مقالات

صرخة محام إفتحوا المحاكم وكفى تعطيلًا للعدالة/خالد مكّة

المحامي خالد محمد مكّة:
أصبح الأمر غير مقبول؛ وزاد عن حدّه؛ وأصبح فيه مغالاة.
سأتكلّم بصوت مرتفع؛ ولو كنت منفردًا.
سأرفع الصوت عاليًا؛ ولو لم ألق آذانًا صاغية على قاعدة “لا حياة لمن تنادي”.
أتوجّه بهذه الصرخة إلى معالي وزيرة العدل؛
أتوجّه بهذه الصرخة إلى مجلس القضاء الأعلى مجتمعًا.
أقفلتم قصور العدل؛ وأوقفتم عجلة العدالة وتطبيق القانون خوفًا من جائحة “كورونا”. خوفًا على صحّة القضاة والمحامين والموظّفين والمتقاضين؛ لكن قتلتمونا من حيث لا تدرون! وأصبح ينطبق علينا القول التالي: “تعدّدت الأسباب والموت واحد”؛ فإن لم تمت بالكورونا؛ ستموت من قلّة العمل ومن.. ومن.. ومن.. ومن..
كما أتوجّه بهذه الصرخة إلى حضرة نقيب وأعضاء مجلس نقابة المحامين.
أيّها السادة؛ أصبحت قصور العدل خالية وخاويّة؛ أصبحنا في قصور العدل كأهل الكهف؛
العدالة نائمة في سُبات عميق؛ وحقوقنا وحقوق المواطنين في موت سريري.
إلتزمنا معكم بقراراتكم، لكنّ السؤال إلى متى؟
السؤال لماذا الإقفال التام فقط في قصور العدل باستثناء بعض الموقوفين؟ ومن قال إنّ العدالة هي فقط تتعلّق بالموقوفين؟ فالمواطن الصالح كيف سيحصل على هذه العدالة وعلى حقوقه من تطبيق العدالة؟
هناك مواطنون توقّفت حياتهم وأموالهم وحقوقهم بتوقيف عجلة المحاكم.
هناك مواطنون إنقطعت أرزاقهم؛ فأملاكهم مصادرة وحقوقهم مهدورة بانتظار انطلاق عجلة المحاكم؛ والنطق بالحكم باسم الشعب اللبناني.
أيّها السادة؛ نحن كمواطنين ودولة يجب أن نتأقلم مع جائحة كورونا؛ والمطلوب فقط الإلتزام بإجراءات الحماية الضروريّة (كمامة…).
أيّها السادة هذا النداء ليس موجّهًا ضدّ القضاة أو الموظّفين إطلاقًا.
إنّما هو صرخة من محام لم يجد سوى إطلاق صرخة بعد أن بلغ السيل الزبى؛ وتخطّى الأمر الخطوط الحمراء.
إنّني أتكلّم بصفتي الشخصيّة؛ وربّما أتكلّم من حيث أدري أو لا أدري بلسان بعض زملائي لكن دون تكليف من أيّ منهم.
لماذا إقفال المحاكم؟
لماذا لا يتمّ عقد الجلسات في القضاء المدني والقضاء المستعجل والتنفيذ؟
لماذا التركيز على الموقوفين فقط ؛ وليس كلّ الموقوفين؛
أيّها السادة الموقوف موقوف بفعل جرمي؛ (ولَكُم في الحياة قصاص يا أولي الألباب).
أيّها السادة يوجد مواطنون صالحون في المجتمع حقوقهم هدرت؛ كيف نحافظ عليها؟ كيف نحصّلها؟ كيف نؤمّنها؟
ما هو المانع من عقد جلسات المحاكم المدنيّة؟
المحاكمات المدنيّة لا تتطلّب حضور أصحاب العلاقة شخصيًا؛ وهذا أمر كاف للحدّ من الإكتظاظ.
