سليم الجاهل بين ديغول وفؤاد شهاب/ عبد الحميد الأحدب
بقلم الدكتور المحامي عبد الحميد الأحدب:
كان ذلك أيام زمان، حصل إشكال قانوني تطوّر الى قضائي بين شركة Air France واستدعى الإشكال اتصالاً من الرئيس الفرنسي الجنرال ديغول والرئيس اللبناني فؤاد شهاب، وتحدث الرئيسان طويلاً عن نزاع عالق بين الشركة الفرنسية والدولة اللبنانية امام القضاء اللبناني وتوصّلا بالحديث الى حلّ للنزاع، وأبلغ الرئيس فؤاد شهاب مدير غرفة الرئاسة وقتها الياس سركيس بالتسوية وطلب منه الاتصال بالقاضي العالق لديه النزاع وإبلاغه بالتسوية، وكان هذا القاضي هو سليم الجاهل قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، وانتقل الياس سركيس الى مكتب القاضي سليم الجاهل في قصر العدل ليُبلِّغ بأمر التسوية الرئاسية فرحّب القاضي سليم الجاهل بالياس سركيس ترحيباً حاراً ولكنه استوقفه بالقول: يا أستاذ الياس هذا اتفاق سياسي، والسياسة تقف على أبواب قصر العدل، فاعذرني ان ابقى قاضياً ينظر الى النزاع بتجرد وعدل ومن الزاوية القانونية وليس من الزاوية السياسية! وبعد أيام أصدر القاضي سليم الجاهل حكماً مخالفاً للتسوية التي توصّل اليها الرئيسان العملاقان، واسرع الرئيس يرسل للجنرال ديغول رسالة تقول ان القاضي لم يقبل بالتسوية التي توصلنا اليها ويعتذر منه، ولكن الجنرال ديغول ارسل لفؤاد شهاب رسالة يقول فيها انه يجب أن يعتزّ لبنان بقضاة يضعون الحق فوق السياسة، وبدلاً من ان يعتب الرئيس الفرنسي على لبنان هنّأه على هذه الثروات القضائية التي لديه، وبعد ذلك دقّ جرس الهاتف في منزل القاضي سليم الجاهل فردّ الجاهل على الخط، فسمع الصوت يقول: فؤاد شهاب عم يحكي، يا سليم انت أصدرت حكماً مخالفاً لتسوية سياسية رئاسية وانني افخر بك وكنت فخوراً كثيراً امام الرئيس الفرنسي!
هذه حكاية من أيام زمان.
“محكمة” – الأحد في 2019/2/24