مقالات

أوغست باخوس.. رجل الدولة بامتياز/ناضر كسبار

ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
يوم تخرجت من كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية، أُجمع رأي العائلة على عدم ممارسة المحاماة في مكتب النقيب إدمون كسبار، بل في مكتب آخر، والسبب الاول هو الإتكال على النفس والبعد عن “الغنج”. ودخلت مكتب النائب المحامي اوغست باخوس الذي سبق وتدرج ومارس المحاماة في مكتب النقيب ادمون كسبار لمدة عشر سنوات، وبقي طوال حياته وفياً له ويناديه “بمعلمي”. كانت الفكرة ان ابقى معه لمدة قصيرة لا تتجاوز الاشهر، إلا انني بقيت ملازماً له حتى مماته ولمدة 35 سنة.
هو المحامي الآدمي، الخلوق والانساني. المتواضع الى اقصى الحدود. يتعامل مع الجميع بمحبة وتسامح وصبر وكبر عقل وبعد نظر. لا حقد ولا حسد ولا ضغينة. وهو بالاضافة الى كل هذه الصفات، كان خفيف الظل، يستعمل التعابير والامثلة القديمة المعبرة.
سماعة الهاتف والصورة
فقد كان احد المصورين يلتقط الصور للنائب اوغست باخوس لنشرها في مجلته عندما اقترح مرافق المحامي باخوس اخذ صورة له وهو يتلقى اتصالا هاتفيا ثم قال له:
– يا استاذ سوف اطلبك من الخارج على الخط الداخلي للمكتب لترفع السماعة وتتكلم فيلتقط المصور لك الصورة في هذه الوضعية. فنظر اليه الاستاذ باخوس وهو يقول ضاحكا:
– وهل من الضروري ان تطلبني من الخارج؟ الا استطيع رفع السماعة لوحدي وتصويري في هذه الوضعية؟
وفي مناسبة ذكرى تأسيس احد الاحزاب، القى النائب باخوس خطابا قال فيه:
– ان للسلطان صدراً يجب ان يتسع له. وان على الانسان ان يعرف حجمه ويتصرف على هذا الاساس.
– واضاف: ان الامباشي اذا اصبح ضابطا فإنه يتفركش بنياشينه.
وفي هذا المجال يخبر انه قديما احتاجت بلدية البوشرية “لعضو اختياري” فاقترح اسم احد الاشخاص الذي كان يعمل مزارعا. وبعد تعيينه عضوا في الهيئة الاختيارية بدأ افراد عائلته يصرخون فرحا:
– يعيش العضو، يعيش العضو، عندئذ طلب تقديم العرق لجميع المهنئين “ونكز لبادته” وقربها الى الامام ونظر الى الحضور وقال لهم:
– سبحان مين حكمني برقاب العباد.
***
ويبدي الاستاذ باخوس استغرابه من تصرفات بعض الناس الذين ينتقدونه لانه لم يقم
بتأمين الكهرباء والمياه والهاتف. وانه قام بعدة محاولات من مراجعة المسؤولين وإقامة المؤتمرات الصحفية ومع ذلك إستطاع تلبية بعض الحاجيات.
وفي هذا المجال يقول:”هذه القصة تشبه قصة الرجل الذي حضر مرة الى مكتبي طالبا رأيي في موضوع عدم حبل زوجته مجددا بعد ان رزق منها بولدين: فأعطيته ورقة لشقيقي الدكتور رولان الذي تكلم مع طبيب مختص والذي عاين زوجته ولكن…دون نتيجة”.
وبعد عدة سنوات التقيت الرجل المذكور الذي قال لي:
– يا استاذ باخوس انا ضدك سياسيا ولن انتخبك مجددا لان زوجتي لم تحبل من جديد.
