“محكمة” تردّ على مغالطات خلف: خبر تخصيصك محامين بأذونات صحيح/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
بذريعة الردّ على “محكمة” من دون أن يذكرها بالإسم، أصدر نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف بيانًا مغلوطًا سعى من خلاله إلى تهدئة المحامين الغاضبين من قيامه عن سابق إصرار وترصّد، بخرق القرار النقابي بالإضراب، وذلك بتوزيعه في السرّ، أذونات خاصة على محامين معيّنين لحضور جلسات محاكمة موكّليهم أمام المراجع القضائية المختصة.
وبمجرّد تفرّد “محكمة” بنشر خبر عن تصرّف خلف، حتّى ضجّت مجموعات المحادثة الخاصة بالمحامين عبر تطبيق “واتساب” وصفحاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي بالخبر اليقين، وعبّروا عن استيائهم وانزعاجهم من تصرّف خلف وتمييزه بينهم من دون وجه حقّ، فيما كان الأولى بالنقيب خلف أن يتعامل مع جميع المحامين وهم أبناء النقابة، بعدل ومن دون أيّة تفرقة، خصوصًا وأنّ هناك محامين يعانون كثيرًا من تراجع أعمالهم وقلّة مواردهم المالية في ظلّ اشتداد الأزمة الإقتصادية والمعيشية الخانقة، وهم بأمسّ الحاجة إلى تسيير ملفّات موكّليهم لكي يتمكّنوا من مواجهة صعوبات الحياة.
ومع أنّ “محكمة” تُكنّ للنقيب خلف كلّ تقدير ولا تتوانى عن نشر نشاطاته ومواقفه وخطاباته بحسناتها وسيئاتها ضمن إطار عملها الإعلامي في قصر العدل، إلّا أنّها تجد نفسها مضطّرة إلى تبيان حقيقة “الأضاليل”، وهي العبارة التي استخدمها خلف في بيانه في افتئات غير مقبول على “محكمة”، وذلك عبر سلوكها طريق الأدلّة القاطعة حفاظًا على مصداقيتها وسمعتها أوّلًا وأخيرًا والتي تتقدّم على كلّ شيء في هذه الدنيا، وهي ما اعتادت أن تفتري على أحد أو أن تكتب خبرًا من دون التحقّق من صحّته ودقّته حتّى ولو اقتضى الأمر أن تخسر سبقًا صحفيًا “SCOOP” لأنّ المصداقية هي فوق كلّ الاعتبارات.
وبناء عليه، تؤكّد “محكمة” أنّ خبر تخصيص النقيب ملحم خلف محامين بأذونات لحضور جلسات محاكمة أمام محكمة التمييز الجزائية وسواها من المراجع القضائية، هو صحيح مليار في المئة، لا بل إنّ بيانه لم يجرؤ على نفي خبر“محكمة”، بل حاول الإلتفاف عليه بالتركيز على أهمّية الإضراب الذي يؤكّد المحامون أنّه تتمّة لمسلسل قطع أرزاقهم المستمرّ منذ اعتكاف القضاة وقطع الطرقات خلال “ثورة” 17 تشرين الأوّل 2019، وتفشّي جائحة “كورونا”.
النقيب خلف خصّ محامين بأذونات لحضور محاكمات موكّليهم برغم الإضراب/علي الموسوي
ويبدو أنّ ذاكرة خلف لم تسعفه في استعادة مضمون ما كتبه بيده ووقّع عليه في طلب الإذن المقدّم له من المحاميين صخر الهاشم وبيتر جرمانوس بسبب كثرة ما وقّع من أذونات خاصة واستثناءات حتّى اختلط الأمر عليه.
وإنعاشًا لذاكرة النقيب ملحم خلف، فإنّ الهاشم وجرمانوس(القاضي المستقيل الذي وافق خلف على قيده في الجدول العام لنقابة المحامين على الرغم من وجود قرار تأديبي قضائي بتأخير ترقيته ستّة شهور) قدّما طلبًا خطّيًا للنقيب خلف لمنحهما إذنًا خاصًا بالمثول مع موكّلهما في جلسة المحاكمة في قضيّة مخدّرات أمام الغرفة السابعة لمحكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجّار.
ولبّى خلف سريعًا هذا الطلب من دون وجود أيّة ضرورة قصوى تستدعيها مجريات المحاكمة. وقد أورد خلف في الطلب النصّ التالي:”إستثنائيًا وفقط لكون المدعو (…) موقوفًا ولكون الأمر يتعلّق بإخلاء سبيل، يسمح للمحامي صخر الهاشم بحضور جلسة 2021/6/3 أمام محكمة التمييز بالرغم من الإضراب”.
