قرار جريء لـ “الاستئناف الإيجارات”: إسقاط إجارة الدولة والحكم بإخلاء”ليبان بوست”/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
في قرار يعتبر من أجرأ القرارات الصادرة في تاريخ القضاء اللبناني في قضايا الايجارات، والذي سوف تكون له ارتدادت قوية جداً على ارض الواقع، والمتعلق باجارة لمصلحة المديرية العامة للبريد وحلول شركة “ليبان بوست” مكانها حيث قضى الحكم الصادر عن القاضي المنفرد في بيروت باسقاط حق المستأجرة بالتمديد والزامها مع الشركة بإخلاء المأجورين. وقد صدمت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، الغرفة الحادية عشرة الناظرة في دعاوى الايجارات، والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري في قرارها الصادر بتاريخ 2019/11/18 الحكم المذكور.
وقد اعتبرت محكمة الاستئناف في قرارها، الذي سوف تكون له ارتدادات كبيرة جداً على الارض خصوصاً لجهة مصير مئات مراكز البريد في لبنان، انه من حيث المبدأ يجوز للمستأجر في الاماكن غير السكنية الا يستثمرها بصورة شخصية وان يديرها مع آخرين او بواسطة الغير، بحيث لا ينطوي الاشغال الجاري بواسطة الغير حتماً على تنازل عن الاجارة او تأجير ثانوي اذا ما تم هذا الاشغال ضمن الحدود القانونية المباحة (ادخال شريك، التفرغ عن المؤسسة او تأجيرها من الغير، توظيف مستخدم…) شرط الا يصل اللجوء الى الغير الى حد انفراد هذا الغير في تسيير العمل كلياً وبالتالي ممارسة العمل التجاري باسمه ولحسابه وبمعزل عن المستأجراي لدرجة الغاء هذا الاخير سواء لناحية تسيير النشاط التجاري او لناحية الانتفاع به او تحمل خسارته، فيكون ما قضى به الحكم في هذا الاطار واقعاً في موقعه القانوني الصحيح ولا يتضمن اي تعارض او تناقض في حيثياته.
وحيث انه يتضح مما تقدم ان الاشغال الحاصل من قبل غير المستأجر يكون جائزا في حالتين: الاولى، حالة موافقة المؤجر الصريحة وغير الملتبسة، والثانية بغياب تلك الموافقة، في حالة حصول الاشغال ضمن الاطر القانونية المقبولة التي لا تخفي تنازلا او تأجيراً ثانوياً.
وحيث كذلك، فإن اشراف الدولة على نشاط شركة ليبان بوست ورقابتها عليها لا يجعل من هذه الاخيرة تابعة للدولة اللبنانية ولا يجعل من علاقتها بها علاقة تابع بمتبوع، فلا يمكن بالتالي اعتبار ان الدولة تشغل المأجور بواسطتها.
في الاساس:
وحيث ان المستأنفة شركة تطلب فسخ الحكم الابتدائي لمخالفة المادة /370/ أ.م.م. والمادة /553/ م.ع. والمادة /7/ من القانون رقم 92/160، بالنظر للخطأ في تفسير عقد الايجار وتعديل اساسه القانوني، نافية حصول اي تنازل عن الاجارة او تأخير ثانوي لمصلحتها، مدلية بأنها لم تحل محل المستأجرة الدولة اللبنانية في المأجور موضوع النزاع، وبأن عقد الايجار اجاز للمستأجرة تحويل كامل المأجور او قسم منه الى ادارة حكومية اخرى بنفس الشروط ودون مراجعة المؤجر، كما ان المادة /584/ م.ع. اجازت للمستأجر تأخير كامل المأجور او جزءاً منه والتنازل عن الاجارة للغير عند عدم وجود اي نص في العقد يمنع ذلك، مضيفة انها لم تتجاوز وجهة استعمال المأجور ولم تحدث اي ضرر.