***
“هل يشغله عنده”
وكان الاستاذ باخوس يحضر جلسة امام محكمة التمييز الجزائية عندما وقف احد المحامين وسأل المتهم عما اذا كان يحمل دكتوراه. فوقف الاستاذ باخوس وسأل قائلا:
– لماذا يريد الزميل ان يعرف عما اذا كان المتهم يحمل الدكتوراه؟
هل يريد ان يشغله عنده؟
***
“الجمل والواوي”
يخبر الاستاذ باخوس على لسان القاضي المرحوم بطرس نجيم طرفة هي بمثابة مثل ويقول ان السلطة قديما قررت مصادرة الجمال حتى ينقلوا عليها المعدات والامتعة، عندما شاهد احدهم “الواوي” يعدو بسرعة قصوى، فسأله بدهشة:
– لماذا تهرب والقرار يتعلق بمصادرة الجمال فقط؟
فأجابه “الواوي”:
– لانهم حتى يكتشفوا ما اذا كنت جملا ام لا بتكون راحت عليي.
***
“على الشيخ ادمون ان يعرف اين يضع رجله”
عندما كان النائب المرحوم اوغست باخوس رئيسا لبلدية الجديدة – البوشرية – السد ، وبينما كان النقيب ادمون كسبار يمشي على احدى الطرقات، كسر رجله بسبب وجود حفرة. فتقدم بدعوى ضد البلدية لمطالبتها بالعطل والضرر. وبما ان الاستاذ باخوس لا يمكنه التوكل ضد النقيب كسبار كونه تلميذه وامضى في مكتبه عشر سنوات فقد نظم وكالة للاستاذ منير شحاده الا انه هو الذي نظم اللائحة الجوابية وجاء فيها:”كان علي الشيخ ادمون ان يعرف اين يضع رجله”.
وفي اليوم التالي اتصل به الشيخ ادمون وقال له بأنه يعلم بأنه هو الذي كتب اللائحة لانه تلميذه ويعرف اسلوبه بالكتابة.
* * *
“مهمتنا سحب الخوازيق”
ويبدي الاستاذ باخوس امتعاضه من احد السياسيين الذي يستعين به كلما كان في ورطة. وفي حفل عشاء قال له رجل الاعمال وليم زرد، هل تحضر “خازوقا” لفلان؟.
فأجابه الاستاذ باخوس وهو يضحك:
– نحن لا نحضر خوازيق بل مهمتنا سحبها فقط.
*** 
“لو بتشوفي اللي تحت القنطرة”
ويخبر الاستاذ باخوس طرفة مفادها ان احد الاشخاص الذي كان اصماً واخرساً وعنده عدة عاهات في بلدة معينة، علم كاهن بلدته ان هناك فتاة في جرود البترون يرغب اهلها بتزويجها. فجعل ابن بلدته يركب الحمار ولم يدخله منزل العروس حتى لا تقع مشاكل مع اهلها اذا وجدوه دون المستوى بكثير. فأوقف الحمار تحت “قنطرة” قرب المنزل وصعد الى منزل العروس. وما ان طرق الباب ودخل واخبر والدة العروس بأن لديه عريسا حتى وافقت فورا ومن دون اية شروط او ما شابه. واثناء الطريق كانت والدة العروس التي تدعى منطرة تغني وتقول:
– اويها بلفناكم بمنطرة
فيجيبها الكاهن وهو يغني ايضا:
– اويها ولو بتشوفي اللي تحت القنطرة.
***
“هل تعيرني زوجتك”
وفي مناسبة جرى الحديث فيها عن القضاء قال الاستاذ باخوس ان على القاضي ان يتحلى بالنزاهة الدائمة مهما كانت الظروف. ويخبر عن شقيقه القاضي المرحوم جان باخوس انه يوم كان قاضيا منفردا في منطقة معينة حضر احد المتنفذين وطلب منه الحكم لمصلحته وانه مستعد لاي شيء فقال له القاضي باخوس:
– عندي طلب
فأجابه المتنفذ بحماس:
– مستعد لاي طلب
فقال له:
– هل تعيرني زوجتك؟
فاتنفض المتنفذ مستفسرا عن كيفية طلب مثل هذا الامر منه.فأجابه باخوس قائلا:
– لقد انتفضت لانني طلبت منك ان تعيرني زوجتك التي تزوجتها منذ مدة في حين انك
تطلب مني ان اعيرك ضميري الذي ولد معي فهل هذا الامير يجوز؟
وانتهى الاجتماع عند هذا الحد.
