القاضي الشامي: لن نسكت عن عدم تعاون ليبيا في قضيّة الإمام الصدر.. ورسالة هانيبال القذّافي تدينه/علي الموسوي
حاوره علي الموسوي:
لم يحد القاضي حسن الشامي عن نهج الإمام موسى الصدر وهو الذي نشأ في بيت تربطه صلات متينة بهذا الرجل الذي شكّل حالة استثنائية في تاريخ لبنان وليس في طائفته وبيئته وحسب، حتّى إذا ما حصلت مؤامرة التغييب تحوّل إلى غصّة وطن بلغت من العمر أربعًا وأربعين عامًا.
ولم يكن غريبًا أن يصبح القاضي حسن الشامي مقرّرًا للجنة المتابعة الرسمية لقضيّة إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه الشيخ محمّد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، وهو الوحيد القادر على إعطاء الأجوبة الصريحة عن هذه القضيّة التي يُتابع قسمٌ منها لدى المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة وقسم آخر متصل لدى المجلس العدلي.
ويؤكّد الشامي في حديث مع “محكمة” أنّ ليبيا لا تتعاون وعلى الموجودين هناك “التزامات بحسب القانون الدولي، وليسوا أحراراً في إغلاق الملفّ، ولن نسكت عن هذا الأمر”، مشيرًا إلى أنّ ما ورد على لسان هانيبال القذّافي “من معلومات يدلّ على أنّه يعرف الكثير الكثير عن القضيّة، وهذا ما يتناقض مع قوله بأنّه لم تكن له أيّ مسؤولية في نظام والده وهناك صورة له بالزيّ العسكري لدحض كلّ الأباطيل لهذه الناحية.”
وهنا تفاصيل الحوار:
• ما هي مستجدّات قضيّة تغييب الإمام السيّد موسى الصدر وأخويه؟
نّنا نتابع العمل رغم الظروف الصعبة، سواء جائحة كورونا التي عطّلت العمل في العالم كلّه لسنتين، أو ظروف لبنان الداخلية والأزمة الحادة فيه على عدّة صعد، أو الوضع الأمني والسياسي في ليبيا الذي يمنع العمل هناك.
• هل ما زال الجانب الليبي غير متعاون أم أنّ هناك تغييراً لديه؟
للأسف، الجانب الليبي لا يتعاون معنا كما يجب ويخالف موجباته وواجباته الواردة في مذكّرة التفاهم الموقّعة بين البلدين عام 2014. ونحن قلنا عدّة مرّات ونكرّر: إنّنا غير راضين عن هذا الأمر.
• ما هو سبب هذا الموقف من الجانب الليبي برأيك؟
بالإضافة إلى التعنّت غير المفهوم، وبالإضافة إلى الإقتتال العسكري والإنقسام السياسي هناك، أرى سببين:
– الأوّل: وجود “روابط” بين مسؤولين حاليين ومسؤولين سابقين.
– والثاني: يبدو أنّ هناك قراراً ضمنياً لديهم بطيّ ملفّات جرائم النظام السابق ما قبل الثورة.
وهذا طبعاً غير مقبول، فهم أحرار في ملفّاتهم الداخلية، أمّا قضيتنا فلها الطابع الدولي وعليهم التزامات بحسب القانون الدولي، وليسوا أحراراً في إغلاق الملفّ، ولن نسكت عن هذا الأمر.
• هل حصلت إنجازات مهمّة في الفترة الأخيرة؟
نحن نتابع التواصل مع الجانب الليبي، وإن بوتيرة أقلّ. كما أنّ علاقاتنا مع أجهزة استخبارات عربية وأجنبية مستمرّة للتعاون والمساعدة في هذه القضية. بالإضافة إلى وسطاء من عدّة دول يتمّ تنسيق بعض الخطوات معهم، لا سيّما على مستوى مقابلة شهود أو مشتبه بهم من أركان النظام البائد، يقيمون في دول متعدّدة.
• ألا تفكّرون في اللجوء إلى هيئات ومنصّات قانونية دولية أو أممية؟
بالتأكيد نفعل ذلك، لا بل أنّ هناك خطوات قيد الدرس الجدّي لدينا، إنّما يبقى الحذر في كلّ خطوة من هذا النوع واجباً تبعاً لأهمّية وحساسية القضية ونظراً لأنّ لبعض الدول “حسابات” قد لا تكون عادلة أو صادقة.
• هل يحصل دعم أو تعاون من دول تلجأون إليها أم أنّ هناك عتباً على بعضها؟
بالطبع هناك عتب على بعض الدول الصديقة والشقيقة التي يُفترض أنّها معنية بقضية الإمام الصدر ولكن لا تتعاون معنا بالقدر المطلوب.