وحيث ان المستأنفة الدولة اللبنانية وزارة الاتصالات تطلب فسخ الحكم المستأنف لمخالفته احكام المادة /370/ أ.م.م. نافية حصول اي تأجير ثانوي، مدلية بأنها لا تزال تشغل المأجور الكائن في القسمين /9/ و /10/ المدور انما وضعت جزءً منهما تحت تصرف المستأنفة الاخرى شركة بهدف تسيير مرفق عام البريد ولمدة محددة هي مدة العقد المبرم بينهما، واستطراداً ان ثمة موافقة ضمنية من الجهة المالكة منذ عام 1998 على اشغال الشركة، وانه لا يمكن التحدث عن تأجير ثانوي عند انتفاء بدلات الايجار سيما وان شركة لا تدفع للدولة اللبنانية اي بدل ايجار عن اشغالها لقسم من المأجور موضوع هذه الدعوى، مشددة على عدم توجب اي بدل مثل بذمتها.
وحيث ان المستأنف عليهما يطلبان رد الاستئناف لعدم مخالفة المواد /370/ أ.م.م. و/533/ م.ع. و/7/ من القانون رقم 92/160 المعطوفة على الفقرة (ج) من المادة /10/ من هذا القانون، ولعدم انطباق احكام المادة /584/ م.ع. على النزاع الراهن، مدليين بأنه تبعا لعقد ال BOT الموقع ما بين الدولة والشركة، اضحى تواجد الاولى معدوماً وانحصر الاشغال بالثانية وهي شركة تجارية مساهمة تتمتع بكيان قانوني مستقل واصبحت جيمع الاعمال موضوع وجهة استعمال المأجور تنفذ وتتم من قبل الاخيرة مباشرة وبصورة مستقلة عن ادارة البريد الرسمية او الوزارة المختصة اي عبر مستخدمي الشركة فقط مما يثبت حصول اجارة ثانوية.
وحيث تقتضي الاشارة بداية الى ان عقود الايجار الجارية على عقارات تستأجرها الدولة لايواء دوائرها العامة هي عقود عادية وخاضعة للقانون العادي، وبالتالي تنزل الادارة منزلة الافراد متخلية تجاه معاقدها عن امتيازات السلطة العامة.
– تمييز الغرفة الاولى المدنية، رقم 39 تاريخ 1970/4/2، باز ص 200 وصادر بين التشريع والاجتهاد، الايجارات، ص. 205.
– هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، رقم 3017 تاريخ 1998/12/11، صادر بين التشريع والاجتهاد، الايجارات ص. 20.
وحيث انه من هذا المنطلق، فإن الدولة تخضع لكافة القوانين المرعية الاجراء اسوة
بجميع الافراد، فلا تتمتع بأية امتيازات خاصة كما انها لا تعفى من اية موجبات بغياب نص خاص يقضي بذلك.
وحيث انه بالعودة الى عقد الايجار الموقع في ما بين مورث المستأنف عليهما والمستأنفة الدولة اللبنانية (تحديداً المديرية العامة للبريد) يتبين انه يتناول القسمين 9 و10 المشار اليهما، وان المأجور عبارة عن طابق ارضي مؤلف من مدخل وممشى وصالتين وخمس غرف ومستودع، وان وجهة الاستعمال مكتب البريد والبرق، وانه يحق للمستأجر تحويل كامل المأجور او قسم منه الى ادارة حكومية اخرى بنفس الشروط دون مراجعة المؤجر.
وحيث انه من غير المنازع به بين الخصوم ان الاجارة موضوع النزاع ممددة، مما يقتضي معه استبعاد احكام المادة /584/ م.ع. التي تنص على انه “يحق للمستأجر ان يؤجر كل المأجور او جزء منه وان يتنازل عن الاجارة لغيره ما لم يكن قد نص في العقد على منعه من الايجار او التنازل او كان هذا المنع مستفادا من ماهية الشيء المأجور”. لكونها تنطبق فقط على الايجارات الخاضعة لحرية التعاقد، ما يستدعي بالتالي اخضاع الاجارة الراهنة لاحكام قوانين الايجارات الاستثنائية، التي تطبق وتفسر حصراً دون توسع.
وحيث ان التمديد القانوني الذي فرضته القوانين الاستثنائية يشكل عبئاً على ملكية المؤجر نظراً لما ينتج عنه من تجميد للملك المؤجر وذلك لفترات طويلة وببدلات متدنية نسبياً مما يفترض على المستأجر التقيد ببنود عقد الايجار لاسيما لناحية تحديد الجهة المستأجرة، وبالتالي عدم توسيع نطاق الشاغلين المحتملين.
