أبحاث ودراسات

السلطة الاستنسابية لرئيس محكمة الجنايات/ وليد أبو دية Le pouvoir discrétionnaire du président de la cour d’assises

بقلم المحامي وليد أبو دية:
أولت المادة 247 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الجديد رئيس محكمة الجنايات سلطة استنسابية تُخوّله إتخاذ التدابير التي يُقدّرها ضرورية لكشف الحقيقة، شرط أن لا تنمّ عن رأي مسبق له في الدعوى.
هذه المادة تقابلها جزئياً الفقرة الأولى من المادة 310 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الفرنسي، حيث جاء فيها:
“Le président est investi d’un pouvoir discrétionnaire en vertu duquel il peut en son honneur et en sa conscience, prendre toutes mesures qu’il croit utiles pour découvir la vérité. Il peut, s’il l’estime opportun, saisir la cour qui statue dans les conditions prévues à l’article 316”.
(l’article 310/L.no. 72 – 1226, 29 déc. 1972, 1er p)
وبمقتضى هذين النصّين خصّ القانون رئيس محكمة الجنايات بسلطة استثنائية واسعة وفريدة ينفرد بها دون غيره من رؤساء المحاكم الجزائية، من خصائصها: أنها شخصية ولصيقة به دون سواه من اعضاء هيئة المحكمة، وتقديرية تندرج في اطار ما يعود له تقديره من إجراءات، كما وهي إستثنائية تستوجب في بعض الأحيان تجاوز القواعد العامة دون المس بحقوق الدفاع أو الخروج عن إطار الدعوى.
ففي قرار مبدئي صدر عنها في 1857/3/12 تطرقت محكمة التمييز الفرنسية – الغرفة الجنائية – الى تلك الميزة إذ أوردت في متن قرارها بأن تدابير التحقيق غير العادية تلك الخارجة عن نطاق ما نص عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية من اعمال تحقيق، لا يمكن اتخاذها إلا بموجب السلطة الاستنسابية.
(Cass.ch.crim. 12 Mars 1857. Dalloz 1857 jurisprudence générale. Première partie. P. 182)
والأهم في تلك الخصائص أنها متروكة لضميره وشرفه، وهما الرادعان له عند استعمالها. وهذه السلطة يمارسها قبل واثناء المحاكمة وليس بعد ختام المناقشة، ما يعني أنها مقيدة بمدة المحاكمة.
مفهوم سلطة رئيس محكمة الجنايات الاستنسابية:
لرئيس محكمة الجنايات مطلق الحق باتخاذ أي اجراء يراه، وفق سلطته الاستنسابية، مفضياً إلى الهدف المنصوص عليه في المادة 247 اصول جزائية. وهذه السلطة ينفرد بها عن سائر رؤساء المحاكم الجزائية، ولا تحدّها سوى مخالفة القانون.
وبمقتضى سلطته الاستنسابية هذه يتولى الإشراف على تأمين النظام داخل المحكمة ويتخذ التدابير اللازمة لحسن سير المحاكمة وفق مراسم وإجراءات شكلية تؤمن حقوق الدفاع في قضايا جنائية خطيرة يترتب على الحكم فيها نتائج قانونية قاسية قد تنال من حرية الشخص وحقوقه المدنية واحواله الشخصية، وعلى أفراد قوى الامن المكلفين بضبط الأمن في قاعة المحكمة أن يأتمروا بأوامره في هذا الصدد.
والرئيس يتولى إدارة الجلسة والمناقشات وفقاً للترتيب الذي يراه مناسباً، وله أن يرفض كل طلب من شأنه إطالة المحاكمة دون جدوى. وله في السياق عينه أن يقرر تغريم الشاهد الذي يتمنع عن الحضور بعد دعوته أصولاً. وله ان يقرر إحضار الشاهد الذي تخلّف عن الحضور في المرة الثانية بعد تبليغه وإن سبق له تغريمه.
وللرئيس أيضاً أن يقرر ضم الأوراق والمستندات التي يراها ضرورية لإظهار الحقيقة، يتلوها مع الرسائل والوثائق التي يحتويها ملف الدعوى، وله أن يرجع الى التحقيق الأولي  أو الابتدائي لمناقشة إفادات وردت فيه، وأن يستعين بالخبرة لتوضيح نقاط فنية وأن يستنيب لسماع شاهد مقيم خارج منطقة قاضي التحقيق الذي يقع محل اقامة الشاهد أو سكنه ضمن نطاق دائرته (المادة 248).
ولرئيس المحكمة أن يقرر، بموجب سلطته الاستنسابية، الاستماع الى جميع الشهود الواردة أسماؤهم في القوائم أو الى بعضهم دون البعض الآخر، وله أن يستمع إلى شاهد أو أكثر لم يرِد اسمه في قوائم الشهود (الفقرة الاخيرة من المادة 252).
هذا ومن خلال نص المادة 247 موضوع البحث، إستخلص الفقه والاجتهاد ميزات رئيسية لسلطة رئيس محكمة الجنايات غدت أموراً مسلماً بها، أهمها:
1 – السلطة المطلقة لرئيس محكمة الجنايات وتشمل أي تدبير يرى في اتخاذه ما يساعده على الوصول إلى الحقيقة، وليس لسلطته هذه من حدود سوى ما هو محظورٌ عليه في القانون. وبمقتضى السلطة الاستنسابية التي يتمتع بها رئيس المحكمة، يكون من حقه دعوة من يختار سماعه من الشهود دون الباقين، وهو غير ملزم قانوناً بأخذ رأي أي فريق في الدعوى وليس مطلوباً منه أخذ مطالعة النيابة العامة بهذا الشأن.
