علم وخبر
محكمة إستئناف الإيجارات تبتّ نقاطاً تتعلّق بالقانون الواجب التطبيق ومرور الزمن وقيمة التعويض/ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في قضايا الايجارات والمؤلفة من القضاة أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، عدة نقاط مهمة في الاساس تتعلق بمدى قيام الاجارة وصفة المستأجر، فاعتبرت انه بحسب المادة /542/ م.ع فإنّ عقد ايجار العقارات غير الخطي لا يمكن إثباته قبل تنفيذه إلّا باعتراف الشخص المدعي بوجوب الايجار أو بحلفه اليمين واذا كان هناك بدء تنفيذ، فيعدّ برهاناً على وجود الايجار.
كما اعتبرت انه وإنْ لم يكن لصور السند العادي في الاصل أيّة قيمة في الإثبات، إلّا أنّه وفي حال فقد الأصل بسبب لا يعزى لصاحبه، يصبح الاثبات جائزاً بشهادة الشهود والقرائن، ويجوز للقاضي الأخذ بالصورة كبداءة دليل أو كقرينة يقدرّها بكلّ حرّية.
كما اعتبرت المحكمة أنّه طالما أنّ الهلاك والتهدّم قد طرأ بعد العام 1983 وفقاً لما هو ظاهر من الصور الجويّة المشار إليها آنفاً، ومن مضمون الشكوى المقدمة من المستأجر بموضوع سرقة محتويات المأجور، فإن النزاع الراهن يكون خاضعا للقانون رقم 92/160، الذي شملت احكامه، بموجب المادة /26/منه، الابنية التي تضررت بسبب الاحداث الحاصلة اعتبارا من 1982/9/9.
وبحثت المحكمة مسألة مرور الزمن فاعتبرت ان مطالبة المستأجر بالزام المؤجر بالتعويض له لقاء تهدم مأجوره بسبب الاحداث لا يندرج ضمن الموجبات التي تستحقّ الأداء بشكل دوري كلّ سنة أو أقلّ، الأمر الذي يجعل الدعوى الراهنة خاضعة لمرور الزمن العادي أيّ العشري، فتردّ أقوال المستأنفة لعدم القانونية وعدم الجدّية.
وبالإستناد إلى عدّة وقائع ومعطيات حدّدت التعويض بمبلغ وقدره /75000/د.أ.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2024/7/18.
خامساً: في الاساس
وحيث ان المستأنفتين وعليهما تطلبان فسخ الحكم المستأنف المنتهي الى الحكم لمورث المستأنف عليهم بمبلغ قدره /50,000/د.أ. مدليتين بانتفاء صفة الاخير للمطالبة بالتعويض وبمرور الزمن الخماسي المسقط على حقه بتلك المطالبة، وبعدم سريان عقد الايجار وعدم ابراز اصل عقد الايجار وعدم اثبات صفة الاستاذ كونيسكي لتوقيع العقود عن الجهة المالكة، وبمخالفة احكام المواد /132/و/141/و184/و203/و366/و268/أ.م.م.والمادة 542/م.ع.، وبالخطأ في تطبيق القانون رقم 92/160 بدلاً من المرسوم رقم 7/77 خاصة انه وبحسب المادة /132/أ.م.م. يتعين على المستأجر إثبات واقعة تضرر البناء بعد تاريخ 1982/9/9، ولعدم إعلام المستأجر المالك برغبته في استمرار عقد الايجار وعدم دفعه البدلات.
وحيث ان المستأنف عليهم المستأنفات مقابلة يطلبن من جهتهن تصديق الحكم الابتدائي لناحية الحكم لمورثهن بالتعويض المتوجب له مقابل تضرر مأجوره خلال الاحداث وتهدمه بالكامل.
