إنتخابات “محامي بيروت”: لنقيب مستقلّ.. وعزيز طربيه الأوفر حظّاً
كتب علي الموسوي:
من هو نقيب المحامين الجديد؟ هل هو مستقلّ أم حزبي؟ وأيّ كفّة يرجّحها المحامون في انتخاباتهم المقرّرة يوم الأحد الواقع فيه 19 تشرين الثاني 2017؟ ومن هم الأعضاء الثلاثة؟ هل هم من الوجوه الجديدة أم تلك القديمة التي سبق لها أن شغلت العضوية في مجلس النقابة؟ وهل يراعي المحامون ميثاق الشرف الموقّع منهم ومن كبارهم فتتمثّل كلّ العائلات اللبنانية، أم صار هذا الميثاق بحاجة إلى تجديد التواقيع بصيغة أخرى؟ وهل هذه الانتخابات بحسب تجارب السنين السابقة، تقتضي قانوناً خاصاً بها شبيهاً بما هو حاصل على مستوى الانتخابات النيابية في لبنان؟ وهل هذه الانتخابات محصورة بين ثمانية أسماء على الرغم من كثرة المرشّحين الذين يسعى كلّ واحد منهم وبما أُوتي من جهد، لحجز مقعد له في مجلس النقابة؟.
أسئلة كثيرة تضجّ بها جلسات المحامين سواء في مقرّ نقابتهم في قصر عدل بيروت، أو في “بيت المحامي”، أو في لقاءاتهم في مكاتبهم، أو في الأماكن العامة، فالإنتخابات وإنْ كانت سنوية، إلاّ أنّها ليست على الإطلاق ثانوية، فهي تتعلّق بنقابة من أهمّ نقابات المهن الحرّة إعتادت على رفد السياسة اللبنانية بالرؤساء والوزراء والنوّاب.
ولا تبدو المعركة سهلةً لأيّ مرشّح جدّي، فهي من دورتين، الأولى مخصّصة للعضوية، والثانية لاختيار النقيب من بين المرشّحين الفائزين بالعضوية، مع إضافة عامل آخر يتمثّل بوجود مرشّح للنقيب لا يحتاج إلى اجتياز امتحان الدورة الأولى هو عضو مجلس النقابة وجيه مسعد، على الرغم من أنّ تجارب سابقيه في الإنتظار على حافة نتائج الدورة الأولى لم تكن مشجّعة ولكن لكلّ مرشّح علاقاته وشخصيته وطريقة أدائه وظروف تعامله مع الانتخابات.
وترشّحت محاميتان للعضوية هما: ندى نجيب تلحوق وسيّدة حبيب مسعود حنا حبيب، وعشرة محامين هم: أسعد سعيد سعيد، بيار أسد حداد، يوسف حسين زعيتر، حسين علي محيدلي، جاك إبراهيم أبو عبدالله ، هاني أنيس الأحمدية، علي محمّد سميح برجي، علي أحمد مشيمش، أديب الياس زخور، ولوسيان إيلي عون.
أمّا المرشّحون لمركز النقيب فهم: عزيز ميشال مخايل طربيه، فريد حليم الخوري، مطانيوس مخايل عيد، فادي عبد الله بركات، أندره جوزف الشدياق، سمير علي حيدر، فادي منير مسلم، وجيه عمون مسعد الوحيد الذي لن يخوض انتخابات العضوية مثل البقيّة، كونه عضواً في مجلس النقابة بعد فوزه في دورة انتخابات العام 2016.
والفائزون الأربعة يحلّون مكان من انتهت ولايتهم وهم: ندى تلحوق، جاك أبو عبدالله، فادي حدّاد، وشارل أبي صعب، ويكمل النقيب أنطونيو الهاشم ما تبقّى له من ولايته كعضو وهي سنة من أصل ثلاث سنوات.
ولم تكتمل صورة الخريطة النهائية للتحالفات العلنية والسرّية سواء أكان بين المستقلّين أو بين المكوّنات الحزبية، وإنْ كان المحامون يميلون إلى انتخاب محام مستقلّ ليكون نقيباً لهم من أجل إبقاء كلمة النقابة حرّة وغير خاضعة لأيّة مؤثّرات حزبية في بلد معرّض للكثير من المستجدات والمتغيّرات السياسية.
لكنْ من المفيد القول، إنّه في ظلّ تداخل التحالفات السياسية ومشاركة كلّ الأحزاب في 8 و14 آذار في السلطة وفي الحكومة باستثناء حزب الكتائب، فإنّ أحداً من فريقي 8 و 14 آذار، لن يقدم على تشكيل لائحة خاصة به وإطلاقها، وبعضها يشعر بالإحراج حتّى ولو لم يكن له مرشّح مباشر، وهذا ما سيضطرّه إلى توزيع أصواته هنا وهناك.