(تمييز جزائية، غرفة سادسة، قرار رقم 16 تاريخ 1998/1/20، صادر، ق.ج. 1998، ص/347)
كما وأن جلب منظمي محاضر التحقيق الأولي، وهي محاضر رسمية صحيحة إلى حين ثبوت تزويرها هو أمر يعود شأنه لرئيس المحكمة تبعاً لسلطته الاستنسابية.
(تمييز جزائية، غرفة سادسة، قرار رقم 202 تاريخ 1997/12/23 العدل 1998، عدد/1، ص 194)
وفي السياق عينه ظهّرت محكمة التمييز الفرنسية هذه الميزة قديماً في قرارات عدة أشار اليها العلاّمة الفرنسي Le Poittevin في مؤلفه شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتحديداً في الصفحة 1161، الفقرات 65/66/67/70، وبذات المعنى:
“Le président, aux termes de l’article 268 du code d’instruction criminelle, est investi d’un pouvoir discrétionnaire, en vertu duquel il pourra prendre sur lui tout ce qu’il croira utile pour découvrir la vérité, et la loi charge son honneur et sa conscience d’employer tout ses efforts pour en favoriser la manifestation”.
“Le pouvoir discrétionnaire est donc “illimité”, en ce sens qu’il permet au président de faire tout ce qui n’est pas contraire aux dispositions de la loi”.
(cass.crim. 17 mars 1842. Bull.crim. no. 64 ency.Dalloz droit crim. II page 219. All. 405-406)
2 – ومن مميزات السلطة الاستنسابية لرئيس محكمة الجنايات انها تمتاز بالطابع الشخصي caractère personnel أي انه يمارس سلطته منفرداً ولا رقيب عليه سوى ضميره وشرفه وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تشاركه في تلك الميزة حتى ولو برضاه، وليس لها في الأصل أن تأمر الرئيس بممارسة سلطته الاستنسابية، وإلا اعتبرت منتهكة لقاعدة الاختصاص لم ينطها القانون به، وبمعنى آخر لا يمكن تجيير سلطة الرئيس الاستنسابية ولا حتى تحويلها الى المحكمة، فهي بطبيعتها غير قابلة للانتقال Incommunicable، وعلى هذا فقد قضت محكمة التمييز الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 1935/2/14 (cass.crim. Sirey 1835-1-289/14 Fév. 1835):
“بأن السلطة المخولة لرئيس محكمة الجنايات مستقلة ومنفصلة تمام الاستقلال والإنفصال عن تلك المخوّلة الى المحكمة ذاتها، وأن سلطة الرئيس والحالة هذه، غير قابلة للنقل ما دام القانون قد أوكلها إلى شرفه وضميره دون غيره، وأن على المحكمة إن قُــدّمت لها طلبات داخلة ضمن نطاق تلك السلطة عليها أن تؤكدها ولا تستطيع تخويلها لنفسها، موضحةً في الوقت عينه أنه لا يجوز لهيئة محكمة الجنايات أن تشارك الرئيس في سلطته الاستنسابية حتى ولو رضي الرئيس نفسه بهذه المشاركة، فنقضت الحكم الجنائي المطعون فيه لأن الرئيس قد أشرك معه هيئة المحكمة في اتخاذ قرارين يدخلان في صميم سلطته الاستنسابية، الأول يقضي بتلاوة استجواب شاهد توفي في الترتيب الذي ورد فيه اسم الشاهد، والثاني يقضي بتحديد الوقت الذي ستُتلى فيه وثائق صادرة عن شاهد حاول وكيل الدفاع مقاطعته أثناء إدلائه بشهادته طالباً تلاوة تلك الوثائق حالاً.
وقد خلصت محكمة التمييز في قرارها هذا بالقول؛ بأن اشتراك محكمة الجنايات، في إصدار القرارين المذكورين وفي تنفيذهما، يعتبر تعدياً على سلطات الرئيس، وأن هذا التعدي لا يزول أثره بمجرد رضاء الرئيس مشاركة المحكمة له في سلطاته، مما يستتبع معه اعتبار الحكم المطعون فيه مخالفاً لأحكام المادتين 268 و269 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الفرنسية كما ولقواعد الاختصاص.
– وفي قرار تمييزي آخر صدر بتاريخ 1888/4/13 (Sirey 1890-1-288) في قضية كانت محكمة الجنايات قد قررت بناءً على طلب قدم اليها من جانب الدفاع استبعاد الأشياء والخطابات المضبوطة في المرافعة لعلة ضبطها بشكل غير قانوني، وحفظ حق الرئيس بممارسة سلطته التقديرية في الرجوع اليها عند الاقتضاء على سبيل المعلومات، وكان الرئيس قد عرض فعلاً فيما بعد، وبمقتضى سلطته الاستنسابية الأشياء والخطابات المذكورة على المتهم والمحلفين والشهود،
وأورد الطاعن سبباً في طعنه في حينه، كان قائماً على ان القرار الذي اتخذته المحكمة كان مخالفاً للقانون لتعدي المحكمة على سلطة الرئيس الاستنسابية رغم وجود التحفّظ المار ذكره.
وعلى هذا السبب بيّنت محكمة التمييز أن على الرئيس ان يستعمل سلطته الاستنسابية الشخصية بعرض الأشياء والخطابات التي تقرر بطلان إجراءات ضبطها من تلقاء نفسه، الأمر الذي حصل في القضية المشار اليها، إذ وبالعودة إلى محضر ضبط المحاكمة إتضح بأن الرئيس، عند اتخاذه الإجراء الآنف الذكر، قد إتخذه بمقتضى سلطته الاستنسابية في حدود القانون لا بمقتضى التحفّظ الوارد في قرار المحكمة. لذا فإن محكمة التمييز لم ترَ إذ ذاك أن ثمة ضرورة مجدية لنقض الحكم.
