تعليق السير باجراءات دعوى إيجارات/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
اعتبرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الغرفة الناظرة في دعاوى الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري ان قانون الايجارات الجديد قد انشأ صندوقاً خاصاً بالايجارات السكنية تابعاً لوزارة المالية لمساعدة المستأجرين المعنيين بهذا القانون الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري خمسة اضعاف الحد الادنى الرسمي للاجور وذلك عن طريق المساهمة في دفع الزيادات، كلياً او جزئياً حسب الحالة، التي تطرأ على بدلات ايجاراتهم تنفيذاً لاحكام هذا القانون.
كما اعتبرت المحكمة انه لغاية تاريخه، ، لم تصدر المراسيم التطبيقية لصندوق المساعدات المذكور اعلاه ولم يتأسس هذا الصندوق بعد ولم يوضع نظامه المالي، مما يقتضي معه فسخ الحكم المستأنف الذي قضى بالاسترداد وبتحديد التعويض للمخالفة الصريحة والواضحة لاحكام القانون، وبالتالي بعد الفسخ تقرير وقف السير بإجراءات هذه الدعوى تطبيقاً لنص المادة /58/ وما يليها من قانون الايجارات الجديد رقم 2017/2 الى حين دخول صندوق المساعدات حيز التنفيذ.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/5/9 ، رقم 2019/702.
بناء عليه،
حيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم المستأنف ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً والحكم مجدداً بوقف السير بها عملاً بأحكام المادة /58/ من قانون الايجارات رقم 2017/2، كونه معني بتقديمات صندوق المساعدات المعلق دخوله حيز التنفيذ.
وحيث ان الجهة المستأنف بوجهها تدلي من جهتها، بأن القانون رقم 92/160 وتعديلاته هو القانون الواجب التطبيق على النزاع الراهن وبالتالي لا مجال لاعمال احكام المادة /58/ من قانون الايجارات رقم 2017/2 واستطراداً بعدم انطباق احكام المادة المذكورة على النزاع الراهن، باعتبار ان المستأنف قد اكد للخبيرين المعينين بداية، اي منذ سبع سنوات، ان راتبه الشهري يتجاوز ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور وان المساهمة من الصندوق لا تترتب الا عند دفع زيادة على بدل الايجار وبالتالي لا تطال حالة استرداد المأجور.
وحيث ان النزاع الراهن يتعلق بمطالبة الجهة المالكة (الجهة المستأنف بوجهها) باسترداد المأجور السكني المشغول من قبل المستأجر (المستأنف) في البناء القائم على العقار رقم /675/ المصيطبة للهدم وانشاء بناء جديد محله لقاء تعويض.
وحيث تجدر الاشارة الى ان الدعوى الراهنة اقيمت بتاريخ 2011/12/20 ، وانه اثناء السير بالمحاكمة الابتدائية صدر قانون الايجارات تاريخ 8/5/2014 الذي اصبح نافذاً حكماً بتاريخ 2014/12/28، ومن ثم صدر قانون الايجارات رقم 2017/2 قبل اختتام المحاكمة الابتدائية التي صدر بنتيجتها الحكم المستأنف تاريخ 2018/1/29.
وحيث انه يقتضي، ازاء تتابع قوانين الايجارات الاستثنائية خلال فترة النظر في الدعوى الراهنة في مرحلتيها الابتدائية والاستئنافية، تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع الراهن، علماً ان المستأنف المستأجر يدلي بوجوب تطبيق القانون الساري المفعول عند صدور الحكم في حين ان الجهة المستأنف بوجهها المالكة تشدد على تطبيق القانون رقم 92/160 الذي اقيمت الدعوى في ظله والتي استندت الطلبات الواردة في الاستحضار الى احكامه.
وحيث انه يتبين في هذا السياق، ان قانون الايجارات الاخير تاريخ 2017/2/28، قد عين كيفية تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاعات العالقة، اذ نصت الفقرة الثالثة من المادة /55/ على انه مع مراعاة المادة /22/ من القانون عينه (التي تعدد حالات الاسترداد وتحدد مقدار التعويض)، تبقى الدعاوى المقامة قبل تاريخ العمل به خاضعة لاحكام القوانين التي اقيمت في ظلها، فيما نصت الفقرة /د/ من المادة /32/ من القانون عينه على انه تطبق احكام هذا القانون على دعاوى الاسترداد العالقة التي لم يصدر بها قرار مبرم قبل تاريخ نفاذه.
وحيث ان المادتين المذكورتين جاءتا متكاملتين ومتجانستين لناحية تحديد القانون الواجب التطبيق فأقرتا المبدأ العام ثم اوجداتا استثناءً له، وذلك بشكل يتوافق مع طبيعة القرارات التي تصدر في قضايا الايجارات والتي تعتبر بشكل عام اعلانية باستثناء القرارات الصادرة في قضايا الاسترداد والتي تعد انشائية، بحيث يكون القانون الواجب التطبيق في الحالة الاخيرة هو ذلك النافذ بتاريخ صدور الحكم وليس بتاريخ تقديم الدعوى.
وحيث تبعاً لمجمل ما تقدم، تكون دعوى الاسترداد الراهنة خاضعة للقانون الساري المفعول حالياً اي قانون الايجارات الاخير رقم /2/ الصادر بتاريخ 2017/2/28.