***
“نظمت حكما ضد موكلك”
ويضيف النائب باخوس ان القاضي جورج ساورفيم، الذي بدأ حياته كمحام متدرج في مكتب النقيب إدمون كسبار حيث تدرج الاستاذ باخوس ايضا، اصبح قاضيا فمحافظا لمحافظة البقاع، ثم عاد الى المحاماة، انه يوم كان قاضيا كان يذهب مع عدد من الاصدقاء الى منطقة البقاع لقضاء عطلة نهاية الاسبوع. ويقول انهما كانا يستيقظان صباحا فيذهب الاستاذ باخوس لممارسة هواية الركض في حين ان الاستاذ ساروفيم كان يدرس الملفات ويكتب الاحكام. وانه عاد مرة ودخل المنزل فقال له ساروفيم:
– اليوم درست ملفا مهما ونظمت حكما ضد موكلك لانه لم يكن على حق.
ويقول الاستاذ باخوس انه كان يتقبل كل ذلك لانه كان يعلم ان القضية هي في ايد امينة.
***
اشكر الله انه لم يخلقني مثله
وكنا مرة في حفلة عشاء عندما قال النائب الشيخ قبلان عيسى الخوري:
هناك مثل عندنا يقول: انت وطالع عا درج العز رد السلام حتى يردوا عليك السلام انت ونازل.
فأجابه النائب باخوس بأن هذا الكلام صحيح وان الله خلق هذا العالم وخلق فيه الآدمي والشرير، الجميل والبشع، الذكي والغبي، والغني والفقير…الخ وانه قديما كان هناك رجل بشع جدا وفي حالة سكر دائم ويهرب منه الجميع لدرجة ان ابناء بلدته كانوا كلما رأوه على الرصيف مشوا على الرصيف الآخر. وان النائب باخوس كان يتكلم معه ويسايره لمدة من الوقت. وعندما يستفسر منه بعض اصدقائه عن السبب كان يقول ان الله خلق هذا الكون “وكلنا خلقة الله” وانا اتكلم معه واسايره لاشكر الله الذي خلقني كما خلقني ولم يخلقني مثله.
***
يبدو عليهم انهم تعتير
ويخبر النائب باخوس انه كان صديقا للرئيس سامي الصلح. وبحكم صداقته طلب منه المحامي دعيبس المر وكان نقيبا سابقا للمحامين ورئيس بلدية وجبرايل صوايا اخذ موعد منه لبحث امور البلديات. فاتصل به الاستاذ باخوس وقال له ان هناك عددا كبيرا من رؤساء البلديات يودون مقابلته. فسأله الرئيس الصلح عن مكان وجوده فأجابه انه في مكتب الاستاذ دعيبس. فقال له الصلح: نصف ساعة واكون عندكم.
وهنا احس الاستاذ باخوس بالهم. فليس هناك الا ثلاثة اشخاص فماذا يفعل؟ عندئذ بدأ يطلب من الاشخاص الموجودين في المبنى ومهما كانت وظيفتهم الحضور. وعندما حضر الرئيس الصلح بدأ الثلاثة يتكلمون ولم يفسحوا المجال لاحد ان يتكلم.
وبعد عدة ايام التقى صهر الاستاذ باخوس المرحوم فؤاد ابي ياغي الرئيس الصلح فقال لابي ياغي:
– منذ عدة ايام التقيت الاساتذة باخوس ودعيبس وصوايا وتكلموا جيدا. اما بقية رؤساء البلديات فلم يتكلموا ويبدوا عليهم انهم تعتير.
***
الياس الاول والياس الثاني
في الاحتفال الذي اقيم في جديدة المتن بمناسبة وضع حجر الاساس للسراي الجديد والمحكمة القى النائب اوغست باخوس كلمة ومما جاء فيها:
“…وتعود بي الذكرى الى الخمسينات وكنت محاميا في مستهل عمري اتردد على محاكم الجديدة والتقيت، مرة، المغفور له الرئيس الياس سركيس في قاعة المحكمة بالذات وكان يمارس المحاماة ايضا.