في السياق عينه، وفي قضية ثالثة سبق لمحكمة التمييز الفرنسية أن أصدرت قراراً فيها بتاريخ 1901/3/16 (Sirey 1904-1-477) كان رئيس محكمة الجنايات آنذاك قد قرر، بمقتضى سلطته الاستنسابية، دعوة قاضي التحقيق للاستماع اليه على سبيل المعلومات، إلا أن وكيل المتهم تقدم بطلب الى المحكمة التمس فيه عدم سماع شهادة قاضي التحقيق. وفيما كان يتعين على محكمة الجنايات أن تؤكد شمول هذا الطلب بسلطة الرئيس الاستنسابية الشخصية وبالتالي الإكتفاء بتدوينه دون أن تتخذ قراراً بشأنه، سواءً أكان سلبياً أم إيجابياً، فقد إتخذت قراراً بدعوة القاضي كشاهد على سبيل المعلومات.
ولدى عرض هذه القضية على محكمة التمييز الفرنسية، خلصت الى التأكيد على أن محكمة الجنايات بقرارها هذا تكون قد تجاوزت حدود اختصاصها، لأن مثل هذا التدبير يعود لسلطة الرئيس وحده. لكن محكمة التمييز لم تنقض الحكم الجنائي لأن قرار المحكمة لم يغيّر شيئاً من قرار الرئيس، سيما وأن محضر ضبط المحاكمة اشار الى ان الاستماع الى المعلومات التي ادلى بها قاضي التحقيق قد جرى بناءً على سلطة الرئيس الاستنسابية.
“La cour doit de declarer incompétente lorsqu’elle est saisi de conclusions tendant à ordonner un acte entrant dans l’exercice du pouvoir discrétionnaire du président”.
(cass.crim. 20 déc. 1892. Bull.crim. 1892 No. 342: et 16 Mars 1901.
 Sirey 1904 1ère partie No. 477)
(هذه القرارات وغيرها من القرارات الهامة التي صدرت عن محكمة التمييز الفرنسية قديماً، أشار اليها العلاّمة Le Poittevin في شرحه لقانون أصول المحاكمات الجزائية الفرنسي في الفقرة رقم 71 من شرحه للمادة 268 من القانون، ص /1161).
إلى ذلك فإن هذا الحظر يطال، الى جانب أعضاء المحكمة، المتهم وأفرقاء الدعوى. وقد أكد اجتهاد محكمة التمييز الفرنسية على هذا المنحى بالقول:
“Aucune loi ne donne à l’accusé, ou à toute autre partie, le droit de requérir l’exercice du pouvoir discrétionnaire du president qui est entièrement laisser à sa libre disposition”.
(cass.crim. 1er février  1966. Bull.crim. 1966 No. 28)
أيضاً وأيضاً، أكدت محكمة التمييز الفرنسية على أن كل افتئات على صلاحيات الرئيس وسلطته الاستنسابية تأتيه المحكمة بقرار منها، يُعد تجاوزاً لهذه السلطة ولطابعها الشخصي اللامحدود.
“Outrepasse ses pouvoirs la cour d’assises qui ordonne que le président fasse un acte relevant exclusivement de son pouvoir discrétionnaire”.
(Cass.crim. 4 Juin 1969. Bull.crim. 1969. No. 187)
وقضت محكمة التمييز الفرنسية أيضاً وبذات المعنى:
“La cour d’assises ne peut faire injonction au président d’user de son pouvoir discrétionnaire pour permettre la compuration et l’audition de témoins non cités et non dénoncés par les parties”.
(cass.crim. 9 déc. 1998. Bull.crim. 1998 No. 337)
أيضاً:(cass.crim. 19 juin 1974. Dalloz 1974 page 705. Note F. Chapar)  .
وبالنظر لأهمية هذا القرار لا بد من تظهير مضمونه مع تعليق للمستشار لدى محكمة التمييز Fernand Chapar:
COUR De Cassation
(CH.CRIM)
19 Juin 1974
Cour d’assises, Président, Pouvoir discrétionnaire, Déposition d’un témoin défaillant, Lecture, Opportunité, Appréciation exclusive.
Rentre dans le pouvoir discrétionnaire du président de la cour d’assises l’appréciation de l’opportunité de donner lecture de la déposition d’un témoin défaillant (1);
Ce pouvoir est exercé en dehors de tout contrôle et le président ne peut recevoir injonction d’en user (2);
La cour ne peut être appelée à statuer sur l’utilité d’une mesure relevant exclusivement du pouvoir discrétionnaire que si le président estime opportun de la saisir (3);
Outrepasse ses pouvoirs, empiète sur ceux du président et méconnaît les règles de sa compétence, la cour d’assises qui enjoint à son président d’exercer son pouvoir discrétionnaire (4) ;
Nouv. Rép, et Mise à jour, vo. Cour d’assises, no. 73 s.
Rép. Pén, et Mise à jour, vo. Instruction à l’audience, par M. Blondet, no. 100 s.