وحيث بحسب المادة /7/ من القانون رقم 92/160 فإنه لا يجوز للمستأجر التنازل عن المأجور او تأجيره كلياً او جزئياً الا بموافقة المالك الخطية وبالشروط التي يتفق عليها. اذا تنازل المستأجر الاصلي عن المأجور وكان مرخصاً له بذلك صراحة في عقد الايجار الاساسي او الممدد بحكم القانون يستفيد المتنازل لهم من التمديد القانوني ويحلون محل المستأجر الاصلي وتصبح علاقتهم مباشرة مع المالك. وفي حال التأخير الثانوي الكلي او الجزئي بموافقة المالك الصريحة في العقد الاساسي او الممدد، تبقى العلاقة التأجيرية محصورة بين المالك والمستأجر الاصلي وتنتهي مدة الايجار الثانوي بانتهاء مدة الايجار الاصلي…
وحيث انه بحسب الفقرة (ج) من المادة /10/ من القانون رقم 92/160، يسقط حق المستأجر بالتمديد ويحكم عليه او على من يحل محله قانونياً بالاخلاء اذا تنازل عن المأجور كلياً او جزئياً دون موافقة المالك الخطية او خلافاً لعقد الايجار الاساسي او الممدد، وفي هذه الحالة يقتضي ادخال المستأجر الثانوي او المتنازل له في المحاكمة.
وحيث انه يستفاد من ذلك، انه خلافا لما هي عليه الحال بالنسبة لعقود الايجار الحرة، فإن المبدأ في اطار عقود الايجار الممددة، منع التنازل عن الايجار او التأجير الثانوي، الا بموافقة المؤجر الخطية، ويقتضي ان تكون الموافقة واضحة.
وحيث انه فضلاً عن ذلك، فإنه من حيث المبدأ يجوز للمستأجر في الاماكن غير السكنية الا يستثمرها بصورة شخصية وان يديرها مع آخرين او بواسطة الغير، بحيث لا ينطوي الاشغال الجاري بواسطة الغير حتماً على تنازل عن الاجارة او تأجير ثانوي اذا ما تم هذا الاشغال ضمن الحدود القانونية المباحة (ادخال شريك، التفرغ عن المؤسسة او تأجيرها من الغير، توظيف مستخدم…) شرط الا يصل اللجوء الى الغير الى حد انفراد هذا الغير في تسيير العمل كلياً وبالتالي ممارسة العمل التجاري باسمه ولحسابه وبمعزل عن المستأجراي لدرجة الغاء هذا الاخير سواء لناحية تسيير النشاط التجاري او لناحية الانتفاع به او تحمل خسارته، فيكون ما قضى به الحكم في هذا الاطار واقعاً في موقعه القانوني الصحيح ولا يتضمن اي تعارض او تناقض في حيثياته.
وحيث انه يتضح مما تقدم ان الاشغال الحاصل من قبل غير المستأجر يكون جائزا في حالتين: الاولى، حالة موافقة المؤجر الصريحة وغير الملتبسة، والثانية بغياب تلك الموافقة، في حالة حصول الاشغال ضمن الاطر القانونية المقبولة التي لا تخفي تنازلا او تأجيراً ثانوياً.
وحيث انه من ناحية اولى، فإن الترخيص الوارد في العقد، والذي حول المؤجرة المديرية العامة للبريد، وهي احد اجهزة الادارة الحكومية، “تحويل كامل المأجور او قسم منه الى ادارة حكومية اخرى بنفس الشروط دون مراجعة المؤجر” لم يجز لها اذن بصورة واضحة وصريحة التنازل عن الايجار والتأجير الثانوي، والا لكان اورد ذلك بصورة واضحة وجلية وفقا لما هو معمول به ومتعارف عليه، هذا فضلاً عن انه حصر نطاق الترخيص المذكور بإدارة حكومية الامر غير المنطبق على شركة الليبان بوست التي تعتبر شركة خاصة ولا تندرج ضمن اشخاص القانون العام ولئن قامت بمهمة تطوير مرفق عام، بحيث يتضح ان المقصود من ال “تحويل الى ادارة حكومية” افساح المجال امام الدولة بشكل عام او الوزارة بشكل خاص بإعادة تنظيم مقراتها ومكاتبها واستبدال ادارة بأخرى بشكل يأتلف مع حاجاتها وظروف عملها.
