تنحي صوّان ينقذ التحقيق ويزيل الإرتياب عن مخالفاته القانونية/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
علمت” محكمة” من مصادر قضائية أنّ المستشارين في الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية القاضيين رلى مسلّم وفرنسوا الياس قدّما يوم الخميس الواقع فيه 31 كانون الأوّل 2020، طلبين بالتنحّي عن النظر في طلب نقل الدعوى للإرتياب المشروع المقدّم من النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل في ملفّ انفجار مرفأ بيروت.
وتضمّن طلبا التنحّي أنّ القاضيين مسلّم والياس يستشعران بالحرج من دون تفاصيل توضيحية، وهما ليسا أوّل قاضيين يتنحّيان في أيّة غرفة من غرف محكمة التمييز التي هي محكمة قانون.
وقد أحال الرئيس الأوّل لمحاكم التمييز القاضي سهيل عبود هذين الطلبين بالتنحّي على الغرفة العاشرة لمحكمة التمييز برئاسة القاضي روكس رزق للبتّ فيهما، علماً أنّ الموافقة عليهما هي المرجّحة كما جرت العادة في حالات مماثلة في السابق.
وبعد قبول طلبي التنحّي، يعاد الملفّ إلى القاضي عبود لكي يقوم بانتداب قاض واحد وليس اثنين من بين المستشارين الموجودين في محاكم التمييز، باعتبار أنّ الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية تضمّ أيضاً المستشار القاضي فادي العريضي، ويتبقّى قاض آخر لاستكمال هيئة المحكمة التي يرأسها القاضي جمال الحجّار بالتكليف لمدّة شهر انتهى في 31 كانون الأوّل 2020 وكان يفترض أن ينتقل التكليف إلى القاضي سهير الحركة من أجل تسيير أعمال هذه المحكمة، غير أنّ القاضي عبود اضطرّ إلى التمديد للقاضي الحجّار بعدما سبق له أن وضع يده على طلب نقل الدعوى المقدّم من زعيتر وخليل.
وتجتمع اليوم الغرفة العاشرة برئاسة روكس لإصدار القرار بشأن التنحي، على أن يعاد الملفّ إلى القاضي عبود لتعيين مستشار من إحدى غرف محكمة التمييز، فتكتمل محكمة التمييز برئاسة الحجار وتنطلق في عملها في النظر في طلب نقل الدعوى.
تنحّي صوّان
ومهما كانت الأسباب الواردة في طلب نقل الدعوى، فإنّ طريقة أداء القاضي صوّان والمخالفات القانونية العديدة التي اقترفها وبعضها لا يمكن أن تمرّ على القضاة الصغار في العمر وفي التجربة والممارسة القضائية والقانونية، كفيلة بمفردها بزرع الإرتياب والشكوك في النفوس، ممّا يحتّم أن يُقْدم من تلقاء نفسه على اتخاذ قرار التنحّي عن متابعة النظر عن هذه القضيّة الوطنية لكي يصار إلى تعيين قاض آخر مكانه وذلك من أجل حسن سلامة التحقيق وسمعة القضاء.
وإذا كان زعيتر وخليل قد وجدا ضالتهما في طلب نقل الدعوى لإبعاد صوّان عن التحقيق بعد جملة المخالفات القانونية التي صدرت عنه، فإنّ وجهة نظر قانونية أخرى تقول بأنّه كان يفضّل أن يقدّم زعيتر وخليل دفوعاً شكلية أمام صوّان من دون مثولهما شخصياً حيث يحضر وكيلهما القانوني المحامي سامر حسن الحاج ويثير في دفوعه الشكلية المسائل التالية:
أوّلاً: المادة 40 من الدستور المتعلّقة بعدم جواز الإدعاء على نائب الأمّة خلال دورة العقد العادي للمجلس النيابي وهو ما فعله صوّان في كانون الأوّل 2020 حيث كان المجلس النيابي في دورة العقد العادي، ولا يوجد جرم مشهود لكي يتمسك صوّان بادعائه غير القانوني.
ثانياً: المادة 70 من الدستور والمتصلة بحصرية اتهام المجلس النيابي للوزير بارتكاب جرم الإخلال بالواجبات المترتّبة عليه، وبالتالي عدم جواز ملاحقته أمام القضاء العادي، وإنّما أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بحسب نصّ المادة 71 من الدستور. وهذا المجلس موجود وحيّ وقد تشكّل في العام 2020 على دفعتين باختيار النوّاب حصّتهم المؤلّفة من ثمانية نوّاب فيه، وتعيين القضاء حصّته السباعية فيه أيضاً مع النائب العام ومساعديه، وبالتالي فإنّه ليس صحيحاً أنّ هذا المجلس “السياسي القضائي” غير مؤهّل للقيام بعمله وفق الأطر القانونية المرسومة له.
ثالثاً: المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي خالفها صوّان أيضاً بادعائه على الوزراء الثلاثة زعيتر وخليل ويوسف فنيانوس قبل أن يستحصل على إذن من مجلس نقابة المحامين يرفع عنهم حصانة المحاماة والتي ليس من السهولة بمكان رفعها أو التخلّي عنها كما يتوهّم بعض الناس ما لم يكن الجرم واقعاً بشكل فعلي وأكيد وثابت، وما فعله الوزراء الثلاثة ليس جرماً على الإطلاق بتوقيعهم معاملات إدارية روتينية، وإلاّ فإنّه يفترض ملاحقة كلّ الوزراء في كلّ الحكومات المتعاقبة في تاريخ لبنان على هكذا فعل.
وفي هذا المنحى يقول المحامي أكرم عازوري لـ“محكمة” إنّه كان يفضّل أن يطعن زعيتر وخليل بدفوع شكلية بصلاحية المحقّق العدلي سنداً للمواد المذكورة آنفاً، وفي حال قرّر صوّان أن يتجاوز الدفوع الشكلية الهامة وهو ما يشكّل خطأ جسيماً، فإنّه بمقدور زعيتر وخليل أن يطعنا بالقرار الإفتراضي للقاضي صوّان أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
ويأخذ عازوري على زميليه في المحاماة زعيتر وخليل عدم سلوكهما الطريق الإجرائي المتاح مفضّلين اتهام صوّان بالتسييس والإستنسابية والإنتقائية، علماً أنّه لم يفصل في أيّ من هذه الدفوع الشكلية التي لم تقدّم له ولم يتخذّ قراراً بشأنها.
ويرى عازوري أنّ تقديم دفوع شكلية للقاضي صوّان بالشكل القانوني المتاح لهو أفضل من الإعتراض على قراره الإفتراضي ومهاجمته سياسياً وإعلامياً.
“محكمة” – الثلاثاء في 2021/1/5