القاضي بشارة طبّاع.. مسيرة علمية عامرة بالعطاء/سميح صفير
القاضي الدكتور سميح صفير:
“العِلمُ لا يعطيكَ بعضَهُ إلاَّ إذا أعطيتَهُ كلَّكَ”،
هذه المقولة طَبَعَت سِيرة القاضي الفقيه الألمَعي “بشارة طبّاع” ومَسيرَته العلمية.
هو من مواليد 1891/9/26 في بيروت.
مَخَرَت سَفينَتُهُ القضائية في العام ١٩٣٠، تَشقُّ طريقَها في بَحرِ المراكز الحسّاسة كمحكمة التمييز (١٩٣٩) ومحكمة توحيد الاجتهاد (١٩٤٤) ومجلس شورى الدولة (١٩٤٨).
لَعِبَ دوراً أساسيّاً، إلى جانبِ الفرنسيين، في وضعِ القوانين اللبنانيَّة أيّام الانتداب الفرنسي وتأهيلِها فكان مِمَن اقتَرَحَ إنشاء ما عُرِفَ بـ “Comité consultatif de législation” المنشأة في العام ١٩٢٩.
كما عُهِدَ إليه في العام ١٩٦٦ إعادةَ النظر في قانونِ أصول المحاكمات المدنية القديم الصادر في العام ١٩٣٣.
ناقشَ أطروحتَهُ القيِّمة في جامعة “Lyon” الفرنسية في العام ١٩٣٥ تحت عُنوان:”Du heurt à l’harmonie des droits”، شكَّلت في حينِها ظاهرةً فريدةً في مُقاربةِ الشريعةِ الاسلاميةِ مع القوانين الوضعية الغربيّة، فعُيِّن على أثَرِها في العام ١٩٣٨ أُستاذاً في كلّيّةِ الحقوق في الجامعة اليسوعيّة والتي كانت تُسمّى “Ecole française de droit”.
وكان من أرفع من كتَبَ وناقشَ وحلّلَ في مواضيع شتّى بلغّةٍ فرنسيّةٍ راقيةٍ منشورة في مجموعات قانونية عالمية كـ Revue internationale de droit comparé، وتُشكِّلُ مؤلَّفاتُه في شرحِ القانون العقاري والموجبات والعقود أُمَّهات المصادر يَغرِفُ من مَعينِها رجلُ القانون من دونِ هوادة.
وفي العام ١٩٥٩، عِندَ إنشاء الفرع الأوّل لكلّية الحقوق في الجامعة اللبنانيَّة، كُلِّفَ إلى جانب كوكبة من الكبار أمثال: إميل تيّان، جورج سيوفي، صبحي محمصاني بوضعِ النصوص التنظيميَّة لها؛
حِسُّهُ الوطني المُرهَف جعَلَهُ يقترِحُ أن تُشَكِّل “كلّيّة الحقوق في الجامعة اليسوعية” الفرع الثاني لكلّيّة الحقوق المُنشَأة والتابعة للجامعة اللبنانيّة الأمّ مع إستقلالية مُعيَّنة، فتكرَّس ذلك بنصٍّ قانوني، ولكنّهُ بَقيَ من دونِ تطبيق أو أثر يُذكَر.
فارقتهُ المنيَّة وهو يطوفُ حولَ كَعبَةِ العِلمِ مُقَبِّلاً قُبلة الوداع لحجرِها في العام ١٩٧٠.
واذكرنا يا ربّ مع مَن خَدَم العلمَ عالياً، وألهِمنا فضائل عدلك، يومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّك….، ويومَ الصَّاخَّة الكُبرى والقارِعة الوسطى والحاقَّة الصُغرى؛
“محكمة” – الأحد في 2020/4/5
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.