(Chedeau et autres) – Arrêt
La Cour : Statuant sur les pourvois formés par : 1) Chedeau Patrick, 2) Marseille Daniel, 3) Trébier Danielle, contre un arrêt de la cour d’assises du Pas-de-Calais du 17 janv. 1974 qui les a condamnés, Chedeau à la réclusion criminelle à perpétuité, Marseille et femme Trébier respectivement à 20 ans et 15 ans de réclusion criminelle pour assassinat, vol qualifié et recel qualifié ; – Vu la connexité joignant les pourvois ;
Sur le pourvoi de Marseille : – Attendu que Marseille ne produit aucun moyen à l’appui de son pourvoi ;
Sur les pourvois de femme Trébier et de Chedeau : – Vu le mémoire produit ; – Sur le premier moyen de cassation commun aux deux demandeurs et pris de la violation des art. 310 et 593 c. proc : pén. et des règles de la compétence, défaut de motifs, manque de base légale, « en ce que la cour d’assises a, par arrêt incident, après avoir constaté l’absence de deux témoins à l’audition desquels toutes les parties avaient renoncé, ordonné qu’il serait passé outre aux débats et qu’en vertu de son pouvoir discrétionnaire le président donnerait lecture de leurs dépositions écrites, alors que la cour d’assises, en ordonnant au président, qui ne l’avait saisie d’aucune difficulté, de faire usage de son pouvoir discrétionnaire, a méconnu ses pouvoirs et empiété sur ceux du président qui sont personnels et incommunicables » ;
Et sur le même moyen pris d’office pour Marseille ; – Vu lesdits articles ; – Attendu qu’aux termes de l’art. 310 c. pr. pén., le président de la cour d’assises « est investi d’un pouvoir discrétionnaire en vertu duquel il peut en son honneur et en sa conscience prendre toutes mesures qu’il croit utiles pour découvrir la vérité » ; que ce pouvoir est exercé en dehors de tout contrôle et que le président ne peut recevoir injonction d’en user ; que selon ce même texte, tel que modifié par la loi de 29 déc. 1972, la cour ne peut être appelée à statuer sur l’utilité d’une mesure relevant exclusivement de ce pouvoir discrétionnaire que si le président estime opportun de la saisir ; – Attendu qu’il appert du procès-verbal qu’ayant constaté l’absence de deux témoins et bien que les parties aient expressément renoncé à leur audition la cour a cru devoir rendre un arrêt incident ; qu’elle a « ordonné qu’il soit passé outre au débat et qu’en vertu de son pouvoir discrétionnaire le président donnera lecture de la déposition écrite de ces témoins » ; – Attendu qu’en statuant ainsi, sur l’utilité d’une mesure relevant exclusivement du pouvoir discrétionnaire du président, alors qu’il n’est pas constaté que ce magistrat ait jugé opportun de la saisir et en ordonnant que le président exerce son pouvoir discrétionnaire la cour a outrepassé ses propres attributions et empiété sur celles du président ; qu’elle a ainsi méconnu les règles de sa compétence et dès lors violé les textes visés au moyen ; d’où il suit que la cassation est encourue ;
Par ces motifs et sans qu’il y ait lieu d’examiner le second moyen, casse…, renvoie devant la cour d’assises de la Somme.
Du 19 juin 1974. – Ch. crim. – MM. Rolland, pr. – Chapar, rap. – Aymond, av. gén. – Lyon-Caen et Calon, av.
Note
(1 à 4) Le pouvoir discrétionnaire du président de la cour d’assises est « personnel et incommunicable » disaient les arrêts de la Chambre criminelle. Cette formule ne peut plus être employée depuis que la loi du 29 déc. 1972 a modifié l’art. 310 c. pr. pén. Aux termes de ce nouveau texte, en effet, le président « peut, s’il l’estime opportun, saisir la cour qui statue dans les conditions prévues à l’art. 316 ».
Cette modification législative a eu pour but de remédier dans une certaine mesure aux difficultés résultant de la distinction entre les pouvoirs respectifs du président et de la cour, mais elle laisse intacts les droits que le président tient de l’art. 310 et cette distinction conserve, dès lors, toute son importance.
L’arrêt ci-dessus rapporté, qui tient compte des dispositions de la loi nouvelle, est intéressant à cet égard.
Dans de nombreux arrêts (22 mars 1857, Bull.crim. 110 ; 27 déc. 1860, ibid. 302 ; 16 janv. 1902 ; ibid., no. 24 p. 43) et encore récemment (12 mai 1970, Bull.crim., no. 158, p. 360 ; D. 1970. 515) la Chambre criminelle a défini les mesures que seul le président peut ordonner en application de l’art. 310 : ce sont, précisent ces arrêts, celles qui dérogent aux règles de la procédure devant la cour d’assises. Tel est le cas de l’audition d’un témoin qui n’a été ni cité ni dénoncé, de l’apport d’une pièce nouvelle, de la lecture d’une déposition écrite. La cour n’est pas compétente pour prendre de telles décisions et elle ne saurait le faire sans outrepasser ses pouvoirs et empiéter sur ceux du président. Cependant, et c’est là l’innovation de la loi du 29 déc. 1972, le président a maintenant la faculté de demander à la cour de statuer à ce sujet. Le pouvoir discrétionnaire demeure, mais le président peut, s’il le juge opportun, inviter la cour à décider à sa place. Cette possibilité de saisir la cour appartient au président seul et s’il n’en use pas, la cour reste incompétente. Les parties n’ont pas qualité pour demander à la cour de statuer et si elles déposaient des conclusions pour que la cour ordonne une mesure qui relève du pouvoir discrétionnaire du président, la cour devrait se déclarer incompétente. La jurisprudence constante et formelle de la Chambre criminelle à cet égard conserve toute sa valeur. S’il en était autrement, les parties pourraient mettre en échec le pouvoir discrétionnaire et le soumettre au contrôle de la cour, ce qui serait contraire à l’essence même de ce pouvoir. La modification apportée par la loi du 29 déc. 1972 à l’art. 310 n’a eu ni pour but, ni pour effet de supprimer le pouvoir discrétionnaire du président qui est un élément essentiel et indispensable de la procédure devant la cour d’assises, mais d’en faciliter l’exercice en permettant au président de demander à la cour de statuer à sa place s’il le juge opportun. Déjà la jurisprudence autorisait le président à consulter la cour (6 févr. 1840, Bull.crim., 46 ; 7 janv. 1961, ibid., no. 13, p. 22) ou même les jurés (12 oct. 1832, ibid, 414) avant d’ordonner une mesure relevant de son pouvoir discrétionnaire, mais, à peine de nullité, il devait prendre seul la décision. Depuis la loi de 1972 le président peut déléguer son pouvoir de décision à la cour ; le pouvoir qu’il tient de l’art. 310 reste discrétionnaire, mais il est devenu communicable.
