التواصل الاجتماعي بين التقريب والتغريب/زينب حمزة

زينب حمزة:
في عصرنا الحالي، أصبح التواصل الاجتماعي أحد أبرز مظاهر الحياة اليومية، حيث غزت تطبيقاته مثل فيسبوك، إنستغرام، تويتر، وتيك توك، تفاصيل علاقاتنا وسلوكنا وطريقة تفكيرنا. وعلى الرغم من أن هذه الوسائل قد سهّلت التفاعل والتواصل بين الأفراد، إلا أنها حملت في طياتها العديد من التحديات التي تستحق التأمل والنقاش.
لا يمكن إنكار أن وسائل التواصل الاجتماعي قد قربت المسافات بين الناس، وجعلت العالم قرية صغيرة. فهي تتيح للمستخدمين التواصل مع الأصدقاء والعائلة مهما كانت المسافات، وتوفر منصات لتبادل المعرفة، ومتابعة الأخبار، والمشاركة في القضايا الإنسانية والاجتماعية. كما لعبت دورًا كبيرًا في دعم المواهب الفردية، وإتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن أنفسهم وإطلاق مشاريعهم.
رغم هذه الإيجابيات، فإن الإفراط في استخدام وسائل التواصل قد يؤدي إلى نتائج عكسية. من أبرز المشكلات التي ظهرت: العزلة الاجتماعية، حيث يفضّل البعض التفاعل الافتراضي على العلاقات الواقعية، مما يضعف الروابط الاجتماعية الحقيقية. كما أن المقارنة الدائمة بالآخرين على هذه المنصات قد تؤثر سلبًا على الصحة النفسية، وتؤدي إلى الشعور بالنقص أو الاكتئاب.
ومن جهة أخرى، تنتشر الشائعات والمعلومات المغلوطة بسرعة فائقة عبر هذه الوسائل، مما يساهم في تضليل الرأي العام، وخلق أجواء من القلق والخوف أحيانًا. كذلك، فإن إدمان هذه الوسائل قد يؤدي إلى تراجع الإنتاجية لدى الأفراد، خصوصًا الطلاب والموظفين.
لمواجهة هذه التحديات، من الضروري أن نُربي وعينا الرقمي، ونتعلم كيف نستخدم هذه الوسائل بشكل متوازن. يجب أن ندرك أن ما يُنشر على مواقع التواصل لا يعكس دائمًا الواقع، وأن الحفاظ على العلاقات الواقعية والتواصل المباشر مع من حولنا أمر لا يقل أهمية.
كما يجب تعزيز ثقافة التحقق من المعلومات، وعدم الانجراف وراء العناوين المثيرة أو الأخبار غير الموثوقة. وينبغي على الأهل والمعلمين أيضًا أن يلعبوا دورًا فاعلًا في توعية الجيل الجديد بالاستخدام الآمن والإيجابي لهذه الوسائل.
وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين؛ يمكن أن تكون وسيلة رائعة للتقارب والتعلم، أو وسيلة للتباعد والضياع. والقرار في النهاية يعود إلينا: كيف نستخدمها، ولماذا، وبأي قدر؟ فالاستخدام الواعي والمتزن هو مفتاح الاستفادة الحقيقية من هذه التكنولوجيا.
“محكمة” – الاربعاء في 2025/4/30