وحيث انه من ناحية ثانية، يبقى التحقق مما اذا كان الاشغال الحاصل من قبل المستأنفة شركة ليبان بوست داخلاً ضمن الاطر القانونية المسموحة النافية للتأجير او التنازل عن الاجارة.
وحيث ان المأجور مؤجر لادارة البريد وهو مرفق عام خاضع للقانون الاداري وعائد للدولة اللبنانية وبالتالي لا محل لاعمال القواعد المتعلقة بالمؤسسة التجارية لجهة الادارة الحرة او الادارة العادية او تقديم المؤسسة التجارية لمشاركة ما مع الغير بالنشاط المخصص له المأجور، مما يقتضي معه استبعاد هذه القواعد من التطبيق على النزاع الراهن.
وحيث ان عدم وجود عقد تنازل عن الايجار او تأجير ثانوي بين المستأجرة والشاغلة لا يمكن ان ينفي حصولهما، اذ لا يستقيم ان يكرس الطرفان المذكوران، بصورة علنية تصرفاً محظوراً اصلاً في القانون ويعرضهما للاخلاء، بحيث انه يتعين على المحكمة استنتاج حصول التنازل او التأجير الثانوي من وقائع النزاع ومن مندرجات الاتفاقات المعقودة في ما بين الطرفين، ويعود لها في هذا المجال اعطاء الوصف القانوني الصحيح لتلك الاتفاقات دون التقيد بالوصف المعطى من الفرقاء.
وحيث انه يتبين في هذا الاطار انه بتاريخ 1998/7/22 وقعت وزارة البريد والاتصالات السلكية واللاسكلية مع شركة كندا ليمتد بالتكافل والتضامن في ما بينهم (المشغل –operator) عقدا بهدف تخطيط وتصميم وهندسة وتجهيز وتركيب واختبار وعمولة وتشغيل وصيانة خدمات البريد المسلم باليد والبريد السريع وخدمات الفاكس وخدمات الطوابع لفترة 12 سنة بالنسبة للبريد المسلم باليد و 12 سنة بالنسبة للبريد السريع ولخدمات الفاكس ولخدمات الطوابع البريدية ولاعادة نقل هذه الخدمات للوزارة عند نهاية هذه الفترة، علما ان المستأنفة شركة ليبان بوست هي شركة تابعة محلية للمشغل.
وحيث انه بمراجعة مضمون العقد المذكور ومندرجات الاتفاقات التعديلية له والتي تهدف الى تأمين خدمة البريد وتطوير قطاع البريد وتضع اطار العمل بالنسبة للتعرفة والغرامات والخدمات، يتبين انه بالرغم مما اوردته لجهة ان “الوزارة لا تدخل ولن تدخل في عقود ايجار مع المشغل بالنسبة لابنيتها الخاصة او الابنية المستأجرة منها” الا انه يتبين بالمقابل انها “تضع تلك الابنية تحت تصرف المشغل لمدة العقد فقط ومقابل تسديد مبلغ متفق عليه يشكل تعويضات اشغال” وفي هذا الاطار اولت المشغل (او الشركة التابعة له) حق “اختبار، وبالتنسيق مع الوزارة، المكاتب البريدية الاكثر ملاءمة بغية تقديم الخدمات البريدية الاكثر فعالية، وتكون تكاليف اعادة تأهيل المكاتب المختارة على عاتق المشغل على ان تحسم من تعويضات الاشغال التي سوف سدفعها الاخير كتعويضات للابنية المملوكة او المؤجرة من قبل الوزارة، واذا كان ضرورياً تحسم من حصة الوزارة في اجمالي الايرادات بعد موافقة الوزارة التي لا يجوز لها عدم الموافقة بلا سبب شرعي”.
وحيث انه بحسب المادة /533/ م.ع. فإن الايجار عقد يلتزم به المرء ان يولي شخصاً آخر حق الانتفاع بشيء ثابت او منقول او بحق ما لمدة معينة مقابل بدل يلتزم له هذا الشخص اداءه اليه، ويعود للفريقين ان يحددا ماهية البدل (اي ما اذا كان مبلغاً من النقود او اداء آخر كعمل معين او نسبة من المحصول…) او ان يحددا اسس تعيينه بشكل كاف.