وبحسب ما فهم من مسؤولين في الماكينات الإنتخابية، فإنّ كلّ حزب يجهد لتركيب لائحته الخاصة به مع مراعاة تحالفاته السياسية، ولذلك ليس غريباً أن تضمّ لائحة واحدة مرشّحي أحزاب مختلفة من 8 و14 آذار بغية ضمان تمثيل العائلات الروحية اللبنانية وفق ما هو متفق عليه بين المحامين منذ تسعينات القرن العشرين من دون أن يلقى تجاوباً كبيراً، مع الإشارة إلى أنّ انتخابات المحامين تقام قبل ستّة شهور تقريباً من موعد الإنتخابات النيابية، ولذلك فإنّ لكلّ حزب حساباته الخاصة التي ستضطرّه إلى مراعاة الوضع السياسي برمّته، وتوزيع الأصوات هنا أو تبنّي مرشّح حزبي آخر، يكون من ضمن المشهد العام لما ستؤول إليه الإنتخابات النيابية في ظلّ قانون انتخابي جديد وغير مألوف سابقاً.
كما أنّ الأسماء الحزبية المرشّحة غير محسومة من قبل أحزابها بشكل نهائي، وهذا يبقى عُرْضة للأيّام الأخيرة التي تسبق بدء عملية التصويت، وإنْ كان بعضهم مثل المرشّحين المستقلّين، يقوم بجولات في المحافظات، وينشط في سبيل استمالة المحامين واكتساب أصواتهم، عارضاً عليهم ما يملك في جعبته من أفكار وتطلّعات.
وليس خافياً على أحد أنّ المرشّحين للعضوية من ذوي الحظوظ الضئيلة في النجاح، هم المستفيدون الأوائل من هذه الدورة الإنتخابية، ذلك أنّ المرشّحين المصنّفين أقوياء للعضوية والنقيب، لن يدخروا جهداً للحصول على مجموع أصوات عال في الدورة الأولى لا يخوّلهم تخطّي هذا “القطوع” وحسب، وإنّما يكون رسالة صارخة وقوية لمن يلاقيهم في الدورة الثانية، بأنّهم جاهزون، دون أن ننسى أنّ هذا الرقم هو مؤشّر لما تكون عليه الدورة الثانية، ويلعب دوراً كبيراً في استقطاب المتردّدين و”التائهين” وتغيير مواقف كثر على طريقة “لحّق حالك”!.
وعليه، فإنّ الانتخابات هي معركة الصوت الواحد، فلكلّ مرشّح ماكينته و”مناصروه” و”محازبوه”.
ولن يقف المستقلّون متفرّجين أمام ما يعتبرونه هيمنة الأحزاب، ولهم كلمتهم في تحديد مصير نتيجة الإنتخابات خصوصاً وأنّ لديهم ثلاثة مرشّحين أقوياء لمنصب النقيب هم: عزيز طربيه، فريد الخوري واندره الشدياق، كما أنّ لهم مرشّحين أقوياء للعضوية، والإختيار صعب والخيارات صعبة، والمتفق عليه هو المضي قُدماً لإيصال مستقلّ إلى سدّة النقابة، ولذلك فإنّ الإلتفاف حول أحد هؤلاء الثلاثة لن يتأخّر في حال كان المنافس حزبياً، علماً أنّ كفّة الحزبيين فادي بركات وفادي مسلّم في الوصول ليست راجحة ومؤكّدة، وإنْ كان كلّ واحد منهم يتكلّ على كتلة أصوات وازنة إلاّ إذا أتت كلمة السرّ عشية بدء عملية الإقتراع وتغيّرت الأحوال السياسية.
وللعام الثاني على التوالي، سيكون الإقتراع إلكترونياً مع بعض التغييرات الطفيفة التي اقتضتها الإنتخابات على دفعتين أو جولتين هذه المرّة، حيث تكون الأولى مخصّصة لاختيار الأعضاء ومن يتمكّن من الفوز من المرشّحين من بينهم لمنصب النقيب يكمل المعركة.
وقد خصّصت بطاقتان ذاتا رأس ذكي لهذه الإنتخابات خلافاً لما كان عليه الوضع في العام 2016 عند البدء للمرّة الأولى باستخدام هذا التصويت الإلكتروني، الأولى بيضاء اللون محدّدة للعضوية، والثانية زرقاء اللون لمنصب النقيب، كما جرى وضع قارئ جديد للبطاقة حيث تفتح قائمة المرشّحين للعضوية على الشاشة ويختار المقترع أربعة أسماء فقط ثمّ يثبّت تصويته بالضغط على الزرّ الخاص ويمكنه إلغاء ما يريد من الأسماء والإستعاضة عنها بأخرى في حال أخطأ، ويؤكّد له النظام أنّ عملية الإقتراع تمّت بنجاح، وينسحب تاركاً المجال أمام محام آخر، وهكذا دواليك إلى حين انتهاء الوقت المحدّد للدورة الأولى، ويتكرّر الأمر نفسه عند انتخاب المرشّح المفضّل لمنصب النقيب على أن يكون إسماً واحداَ والنظام لن يأخذ إلاّ إسماً واحداً كما هو الحال عند اختيار الأسماء الأربعة للعضوية، ولا يمكن إضافة أيّ اسم خامس عليها.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 23 – تشرين الثاني 2017- السنة الثانية).