وحيث ان ادلاءات الخصوم تستدعي البحث في النقاط التالية تباعا:
أ- في مدى قيام الاجارة وصفة المستأجر
وحيث ان المستأنفتين تدليان بعدم سريان عقد الايجار المسندة اليه الدعوى بحقهما لعدم ابراز اصل عقد الايجار المذكور وعدم ثبوت وكالة المحامي كونيسكي عن الجهة المؤجرة، علما انه يتعين على مدعي الواقعة (اي مورث المستأنف عليهن المستأنفات مقابلة) تقديم الادلة وابراز المستندات المؤيدة لاقواله سندا للمواد /132/ و/184/ و203/أ.م.م. والمادة 542/م.ع.، في حين انه لا يجوز للقاضي اسناد حكمه الى وقائع خارجة عن نطاق المحاكمة سندا لاحكام المواد /141/ و/366/ و368/ أ.م.م. كما تدليان بعدم صفة مورث المستأنف عليهن المستأنفات مقابلة للمطالبة بالتعويض كون عقد الايجار المسندة اليه الدعوى منظم لمصلحة اشخاص سواه.
وحيث ان مورث المستأنف عليهن قد ابرز صورة عقد ايجار منظم عام 1974 من قبل المؤجر انطون مفوضا عن الجميع، لمصلحة المستأجر السادة يوسف واولاده ايلي وميشيل وانطوان بوجهة استعمال “ورشة اشغال ميكانيكية”، ثم عاد وابرز صورة عقد ايجار منظم عام 1974 من المؤجر “ورثة انطون” لمصلحة المستأجر “انطوان” بوجهة الاستعمال ذاتها، تتضمن ختم وتوقيع “كونسكي” عن المؤجر.
وحيث انه فضلا عن ذلك، اودع مورث المستأنف عليهن المستأنفات مقابلة الملف مجموعة من صور ايصالات بدفع بدلات ايجار عن الاعوام 1975 و 1976 و1977 و1978 موقعة من المحامي بول كونسكي، كما وعرض فعلي وإيداع موجه من قبله الى المحامي كونسكي بوكالته عن ورثة المرحوم انطون، تسديدا لبدلات عن السنوات ذاتها.
وحيث انه بحسب المادة /542/م.ع فإن عقد ايجار العقارات غير الخطي لا يمكن إثباته قبل تنفيذه إلا باعتراف الشخص المدعى بوجوب الايجار او بحلفه اليمين واذا كان هناك بدء تنفيذ، فيعد برهانا على وجود الايجار.
وحيث ان لم يكن لصور السند العادي في الاصل اية قيمة في الاثبات، إلا انه وفي حال فقد الاصل بسبب لا يعزى لصاحبه، يصبح الاثبات جائزا بشهادة الشهود والقرائن، ويجوز للقاضي الاخذ بالصورة كبداءة دليل او كقرينة يقدرها بكل حرية.
(مراجعة: د. ادوار عيد، موسوعة اصول المحاكماة والاثبات والتنفيذ، الجزء الثالث عشر 1991 ص317)
وحيث لهذه الجهة، ادلت الجهة المالكة بداية بعدم علمها وعدم معرفتها بعقد الايجار كون مورثها توفي وكونها تقيم في سوريا، نافية وكالة المحامي كونسكي لتمثيلها.
وحيث ان عدم ابراز الجهة الشاغلة لاصل سند الايجار لا ينفي بحد ذاته قيام الاجارة لاسيما في ضوء صعوبة الاستحصال او الاحتفاظ بأصل المستندات في ظل الظروف التي مرت بها البلاد بعد بدء الحرب اللبنانية عام 1974، فيعتبر بالتالي عقد الايجار مثبتا خطيا بموجب صور سندي الايجار المبرزين في الملف، ويبقى التحقق من مدى صحة تلك الاجارة لناحيتي حق التأجير وحق الاستئجار.
وحيث انه بالنسبة لصفة المحامي كونسكي، فإنه وخلافا لاقوال المستأنفتين، فإن القاضي المنفرد لم يستثبت من وكالته عن الجهة المؤجرة من مستندات خارجة عن الملف، بل استند الى صورة وكالة مرفقة ربطاً للائحة انفاذ قرار إعدادي تاريخ 2002/2/5 منظّمة لدى الكاتب العدل في بيروت الاستاذ رائف بتاريخ 1962/10/25 برقم 62/19427 عن السيد ميخائيل بصفته وكيلاً عن شقيقته ماري ايلين ووالدته كلير بالاصالة عن نفسها وبالوصاية عن ابنتها القاصرة ماري – يجيز فيها للوكيل تأجير عقاراتهم في بيروت وقبض البدلات وتسجيل الانشاءات التي فيها.