فانتفض امامي  قائلا: انا ابن قضاء بعبدا، ولم اشهد حرمانا مثل هذا الحرمان. في كل لبنان هل انعدمت الحمية عند مسؤولي المتن الشمالي..؟
“…حتى اذا اصبح  رئيسا للجمهورية برز امامي رجلا حرا بوعده، ودافع عن قضيتنا امام الحكومة التي يرأسها في حينه ورصد الاعتماد لاستملاك عشرة الاف مترمربع في هذه الساحة بالذات بعد وضع التصاميم”
واضاف النائب باخوس:
وتجمدت مساعينا واعمال متابعة التصميم مع الحالة الامنية المتردية
حتى اذا حل عهد فخامة الرئيس الياس الهراوي اكمل فخامته الرسالة ورصد اعتمادا يكفي موقتا لبناء الهيكل.
بمعنى ان الياس الاول صمم واستملك والياس الثاني اكمل رسالة صديقه وعشير عمره. وسيعمل باذن الله على اكمال البناء ليصبح جاهزا في القريب العاجل.
ورد الرئيس الهراوي على كلمة الاستاذ باخوس مشددا على ان هناك الياس الثالث الذي التزم المشروع ويعمل على انشائه وهو المهندس ايلي سلوان.
***
إذهب قبلي
بعد ان عين احد زعماء الميليشيات في لبنان موعدا لعرسه، وإزاء الخوف من حدوث مشاكل معينة اثناء العرس بعد اتخاذ اجراءات امنية مشددة، قال النائب اوغست باخوس لاحدهم: إذهب قبلي بنصف ساعة فإذا لم يحصل شيء اتبعك. خصوصاً وان العروس قريبته.
ويقول الاستاذ باخوس ان هذا الامر يشبه قصة احد الامراء الذي كان عنده عامل يدعى حنا. فكان اذا جاءته هدية معينة او اشترى قوالب الجبنة قال لحنا:
– كل من كل قالب لقمة.
وبعد الاكل ينتظر ساعة فإذا لم يصب بتسمم او ما شابه يأكل المير بدوره.
***
ما دام في قبور لشو القصور
ونائب المتن الشمالي المحامي اوغست باخوس عنده فلسفة خاصة في الحياة. فهو يعتبر ان من ينظم وقته يستطيع ان يقوم بعدة اعمال ويتممها بارتياح تام. وان لكل ظرف ظرفه. وعلى الانسان ان يكون جديا في العمل وان يمارس الرياضة التي تخفف من التعب. وهو يفتخر بأن جده باخوس هو اله الخمر…ويقول ان العلم مثل الاوقيانوس لا يستطيع الانسان ان يبلعه او يحتكره. وانه مهما جهد وتعلم وطالع يبقى بحاجة الى الشورى والى آراء الآخرين.
وينتقد الاستاذ باخوس اولئك الذين يتكبرون. ويقول ان الانسان مهما علا شأنه فإنه يزحط على قشرة موز ويفك سلسلة ظهره، وقد اعجب مرة بعبارة قالها له قنصل الاكوادور الفخري طوني ضومط نقلا عن احد المسنين في بلدة عمشيت:”ما دام في قبور لشو القصور”
***
“لعامة الشعب فلسفة ايضاً”
ويقول ان الفلسفة لا تقتصر على الكبار بل ان عامة الشعب تتحلى بها ايضا. ويخبر عن احد ابناء بلدته البوشرية في ساحل المتن الشمالي والذي كان في حالة سكر دائم انه حضر الى مكتب الاستاذ باخوس في البلدية يوم انتخب رئيسا لها وقال له وهو يقف على الباب:
– استاذ باخوس، هل بدأت بتعيين القواريط؟.
وعندما رفع الاستاذ باخوس رأسه علامة النفي، اردف قائلا:
– عندما تبدأ بذلك احسب حسابنا.
وذهب.
***
لا تغط عليها الذبابة
يخبر النائب السابق المحامي اوغست باخوس ان احد ابناء البوشرية حضر مرة الى منزل احدهم والذي كانت زوجته بشعة لدرجة الرعب وكان بحاجة الى كأس من العرق وليس لديه ثمنه فقال له:
– ما شاء الله، الله يخليلك هالمرأة، جمال، فهم، علم…فوضع صاحب المنزل كأسا من العرق، ثم كأسا ثانيا وهو يتقبل المديح.
