علم وخبر

حكم للقاضي نانسي كرم بإخلاء مأجور غير سكني: وجوب تطبيق قانون الموجبات والعقود في ظلّ الفراغ التشريعي/شربل شرفان

المحامي شربل شرفان:
أصدر القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر بدعاوى الإيجارات الرئيسة نانسي كرم حكماً قضى بإخلاء مستأجر لمأجور غير سكني تبعاً لانقضاء التمديد بانتهاء مفعول القانون 2021/243 في 2022/6/30 ، وتضمن الحكم في حيثياته تعليلاً قانونياً ارتكز على وجوب تطبيق أحكام قانون الموجبات والعقود خلال فترة ما يسمّى إصطلاحاً بـ”الفراغ التشريعي” وأنه عند انقضاء مفاعيل التمديد بموجب القانون الاستثنائي التي انتهى العمل به في 2022/6/30، وورد في حيثيات الحكم أن العلاقة التأجيرية موضوع الدعوى لا تواجه فراغاً تشريعياً بوجود قانون الموجبات والعقود، وهو القانون العام الشاملة أحكامه لجميع الاتفاقات والعقود والعلاقات القائمة بين الفرقاء، ومنها العلاقة التأجيرية. وأنه بعد انقضاء مفاعيل القانون رقم 2021/234 تحرّرت العلاقة التأجيرية من التمديد وأصبحت خاضعة لإرادة الفريقين.
وممّا جاء في الحكم الذي تنشره “محكمة”:
بناءً عليه
حيث من نحو أول، فإن المدعية تطلب إخلاء المدعى عليه من المأجور موضوع الدعوى، (…) وتسند طلب الإخلاء إلى انتهاء مدة التمديد القانوني لإجارة المدعى عليه بتاريخ 2022/6/30،
وحيث من جهته دفع المدعى عليه (…) أيضاً بوجوب ردّ طلب المدعية الرامي إلى إخلائه، حفاظاً على حالة الاستقرار ولأن نية المشرع تكمن في الرغبة بالتمديد إلى حين صدور قانون خاص بشأن عقود الإيجار غير السكنية.
وحيث إن الطلبات والإدلاءات المثارة من قبل فريقي الدعوى، تستوجب لزوماً البحث في القانون الواجب التطبيق على النزاع الراهن.
وحيث إنه من الثابت من معطيات الدعوى الراهنة، أن المأجور موضوع عقد
الإيجار القائم بين فريقي الدعوى، هو غير سكني، وتاريخ عقد الإيجار يعود لما قبل 1992/7/23.
وحيث صدر بتاريخ 2017/2/28 قانون الإيجارات رقم 2، ونصّ بموجب المادة /38/ منه على أن تُمدّد عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 1992/7/23 حتى تاريخ 2018/12/31، ومن ثمّ صدر القانون رقم 111 بتاريخ 2018/12/6 تلاه القانون رقم 176 بتاريخ 2020/5/13 ثم القانون رقم 234 بتاريخ 2021/7/16 ونصّ في مادته الوحيدة على أنه لحين نفاذ قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه العقود، تُمدد عقود إيجار الاماكن غير السكنية المعقودة قبل 1992/7/23 لغاية 2022/6/30 ضمناً.
وحيث إنه من الثابت أن آخر تمديد لعقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 1992/7/23 ، نصّ عليه القانون رقم 2021/234 المشار إليه، وانتهى مفعوله بتاريخ 2022/6/30 ضمناً، ولم يُصدر المشرع اللبناني بعد هذا التاريخ أي قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه العقود ولا أي قانون ينص على تمديد عقود إيجار الاماكن غير السكنية المعقودة قبل 1992/7/23 ، ما يُفيد بأن مدة العقود المشار إليها تحرّرت من التمديد القانوني الإستثنائي وأصبحت خاضعة لإرادة فرقائها فقط.