وحيث في مطلق الاحوال، وعلى فرض عدم اعتراف او معرفة المستأنفتين بالوكالة المشار اليها، وهو الامر الذي لا يستقيم باعتبار ان التوكيل صادر عن شقيق المستأنفتين، فإنه تجدر الاشارة الى انه في بعض الحالات يسري مفعول العقد على المالك دون وجود وكالة فيلزم بعقد الايجار على اساس الظاهر تجاه الغير حسن النية.
وحيث انه لإعمال الوكالة الظاهرة يتوجب ان يتلازم حسن نية الغير مع المظهر الخارجي المنسوب الى الموكل، ما يجعل الغير في هذا الحال مبرّرًا في اعتقاده بقيام التوكيل لمصلحة الوكيل المزعوم، هنا المحامي بول كونسكي، ويمكن استنتاج هذا الموقع في مختلف التصرفات المعبرة عن ارادة اصحاب العلاقة التي يعود للمحكمة ان تقاربها وتفسرها.
وحيث انه يستفاد مما تقدم ومن ظروف توقيع عقود الايجار والوقائع التي رافقت انشاءهما وكيفية تسديد البدلات، ان المالكين كانوا على علم بقيام المحامي كونسكي بتأجير مورث المستأنف عليهن للمأجور موضوع الدعوى وإنهم لم يعارضوا الاخير في اشغاله المأجور وذلك على مدى سنوات طويلة، مما يفيد وجود وكالة فعلية او ظاهرة بين المالكين والمحامي كونسكي، فيكون عقد الايجار الموقع من هذا الاخير في حينه لمصلحة موكل المستأنف عليهن قائما ومنتجا مفاعيله القانونية كافة، مما يقتضي معه رد اقوال المستأنفتين وعليهما المخالفة لذلك.
وحيث انه في ما يتعلق بصفة مورث المستأنف عليهن المستأنفات مقابلة، فإنه ثابت من الاوراق والمستندات المبرزة في الملف لاسيما صورة عقد الايجار الثاني المشار اليه آنفا، والتي ترى المحكمة الاخذ به ولو لم يبرز اصلها، ان الاجارة انحصرت فيه دون والده وشقيقه، وانه انفرد بإشغال المأجور واستثماره، ما يعززه صدور وصل بالتصريح لمصلحته وعلى اسمه، الامر الذي يجعله ذو صفة للمطالبة بالتعويض، فترد اقوال المستأنفتين وعليهما المخالفة.
ب- في القانون الواجب التطبيق
وحيث انه لهذه الناحية تدلي الجهة المالكة بأن القانون الخاضع له النزاع الراهن هو المرسوم 77/7 واستطراداً القانون 71/20 ، باعتبار ان البناء قد تضرر وهدم عام 1975 واصبح غير صالح للسكن وواجب اعادة بنائه سيما وان العقار يقع على خطوط التماس وانه اصيب اصابات مباشرة بقذائف صاروخية في بداية الحرب، بحيث تضرر المأجور بشكل جسيم واصبح هيكل بناء، الامر الثابت من خلال ما ورد في لوائح بعض المستأجرين الاخرين في العقار ذاته بمعرض دعاوى مقدمة منهم، علما ان التخريب الجزئي هو كالتخريب الكلي في هذا الاطار، في حين تعتبر الجهة المستأجرة انه القانون رقم 92/160، وتحديدا المادة /26/ منه كون الاضرار اللاحقة بالمأجور قد حصلت بعد عام 1982 وان البناء لم يهدم الا بنسفه بناء على طلب الجهة المستأنفة وعليها في عام 1990.
وحيث تقتضي الاشارة في هذا السياق الى انه اذا كانت الحرب اللبنانية قد اندلعت عام 1975، إلا انها استمرت حوالي خمسة عشر عاما، تتابعت فيها الاحداث وتواصلت على مدى سنوات لكن بحدية او بعنف متفاوتين بحسب الاوقات اذ تخللتها فترات هدوء ثم فترات معارك، بحيث خفت وتيرة القصف تارة وارتفعت طورا، الامر الذي يصعب معه بشكل عام وفي معظم الاحيان تعيين توقيت حصول الاضرار اللاحقة بالابنية بشكل دقيق واكيد وحازم.