وعندما احتسى عدة كؤوس من العرق وقف ونظر الى صاحب المنزل وقال له:
– هل قبضت كلامي؟ اذا جعلتها عارية وطرشتها بالدبس فان الذبابة لا تغط عليها.
وهرب.
***
اقهرها حتى تضرب حالها
والشخص اياه راى رجلا يضرب زوجته، فنهره وقال له: أليس من العيب ان يضرب زوج زوجته؟ وعندما نظر اليه الزوج نظرة استفسار، اردف قائلا:
– انا لو كنت مكانك كنت قهرتها حتى تضرب حالها.
وفي هذا المجال يخبر المحامي انطوان القاصوف ان احد ابناء بلدته الذي كان في حالة سكر دائم كان يقول:
– ما بوعى من هالسكرة؟. بدي افقع سكرة يحكي عنها التاريخ.
***
علمناك عالنق طبقتو علينا
بعض الناس عندهم ميزة مهمة جدا وهي “النق”. وكان بعض العقلاء ايام زمان ينصحون الآخرين بوجوب النق في بعض الاحيان حتى لا يطمع بهم الناس.
وفي هذا المجال نصح احد ابناء بلدة جديدة المتن النائب المحامي اوغست باخوس، وكان لا يزال محاميا في بداية عهده بوجوب النق. خاصة وانه ابن الدكتور قيصر باخوس الذي كان معروفا بكرمه وتوفي يوم كان النائب باخوس لا يزال في السابعة من عمره.
وعمل النائب باخوس بالنصيحة الى ان جاءه من اعطاه النصيحة وهو من كبار الملاكين في جديدة المتن يطلب منه اقراضه مبلغا صغيرا من المال لعدة ايام ثم يعيده اليه، الا ان الاستاذ باخوس اجابه بان حالته المادية سيئة ولا يملك المبلغ. عندئذ انتفض صديقه وهو يقول له ضاحكا:
– يا قطيعة، علمناك عالنق طبقتو علينا؟
***
بكرا النق…بكرا النق…
ومشكلة النق تتفشى عادة بين النساء اللواتي يطلبن عدة طلبات يوميا من ازواجهن. وفي هذا المجال يخبر المحامي الياس كسبار الطرفة التالية:
كانت امراة تمضي معظم وقتها تنق على زوجها الى ان اتفق معها على مبدأ وهو التالي: يوم نق ويوم عدم نق. فوافقت على المبدأ وبدات تنق في يوم النق وفي اليوم التالي تجلس طوال النهار وتقول لزوجها:
– بكرا النق…بكرا النق…
***
يلعنها شو بتنق
وعندما سمع المحامي انطوان القاصوف هذه النكتة قال:
كان صديق ينصح صديقه بوجوب الزواج قائلا له:
– الزواج شيء مهم. فتحضر الى المنزل وتجد زوجتك التي تطبخ لك وتحضر افخر انواع المأكولات وتنظف المنزل كما تفعل زوجتي وتبدأ بالنق وتنق وتنق..يلعنها شو بتنق.
***
ورقة جلب الى بسكنتا
ويقول نائب المتن المحامي اوغست باخوس ان بعض الناس يتصرفون من منطق الانانية والمصلحة الشخصية دون ان يأبهوا بالآخرين. وفي هذا المجال يروي ان احد الاشخاص المسنين توفي في بلدة بسكنتا الجبلية وكانت الثلوج تغطيها والوصول اليها صعب جدا. وقد تلقى برقية جاء فيها ان هذا الشيخ المسن قد توفي. فصعد لحضور الجنازة والسيارة “تمدح به” على حد قوله الى ان وصل فبدأ اهل الفقيد يعتذرون منه قائلين له انهم لم يقولوا لاحد من النواب حتى لا يعذبوهم في هذا الطقس الرديء فاجابهم النائب باخوس انه تلقى برقية بهذا الخصوص. في هذا الوقت كان احد المسنين ينظر اليه من بعيد ثم اقترب منه وصافحه قائلا انه يحبه ويحترمه. ثم اردف قائلا له:
لكثرة محبتي لك يا استاذ ارسلت حفيدي الى البريد ليرسل لك برقية ودفعت عليها نصف ليرة (ايام زمان)
فشكره الاستاذ باخوس. الا ان مرسل البرقية مشى قليلا ثم بدأ يسأله عن قانون الشفعة ويستفسر منه عن بعض احكامه لان عنده دعوى متعلقة به.