وحاول خلف أن يغطّي تصرّفه هذا بالإيحاء بوجود إخلاء سبيل، وهو غير صحيح على الإطلاق، لا بل إنّ طلب الإذن الخاص المقدّم والممهور بتوقيع المحاميين الهاشم وجرمانوس لم يأت على الإطلاق ولا من قريب أو بعيد على ذكر كلمتي إخلاء سبيل، بل تضمّن تأكيدًا واضحًا وصريحًا على حضور جلسة المحاكمة، فمن أين أتى النقيب ملحم خلف بخبرية إخلاء سبيل شخص أوقف إنفاذًا لحكم غيابي، وهو بالمناسبة لا يزال موقوفًا ولم تنته محاكمته، ولم يقدّم أيّ طلب إخلاء سبيل إلى المحكمة لا عبر محامييه الإثنين، ولا من تلقاء نفسه ولا بواسطة ذويه؟
وأكثر من ذلك، كيف يسمح النقيب ملحم خلف لنفسه بأن يتحدّث عن شيء لم يطلع عليه ولم يطلبه المحاميان المعنيان بالإذن الخاص الذي مُرّر تحت جناح التزام شريحة كبيرة من المحامين بالإضراب وبغفلة عنهم؟
ويقول خلف في بيانه”إنّ طلبات الإستثناء تمّ تقديرها، كلّ حالة بحالتها”. فهل يعقل أن يصدر مثل هذا الكلام عن نقيب للمحامين وهو حتمًا لم يطلع على الملفّات ليقدّر ويقيّم فحواها؟ فالتقدير يوجب الإطلاع على مضمون الملفّ وأوراقه وليس الإكتفاء بما يقال من هذا أو ذاك، وبين الإطلاع الفعلي مع ما يعنيه من تدقيق وتمحيص وإعمال للعقل، والإكتفاء بالسمع والمرويات، فرق كبير. ثمّ أنّ الملفّ العائد لمن توكّل المحاميان الهاشم وجرمانوس عنه، لم ينزل من الطابق الرابع من قصر عدل بيروت حيث مقرّ محكمة التمييز، إلى مكتب النقيب خلف لكي يطلع عليه، وليس من عادة الملفّات أن تنزل من المحاكم إلى نقيب المحامين ليعطي رأيه فيها إلّا في حال تعلّقها بطلب إذن ملاحقة محام ما.
ويقول خلف إنّه تمّ حجب طلب الإستثناء عن أحد المحامين الذي ذكر اسمه في الإعلام، والأصول تفرض على النقيب خلف تسمية “محكمة” بالذات لأنّها هي من كشفت مخالفته لقرار الإضراب، في إشارة منه إلى المحامي جرمانوس الذي ورد اسمه وتوقيعه في متن طلب الإذن الخاص، وقد نشرت“محكمة” ذلك بعدما اتصل المحامي صخر الهاشم مساء اليوم الذي نشر الخبر فيه، بكاتب هذه السطور، طالبًا الإشارة إلى أنّ طلب الإذن أعطي حصرًا له فتمّ له ما أراد فورًا، لأنّ مصداقية “محكمة” فوق كلّ اعتبار، علمًا أنّ الإذن سواء أعطي للمحامي الهاشم أو المحامي جرمانوس، فهو مخالف لقرار الإضراب.
وكان يفترض بالنقيب خلف أن يعيد قراءة خبر“محكمة” قبل المباشرة بالردّ، ولكن يبدو أنّ تفكيره انصبّ على إرضاء المحامين في ظلّ التراجع الكبير في “شعبيته” بسبب إنجازاته الكثيرة، وفي مقدّمتها دخولُه خلافًا للقانون إلى نظارة إحدى الفصائل التابعة لقوى الأمن الداخلي لإخراج محام أوقف على اثر مخالفته للقانون، وجولتُه على أقلام المحاكم ودوائر التحقيق والنيابة العامة في قصر عدل بعبدا لإعطاء التعليمات والتوجيهات للمساعدين القضائيين والتدخّل في عملهم دون أن تكون له أيّة علاقة على الإطلاق بهذا الأمر، فإذا كانت لديه مآخذ محدّدة، فثمّة جهات قضائية معنية يمكن مراجعتها وهي تتصرّف بالشكل القانوني المناسب.
بيان خلف
وهذا ما جاء في بيان خلف:
“زميلاتي وزملائي الأعزاء، إنّ مبدأ الإضراب مبدأ عام، وما الاستثناء المحدود جدًّا الذي لم يتجاوز الخمس حالات لاعتبارات الضرورة القصوى في خلال ١٢ يومًا من الإضراب إلّا تأكيد عليه. علمًا أنّ طلبات الإستثناء تم تقديرها، كلّ حالة بحالتها ورُفض الكثير منها، حتّى أنّه قد تمّ حجب إحداها عن أحد المحامين الذي ذُكر إسمه في الإعلام. وهو ما يؤكّد على عدم صحّة ما يتمّ تناقله مِن مزاعم غير صحيحة لتشويه صورة التضامن الكلّيّ للمحامين ولانتفاضتهم التي ظهّرت أبهى صور إلتزامهم لكرامتهم ولكرامة المواطنين.
إنّني أهيب بالزملاء بعدم الإنجرار خلف أضاليل تتعرّض لها النقابة منذ فترة بصورة ممنهجة وغايتها الوحيدة عدم القدرة على تقبّل منارة قيم في زمن الإنحطاط وسوء النيّة.
إبقوا على ثقة أنّ النقابة هي الأمينة دومًا على مصلحة المحامين من دون أيّ تمييز.”
“محكمة” – الجمعة في 2021/6/11