وحيث والحال ما ذكر، فإنه يقتضي استبعاد تطبيق أحكام قانون الإيجارات رقم 2017/2 وتحديداً شروط إسقاط الحق بالتمديد القانوني، على الدعوى الراهنة، وذلك لانتهاء حالة التمديد القانونى كما سبق وذُكر ، ولأن البحث في شروط إسقاط الحق بالتمديد، سيكون كالبحث في شروط قانون استنفذ مفعوله بانتهاء مدته بتاريخ 2022/6/30 ولم يعد مُطبَّقاً على العلاقات القائمة بين فرقاء العقود التي خضعت سابقاً للتمديد القانوني، فيقتضي تالياً تطبيق قانون الموجبات والعقود على العلاقة التعاقدية موضوع الدعوى الراهنة، وهو القانون العام الواجب التطبيق على جميع عقود الإيجارات التي لم تعد خاضعة بموجب تشريع استثنائي إلى أي تمديد حكمي.
وحيث انسجاماً مع ما تقدّم، فإن العلاقة التأجيرية موضوع هذه الدعوى لا تواجه فراغاً تشريعياً بوجود قانون الموجبات والعقود وهو القانون العام الشاملة أحكامه لجميع الاتفاقات والعقود والعلاقات القائمة بين الفرقاء، ومنها العلاقة التأجيرية الراهنة.
وحيث يُرد في هذا الإطار طلب المدعى عليه بإبقاء الحال على ما هو عليه، والمسند إلى أن نية المشرع تكمن في الرغبة بتمديد العقود، وذلك لأن هذه النية يجب أن تُستفاد من نص القانون، دون لزوم البحث عن رغبة المشرع التي يجب أن تترجم واقعاً بقانون نافذ وساري المفعول، الأمر غير المتحقق في حال الدعوى الراهنة.
وحيث إنه بانتهاء حالة التمديد القانوني الإلزامي بتاريخ 2022/6/30 ، يُصبح تمديد مدة عقد الإيجار غير السكني موضوع الدعوى، رهناً بإرادة فرقائه، وإنه من الثابت أن المدعية ترفض هذا التمديد وتطلب الحكم بإخلاء المدعى عليه من المأجور وبتسليمه لها فوراً، ما يستوجب إجابة طلبها.
وحيث من نحو ثان فإن المدعية تطلب إلزام المدعى عليه بأن يدفع لها قيمة بدلات الإيجار والضريبة على القيمة المضافة وبدلات الخدمات المترتبة على مأجوره والبالغة /35187000/ ليرة لبنانية.
وحيث إنه لم ينهض من مجمل أوراق الملف أن المدعى عليه قد سدّد المبلغ المشار إليه إيفاء للبدلات والنفقات المطالب بها، فيقتضي إلزامه بأن يدفع للمدعية مبلغ /35187000/ ليرة لبنانية.
وحيث بالوصول إلى هذه النتيجة يقتضي ردّ سائر ما زاد أو خالف إما لعدم القانونية وإما لعدم الجدوى وإما لكونه لاقى الردّ الضمني في معرض التعليل المبسوط أعلاه.
لهذه الأسباب،
يحكم:
أولاً: بإلزام المدعى عليه السيد (…) بإخلاء المأجور الكائن في الطابق (…) الجهة الشمالية من البناء القائم على العقار رقم (…) من منطقة المرفأ العقارية، وذلك فوراً، وبتسليمه للمدعية (…)، شاغراً وخالياً.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه السيد (…) بأن يدفع للمدعية (…) مبلغاً وقدره /35187000/ خمسة وثلاثون مليون ومئة وسبعة وثمانون ألف ليرة لبنانية.
ثالثاً: بردّ كل ما زاد أو خالف من أسباب ومطالب.
رابعاً: بتضمين المدعى عليه النفقات كافة.
حكماً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2025/3/5.
“محكمة” – الثلاثاء في 2025/3/18

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!