أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

القاضي جوني تروي قصّة اختراق صحناوي وصقر وشمص الأمن السيبراني في لبنان.. وتشدّد الحكم عليهم/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
أصدرت القاضي المنفرد الجزائي في بيروت فاطمة جوني حكمها في دعوى دقيقة للغاية أخذت حيّزاً كبيراً من اهتمام الرأي العام في العام 2018 لتعلّقها بالأمن السيبراني في لبنان، إذ إنّ الأمر لم يكن محصوراً بظاهره وإنّما بما خفي من معلومات ظلّت طيّ الكتمان من دون أن تتضح الغاية من الإصرار على اقتراف هذا الفعل الجرمي الذي كان يفترض أن يكون جناية وليس جنحة في استفادة واضحة من النقص في التشريع القانوني في هذا المجال، لأنّ الإختراق ليس عادياً ولا يتعلّق بسرقة مال أو محاولات ابتزاز، بل يطاول أمن الوطن برمّته.
وإنْ كان العنوان العريض هو دخول رامي صقر وإيهاب شمص وخليل صحناوي بطريقة غير شرعية إلى شبكة شركة انترنت وسرقة مخزونها من المعلومات السرّية على الرغم من كلّ إجراءات الحماية المستخدمة لمنع حصول أيّ خرق، إلاّ أنّ سلوكهم الجرمي شمل مؤسّسات أمنية ووزارات وشركات خاصة، فهل يعقل أن يكون إتيان هذا الفعل مجانياً، أو إشباعاً لفضولية الإطلاع؟
ولماذا يحتفظ هؤلاء بملفّات تخصّ وزارات حسّاسة كالداخلية والبلديات والصحّة والعدل والتربية والخارجية والإقتصاد والإتصالات؟ ولماذا يرغبون بتوثيق ملفّات تعاونية موظّفي الدولة، وهيئة أوجيرو، وشركات تقديم خدمة الانترنت لديهم؟ ولماذا هذا الاستبسال في الحصول على معلومات عن مشتركين في شركتي الهاتف الخليوي MTC وصور ملتقطة من برنامج Flexispy المخصّص للتجسّس على الهواتف؟
وهل يعقل أنّ التحقيقات الأوّلية عجزت عن تذكير صحناوي بكلمات المرور المحفوظة لديه لملفّات مشفّرة فظلّت على حالها مكتومة ومن دون أن تعرف مضامينها؟
ولماذا يكون لدى فرد أو مواطن عادي الرغبة الشديدة في اختراق مواقع التفتيش المركزي، والأمن الداخلي، والأمن العام، والمديرية العامة للأحوال الشخصية، والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، والمصارف وشركة طيران الشرق الأوسط، وكلّ مؤسّسة لديها أرشيف كامل ببيانات شخصية عن اللبنانيين؟
لا شكّ أنّ أفراد هذه الشبكة الثلاثية كانوا يدركون في قرار أنفسهم بأنّ هذه المخاطرة دونها عواقب وخيمة متى انكشف أمرهم، ولا شكّ أنّ الأمر لم يكن مجانياً.
كان يفترض بالتحقيقات الأوّلية لدى “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي أن تتوصّل إلى كشف النقاب عن الغاية الفعلية من هذا الخرق الأمني، ومن يقف وراء هذه الشبكة والداعم الرئيسي لها لأنّه لا يمكن أن يكون تصرّفاً إفرادياً تحت عنوان الحشرية وإشباع نهم معرفة الأسرار، كما أنّه يتجاوز معرفة كلمات السرّ العائدة لزبائن شركات الانترنت وكلمات المرور لبطاقات الائتمان الخاصة بهم وسرقة ما تحتويه من أموال.
وحصل صقر وشمص لتنفيذ مهامهما على مساعدة صحناوي الذي زوّدهما بمعدّات وبرامج تابعة لوكالة الأمن القومي الأميركي تسهّل عملية القرصنة، ثمّ قاما بالعمل لمصلحته بخرق مواقع عديدة لقاء مبالغ مالية مدفوعة منه أو بواسطته ووصلت إلى ثمانية آلاف دولار أميركي في بعض الأحيان.