عندها انتفض النائب باخوس وقال له:
– معقول بنصف ليرة تشدني على بسكنتا بورقة جلب حتى تستشيرني عن الشفعة.
***
نحنا احق من التراب
يقول الاستاذ باخوس ان بعض الزجل والشعر العام يضاهيان في معناهما شعر اكبر الشعراء. وفي هذا المجال يقول ان احدهم كتب له على ورقة بيتين من الشعر قالهما علي الحاج عن فتاة “نرفزت” لانه حاول ملاطفتها فقال لها:
– وبتنرفزي؟ شو حاكلك
– وبتعرفي الدنيا سراب
– بكرا التراب بياكلك
– ونحنا احق من التراب
***
ويضيف نائب المتن المحامي اوغست باخوس ان من ينظم وقته يستطيع القيام بعدة اعمال واتمامها من دون تعب وان الصحة هي اهم شيء في هذه الحياة التي خلقها الله وخلق معها ما يسمى بمبدأ الcompensation . فهناك اغنياء وفقراء بعضهم فرحون وبعضهم تعساء، بعضهم بصحة جيدة وبعضهم مرضى.
***
الغنى والصحة
كان النائب المرحوم اوغست باخوس يروي انه قديما كان يذهب مع مجموعة من اصدقائه ومنهم الخوري يوسف عون والقاضي السابق المحامي جورج ساروفيم الى بلدة جب جنين لتمضية اجازة فيها. وانه كان يستفيق باكرا ليمارس رياضة الركض. وانه التقى مرة معازاً  قال له:”انا سلطان زماني. لماذا؟ لان زوجتي تؤمن لي الخبز والجبنة كل 15 يوما وانا حاكم هذه المنطقة انام ساعة اشاء واكل ساعة اشاء”.
ويضيف الاستاذ باخوس انه يوم كان رئيسا لبلدية البوشرية كان يقوم بجولات في شوارع البلدة، عندما ناداه احد اغنى اغنياء الشرق وكان يقف على البلكون. وعندما صعد الاستاذ باخوس وقف معه على البلكون فاومأ الى مجموعة من الشبان الذين يعملون في معمل العسيلي وهم يجلسون على الارض ويأكلون البندورة والمجدرة…في حين ان هذا الرجل الغني كان ممنوعا عليه الا اكل اللبن “والقرشلة” لان صحته تعبانة.
ويضيف الاستاذ باخوس بان هذا الرجل الثري قال له:
– ليت هناك من يأخذ كل ثروتي ويجعلني اكل لمدة اسبوعين مثلهم.
***
يحرق اثاث غرفته
ويطيب لنائب المتن الاستاذ اوغست باخوس ان يردد دائما عبارات فيها الكثير من الحكم. فهو يقول مثلا ان المسؤول في الدولة يجب ان يتحلى بالحكمة والتبصر وان يكون حكما لا حاكما. وان ” الدول عند مصالحها” وان العنف لا يولد الا العنف. والحل المنطقي السلمي هو دائما الافضل وغالبا ما يكون هذا الحل مخبأ تحت “قشرة بصلة”
وفي معرض انتقاده الدائم للبناني الذي يتحمس في الانتخابات النيابية يخبر عن احد اللبنانيين الذي حرق اثاث غرفة نومه “نكاية” بجاره.
***
الموتى يعملون عندهم
اثناء القيام بواجب تعزية احد الاشخاص بسبب وفاة والده، بدأ يتكلم عن مآثر والده وصولاته وجولاته وبطشه مما حدا بالنائب اوغست باخوس الى القول بان بعضهم يستخفون بعقل المستمع ويعتقدونه غريبا عن المجتمع والبيئة والواقع. فقال له المحامي الياس كسبار ان امر هذا الشخص يشبه امر ذاك الذي ذهب مع صديقه الى احدى المقابر ووقف امامها وقال لصديقه:
– هل تعلم بان جميع الموتى في هذه المقبرة كانوا يعملون عندنا؟
فاجابه صديقه هازئا:
– ومين منهم بدو يقوم يشارعك اذا كان هالشي مش صحيح؟
***
دعوى تدوم يومين
يقول النائب باخوس ان بعضهم يعتقد انه يجب ان ينال مطاليبه “بكسبة زر”.
