عن المحاماة والحريات والظهور الإعلامي للمحامين/ناضر كسبار
النقيب ناضر كسبار*:
لو لم أكن ملكاً لفرنسا لوددت أن أكون محامياً. عبارة كان يرددها الملك لويس الرابع عشر. فمهنة المحاماة هي من أشرف المهن على الإطلاق وأهمها. وهي تساهم في تحقيق العدالة، وقائمة على الدفاع عن حقوق الغير، والتوعية القانونية للمواطنين بحقوقهم وواجباتهم.
وانا أقول، لو لم أكن محامياً لوددت أن أكون إعلامياً. فمهنة الصحافة والإعلام، التي يطلق عليها البعض مهنة المتاعب، هي مرآة المجتمع، وتنقل ما يحصل فيه. تحلل، تنبّه، تنتقد، توجّه، تثقّف. فإذا كان المجتمع نظيفاً تنقل هذا الواقع. وإذا كان سيئاً تنقل أيضاً الواقع. وبالتالي ما هو ذنبها إذا كانت الإدارة أو المؤسسات فاسدة مثلاً، حتى تتهم بأنها تشوّه صورة تلك الإدارات أو المؤسسات؟
أيها الأحبة،
لن أتكلم عن الإنجازات في ظل الأزمات التي عصفت بالبلد خلال ولايتي. وأنا الذي أقول دائماً للمسؤولين: إذا لم تكن قادراً على شق وفتح الأوتوسترادات، أقفل الحفر على الأقل. فالأستاذ(عبد الكريم) حجازي يغمرني بمحبته وعدد قسما ًكبيراً منها. ما أود التطرق إليه هو التعديل البسيط جداً الذي طال نظامنا الداخلي المتعلق بآداب المهنة ومناقب المحامين، والذي تزامن مع دعوة عدد من الزملاء أمام مجلس النقابة لأسباب لا تتعلّق بهذا التعديل. فتم إستغلال الأمر لجر الرأي العام إلى إعتبار الموضوع يتعلّق بالحريات العامة. نحن في النقابة نطلب من الزملاء المحامين أن يستعملوا حرية التعبير في جميع المواضيع السياسية والوطنية والتربوية والإجتماعية والإقتصادية والمالية والصحية وغيرها وغيرها. أليست حرية التعبير تكمن في هذه المواضيع؟ أما المشاركة في الندوات والمقابلات الإعلامية المتعلقة بالمواضيع القانونية، فهي بحاجة إلى استئذان النقيب الذي هو بمثابة أب لجميع المحامين من دون استثناء.
وأفتح هلالين لأقول أنه منذ الشهر الثالث وحتى اليوم إستأذن إثنان وعشرون محامياً، ومن بينهم أعضاء في مجلس النقابة، النقيب، وظهروا في ثلاثماية وخمس مقابلات قانونية. ولم أمنع أحداً منهم على الإطلاق. علماً بأن أحد المحامين ظهر في 54 مقابلة، وإحدى الزميلات في 67 مقابلة.
لماذا استئذان النقيب فقط في المواضيع القانونية وليس المواضيع الأخرى وخصوصاً الوطنية، لأن البعض يستعملون الوسائل الإعلامية ليس فقط للدعاية، بل ايضاً للدخول في تفاصيل ملفات قيد النظر أمام المحاكم. وهذا أمر غير جائز ومضر لفريق من المتقاضين. إذ إن البعض يستطيع الظهور يومياً والبعض الآخر لا يستطيع ذلك. وقد يتكلم عن ملف قيد النظر ويؤثر على الرأي العام للحكم لمصلحته. كما أنه يكتسب شهرة غير مبنية على كفاءة، وهذا ما لمسته خلال ولايتي حيث كان يأتي عدد كبير من المتقاضين لتقديم شكاوى ضد محامين أوكلوهم بعد الإستماع إليهم عبر وسائل الإعلام. والقصة كلها أن النقيب ينبّه المحامي من التطرق إلى أي ملف قيد النظر سواء أكان وكيلاً فيه أو غير وكيل، وهو خطأ شائع لدى البعض الذي يعتقد بأن المحامي يستطيع التطرق إلى ملف قيد النظر إذا لم يكن وكيلاً فيه. واعترض البعض على قرار مجلس النقابة، وصدقت محكمة الإستئناف القرار. ونحن ندعو دائماً إلى إتباع الطرق القانونية لدى الإعتراض وليس وسائل الشتم والذم والقدح والتشهير.
أيها الأحبة،
أشكر لجنة النشرة والإعلام ممثّلة برئيستها الزميلة الدكتورة ديانا رزق الله على حفل التكريم لنا جميعاً. وعلى أمل أن نبقى يداً بيد من أجل مصلحة النقابة والمحامين، ومصلحة نقابتي الصحافة والمحررين والأعلاميين، ومصلحة هذا البلد الحبيب الذي طالت وكبرت عذاباته.
* ألقى نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار هذه الكلمة في حفل تكريمه وتكريم نخبة من الإعلاميين ووسائل الإعلام والذي أقامته لجنة النشرة والإعلام في نقابة المحامين اليوم الجمعة في 8 أيلول 2023 في “بيت المحامي”. ومن المكرّمين المحامي المتدرّج علي الموسوي بوصفه مديرًا مسؤولًا عن مجلّة “محكمة” وموقعها الإلكتروني.
“محكمة” – الجمعة في 2023/9/8