واقع اتحاد المحامين العرب متأزّم جدّاً (2/5)
كتب المحامي عمر زين*:
يتابع الأمين العام لاتحاد المحامين العرب (سابقاً) المحامي عمر زين وصف حالة التعثّر وعدم الفعالية والإنتاجية التي يمرّ بها الاتحاد من خلال الإضاءة على التصرّفات والأعمال المخالفة لأنظمته التي يؤدّي ارتكابها إلى عدم اتخاذ القرارات الآيلة إلى تفعيل دور اللجان الاتحادية بحيث يشكل ذلك إضعافاً ووهناً يبدو مقصوداً لتعطيل الدور الريادي لهذا الاتحاد الذي جرى تأسيسه عام 1944 وقبل نشوء جامعة الدول العربية.
نتساءل لماذا الفوضى والعشوائية في تطبيق العضوية الفردية وعدم وضع نظام لها يحدّد شروط الانتساب وقواعده، وما يمكن أن يعود على المحامي من نصوص تشير إلى دور المحامي العربي في المشاركة بأعمال الاتحاد، وماهية التقديمات العلمية والثقافية والصحية والإجتماعية التي تساعده في رفع شأن المحاماة كما وعمله المهني؟.
إنّ حصر مفهوم العضوية الفردية بالاستحصال على بطاقة اتحادية فقط وبغياب النصوص المنظّمة أفرغها من مضمونها وأسباب وجودها، وسهّل أن يستحصل البعض المشطوب من لائحة المحامين العاملين لأسباب مسلكية في نقاباتهم على البطاقة الاتحادية لاستعمالها بمواقع شتّى، ومثلهم أيضاً من هو موقوف من ممارسة المهنة لفترة معيّنة، وهذه الحالة وضعت الاتحاد أمام مشاكل متعدّدة مع النقابات المنتسبة إليه، فضلاً عن غياب التنسيق بين الاتحاد والنقابات بشأن المحامين المهجّرين من بلدانهم التي يستمرّ فيها شتّى أنواع التدمير والقتل، وهؤلاء المحامون بحاجة لرعاية واهتمام ومتابعة، الأمر الغائب تماماً عن العمل اليومي للاتحاد، علماً أنّه كان للاتحاد دور مشكور وبارز في مساعدة النقابات في الظروف الصعبة التي مرّت بها، وهذا كان طبعاً في أيّام الكبار الكبار من القادة الاتحاديين.
وهذا الأمر يتطلّب من المكتب الدائم للاتحاد أن يصدر نظام العضوية الفردية المنشود، والذي مضى على البحث فيه أكثر من ثلاثين سنة، وهناك من يعرقل إصداره إمعاناً في إضعاف الاتحاد ودوره. وكنت قد قدّمت مشروع نظام بالخصوص، لكن مع الأسف، تمّت عرقلته من جانب البعض. ونتسائل أيضاً: لماذا لم يوضع نظام للعضوية المراقبة ويصبح فصلاً من فصول القانون الأساسي والنظام الداخلي؟.
والعضوية المراقبة أمر معمول به في كلّ الاتحادات، ووجودها يساعد على بلورة الأفكار، كما يساعد أيضاً في تنفيذ القرارات ويدعمها للوصول إلى مبتغاها. غير أنّ من يهدف إلى إبقاء القرارات على الورق، وحفظها هذا إذا حفظها هذا البعض في الأدراج دون تنفيذ، فإنّه يهمل عن قصد، هذا المطلب الحيوي، ويحارب خروجه إلى النور أصلاً، وفي هذا الصدد كنّا قد قدّمنا أيضاً مشروعاً بالخصوص وحالوا دون مناقشته إمعاناً في عرقلة مسيرة الاتحاد، وهنا يبرز دور النقابات في تضمين التعديلات على الأنظمة فصلاً خاصاً للعضوية المراقبة وهذه مهمّة من مهمّات المؤتمر التأسيسي المنوي عقده إلى جانب العضوية الفردية وأمور أخرى سنأتي على ذكرها تباعاً.
وهذان التساؤلان والمشاريع المقترحة بشأنهما أبلغت من جانبنا لكلّ النقابات وأعضاء المكتب الدائم بشكل متكرّر، لكن عدم تعيين موظّف خاص في كلّ نقابة، يكون مسؤولاً عن العلاقة مع الاتحادات وبخاصة منها اتحاد المحامين العرب لمتابعة كلّ ما يرد في البيانات والمقرّرات والمذكّرات لمتابعة التنفيذ، ولاتخاذ الموقف المناسب بشأنها عند الاقتضاء، والعمل على ضبطها، ووضع تقارير بشأنها وعلى أن يتمّ ذلك وتحت إشراف أحد أعضاء مجلس كلّ نقابة حيث من الضروري والواجب أن يُطلع مجلس النقابة على كلّ التطوّرات عن مسيرة الاتحاد وكذلك الملاحظات والاقتراحات التي يراها مناسبة بشأن ذلك، حيث إنّ هذا أمراً جوهرياً في الوصول إلى مقرّرات تتوافق مع توجّهات وقناعة النقابة، وفي غياب ذلك فإنّ أصحاب النيّات السيّئة، والمُبَرْمَجُون من جهات معيّنة وهم موجودون في كلّ مكان وفي كلّ الهيئات على مستوى العالم، سيعملون على عكس ما تؤمنون به أيّ ضدّ مصلحة نقابتكم واتحادكم ووطنكم وضدّ مصلحة كلّ عضو من نقاباتكم، لذلك فإنّ الأمر بحاجة لإصلاح وتغيير وتنظيم، وهذا ما يسعى إليه أحفاد الروّاد الأوائل لمهنة المحاماة من كبارنا فكراً وعملاً وعلماً وثقافة وجهاداً ويشجّعون على انعقاد المؤتمر التأسيسي في أقرب وقت ممكن لإجراء اللازم المطلوب. ونحنا ننتظر مَن سوف يبادر من النقابات لتصحيح هذا الخلل القاتل.
*الأمين العام لاتحاد المحامين العرب (سابقاً).
(نشر في في مجلّة “محكمة” – العدد 18 – حزيران 2017).