Il résulte du caractère discrétionnaire de ce pouvoir que le président ne peut être invité à en user ni par les parties, ni par la cour et que son exercice ne peut être ni contrôlé, ni entravé. La jurisprudence de la Chambre criminelle à cet égard a été maintes fois affirmés (derniers arrêts : 29 nov. 1966, Bull.crim, no. 271, p. 613 ; 4 Juin 1969, ibid, no. 187, p. 455 ; 3 févr. 1971, ibid , no. 39, p. 98). Le texte nouveau n’a apporté aucun élément permettant de la modifier et l’arrêt rapporté le rappelle.
L’exercice du pouvoir discrétionnaire ne pouvant pas être provoqué par les parties, le président n’a pas à répondre à une requête ou à des conclusions dont le ministère public, les accusés ou la partie civil le saisiraient à ce sujet. Si les parties déposaient des conclusions devant la cour, celle-ci devrait se déclarer incompétente, nous l’avons vu, à moins que le président n’estime devoir la saisir et sa décision à cet égard est souveraine et ne saurait être discutée.
Comme on le voit, la distinction entre les pouvoirs personnels du président et ceux de la cour a toujours la même importance.
La loi nouvelle ne manque cependant pas d’intérêt pratique puisqu’elle permet au président qui aurait un doute sur la nature de la mesure qu’il veut ordonner de demander à la cour de statuer et d’éviter ainsi une nullité possible.
Mais le pouvoir discrétionnaire du président de la cour d’assises subsiste avec tous les avantages qu’il présente pour la conduite des débats et l’instruction à l’audience. On ne peut que s’en féliciter.
Fernand CHAPAR,
Conseiller à la Cour de cassation
3 – إلى جانب ما تقدم، يتمتع رئيس محكمة الجنايات، فيما خص الأمور التي تدخل في صلب سلطته الاستنسابية، بكامل الحرية في قبول او عدم قبول الطلب المقدم إليه بشأن هذه الأمور، وهو في الحالتين غير ملزم باتخاذ قرار أو بتعليله فيما لو إتخذه.
(Enc. Dalloz. Cass. Criminel II 16-1-1836 No. 417)
Aucune disposition de loi n’exige que l’exercice du pouvoir discrétionnaire du président soit précéder d’une ordonnance par lui rendue relativement à cet exercice.
(crim. 19 sept. 1822, juris.génér. vo. Instruction criminelle, no. 2170 : 23 mars 1855, Bull.crim. no. 107).
A plus forte raison, s’il a cru devoir rendre une ordonnance, n’est-il pas obligé de la motiver.
(crim. 16 janv. 1836, Bull.crim. no. 19)
في مطلق الاحوال يحق لرئيس محكمة الجنايات أن يرجع عن قراره أو ان يقوم بتعديله ساعة يشاء، سيما وان القرارات التي يتخذها وفق سلطته الاستنسابية لا تتمتع بقوة الشيء المحكوم به.
(تمييز جنائي فرنسي 17 آب 1821؛ و3 شباط 1872 وقد أشار العلاّمة Le Poittevin إلى هذين القرارين في مؤلفه، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، فقرة 103).
واذا رفض الرئيس الطلب المقدم إليه، يجوز لمقدمه أن يعاود تقديمه مجدداً امام هيئة المحكمة، وفي هذه الحالة يعتبر الطلب مثاراً على الصعيد القضائي Incident contencieux ما يوجب على المحكمة إذ ذاك النظر به،
فإذا تبيّن لمحكمة الجنايات أن موضوع الطلب يدخل في نطاق سلطة الرئيس الاستنسابية الشخصية وحده، يتعين عليها تدوينه ومن ثم إصدار القرار بعدم اختصاصها للنظر فيه لعدم جواز تدخلها في الأمور المشمولة بتلك السلطة.
(Enc.Dalloz . crim II page 220 no. 413)
“Le président peut  donc rejeter purement et simplement la demande qui lui est adressée ; mais si, sur le refus du président d’ordonner la mesure sollicitée, l’accusé prend des conclusions, parce qu’il en résulte un incident contentieux qui nécessite son intervention.
(crim. 22 déc. 1842, Bull.crim. no. 335, 5 févr. 1847, ibid, no. 23; 2 Janv. 1851, ibid, no. 1; 29 Juin 1854, ibid, no. 209). Mais elle doit tout d’abord examiner si la mesure sollicitée rentre ou non dans l’exercice du pouvoir discrétionnaire.
Dans le premier cas, après avoir fait cette constatation, elle se borne à donner acte de la demande et, considérant qu’elle ne peut s’immiscer dans l’exercice du pouvoir discrétionnaire, elle se déclare incompétente pour statuer.
(crim. 18 déc. 1817, Bull.crim. no. 116 ; 17 août 1821, jur.gén., cod. no. 2158; 5 février 1847, préc ; 22 déc. 1892, Bull.crim, no. 342)
Dans le second cas, c-à-d, lorsque la mesure ne dérive pas du pouvoir discrétionnaire, il appartient à la cour de décider si elle doit être ou non ordonnée ; elle use ainsi du droit de contrôle qui lui appartient, ainsi qu’on le précisera plus loin, (v. infra, no. 445).