• على صعيد القضاء اللبناني، أين أصبحت الملفّات المتعلّقة أو المرتبطة بالقضيّة؟
أمام المجلس العدلي تتمّ محاكمة 17 متهماً بصورة غيابية. نعم هناك جمود لسبب عدم اكتمال بعض الإجراءات كمثل وثيقة وفاة معمر القذافي، وهذا لا علاقة لنا به، بل يرتبط بروتين معيّن، ونحن لم نمنع ولم نمانع ومن المعيب القول إنّ معمّر القذافي ما زال حيّاً بنظر المجلس العدلي في لبنان، إذ إنّك تعرف أنّ بعض الإجراءات في الدعاوى تحصل على همّة الفريق الأكثر عجلة، ونحن لسنا بالطبع على عجلة لهذه الناحية، ولا نتشوّق لتصحيح الخصومة كما يريد البعض من أجل السير بالشقّ المدني فقط، أيّ المطالبة بتعويضات مالية للأسف.
• وماذا عن المحقّق العدلي في هذه القضيّة الوطنية القاضي زاهر حمادة؟
يقوم بواجباته على أكمل وجه، والأمر الآن معلّق على تبليغات لحوالي 13 مدعى عليهم أمامه وكلّهم عناوينهم في ليبيا. ماذا نفعل؟ هل نذهب إلى هناك ونجول في المدن الليبية لنعثر عليهم ونبلغهم وهم كلّهم من جلاوزة النظام السابق؟
• وماذا عن قضيّة هانيبال القذافي؟
إذا كنت تقصد رسالته الأخيرة التي تمّ بثّها عبر إحدى الفضائيات العربية، فنحن نجيب بالتالي:
1- كيف لسجين موقوف أن يكتب مثل هذه الرسائل الهجومية؟ من سمح له بذلك؟ كيف تمّ الأمر؟ من المسؤول؟
2- إنّ كلّ ما أدلى به كاذب بالتمام والكمال، وهو من نسج خيال من كتب الرسالة باسمه.
3- نحن نحترم حقّه بتوكيل أيّ محام في لبنان أو في الخارج.
4- ما ورد على لسانه من معلومات يدلّ على أنّه يعرف الكثير الكثير عن القضيّة، وهذا ما يتناقض مع قوله نفسه إنّه لم تكن له أيّ مسؤولية في نظام والده وهناك صورة له بالزيّ العسكري لدحض كلّ الأباطيل لهذه الناحية.
5- لم يضغط أحد عليه، بدليل أنّه حرّ وحرّ جدّاً في رسالته الأخيرة المزعومة.
6- لقد تأمنت له جميع حقوقه وأكثر، وهو متورّط بجرمي كتم المعلومات والتدخّل اللاحق في الخطف المستمرّ، وسيأتي يوم نعلن فيه عن كلّ ما أدلى به لإسكات كلّ الأصوات التي تلهث وراء المال وتتحدّث عن “حقوق الإنسان” وهم في أغلبهم يعملون مع أنظمة ديكتاتورية تملك المعتقلات السياسية!! كفى كذباً على الناس ومتاجرة لأجل حفنة من الدولارات.
• ماذا عن ملف السمسرة المفتوح لدى القضاء الفرنسي؟
نحن نتقصّى عنه وسنقوم بالإجراءات اللازمة بهذا الخصوص.
• هل تتعرّضون لتهديدات أو ضغوط في ما يتعلّق بتوقيف هانيبال القذافي؟
نعم، وتتجدّد كلّ فترة، لكنّنا لا نهاب الموت ولا نضعف أمام أيّ ضغط أو ” ترغيب”.
• هل أنتم راضون عن تعاون سائر الأجهزة اللبنانية معكم؟
كلا، فخلافاً للبيان الوزاري لكلّ الحكومات الذي ينصّ على دعم عمل لجنة المتابعة، نشكو دائماً من عدم أو قلّة هذا الدعم من أذرع السلطة التنفيذية في لبنان، وأعتقد أنّ لصبرنا على ذلك حدوداً.
• هل من كلمة أخيرة؟
نشدّ على أيدي جميع الحقوقيين والناشطين والمسؤولين في لبنان، لدعم هذه القضيّة الوطنية. أمّا للخارج فنقول: يكفي أنّها جريمة ضدّ الإنسانية لكي تقوم الدول التي تتبنّى هذه الشعارات أن تطبّقها وتساعدنا، إذ إنّها قضيّة قامة عالمية كبرى تستحقّ الإنصاف بعد كلّ هذا الظلم.
“محكمة” – الإثنين في 2022/9/5