وحيث انه يستفاد مما تقدم ان العلاقة القائمة في ما بين المستأنفين، في ما خص المأجور موضوع الدعوى، انما ينطوي على عقد ايجار وفقاً لمفهوم المادة /533/م.ع. المشار اليها، وذلك بصرف النظر عن الوصف المعطى لها من قبلهما والذي لا يقيد المحكمة وفق احكام المادة /370/أ.م.م.
وحيث انه لا يرد على ذلك ان الوزارة لا تزال موجودة في العقار عبر موظفين لها، اذ انه على فرض ثبوت ذلك، فإن التأجير المؤدي الى الاسقاط من حق التمديد يكفي ان ينصب على جزء من المأجور وليس على كامله، هذا فضلا عن انه يتبين بالعودة الى تقرير الخبير ا. المعين من قبل قاضي العجلة بناء لطلب الجهة المؤجرة، ان كل شيء يوحي بانه لشركة ليبان بوست، وذلك من خلال الاعلانات الموجود بداخله واجهزة الكمبيوتر الموجودة على الكونتوار والمستندات المعنونة باسمها، والمجسمات الموضوعة في المأجور التي تحمل اسم الشركة، وان الموظفين الموجودين في الداخل يرتديان ثياباً بألوان ولوغو الشركة وقد افاد احدهما انه وزملائه يتقاضون رواتبهم من الشركة المشغلة، واضاف الخبير انه توجد لوحة قديمة على مدخل المأجور من الخارج كتب عليها وزارة البريد والاتصالات كما يوجد موظفان تابعان للادارة موجودان في غرفة على حده في آخر المأجور بعيدة كليا عن الكونتوار وعن انظار الزبائن وهما مسؤولان عن المستودع العام للمديرية للبريد ولا يتعاطيان اطلاقا مع الزبائن، بحيث يستدل مما تقدم ان الاشغال حاصل بشكل اساسي من قبل الشركة في حين ان تواجد المديرية العامة للبريد شبه منعدم.
وحيث كذلك، فإن اشراف الدولة على نشاط شركة ليبان بوست ورقابتها عليها لا يجعل من هذه الاخيرة تابعة للدولة اللبنانية ولا يجعل من علاقتها بها علاقة تابع بمتبوع، فلا يمكن بالتالي اعتبار ان الدولة تشغل المأجور بواسطتها.
وحيث انه تبعاً لما تقدم، يتبين ان المشغل يدفع للدولة بدل اشغال للاماكن المستأجرة من الدولة والتي تضعها الاخيرة بتصرفه، وبالتالي تكون البدلات المدفوعة من قبل المشغل للادارة مقابل هذا الاشغال، بدلات ناجمة عن تأجير ثانوي، الامر الذي يعرض الدولة اللبنانية للاسقاط من حق التمديد.
وحيث انه لا يرد على ذلك، ان الجهة المالكة عالمة بإشغال المأجور من قبل شركة منذ فترة طويلة مما يفيد موافقتها على هذا الاشغال، باعتبار ان الحق بطلب الاسقاط من حق التمديد لا يخضع لمرور الزمن، اذ ان التنازل عن الحق بالادلاء بالاسقاط يفترض الاعراب عن هذه الرغبة بصورة واضحة وصريحة وغير ملتبسة، الامر غير المتحقق في الحالة الراهنة.
وحيث انه تأسيسا على كا ما جرى بيانه، يكون القرار المنتهي الى اسقاط حق الدولة اللبنانية من الحق بالتمديد القانوني والزامها مع شركة بإخلاء المأجور، واقعا في موقعه القانوني الصحيح، الامر الذي يقتضي معه رد الاستئنافين وتصديق الحكم لهذه الجهة.
وحيث انه تبعاً لاعلان سقوط حق المستأنفة الدولة اللبنانية بالتمديد القانوني، فإنه يقتضي الزامها ببدل المثل من تاريخ تقديم دعوى الاسقاط من حق التمديد ولغاية صدور القرار، عملاً بالاثر الاعلاني للحكم القاضي بالاسقاط.