ومن الأمور التي تدخل ضمن نطاق سلطة رئيس محكمة الجنايات الاستنسابية وحده، تقرير ضم الأوراق والمستندات التي يراها ضرورية لإظهار الحقيقة، يتلوها مع الرسائل والوثائق التي يحتويها ملف الدعوى. وله أن يرجع الى التحقيق الأولي أو الابتدائي لمناقشة إفادات وردت فيه، وأن يستعين بالخبرة لتوضيح نقاط فنّية وأن يستنيب لسماع شاهد مقيم خارج منطقته قاضي التحقيق الذي يقع محل إقامة الشاهد أو سكنه ضمن نطاقه (الفقرة الاخيرة من المادة 248 اصول محاكمات جزائية).
كذلك يدخل ضمن نطاق سلطة الرئيس الاستنسابية رفض تلاوة الإفادات والوثائق.
(Enc. Dalloz. Droit criminal II (F-W) No. 435)
Le président, en ce qui concerne les refus relatifs aux lectures, jouit de la même latitude que pour les autorisations,
(crim. 22 sptembre 1827, jur.gén. Vo. Témoin no. 660 ; 28 Août 1829, jur.gén. Vo. Instruction criminelle, no. 2290-1- ; 1er octobre 1857. D.P. 57, 1-454 ; 28 Déc. 1860. D.P. 61.5.480)
وفي السياق عينه، “ان جلب منظمي محاضر التحقيق الأولي، وهي محاضر رسمية صحيحة الى حين ثبوت تزويرها، هو أمرٌ يعود شأنه لرئيس المحكمة تبعاً لسلطته الاستنسابية… (قرار محكمة التمييز الجزائية – الغرفة السادسة – قرار رقم 202 تاريخ 1997/12/23 منشور في مجلة العدل 1998 العدد الأول صفحة 194),
ولرئيس المحكمة ان يقرر، بموجب سلطته الاستنسابية، الاستماع إلى جميع الشهود الواردة أسماؤهم في القوائم، أو إلى بعضهم دون البعض الآخر، وله أن يستمع إلى شاهد أو أكثر لم يرد إسمه في قوائم الشهود (المادة 252 فقرة أخيرة).
وبمقتضى السلطة الاستنسابية لرئيس المحكمة يكون من حقه دعوة من يختار لسماعه من الشهود دون الباقين، وهو غير ملزم قانوناً بأخذ رأي أي فريق في الدعوى، وليس مطلوباً منه أخذ مطالعة النيابة العامة بهذا الشأن.
(قرار محكمة التمييز الجزائية – الغرفة السادسة – قرار رقم 16 تاريخ 1998/1/20، صادر، ق.ج. 1998 صفحة 347).
ماذا لو تبيّن للمحكمة ان موضوع طلب ما مثار أمامها يدخل ضمن اختصاصها واختصاص سلطة الرئيس التقديرية في آن؟ هنا على المحكمة ان تفصل في الطلب بالقبول أو بالرد.
ومن الأمثلة العائدة لأمور تدخل في الاختصاص المزدوج، الخبرة وتحقيق الخطوط.
وفي هذا السياق ثمة سؤال مثير للجدل. هل من الجائز ان يتخذ رئيس المحكمة تدبيراً وفقاً لسلطته الاستنسابية في حال رفضت المحكمة التحقيق الاضافي؟
للجواب على هذا السؤال لا بد من التطرق إلى ما ورد في المادتين 245 و269 من قانون اصول المحاكمات الجزائية.
فالمادة 245 تكلمت عن صلاحية رئيس محكمة الجنايات لتقرير إجراء تحقيق اضافي، قبل البدء في المحاكمة، يقوم به بنفسه أو ينتدب احد المستشارين لهذا الغرض. في حين أن المادة 269 تكلمت عن تدبير يتخذه رئيس المحكمة بإجراء تحقيق اضافي في الدعوى الموجودة تحت يد المحكمة، أي اثناء السير بالمحاكمة.
وهذا التحقيق للرئيس ان يباشره إما بنفسه أو ممّن يكلفه من مستشاريه، وفي مطلق الأحوال على المولج بهذا التحقيق أن ينظّم محاضر تثبت ما ضبطه او استمع إليه من معلومات ويرسلها الى المحكمة كي تضعها قيد المناقشة العلنية.
وعلى هذا السؤال أجابت محكمة التمييز الفرنسية انه يمكن لرئيس محكمة الجنايات ان يتخذ التدبير الذي يرتأيه بمقتضى سلطته الاستنسابية في حال رفضت المحكمة السير بالتحقيق الاضافي، وذلك في قرارها المؤرخ في 1947/3/19 حيث قالت “بأنه في حال رفضت المحكمة اجراء التحقيق الاضافي، يحق للرئيس أن يأمر باللجوء الى اجراء تحقيق معين كالخبرة”.
C’est ainsi que la cour d’assises peut ordonner : … une expertise (V. supra, no. 440) ; … une vérification d’écriture (crim. 12 janv. 1833).
« Au cas où la cour refuserait cette dernière mesure, le président pourrait prescrire l’exécution d’un acte d’instruction déterminé comme une expertise ».
(Enc. Dalloz Droit criminel II. Crim. 19 mars 1947, Bull.crim, no. 81)
ثمة إشكالية تتمحور فيما اذا كان يمكن لرئيس محكمة الجنايات ان يتنازل عن سلطته الى المحكمة؟
في قرار لمحكمة التمييز الجزائية رقم 134 تاريخ 1954/3/29 منشور في موسوعة الاجتهادات الجزائية لقرارات واحكام محكمة التمييز للرئيس سمير عاليه، رقم 2063 صفحة 555 في معرض الطعن بقرار صادر عن محكمة الجنايات لعلة ان المحكمة بكاملها اتخذت تدابير كان على الرئيس وحده اتخاذها بسلطته الاستنسابية بحيث قالت:
“وبما انه على فرض ان المحكمة بكاملها قد أمرت بهذين التدبيرين فليس في القانون ما يمنع عليها هذا الحق، وعلى كل فإن مثل هذا العمل لا يجرّ الى الإبطال لأنه في الواقع لم يضر بمصلحة أحد على ما استقر عليه الاجتهاد” (يراجع: Faustin Hélie T.I.C II p. 875).