وحيث انه بالعودة الى المستندات والاوراق المبرزة في الملف يتبين ما يلي:
– اقام بعض المستأجرين في العقار عينه دعاوى بوجه الجهة المالكة نفسها في الاعوام 1993 و1994، فتضمن الاستحضار المقدم من السيد نفاع انه “مع بداية الاحداث اللبنانية تعرضت منطقة الطبية حيث المآجير لضروب عديدة من العنف والقصف وتحولت الى خط نار طيلة مدة الحرب في لبنان”، وذلك المقدم من المحامي انطوان انه “وبسبب وقوع البناء على خط التماس اصيب المأجور بأضرار فادحة وحرم المستأجر من إشغاله على الاطلاق وذلك منذ بدء الحوادث سنة 1975″، وذلك المقدم من السيدة فلانظين انه “وبسبب وقوع البناء على خط التماس في منطقة رأس النبع اصيب المأجور بأضرار فادحة وحرم المستأجرون من إشغاله اعتبارا من صيف 1978، والاستحضار المقدم من السيد جاك “بأن المأجور اصيب منذ بدء الاحداث بأضرار فادحة فحرم من اشغاله، وانه خلال عام 1982 -1983 وخلال فترة الهدوء باشر (المدعي) بإصلاح المأجور من الداخل وما ان انتهى من إصلاحه عادت الاحداث الى سخونتها ولم يتمكن من اشغاله مجددا، وانه في آخر جولة من الاحداث الدامية اصبح البناء مهدوما كليا بحيث لم يعد بالامكان ترميمه او إصلاحه وربما كان الهدم قد حصل عمدا”.
– ارسل المستأجر السيد توفيق بتاريخ 1982/10/26 بطاقة مكشوفة الى الجهة المالكة ذكر فيها ان “المأجور قد تضرر بسبب الاحداث وحرمت من الانتفاع به كليا منذ بدء الحوادث في منتصف نيسان عام 1975” معلنا عن رغبته في الاستفادة من استمرار عقد الايجار، منذرا الجهة المالكة بوجوب انهاء اعمال الترميم واعادة المأجور الى وضعه السابق وذلك عملا بأحكام المرسوم 77/7 والقانون رقم 82/20.
– ارسل مورث المستأنف عليهن المستأنفات مقابلة، المرحوم انطوان، بتاريخ 1983/3/8 كتاب عرض فعلي وإيداع الى الجهة المالكة بواسطة الكاتب العدل في بروت روجيه ذكر فيه الى انه حرم من إشغال مأجوره بسبب الاحداث الاخيرة، واعرب عن رغبته بالاستفادة من استمرار اشغاله لهذا المأجور مودعا مبلغا، دون ان يشير في حينها الى ان القسم متضرر او الى درجة هذا التضرر.
– تقدم مورث المستأنف عليهن المستأنفان مقابلة، المرحوم انطوان، بتاريخ 1989/2/10 بشكوى لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اشار فيها الى ان مجهول اقدم على سرقة محله وفكك آليته وادواته الصناعية الاولية، بواسطة خرق الحائط الخلفي للمحل.
– انه وبحسب الصور الجوية الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني المبرزة في الملف فان البناء حيث المأجور موضوع النزاع كان لا يزال قائما عام 1983 في حين انه كان قد هدم كليا عام 1995.
وحيث ان مضمون استحضارات الدعاوى المقدمة من المستأجرين الآخرين، المنوه عنها سابقا، إنما جاء شاملا عاما، فتطرق الى الاحداث واعمال العنف بشكل عام، وتعرض لواقعة حرمان من المستأجرين من الانتفاع بمآجيرهم دون ان يثبت بشكل دقيق تاريخ تضرر الابنية والاقسام القائمة على العقار موضوع الدعوى، علما ان الحرمان من الانتفاع يمكن ان يطرأ بسبب الخطر الناجم عن الاعمال الحربية وليس بالضرورة بسبب تضرر الاقسام، هذا فضلا عن انه لم يشر الى درجة التضرر الحاصل.
