عودة: عوض التمسك باستقلالية القضاء دخلت السياسة والطائفية إلى القضاء!
قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة إنّ “الإنهيار في لبنان لم يقتصر على النواحي السياسية والمالية والإقتصادية والإجتماعية بل تسرّب إلى القضاء، وما شهدناه من تخبّط وانقسام وصراعات وفوضى ينذر بتهاوي الملجأ الأمين لكلّ مستضعف ومقهور ومظلوم، والحصن المنيع الذي يحمي الدولة والمواطنين ويرسي العدالة على أساس الحق”.
وتابع عودة خلال ترؤسه “خدمة القدّاس الإلهي” في كاتدرائية القديس جاورجيوس: “العدالة أساس الملك، وهي لا تجزأ وليست إنتقائية أو كيدية، وتمقت ازدواجية المعايير. لقد سميت بيروت منذ القديم أم الشرائع لتمسكها بالقانون، ومدرسة الحقوق الرومانية فيها لم تكن علامتها الوحيدة المضيئة إذ عرفت على مر الأزمنة رجال قانون لامعين، لم يدينوا إلا بالحق وما طأطأوا الرأس إلا أمام الله والحقيقة. لكن الحقيقة ضاعت في جريمة تفجير المرفأ وقسم من بيروت وأبنائها، أو هناك من شاء تضييعها لأسباب نجهلها ويعرفها المعطّلون. ما نعرفه وما هو منطقي أنّ على كلّ مطلوب الذهاب إلى التحقيق حفظًا لكرامته وإثباتًا لبراءته. أمّا التعنّت وعدم المثول أمام المحقق فيشكّلان إدانة واضحة لمن يتمسك بهما. عندما يخضع الجميع للقانون ويحترمونه تستقيم الأمور، وعندما يغيب العدل تعمّ الفوضى، ويصبح صاحب الحق مقهورًا أو مدانًا، والمجرم المطلوب للعدالة متفرّجًا مستقويًا بمن يحميه. لقد أصبحت المواجهة بين القضاة، عوض أن تكون بين القضاء والمذنبين الذين فجّروا العاصمة وها هم يفجّرون القضاء. هذا الوضع لم نشهد له مثيلًا في تاريخ لبنان، ولم يعهده قصر العدل. وعوض التمسك باستقلالية القضاء دخلت السياسة والطائفية إلى القضاء. لقد أدّت السياسة المعتمدة عندنا إلى تحلّل الدولة وانهيارها، لذلك على ذوي الضمائر الحية الساهرة على البلد عدم ترك السياسة تقضي على القضاء. لذا نتوقّع من أولي الأمر مواقف على قدر جسامة الوضع، لا تصاريح فارغة لم تعد تجدي”.
وأضاف: “الإستهتار بأرواح الناس وحياتهم حرام، ومن حق كل متضرر معرفة الحقيقة، ومهما كبر غلو السلطة لا بد للحقيقة أن تظهر. نحن نعيش في أدغال سياسية واقتصادية وقضائية بسبب عدم كفاءة السياسيين وقلة مسؤوليتهم. متى ينقضي هذا الكابوس عن حياة اللبنانيين؟ بيروت الحزينة على أبنائها تنتظر استكمال التحقيق وجلاء الحقيقة. ولبنان كله حزين على وضعه وينتظر انجلاء الليل القاتم وبزوغ فجر النهوض. عسى ألا يكون الإنتظار طويلا”.
“محكمة” – الأحد في 2023/1/29