مقالات

إضاءة على مسيرتي في المحاماة والكتابة في “الديار” و”محكمة”/ناضر كسبار

النقيب ناضر كسبار*:
بما أن الإنسان ابن بيئته، فقد اخترت المحاماة لأنني نشأت في بيت حقوقي بامتياز. دخلت كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية. ثم انتسبت إلى نقابة المحامين في مكتب كسبار ومارست المحاماة في مكتب النائب المحامي أوغست باخوس.
كنت أحضر إلى المكتب منذ الصباح الباكر، ولا أغادره قبل التاسعة أو العاشرة ليلاً. أقرأ الملفات، أكتب الاستحضارات واللوائح والمذكرات والشكاوى والاستدعاءات وأتابع الدعاوى في المحاكم، وأحضر الجلسات. والأهم أنني كنت أطالع كثيراً، وأفتش في الكتب والمراجع اللبنانية والعربية والفرنسية. وقد ساعدني في مسيرتي، أنني قمت منذ عام 1990 وحتى وقتنا الحاضر، بقراءة وتلخيص آلاف الأحكام والقرارات ونشرها في صحيفة الديار، ولاحقاً على عدة مواقع مثل «محكمة» و«الكلمة أونلاين» و«اللبنانية» و”ZNN”. كما كتبت آلاف المقالات الحقوقية، ورثاء لزملاء محامين غادرونا إلى دنيا الحق.
من هنا، انتقد بعض المبتدئين في المهنة الذين يشكون من طلب مُدرجهم البقاء بعد الظهر في المكتب. إذ إن المتدرّج هو مبتدئ في المهنة وعليه، برأيي، أن يُعطي معظم وقته للقراءة والكتابة وحضور الجلسات، والتفتيش في المراجع وطرح الأسئلة على زملائه في المكتب، حتى يستفيد من فترة تدرّجه إلى أقصى الحدود.
في عام 2006، أبلغت معلّمي الأستاذ باخوس عن نيّتي بالترشّح لمركز عضوية مجلس نقابة المحامين. فشجّعني طالباً مني التنبُّه إلى عدة أمور، منها أن البعض قد لا يقدّر قيمة ما يقوم به مَن يتعاطى الشأن العام كما يجب. وقال لي عبارة أُرددها دائماً أمام زملائي وأصدقائي:
«إذا أردت أن تغطس في الشأن العام، عليك أن تكبّر عقلك. وأن تطنّش عن الكثير من الكلام والشائعات. وأن تتحلّى بالصبر؛ وإلّا بيصير معك انفجار براسك».
خضت الانتخابات، وفزت بالمرتبة الأولى، وكذلك الأمر في عام 2010 فزت بالمرتبة الأولى وبتفوّق. وأنا المستقل استقلالاً تاماً عن الأحزاب. وفي عام 2021 فزت بمنصب نقيب، ولم يكن إلى جانبي أي حزب أو حركة أو تيّار على الإطلاق، إذ كانوا جميعهم يدعمون مرشحين آخرين. كما أن الثورة، بيمينها ويسارها، كانت تدعم مرشحين، ومع ذلك فزت فوزاً ساحقاً. فأنا متابع لجميع شؤون المحامين وشجونهم. والمحامي بالنسبة إليّ هو همّي الأول، وعلى تواصل مع المحامين بشكل يومي. ومنذ انتخابي نقيباً للمحامين، وأنا أعمل ليل نهار من أجل المحامين والنقابة. وما نحقّقه من مشاريع يومية، ومن مؤتمرات ومحاضرات وندوات، ومن زيارات للمناطق، خير دليل على قربنا من زملائنا المحامين ومن نقابتنا، التي نريدها دائماً وأبداً رائدة ومتألقة.
وأخيراً، أدعو الزملاء المحامين إلى تثقيف أنفسهم، ومتابعة القراءة والتفتيش والاجتهادات والفقه. كما أدعوهم، وخصوصاً الجُدد منهم، إلى إتقان عدة لغات أجنبية جيداً، لأن العالم بات قرية كونية، والدول منفتحة بعضها على بعض، والنجاح حليف من يواكب العلم والتكنولوجيا.
* نشر هذا المقال في ملحق”القوس” الصادر عن صحيفة الأخبار تحت عنوان:” نقيب المحامين يعرّف عن نفسه”.
“محكمة” – السبت في 2023/3/4

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!