وحيث انه في اي حال، وعلى فرض ان البناء تضرر ما بين الاعوام 1975 و1982، مما كان يفترض معه على الجهة المالكة، دونما حاجة الى إعلام او مطالبة من الجهة المستأجرة (كون ذلك الاعلام مفروض في حالة الابنية غير المتضررة) القيام بأعمال الترميم ضمن المهل المحددة لها بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 77/7 والا القانون رقم 82/20، الامر الذي لم يتم وفق ما جرى بيانه اعلاه، الا انه من الثابت ان البناء قد تهدم بتاريخ لاحق للعام 1983، بحيث انتقل ذلك البناء من وضعية الابنية المتضررة القابلة للترميم اىل فئة الابنية الواجب اعادة بنائها.
وحيث طالما ان الهلاك والتهدم قد طرأ بعد العام 1983 وفقا لما هو ظاهر من الصور الجوية المشار اليها آنفا ومن مضمون الشكوى المقدمة من المستأجر بموضوع سرقة محتويات المأجور، فإن النزاع الراهن يكون خاضعا للقانون رقم 92/160، الذي شملت احكامه، بموجب المادة /26/منه، الابنية التي تضررت بسبب الاحداث الحاصلة اعتبارا من 1982/9/9.
ج- في مرور الزمن
وحيث انه في هذا الاطار تنص المادة /26/ من القانون رقم 160/92 على انه “خلافا لما نصت عليه الاحكام القانونية التي ترعى عقود الايجارات تبقى العقود الخاضعة لاحكام هذا القانون والعائدة للابنية التي تضررت بسبب الاحداث الحاصلة اعتبارا من 1982/9/9 وتاريخ العمل بهذا القانون (1992/7/22) قائمة بكافة مفاعيلها بين المؤجرين والمستأجرين بالرغم من هلاك المأجور او تعيبه او حرمان المستأجرين من الانتفاع به او ببعضه، وتطبق احكام الباب الاول من المرسوم الاشتراعي رقم 77/7 على هذه الابنية المتضررة وتبدأ بشأنها المهل المحددة في المواد /9/و/10/و14/ من المرسوم الاشتراعي المذكور من تاريخ العمل بهذا القانون التعديلي…
وحيث انه بحسب المادة /14/ من المرسوم رقم 77/7 على مالكي الابنية التي تحتاج الى اعادة بناء والمؤجرة من الغير ان يختاروا احدى الحالات المنصوص عنها في المادة /13/ من المرسوم عينها، ضمن مهلة ثلاثة اشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 92/160 واذا تخلف المالك عن القيام بالاختيار خلال المهلة المحددة اعلاه يعتبر بأنه اختار حكما الحالة الثانية المذكورة في المادة /13/ المذكورة، اي تلك التي تقضي باعتبار المأجور مستردا بقصد الهدم، وذلك لقاء تعويض عادل.
وحيث انه بحسب المادة /349/م.ع. يتم مرور الزمن في الاساس بعد انقضاء عشر سنوات، ووفق المادة /350/م.ع. تكون مدة مرور الزمن خمس سنوات في المستحقات المتأخرة والفوائد وحصص الاسهم من الارباح واجور المباني والاراضي الزراعية وبوجه عام في الموجبات التي تستحق الاداء كل سنة او اقل.
وحيث ان مطالبة المستأجر بالزام المؤجر بالتعويض له لقاء تهدم مأجوره بسبب الاحداث لا يندرج ضمن الموجبات التي تستحق الاداء بشكل دوري كل سنة او اقل، الامر الذي يجعل الدعوى الراهنة خاضعة لمرور الزمن العادي اي العشري، فترد اقوال المستأنفة لعدم القانونية وعدم الجدية.
وحيث انه بصرف النظر عما نص عليها قانون تعليق المهل رقم 91/150، تكون الدعوى الراهنة الرامية الى المطالبة بالتعويض والقائمة بتاريخ 1994/5/5 مقدمة ضمن مهلة مرور الزمن العشرية، فيرد دفع الجهة المستأنفة لهذه الناحية.
د- في التعويض
وحيث ان المادة /26/ من القانون رقم 92/160 أوجبت تحديد التعويض بالاستناد الى المادة /8/ من القانون عينه التي نصت على ان لا يقل التعويض عن 25% وان لا يزيد عن 50% من قيمة المأجور، والمادة /15/ منه التي فرضت في المأجور غير السكني، تسديد تعويض اضافي عن الخسارة التي يتعرض لها المستأجر من جراء الاخلاء (كبدل الخلو وخسارة الموقع والزبائن وتوقف الاعمال وغيرها) مع الاشارة الى ان قوانين الايجارات الاستثنائية الجديدة لم تنطرق لهذه المسألة فيقتضي تطبيق القانون 92/160.
