لبنان وفيلم I comme Icar/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
في العام 1979 نصحنا زميلنا في كلّية الحقوق في الجامعة اليسوعية جورج حدّاد، عضو المجلس البلدي في الحدث، بحضور فيلم سينمائي بعنوان I Comme Icar وهو من بطولة ايف مونتان. لبّى أصدقاؤه الطلاّب دعوته وحضرنا الفيلم الذي كنت أتمنّى على جميع الناس حضوره لما يتضمّنه من معلومات وعبر وواقعية.
تدور وقائع الفيلم على ما يأتي: ينتخب شخص في أحد البلدان رئيساً للجمهورية وعندما يتمّ التخطيط لاغتياله يأتي تقرير المخابرات في تلك الدولة بأنّه لا يجب ذلك لأنّكم تجعلون منه بطلاً. وعلى اثر حصول مشاكل متعدّدة وقتل ومجاعة يتمّ اغتيال الرئيس. (وهو مستوحى من مقتل الرئيس كينيدي).
تنشأ لجنة تحقيق وتصل إلى نتيجة أنّ الشخص الذي اغتال الرئيس وهو يقف داخل إحدى الشقق، والرئيس في سيّارته، وأثناء المغادرة يغتاله أحد الأشخاص في المصعد. ويخلص التقرير إلى أنّ القضيّة تنتهي هنا.
لدى تلاوة التقرير المؤلّف من مئات الصفحات من قبل رئيس اللجنة، كان أحد أعضائها ايف مونتان IVE montand يرسم على ورقة، وادعى بأنّ لديه معلومات وبدأ يناقش رئيس اللجنة الذي بدأ “يبلع ريقه”. وعارض التقرير. وحسب نظام تلك اللجنة فإنّ العضو الذي يعارض التقرير يتولّى التحقيق من جديد بالقضيّة. وهكذا انتقل الملفّ بكامله إلى المحقّق ايف مونتان.
بدأ مونتان تحقيقاته حيث اكتشف أنّ معظم الشهود قد تمّ اغتيالهم في أماكن وظروف مختلفة ما عدا واحداً. كما اكتشف من عالم نفساني أنّ الإنسان ينفّذ عندما يأتيه الأمر من السلطة أو من مصدر موثوق. وأجرى تجربة مع أحد الأشخاص الذي يتلقّى من زميله صدمات كهربائية (وهو لا يتلقّى شيئاً) وزميله خائف ويرتجف لأنّه يرسل تلك الصدمات. إلاّ أنّه ينفّذ لأنّ البروفسور يقول له لا تخف أنا من يعطيك التعليمات والأوامر وأنا موجود.
وبعد البحث والتدقيق، استطاع مونتان الدخول إلى مكتب رئيس مخابرات تلك الدولة، وأحضر شخصاً من السجن ليفتح له خزنة صغيرة مخبأة خلف لوحة فنّية على الحائط. وطلب السجين بعض الموسيقى حتّى لا يسمع صوت الإنفجار البسيط، وأثناء التفتيش بين “الكاسيت” سمع مونتان كلاماً مشفّراً. ولدى “دوزنة” الصوت سمع عبارة مفادها أنّه يقتضي تنفيذ عملية ICAR. كما وجد بعض الأدلّة في المكتب المذكور. فسجّل على كاسيت خاصة به وبصوته أنّه يتهم رئيس مخابرات بلده باغتيال الرئيس. وذهب إلى مكتبه الخاص حيث شاهدناه يصعد في المصعد بعد منتصف الليل وفي البناء المقابل، يصعد المصعد إلى طابق علوي أيضاً.
يدخل المحقّق مونتان مكتبه، ويمسك سمّاعة الهاتف ويتصل بزوجته وهي دكتورة في العلوم ويطلب منها التفتيش عن معنى كلمة ICAR.
في هذا الوقت يتلقى من المبنى المقابل رصاصة في رأسه فيقع أرضاً. وبعد دقيقة نسمع صوت زوجته تشرح له معنى كلمة ICAR قائلة: إنّ معناها الواقعي عندما تقترب الفراشة من الضوء تحترق. ومعناها المجازي عندما يقترب المحقّق من الحقيقة يُقْتل.
ترى هل يطبّق فيلم I comme ICAR في هذا البلد المسكين، والذي لم نصل إلى حقيقة ما يرتكب فيه من جرائم ومجازر وتفجيرات وصفقات وسرقات؟
“محكمة” – الإثنين في 2020/9/7