّعت نسخ إلكترونية منها بالإنكليزيّة فقط. واستطلعت 92 سجيناً في 7 سجون ومراكز احتجاز لبنانية، اعترف 59 منهم بتعرّضهم للتعذيب اللفظي والجسدي، أيّ ما نسبته نحو 65 في المئة. شملت العيّنة 55 رجلاً و37 امرأة من جنسيّات مختلفة، تراوحت أعمارهم بين 18 و61 عاماً ويواجهون تهماً مختلفة. أشكال التعذيب الجسدي التي أقرّوا بها هي الضرب، الحرمان من الماء والغذاء، الصدمات الكهربائية، البلانكو والفرّوج! وتراوح التعذيب النفسي بين الإساءات اللفظية والعزلة والتهديد والإذلال ومشاهدة تعذيب الآخرين.
وأفادت النساء عن تعرّضهنّ للتحرّش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. أما أبرز الأجهزة التي ادّعى السجناء أنّهم تعرّضوا فيها للتعذيب، فهي شعبة معلومات الأمن العام، مراكز قوى الأمن الداخلي، الشرطة القضائيّة/التحرّي، مكتب مكافحة المخدّرات/مخفر حبيش، استخبارات الجيش، شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن الداخلي، جهاز أمن الدولة، مكتب مكافحة جرائم السرقات الدوليّة وسواها. أسباب التعذيب، عزاها 50 سجيناً إلى “هدف انتزاع اعترافاتهم” و4 إلى “أسباب غير معروفة” و5 إلى “التبليغ عن سواهم”.
26 سجيناً فقط من أصل 59، أبلغوا القاضي بتعرّضهم للتعذيب (تحرّك قاضٍ واحد فقط)، و33 لم يبلغوا أي طرف.
(المصدر: جريدة الأخبار – إيلده الغصين)
“محكمة” – السبت في 2019/10/12