وحيث ان العقار رقم /2396/ الاشرفية موضوع النزاع، يقع على طريق الشام المؤدي من المتحف باتجاه كلية الطب الفرنسية ومركز سوديكو سكوير، ضمن منطقة سكنية وتجارية وثقافية، ويتواجد على زاوية شارعين، الاول طريق الشام والآخر شارع اسحق بن حنين المؤدي الى مدرسة الليسي الفرنسي، وان العقار خال من اية انشاءات، طبيعة ارضه مسطحة وحدوده مسيجة بشبك،
وحيث انه بالنظر لكون الخبرة المجراة بداية من السيد جمال عائد للعام 1997 وبالنظر للطعون الموجهة ضدها، فقد استعانت هذه المحكمة، بهيئتها السابقة، بالخبير المنهدس جورج، الذي حدد مساحة الارض الاجمالية ب/920/د.أ.، قيمة المتر المربع من الارض بمبلغ /10,000/د.أ.، وما يصيب ثمن المتر المربع من المأجور من ثمن الارض بمبلغ /2083/د.أ. دون احتساب قيمة بناء المأجور كون المأجور مهدوم كلّياً.
وحيث بالنسبة لمساحة المأجور فقد ارتكز الخبير ابو سمرا لتحديدها الى طريقتين تاركا للمحكمة امر اعتماد احدهما:
الاولى: بالاستناد الى نسخة الافادة العقارية المؤرخة في 2008/10/28 التي تشير الى ستة مخازن في الطابق الارضي من البناء حيث المأجور، وبعد الاخذ بالطريقة الغرافيكية على خريطة المساحة حيث ان طول الواجهة البالغة حوالي 45 م2، وحيث كان يوجد بنائين ودرج وفسحتين في الواجهة، وبعد تجزئة الطول والاخذ بعين الاعتبار وجود ستة مخازن، مع اعتبارها متساوية بالطول، يكون طول مخزن او باب /2,8/م فيكون طول المأجور ذو بابين /5,6/م، وتكون مساحة المأجور /44,8/م2.
الثاني: بالاستناد الى نسخ عقد إفراز ومحضر عقد إنشاءات وخريطة مساحة مؤرخة في 1936/10/16، التي تشير الى ثلاث دكاكين احداهما ذو بابين، كما هو مدون على نسخة عقد الايجار العائد لعام 1947، وبعد الاخذ بعين الاعتبار والاعتماد على خريطة المساحة واحتساب الطريقة الغرافيكية، واعتبار ان طول المخازن متساوي، يكون طول كل باب 4 م ويكون طول المأجور ذو بابين 8 م، فتكون مساحة المأجور /64/م2.
وحيث ان المحكمة، بما لها من سلطة تقدير في هذا المجال وبما يتوافر لديها من معلومات حول موقع العقار وبعد الاخذ بعين الاعتبار التراجع الذي شهده القطاع العقاري ابتداء من العام 2017 بسبب الثورة وجائحة كورونا والازمة الاقتصادية، ومن ثم التقدم الذي عاد وشهده هذا القطاع في الآونة الاخيرة، تحديد سعر المتر المربع من المأجور من ثمن الارض الاجمالية بمبلغ /2083/د.أ. وهو نفسه المحدد من الخبير ابو سمرا.
وحيث ان المحكمة ترى، وبالنسبة لمساحة المأجور، اعتماد الطريقة الثانية كونها تستند الى مجموعة من المستندات والخرائط كما انها تتناسب مع طبيعة النشاط ووجهة الاستعمال المعتمدة في المأجور (مخرطة) والتي تستوجب وضع مكنات وآليات كبيرة الحجم، وفق ما هو مبين في الخريطة العائدة للمأجور المبرزة في الملف.