وحيث ان الحكم الابتدائي قد اعتمد في هذا الاطار على تقرير الخبير غ. المعين بداية خالصا الى تحديد بدل المثل من تاريخ تقديم الدعوى ولغاية صدور الحكم في 2016/4/30 بمبلغ /517,288/د.أ. توزع بنسبة الربع للمدعي ب. وثلاثة ارباع للمدعية المرحومة ك.
وحيث ان المستأنف عليهما يطلبان لهذه الناحية الحكم لهما ببدل المثل المتوجب منذ صدور الحكم الابتدائي ولغاية صدور القرار الاستئنافي والاخلاء الفعلي، كما وتعديل نسب التوزيع تبعاً لوفاة المدعية المرحومة ك. لتصبح نسبة 31% للمستأنف عليه ب. و 69% للمستأنف عليه ب.
وحيث انه في ما يتعلق بالفترة الممتدة من تاريخ صدور الحكم الابتدائي ولغاية تاريخ صدور القرار الراهن، فإن المحكمة، وبما لها من سلطة تقدير في هذا المجال وبما توافر لديها من معلومات حول موقع العقار (منطقة الجميزة) وميزاته كافة وحالة البناء ووضع القسمين وبعد الاطلاع على الصور الفوتوغرافية المرفقة بتقرير الخبير ع. واستئناسا بالتخمين المعتمد من قبل الخبر ن. والذي قدر متوسط قيمة الايجار السنوي للعام 2014 ب/50,000/د.أ. والذي اعتمده ايضا القاضي المنفرد بالنسبة للسنتين 2015 و 2016، وبما هو مشاهد ومتعارف عليه في المنطقة، وبالنظر لتراجع سعر العقارات لاسيما بالنظر للاوضاع الاقتصادية المتردية، ترى تحديد بدل الايجار عن العام 2017 ب /45,000/د.أ. و 2018 و 2019 ب /40.000/د.أ.
وحيث يكون البدل المتوجب ابتداء من 2016/5/1 ولغاية 2018/11/18 على الشكل التالي:
– من 2015/5/1 ولغاية 2016/12/31: /33,000/د.أ.
– من 2017/1/1 ولغاية 2017/12/31 :/45,000/د.أ.
– من 2018/1/1 ولغاية 2018/12/31:/40,000/د.أ.
– من 2019/1/1 ولغاية 2018/11/18 :/35,000/د.أ.
اي مجموعة عن تلك الفترة : /153,666/د.أ.
بحيث يكون مجموع بدل المثل من تاريخ تقديم الدعوى ولغاية صدور القرار الراهن /670,954/د.أ. على ان يوزع بين المستأنف عليهما بنسبة 31% للسيد ب. و69% للسيد ب.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة سمتوجبة الرد اما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئنافين رقم 2016/132 و 2018/218 شكلاً
2- تصحيح الخصومة واعتبارها منعقدة بين الدولة اللبنانية وزارة الاتصالات وشركة ش.م.ل. والسيدين ب. وب.
3- رد الاستئنافين اساساً، وتصديق الحكم المستأنف بالنسبة لمجمل البنود باستثناء البند الرابع
4- تعديل البند الرابع من الفقرة الحكمية، بتعاً للحكم ببدل مثل اضافي عن الفترة اللاحقة لصدور الحكم المستأنف، وتغيير نسبة توزيع بدل المثل بين المستأنف عليهما تبعاً لوفاة والدتهما المرحومة ك. وبالتالي الزام المستأنفة الدولة اللبنانية وزارة الاتصالات بأن تدفع للمستأنف عليهما مبلغاً وقدره /670,954/د.أ. على ان يوزع بين المستأنف عليهما بنسبة 31% للسيد ب. و69% للسيد ب.
5- رد سائر الاسباب او املطالب الزائدة او المخالفة
6- مصادرة التأمين الاستئنافي المودع من قبل المستأنفة شركة ليبان بوست وتضمينها رسوم ونفقات استئنافها، وتعليق الرسوم بالنسبة لاستئناف الدولة اللبنانية
قراراً صدر وافهم علنا في بيروت بتاريخ 2019/11/18
“محكمة” – الأربعاء في 2019/11/27
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.