وفي هذا المجال يخبر انه اثناء العملية الانتحابية النيابية الاخيرة حضر الى مكتبه احد الاشخاص وكان يوم خميس والانتخابات سوف تجري يوم الاحد وطلب منه تقديم دعوى لينال اولاده الخمسة، ومنهم ثلاثة راشدين، الجنسية. وعندما طمأنه الاستاذ باخوس الى انه سوف يهتم بالامر قال له:
– استاذ؟ قولك بيلحقوا ينتخبوا يوم الاحد؟
علما بان دعوى من هذا النوع تدوم عدة سنوات بسبب التحقيقات والجلسات.
***
لسانه مثل…الشيطان
اثناء حفلة العشاء التي اقامتها نقابة الحرفيين في لبنان في المون لاسال في نهاية تشرين  الثاني 1994، بدأ الصحافي كريستيان اوسي ينتقد احد الاشخاص عندما قال له نائب المتن اوغست باخوس.
– انتوا الصحفيين لسانكم مثل الشيطان.
فقال له اوسي:
– ولكن يقال غير كلمة عادة.
فاجابه الاستاذ باخوس:
– مش وقتها هلق.
***
الزجل اللبناني
في مقابلة تلفزيونية قال نائب المتن المحامي اوغست باخوس ان الشعب اللبناني عاطفي
وهو يتصرف احيانا من هذا المنطق فيطلب بعض المطالب التي لا يمكن تحقيقها. واضاف: ان الزجل موجود عندنا ولا يوجد عند غيرنا. فينقر الشاعر الزجلي الدف ويصرخ اوف اوف ويقول بانه سوف ينقل الجبال ويحطمها ويقطع الرؤوس…الخ ثم ينقر الدف من جديد.
***
آخر وسام
على اثر اجراء مقابلة من قبل الاستاذ غسان تويني مع الرئيس صائب سلام والتي برهن فيها عن مواقف وطنية وانسانية، كتب النائب اوغست باخوس مقالة في جريدة الديار شكره فيها على مواقفه الوطنية.
وبعد مدة التقى النائب باخوس الدكتور كلوفيس مقصود الذي بادره قائلا:
– لدى قراءة الرئيس صائب سلام لمقالتك اغرورقت عيناه بالدموع وقال:
هذا وسام آخر يعلق على صدري.
***
اهمية الكشف الحسي
يقول نائب المتن المحامي اوغست باخوس ان الكشف من قبل هيئة المحكمة سواء في القضايا الجزائية ام المدنية يساعد القاضي على تكوين قناعة افضل تمهيدا للفصل في الدعوى. فالقاضي الذي يكشف على مكان الجريمة قد ترسخ في ذهنه عدة امور تساعده في التحليل المنطقي والواقعي للامور وقد يكتشف امورا لا يستطيع معاونوه اكتشافها. وكذلك الامر بالنسبة للدعاوى المدنية، فاذا قام القاضي بالكشف الحسي بحضور الخبير مثلا، فيكون باستطاعته استيضاحه حول بعض المسائل المتعلقة باهل الخبرة لان البناء الذي يكون امامه قد يكون مختلفا بعض الشيء عن الوصف الوارد في تقرير الخبير او قد يكون الخبير عن سحن نية اغفل بعض التفاصيل التي تساعد القاضي في فصل الدعوى.
وفي هذا المجال يقول النائب باخوس ان القاضي السابق المحامي جورج ساروفيم كان يقوم بالكشف الحسي في معظم الدعاوى لتي يفصل فيها وكان يتوصل في معظم الاحيان الى مصالحة طرفي الدعوى بعد ان تتوضح امامه الامور بشكل افضل اثناء قيامه بالكشف المذكور. وكذلك الامر بالنسبة للقاضي الدكتور عفيف شمس الدين يوم كان قاضيا منفردا في المتن، كان يقوم بالكشف الحسي في عدد كبير من الدعاوى حتى ولو كان قد عين خبيرا فيها قبل ذلك فيذهب وبمعيته الخبير لاستيضاحه حول بعض الامور الواردة في تقريره.