أنا لست مخوّلًا بإيجاد الحلول؛ وهناك الكثير من الحلول والوسائل لمتابعة إجراءات المحاكمة في الدعاوى المدنيّة. وعلى سبيل المثال ليس إلاّ؛ يتمّ التبادل online بلوائح مطبوعة ومرفقة مع مستنداتها وموقّعة من المحامي ومحفوظة pdf ترسل إلى بريد خاص في المحكمة وإلى محامي الطرف الآخر ويتمّ التقيّد بالمهل القانونيّة؛ وبعد انتهاء التبادل يصار إلى تحديد جلسة علنيّة في المحكمة فقط للدعاوى الجاهزة لاختتام المحاكمة يدعى إليها محامو أطراف النزاع وهيئة المحكمة والكاتب، ويصار إلى ضمّ النسخ الورقية المرسلة سابقًا online لحفظها في الملفّ؛ ويتمّ ختم المحاكمة لإفهام الحكم؛ وإمّا يتمّ اختتام المحاكمة عن بُعْد مع مراعاة أحكام المادة 462 أصول مدنيّة ويصار إلى إصدار الحكم؛ وهكذا لا تتعطّل المحاكم ولا حقوق الناس؛ ولا تنقطع أرزاقنا.
أيّها القاضي؛ إنّك تتقاضى راتبك ومخصّصاتك كافة سواء أكان يوجد إقفال عام أو لا يوجد.
أمّا أنا المحامي فإنّني لا أتقاضى أتعابي؛ إلاّ إذا كنت أقوم بعملي المهني؛ كون موكّلي من الطبيعي ألاّ يدفع أتعابًا طالما المحاكم والمحاكمات معطّلة وقضيّتُه متوقّفة في المحاكم(وهو أساسًا يتفنّن ويتلذّذ بالتهرّب من دفع الأتعاب؛ ومع إقفال قصور العدل وجدها فرصة ذهبيّة!).
أيّها القاضي؛ صحيح أنّ راتبك الشهري مع مخصّصاتك أصبح في الحضيض مع الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء؛ (مع أنّ وضع المحامي ليس بأفضل من وضعك)؛ لكّنني أنا هنا لست بصدد تقييم راتبك؛ ولست أنا السبب بمن جعل راتبك يفقد قيمته الفعليّة؛ ومن جعل راتبك متدنّيًا هم المفسدون في هذا البلد؛ والأولى بكم أيّها القضاة ألاّ تعطّلوا حركة العدالة في الوطن وقصور العدل؛ وهذا الأمر يريح هؤلاء المفسدين في بلدي.
أنت أيّها القاضي قادر على تحصيل حقوقك الماليّة وحقوق المواطنين والمجتمع. أنت السلطة القضائيّة؛ يمكنك أن تتحرّك من الدعوى العامة بوجه المفسدين الذين نهبوا أموال الدولة وهرّبوها وأفلسوا البلد.
أيّها القاضي أنت من يجب أن يخشاك المفسد في بلدي مهما علا شأنه؛ وليس العكس.
وبالعربي الدارج نحن متكلّون عليك في أن تحصّل حقوقك وحقوقنا معًا.
أيّها السادة؛ إنّ قطع الأرزاق من قطع الأعناق.
هذه صرختي؛ أعيدوا العمل إلى المحاكم وفق ضوابط وشروط حماية؛ وكفى إقفالًا للمحاكم وقصور العدل.
أيّها السادة؛ جميع المؤسّسات الخاصة تمارس أعمالها إلاّ المحاكم متوقّفة فيها عجلة الجلسات والبتّ بالدعاوى على اختلاف أنواعها.
أيّها السادة؛ فقط العدالة في بلدي متوقّفة!
حتّى “كورونا” جاء ليفرمل العدل؛ وكان نقيض العدالة وتطبيق القانون في بلدي! لا داعي لإقفال المحاكم إطلاقًا وحيوا على خير العمل.
“محكمة” – الإثنين في 2021/2/15

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!