وحيث تبعا لما تقدم تكون قيمة المأجور الاجمالية: 2083*64=/133,312/د.أ. وترى المحكمة تحديد التعويض الاساسي المتوجب للجهة المستأجرة بمبلغ وقدره /55,000/د.أ. واما في ما يتعلق بالتعويض الاضافي فترى تقديره بمبلغ وقدره /20,000/د.أ. باعتبار ان المأجور قبل تهدمه لم يكن يعمل بطاقته القصوى وإنما كان نشاطه محدودا منذ سنوات سبب الوضع الامني والاعمال الحربية في المنطقة مع ما في ذلك من تأثير على دورة العمل وحجم الارباح التي يحققها المحل، هذا فضلا عن سرقة محتوياته من آلات ومعدات وهي امور خارجة عن إرادة الجهة المالكة، بحيث تكون الايرادات بتاريخ الهدم المشكو منها محصورة ومتدنية جدا، ما يجعل بدل الخلو والتعويض عن الخسائر محدودين.
وحيث انه بالنسبة للجهة التي يقتضي الزامها بتسديد التعويض المشار اليه فإنه وبالنظر لكون اشارة الدعوى بداية قد وضعت على صحيفة العقار موضوع النزاع قبل التفرغ لشركة كرم للتنمية العقارية ش.م.ل. عن اسهم في العقار، فإن الاخيرة تكون مسؤولة عن الاعباء التي تلحق بالعقار نتيجة الدعوى المشار اليها، وبالتالي تكون ملزمة مع سائر المالكين بإيفاء اي تعويض ناجم عنها، مما يقتضي معه قبول طلب ادخال الشركة المذكورة اساسا، والزام المستأنفتين ماري وماري وورثة المرحوم ميخائيل وهما ارملته السيدة جانيت وولده انطون وشركة كرم للتنمية العقارية ش.م.ل. بدفع مبلغ وقدره /75,000/د.أ. للمستأنف عليهن المستأنفات مقابلة.
وحيث انه تأسيساً على مجمل ما جرى بيانه، يقتضي رد الاستئناف اساساً وقبول الاستئناف المقابل اساسا وفسخ الحكم المستأنف في بنده الرابع، وروية الدعوى انتقالا والحكم مجددا باعتبار المأجور موضوع الدعوى مستردا بقصد الهدم والزام كل من ماري وماري وجانيت وانطون وشركة كرم للتنمية العقارية ش.م.ل. بالتكافل والتضامن في ما بينهم، بأن يدفعوا للمستأنف عليهن المستأنفات مقابلة السيدات ايفا وجالايتا وميراي وكارول مبلغ وقدره /75,000/د.أ. نقدا، ويعود لهم تسديده بالدولار الاميركي كما يجوز لهم، وفق احكام قانون النقد والتسليف لاسيما المادة 192 منه، تسديده بالعملة الاميركية او بالعملة اللبنانية وفق السعر الرائج في السوق الحرة بتاريخ الدفع.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- اعتبار الخصومة مساقة اصلا بوجه ميخائيل وليس بوجه ميشال.
2- تصحيح الخصومة بالنسبة للمرحوم ميخائيل، وإحلال وريثيه السيدة جانيت والسيد انطون محله في المحاكمة الراهنة بصفة مستأنف عليهما.
3- قبول إدخال شركة كرم للتنمية العقارية ش.م.ل. شكلا واساسا.
4- رد الاستئناف الاصلي اساسا وقبول الاستئناف المقابل اساسا بشكل جزئي، وفسخ البند الرابع من الحكم المستأنف ورؤية الدعوى انتقالاً والحكم مجدداً باعتبار المأجور موضوع الدعوى مستردا بقصد الهدم والزام كل من ماري وماري وجانيت وانطون وشركة كرم للتنمية العقارية ش.م.ل. بالتكافل والتضامن في ما بينهم، بأن يدفعوا للمستأنف عليهن المستأنفات مقابلة السيدات ايفا وجالايتا وميراي وكارول، مبلغ وقدره /75,000/د.أ. نقدا، على ان يعود لهم تسديده بالدولار الاميركي نقدا او بالعملة اللبنانية وفق السعر الرائج في السوق الحرة بتاريخ الدفع.
5- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
6- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنفتين جانيت وانطون وشركة كرم للتنمية العقارية ش.م.ل. كافة المصاريف والنفقات.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2024/7/18.
“محكمة” – الأحد في 2024/8/4