هذا النهج سلّمت به محكمة التمييز قديماً وقبل صدور قانون اصول المحاكمات الجزائية الجديد. فالمادة 247 منه وهو عنوان هذا البحث تختلف جزئياً، كما اسلفنا، عن الفقرة الاولى من المادة 310 اصول جزائية فرنسي المقابلة لها جزئياً والتي أجازت لرئيس محكمة الجنايات الطلب من المحكمة بهيئتها مجتمعة اتخاذ اي قرار يدخل حصراً في سلطته الاستنسابية في حين ان المادة 247 لم تجز هذا المنحى، ما يؤسس لنتيجة مفادها بأن رئيس محكمة الجنايات لا يمكنه التنازل عن سلطته الاستنسابية وفقاً لروح المادة 247 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الجديد، بصرف النظر عما اذا كانت تلك الإجازة قد تلحق ضرراً بأي من الفرقاء أم لا، وبالتالي فإن القول بخلاف ذلك يعتبر طعناً بمبدأ الطابع الشخصي للسلطة الاستنسابية الذي كرّسه المشرّع، والذي من خلاله خصّ رئيس محكمة الجنايات بميزة تفرّد بها عن باقي رؤساء المحاكم الجزائية، ومسّاً بنظرية الاختصاص، المتعلقة بالانتظام العام في حقل الاصول الجزائية، والتي تشكّل تجاوزاً لسلطة استنسابية وتقديرية لصيقة بالرئيس دون سواه، حيث لا اجتهاد في معرض النص (L’interprétation cesse lorsque le texte est Claire) عملاً بالمبدأ الكلّي انه عندما يقول النص شيئاً فهذا يعني أنه أنكر العكس (Quand le texte dit quelque chose, il est censé en nier le contraire).
تبقى الإشارة إلى أن السلطة الاستنسابية لرئيس محكمة الجنايات بوضوح المادة 247، تختلف عن سلطته المعطاة له في المادة 246 السابقة لها والتي اعطته حق تأمين النظام داخل قاعة المحكمة، وهي تختلف ايضاً عن سلطته المشار اليها في المادة 248 التي أولته ادارة الجلسة والمناقشات وفقاً للترتيب الذي يراه مناسباً، وله، في الوقت عينه، أن يرفض كل طلب من شأنه إطالة المحاكمة دون جدوى.
* في مسألة التمييز بين سلطات رئيس محكمة الجنايات يُراجع:
 (Faustin Hélie: code d’instruction criminelle articles 268 et 269).
* ماذا في جوهر المادة 247 اصول محاكمات جزائية:
بالعودة الى نص المادة 247 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الجديد نقرأ:
“يتمتع الرئيس بسلطة استنسابية تخوّله اتخاذ التدابير التي يقدرها ضرورية لكشف الحقيقة شرط أن لا تنم عن رأي مسبق له في الدعوى”. هذه العبارة، وهي الشق الأخير من هذه المادة، توضح الواجب القانوني الذي يتعين على رئيس محكمة الجنايات عند ممارسته لسلطته الاستنسابية تطبيقه، ويتمثل بوجوب عدم إبداء اي رأي مسبق في ملف القضية، وإلا اعتبر فعله مساساً فاضحاً بمبدأ الحياد الذي يجب ان يتحلى به كل قاضي في الأصل، لا رئيس محكمة الجنايات فحسب.
فالتجرد والحياد هما جوهر دور القاضي في الدعوى. والعبارة الاخيرة في هذه المادة لم تأتِ من العدم. فإذا ما عدنا الى ما أوردته المادة 234 من القانون عينه، نقرأ:
“لا يجوز أن يشترك في تشكيل محكمة الجنايات من سبق له أن مارس في الدعوى عملاً من اعمال الملاحقة او التحقيق او كان عضواً في الهيئة الاتهامية التي وضعت قرار الاتهام فيها”. والعبرة من سياق هذه المادة تكمن في التمانع الوظيفي في صفة القاضي، هذا من نحو، وفي المحافظة على مبدأي التجرد والحياد في نظر القضية من نحو آخر.
من هنا، على رئيس محكمة الجنايات عند ممارسته لسلطته الاستنسابية ان يقوم بأعماله بحياد وتجرد وشفافية، وليس له ان يتخذ اي رأي او موقف مسبق في ملف القضية في كل مراحلها، لحين اصدار الحكم النهائي، وبالتالي يبقى ضميره وشرفه السبيل الوحيد للوصول الى الحقيقة وكشفها. فالتمايز المطلق بين أعمال الملاحقة واعمال التحقيق واعمال الحكم من شأنه أن يؤمن حياد القاضي وتجرده، إذ ليس له في الاصل الإيحاء بما يريد التدبير المنوي اتخاذه. وفي هذا السياق قالت محكمة التمييز الجنائية في فرنسا:
« L’exercice du pouvoir ne doit pas contenir manifestation d’un parti pris à l’avance et d’une opinion prématurément arrêté sur la culpabilité de l’accusé»
(cass.crim. 16 janvier 1873. Bull.crim. 1873, no. 14)
من هذا المنطلق أضحى لزاماً على رئيس محكمة الجنايات، عند ممارسته لسلطته المنصوص عليها في المادة 247 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، ان يمتنع عن ابداء اي رأي مسبق Préjugé في ملف القضية التي ينظر بها. فالملاحقة والتحقيق والحكم، أركانٌ منفصلة تماماً في ملف القضية، ولكل منها شروط لممارستها، بحيث يتوجب على رئيس محكمة الجنايات المحافظة عليها واحترامها في كل مرحلة من تلك المراحل لحين ختام المحاكمة واصدار الحكم النهائي.