وحيث ان الفقرة الثانية من المادة /22/ من القانون المذكور اعلاه، تنص على انه اذا رغب المالك في استرداد المأجور اثناء السنة الاولى من الفترة التمديدية (السنوات التسع) لاجل هدم البناء الذي يقع فيه المأجور واقامة بناء جديد مكانه فعليه ان يدفع للمستأجر تعويضاً يوازي بدل ايجار ست سنوات محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده على ان يكون هذا التعويض موازناً لبدل ايجار سبع سنوات، محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده، للمستأجر الذي تتوافر فيه شروط الاستفادة من تقديمات الصندوق، وانه يحق للمستأجر الذي تتوافر فيه شروط الحصول على مساهمة مالية من الصندوق ان يتقدم من اللجنة بطلب الحصول على هذه المساهمة، على ان تبت اللجنة في ضوء المستندات المرفقة بالطلب بقيمة المساهمة التي كان سيدفعها الصندوق الى المؤجر عن المستأجر من تاريخ استحقاق المساهمة وحتى نهاية الفترة الممددة، وتحسم منها ما سبق ان دفعه الصندوق الى المؤجر من زيادات طرأت على بدل الايجار بموجب هذا القانون، اضافة الى قيمة التعويض الذي قبضه المستأجر من المالك مقابل استرداد المأجور، فتبلغ اللجنة الرصيد الى الدائرة المالية المختصة لدفعه الى المستأجر اقساطاً شهرية متساوية بدءاً من اول الشهر الذي يلي تاريخ الاخلاء الفعلي للمأجور وحتى نهاية الفترة الممددة.
وحيث انه، وفي ضوء ما تقدم، فإن ما يقتضي قوله ان قانون الايجارات الجديد قد انشأ صندوقاً خاصاً بالايجارات السكنية تابعاً لوزارة المالية لمساعدة المستأجرين المعنيين بهذا القانون الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري خمسة اضعاف الحد الادنى الرسمي للاجور وذلك عن طريق المساهمة في دفع الزيادات، كلياً او جزئياً حسب الحالة، التي تطرأ على بدلات ايجاراتهم تنفيذاً لاحكام هذا القانون.
وحيث ان مساهمة الصندوق في حالة تطبيق احكام استرداد المأجور السكني للهدم هي مساهمة رئيسية وحيوية وصولاً الى الغاية المتوخاة منه المتمثلة بتأمين الحد الادنى من التقديمات للمستأجرين ذوي الدخل المحدود الذين يستفيدون من تقديماته، وطالما ان الصندوق المشار اليه آنفاً لم ينشأ بعد، فتكون آلية تطبيق قانون الايجارات الجديد معطلة لناحية الشق المتعلق باسترداد المأجور السكني للهدم، سيما وان المادة /58/ من القانون المذكور تنص على انه خلافاً لاي نص مخالف، يعلق تطبيق احكام مواد هذا القانون المتصلة بحساب المساعدات والتقديمات، كما المراجعات القضائية في الاساس والتنفيذ والاحكام التي سبق ان صدرت، والتي تؤدي الى تحديد بدل ايجار او اخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق المذكور الى حين دخوله حيز التنفيذ، كما نصت المادة /59/ من القانون عينه على انه “تلغى جميع الاحكام المخالفة لهذا القانون او غير المتفقة مع احكامه”.
وحيث انه في ضوء ما تقدم، فإن المستأنف يدلي بأنه يستفيد من تقديمات الصندوق، في حين ان الجهة المستأنف بوجهها تنازع بعدم استفادته مكتفية بالادلاء بأن راتبه الشهري يتجاوز ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور وذلك على النحو الذي صرح به المستأنف امام الخبيرين المعينين بداية اي في العام 2012، بحيث لم تثبت عدم احقية الاخير بالحصول على المساعدة عملاً بأحكام قانون الايجارات رقم 2017/2، اي لم تثبت ان راتبه الشهري يتجاوز خمسة اضعاف الحد الادنى للاجور.
وحيث انه ولغاية تاريخه، لم تصدر المراسيم التطبيقية لصندوق المساعدات المذكور اعلاه ولم يتأسس هذا الصندوق بعد ولم يوضع نظامه المالي، مما يقتضي معه فسخ الحكم المستأنف الذي قضى بالاسترداد وبتحديد التعويض للمخالفة الصريحة والواضحة لاحكام القانون، وبالتالي بعد الفسخ تقرير وقف السير بإجراءات هذه الدعوى تطبيقاً لنص المادة /58/ وما يليها من قانون الايجارات الجديد رقم 2017/2 الى حين دخول صندوق المساعدات حيز التنفيذ.
وحيث يقتضي ايضاً رد طلب العطل والضرر المقدم من المستأنف لعدم ثبوت سوء نية الجهة المستأنف بوجهها.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستنئاف شكلاً
2- قبول الاستئناف اساساً، وفسخ الحكم المستأنف،ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً وتقرير تعليق السير باجراءات هذه الدعوى تطبيقاً لنص المادة /58/ وما يليها من قانون الايجارات الجديد رقم 2017/2 الى حين دخول صندوق المساعدات حيز التنفيذ.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/5/9.
“محكمة” – الجمعة في 2019/6/7