وقد قسّمت الهيئة الاتهامية في بيروت هذا الملفّ الضخم والغني إلى قسمين، فأبقت للقضاء العدلي ما يتعلّق بقرصنة الشركات الخاصة، وأودعت ما يرتبط بالأمن السيبراني اللبناني القضاء العسكري.
وقاربت القاضي فاطمة جوني هذا الملفّ بكلّ ما يحتويه من تفاصيل موقوتة ومعلومات متفجّرة بكثير من الدقّة والعناية، وكوّنت القناعة الكافية بأنّه لا بدّ من التشدّد في العقوبة، فلم تكتف بالسجن المشدّد والذي وصل في الجنحة إلى السقف الأعلى، بل أتبعته بغرامات مالية وبنشر الحكم وملاحقة المحكومين إلى عقر دارهم ومساكنهم ومحيطهم الاجتماعي عبر إلصاق الحكم على باب منزل كلّ واحد منهم، وهي عقوبة مميّزة بمفردها قد تفوق العقوبة السجنية من حيث الدلالات والأهمّية.
وقضى الحكم بحبس كلّ من رامي صقر وإيهاب الحج شمص وخليل صحناوي أربع سنوات ونصف السنة مع غرامة مالية ونشر الحكم في صحيفتين وإلصاقه مدّة خمسة عشر يوماً على باب قاعة المحكمة وعلى باب المدخل الرئيسي في المبنى الواقع فيه محلّ سكنه. كما ألزمت صقر وشمص بأن يدفعا مبلغ ثلاثماية مليون ليرة للمدعية تعويضاً عن الضرر اللاحق بها، وقرّرت جوني إبلاغ الحكم لمصلحة حماية الملكية الفكرية عملاً بأحكام المادة 90 من القانون رقم 99/75، مع مصادرة المضبوطات.
“محكمة” تتفرّد بنشر الحكم كاملاً لأهمّيته القصوى وذلك على الشكل التالي:
باسم الشعب اللبناني
إنّ القاضية المنفردة الجزائية في بيروت،
لدى التدقيق،
وبعد الإطلاع على إيداع جانب النيابة العامة الاستئنافية في بيروت هذه المحكمة القرار الظنّي مع كامل الملفّ ربطاً، عدد 2018/12894 المؤرّخ في 2019/1/31
وعلى القرار الظنّي المذكور الصادر عن حضرة قاضي التحقيق الأوّل في بيروت تحت الرقم 1 والمؤرّخ في 2019/1/28 والقاضي بالظنّ في المدعى عليهم:
ـ رامي علي صقر، والدته ناهد، مواليد عام 1990، رقم سجّله 14 الهرمل، أوقف احتياطياً بتاريخ 2018/6/20، ووجاهياً بتاريخ 2018/6/28، وأخلي سبيله بتاريخ 2018/12/24،
ـ إيهاب مشهور الحج شمص، والدته سامية، مواليد عام 1993، رقم سجّله 5 المجدل، أوقف احتياطياً بتاريخ 2018/6/21، ووجاهياً بتاريخ 2018/6/28، وأخلي سبيله بتاريخ 2018/12/24،
ـ خليل مروان صحناوي، والدته منى، مواليد عام 1975، رقم سجّله 339 الصيفي، أوقف وجاهياً بتاريخ 2018/8/20، وأخلي سبيله بتاريخ 2018/12/24،
بالجنحة المنصوص عليها في المادة 85 من القانون رقم 99/75، وبالجنحة المنصوص عليها في المادة 17 من القانون رقم 140/99، وذلك بالنسبة إليهم جميعاً، وبالجنحة المنصوص عليها في المادة 86 من القانون رقم 75/99 بالنسبة للمدعى عليهما الأوّل والثاني،
وبإيجاب محاكمتهم أمام هذه المحكمة،
وبنتيجة المحاكمة العلنية،
وبعد الإطلاع على أوراق الدعوى كافة وتلاوتها علناً،
تبيّن ما يأتي:
أوّلاً: في الوقائع:
تبيّن أنّ المدعية الشخصية شركة Inconet-Data Management S.A.L. قد تقدّمت بتاريخ 2018/6/18 بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية بوجه مجهول، عارضةً ما مفاده أنّها من أكبر شركات الإنترنت التي تقّدم خدماتها على كلّ الأراضي اللبنانية للدوائر الرسمية وللشركات وللأفراد، وأنّها تقوم دائماً بتطوير أجهزة الحماية لمنع اختراق شبكتها، إلاّ أنّها لاحظت منذ بداية حزيران 2017 دخول أحدهم على الشبكة بصورة غير مشروعة وسرقة المعلومات السرّية المتعلّقة بها وبزبائنها، وهذا الأمر كان يتمّ بواسطة مقرصن أنشأ حساباً دخل من خلاله على شبكتها وهو يسمّي نفسه Ouser، وأنّها وبالرغم من زيادتها تدابير السلامة والأمن المعلوماتي المانعة لاختراق شبكتها، فوجئت بظهور إشارات اختراق من جديد في عام 2018، إلى أن تبيّن في 2018/5/30 أنّ هناك أمراً مشبوهاً يظهر من خلال الهارد ديسك الموجود في مكاتبها الكائنة في شكّا، حيث تبيّن بنتيجة التحقيقات التقنية أنّ أحدهم يحاول التسلّل إلى شبكتها، ويعمل على سرقة بعض المعلومات السرّية ويقوم بعمليات تشويش وتخريب، وقد استمرّ هذا الأمر، وأدّى في بعض الأحيان إلى انقطاع مؤقّت للشبكة العائدة لها، وأنّ هذا الأمر قد تمّ أيضاً من خلال الحساب المسمّى Ouser؛
وتبيّن أنّ النيابة العامة التمييزية قد كلّفت شعبة المعلومات التحقيق في الشكوى، حيث أظهرت التحقيقات التي تولّتها الأخيرة أنّ المدعى عليه رامي صقر هو من أنشأ الحساب المسمّى Ouser، فتمّ توقيفه وضبط أجهزته الإلكترونية؛
إختراق موقع قوى الأمن
وتبيّن أنّ المدعى عليه رامي صقر قد اعترف في التحقيقات الأوّلية الجارية معه فور توقيفه بأنّه اخترق الشركة المدعية إلكترونياً منذ سنة، وذلك من خلال خادم الشركة “server” وعبر ثغرة في تحميل الملفّات مستخدماً تقنية “shell”، وهي تقنية يستخدمها معظم القراصنة في العالم، وبأنّه عمد بعد دخوله إلى تنزيل برنامج “WCE” الذي يزوّده بكلّ كلمات المرور المحفّظة داخل محفظ الشركة أيّ “server”، وبأنّه، ومنذ ذلك الحين، يتواجد إلكترونياً داخل الشركة، وبأنّه قام أيضاً بتحميل ملفّات تتعلق بالشبكة الخاصة الوهمية أيّ “VPN” وذلك كي يتمكّن من الدخول بطريقة أخرى في حال تمّ اكتشافه، وبأنّه أنشأ حساباً داخل خادم الشركة تحت إسم “OUSER” لكي يتمكّن من الولوج إلى كلّ المعلومات المحفّظة في الخادم، وبأنّه قام بالفعل بتحميل قسم من هذه المعلومات على حاسوبه الشخصي؛
وأضاف بأنّ المدعى عليه إيهاب شمص هو من قام بمساعدته في اختراق الشركة المدعية إلكترونياً، وذلك من خلال دلالته على ثغرة كان قد اكتشفها في موقع آخر، وهذا ما سهّل عملية اختراق الشركة المدعية، وبأنّه زوّد المدعى عليه شمص ببعض المعلومات التي استحصل عليها بدون مقابل، إلاّ أنّه لا يعلم ما إذا كان الأخير قد استعملها في أيّ مجال من المجالات، ونفى بيعه تلك المعلومات أو نشرها، مدلياً بأنّه فعل كلّ ذلك بدافع الإطلاع فقط، وأشار إلى أنّه قرصن أيضاً موقع هيئة أوجيرو وموقع قوى الأمن الداخلي وشركات سيبيريا وسودوتل وسيدر كوم و ITJ وBorn Interactive بالإضافة إلى عدّة مواقع لم يعد يذكرها؛