وعندما نقول ان سلطة الرئيس هي استنسابية فهي ايضاً تقديرية، أي انه يمارسها وفق تقديره الشخصي، ما من حاجز يقف في وجهها سوى مخالفة نص قانوني. والاجتهاد واضح وصريح بهذا المعنى:
« Le président des assises peut prendre, en vertu de son pouvoir discrétionnaire, toutes mesures qu’il croit utiles à la manifestation de la vérité, à la seule condition qu’elles ne soient pas contraires à la loi ».
(cass.crim. 18 mai 1977. Bull.crim. 1977, no. 180)
وبذات المعنى: (cass.crim. 1er Avril 1987. Bull.crim 1987, no. 153)
من هنا، فإن سلطة الرئيس الاستنسابية، ذات الطابع التقديري، تخرج عن رقابة محكمة التمييز. وقد سبق لاجتهاد محكمة التمييز قديماً أن أكد على هذا المبدأ بأن سلطة الرئيس الاستنسابية “وهي سلطة مطلقة لا قيد لها سوى ضميره وشرفه في سبيل اكتشاف الحقيقة، فلا تخضع لرقابة محكمة التمييز”.
(محكمة التمييز الجزائية. قرار رقم 11 تاريخ 1953/1/29 موسوعة الاجتهادات الجزائية لقرارات واحكام محكمة التمييز. طبعة عام 1990 صفحة 555 رقم 2064).
* نطـاق السلطة الاستنسابية لرئيس محكمة الجنايات:
خوّلت المادة 247 اصول جزائية رئيس محكمة الجنايات اتخاذ التدابير الضرورية لكشف الحقيقة. وهذا النص جاء على إطلاقه ولا يحده سوى تجاوز نص القانون.
ولرئيس المحكمة ان يمارس هذه السلطة اثناء المحاكمة، وحتى قبلها، إنما ليس له ان يلجأ اليها بعد ختام المناقشة، لأن سلطته محصورة بمدة المحاكمة.
وعلى هذا، يمكن لرئيس المحكمة دعوة شاهد لم يذكر اسمه في قائمة الشهود وحتى العديد من انواع الشهود:
• Des témoins non acquis aux débats, c’est-à-dire ni cités ou dénoncés régulièrement.
(cass.crim. 12 Juin 1981. Bull.crim. 1981, no. 198)
• Des témoins cités tardivement.
(cass.crim. 28 mai 1968. Dalloz 1968, page 545)
كما ويمكنه جلب اي شخص غير شاهد لم يجلب ولم يبلغ، ولا يحق في هذه الحالة لأي من الاطراف الاعتراض على قراره بجلب هؤلاء الاشخاص والاستماع اليهم.
Il peut convoquer et entendre des personnes qui n’ont été ni citées ni signifiées.
(cass.crim. 29 nov. 1966. Bull.crim. 1966, no. 271)
Aucune partie ne peut s’opposer à l’audition, à titre de renseignements, d’une personne convoquée en vertu du pouvoir discrétionnaire du président.
(cass.crim. 1er février 1966. Bull.crim 1966, No. 28)
أيضاً يمكنه ضم أي مستند الى ملف القضية يؤشر الى أسبقيات المتهم؛ لا سيما سجله العدلي. وكذلك يمكنه ضم حكم سابق بإدانته.
• Le président peut verser aux débats des documents relatifs aux antécédents judiciaire de L’accusé.
(cass.crim. 5 Janvier 1994. Bull.crim. 1994, no. 9)
• Le président de la cour d’assises peut verser aux débats le casier judiciaire de t’accusé.
(cass.crim. 22 Juin 2011. Bull.crim. 2011, no. 272)
• Le président de la cour d’assises peut verser aux débats un précédent arrêt de condamnation.
(cass.crim. 20 Mars 2002. Rev.sci.crim. 2002, page 877, observations Renucci)
يراجع على الصعيد الفقهي بموضوع سلطة رئيس محكمة الجنايات الاستنسابية:
– الرئيس عاطف النقيب: أصول المحاكمات الجزائية – دراسة مقارنة طبعة عام 1993. دار المنشورات الحقوقية – صادر صفحة 654 وما يليها.
– G. Le Poittevin : Code d’instruction criminelle annoté (1911 – 1915).
– Fernand Chapar : La cour d’assises. Manuel Dalloz de droit usuel. 1970. P. 114, 115.
– Faustin Hélie : T.I.C., Tr. De l’instruction criminelle, articles 268 et 269.
– Jacques Leroy : Procédure pénale. Ed. L.G.D.J. 2009 No. 899, p. 493.
– Répertoire Dalloz : de droit pénal et de procédure pénale verbo cour d’assises, par Michel Redon, éd. Septembre 2012. N. 255
– Gaston Stéfani, Georges Levasseur et Bernard Bouloc : Procédure pénale. Edit. Dalloz Delta 1996, No. 689, p. 706, 707 et 708.
– Roger Merle et André Vitu : Traité de droit criminel. éd. Cujas 1967, No. 1191, p. 1112 … 1114.
– Jurisclasseur de procédure pénale : Verbo Cour d’assises, Art. 306 … 316. Fasc 20 par Henri Angevin No. 141/146/149/174/181/188.
– Pierre Bouzat : Procédure pénale. Edit. Dalloz. 1970, No. 1381, p. 1324 – 1327.
– Jean-Claude Soyer : Droit pénal et procédure pénale. 12ème éd. Delta L.G.D.J. page 377 – 378, No. 845, 846, 847, 848.
“محكمة” – السبت في 2023/6/24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!