ويضيف النائب باخوس ان فطنة القاضي ونظرته الى الامور بشكل واقعي ومنطقي، تساعدانه على اتخاذ القرار المناسب في معظم الاحيان. وفي هذا المجال، يقول بان شقيقه القاضي المرحوم جان باخوس كان رئيسا للهيئة الاتهامية في الشمال. وكان مرافق احد الشخصيات في السجن وكلما تقدم بطلب اخلاء سبيل وافق عليه قاضي التحقيق الا ان الهيئة الاتهامية تفسخ قرار قاضي التحقيق. وكلما راجعت الشخصية القاضي باخوس بالموضوع كان يقول لها:”اذا اخليت سبيله فسوف يقتل فور خروجه من السجن” الا ان الشخصية كانت مصرة على طلبها، وبقي القاضي باخوس على موقفه الى ان جاءت العطلة القضائية فقررت هيئة المحكمة المناوبة اخلاء سبيل المدعى عليه. ولكن ما ان خرج من السجن حتى قتل.
***
العلم مثل الاوقيانوس
كان يطيب لنائب المتن المحامي اوغست باخوس ان يردد الاقوال التي فيها الكثير من الحكم والمآثر. فهو يقول بان العلم مثل الاوقيانوس لا يستطيع احد ان يبلعه. وان الانسان مهما درس وتعلم يبقى بحاجة الى الشورى. وفي هذا المجال يخبر انه وبحكم تدرجه في مكتب الوزير السابق النقيب ادمون كسبار كان يضطر الى قراءة اكبر عدد ممكن من المراجع اللبنانية والعربية والفرنسية.
ويضيف النائب باخوس ان الشيخ ادمون كسبار جمعهم مرة في المكتب وقرأ على مسامعهم لائحة اعدها في دعوى كبيرة جدا مستعينا باجتهادات مهمة. ولدى وصوله الى مكان معين رفع، الاستاذ باخوس يده وكان لا يزال محاميا متدرجا وطلب الكلام وقال ان ما ورد في اللائحة يخالف آخر قرار صدر عن محكمة التمييز اللبنانية ثم خرج من الغرفة واحضر القرار. فما كان من الشيخ ادمون الا ان امسك باللائحة المطبوعة التي كان قد اعدها وقام بتمزيقها واعد واحدة اخرى على ضوء القرار المبرز من قبل الاستاذ باخوس.
***
بين الجوعان والشبعان
اما عن الاكل، وبعيدا عن القانون، فيقول النائب باخوس ان صهره المرحوم فؤاد ابي ياغي كان معروفا عنه انه يأكل كثيرا من دون توقف حتى زاد وزنه عن المئة وثلاثين كلغ.
ويضيف النائب باخوس ان صهره سأل اولادة مرة السؤال التالي: اذا وضعنا “صدر كنافة” امام شخصين: جوعان وشبعان. فمن منهما يأكل الكنافة؟ فأجابه ابنه ان الجوعان هوالذي يأكل. فنهره والده قائلا: والشبعان؟ الا يستطيع ان يأكل اكثر؟
***
بايعتيني حرير اصلي؟
نائب المتن المحامي اوغست باخوس كان الذي يتحلى بروح النكتة ويحلو له في مجالسه الخاصة والعامة ان يعطي الامثال العامية.
وفي هذا المجال يخبر ان امرأة في قرية كانت تقبل بمعاشرة الرجال شرط ان يدفع لها الرجل ليرتين ذهبيتين. وكان احد رجال القرية فقير الحال وترفض معاشرته الى ان تفتقت عبقريته وقرر اعطاءها ليرتين من الشوكولا تشبهان الليرتين الذهبيتين.
ويضيف النائب باخوس: وبعد ان عمل لها اللعبة وذهب، رأت ان الليرتين الذهبيتين (المزيفتين لانهما من الشوكولا) قد سالتا. فلحقت به وقالت له:
– يا اخو…ليرتان من الشكوكولا؟
فاجابها فورا:
– وشو انت بايعتيني حرير اصلي؟
“محكمة” – الاثنين في 2024/12/2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!