شمص
وتبيّن أنّ المدعى عليه إيهاب شمص قد أفاد في التحقيقات الأوّلية الجارية معه إثر توقيفه وضبط أجهزته الإلكترونية، بأنّه على معرفة سابقة بالمدعى عليه رامي صقر الناشط في مجال القرصنة، وبأنّه كان يساعده في بعض الأحيان، وبأنّه ساعده في قرصنة شبكة المدعية من خلال استخدام تقنية “shell”، ثمّ عمدا إلى تحميل برنامج “WCE” الذي يزوّدهما بكلّ كلمات المرور المحفّظة في ذاكرة الخادم، وتحميل ملفّات عديدة، ومنها ملفّات تتعلّق بالـ “VPN” حمّلها المدعى عليه رامي ليتمكّن من الدخول في ما بعد في حال اكتشاف أمر الإختراق، وأضاف بالقول إنّهما تمكّنا من خلال ذلك من معرفة كلّ كلمات السرّ المستخدمة من زبائن الشركة وأرقام بطاقات الإئتمان وكلمات المرور المتعلّقة بها، بالإضافة إلى ملفّات “VPN” و”FTP” وبرنامج “PLESK” الذي تستخدمه الشركة لإدارة موقعها الإلكتروني؛
ونفى استعماله تلك المعلومات أو بيعها مدلياً بأنّه احتفظ بها على أقراص مدمجة بطريقة مشفّرة ومحمية، ومضيفاً بأنّه هو من أنشأ الحساب المسمّى “OUSER” الذي يستخدمه في عمليات اختبارات الولوج التي يجريها على خوادم وحواسيب، وهو من سمح للمدعى عليه رامي باستخدامه في عملية قرصنة شبكة الشركة المدعية، وبأنّه اشترك مع الأخير في قرصنة شبكات شركات سيبيريا وسودوتل وBorn Interactive، وبأنّه حاول الدخول إلى مواقع عدّة مصارف لبنانية بهدف كشف ثغراتها الأمنية تمهيداً لتقديم عرض إليها لتقوية جدرانها الأمنية لقاء مبالغ مالية، إلاّ أنّ محاولاته باءت بالفشل، وبأنّه قرصن في عام 2012 موقع قوى الأمن الداخلي؛
وتبيّن أنّ الفرع الفني في شعبة المعلومات قد أعدّ عدّة تقارير بنتيجة تمحيص المضبوطات العائدة للمدعى عليهما صقر وشمص ودراستها وتحليلها، وقد أثبتت تلك المضبوطات تبادل المحادثات بينهما والتي تبيّن تورّطهما بقرصنة شبكة الشركة المدعية بالإضافة إلى عدّة شركات، ووجود ملفّات ومعلومات مأخوذة من خوادم تلك الشركات بطريقة غير مشروعة، واختراقهما للأمن السيبراني في لبنان، فأعيد استجوابهما في ضوء التقارير المنظّمة؛
وتبين أن المدعى عليه شمص قد أفاد لدى استجوابه بأنّه أقدم والمدعى عليه صقر في عام 2012 على قرصنة خادم الشركة المدعية، وبأنّهما قاما بقرصنة خوادم عدّة شركات أخرى، وبأنّه زوّد المدعو شربل الطويل الذي كان يعمل معه على عدّة مشاريع تتعلّق بالأمن السيبراني ببعض المعلومات المتعلّقة بشركة ITG، وذلك بدون أيّ مقابل، وبأنّ المدعى عليه رامي كان قد قرصن تلك الشركة وزوّده بكلّ المعلومات والحسابات وكلمات المرور العائدة لها، وبأنّه اشترك والمدعى عليه صقر بقرصنة موقع أوجيرو في عام 2016؛
معدّات الأمن القومي الأميركي
وتبيّن أنّ المدعى عليه صقر قد أفاد بأنّه عندما قرصن الشركة المدعية في عام 2012 من خلال خادم يدعى PLESK تمكّن من تحميل العديد من المعلومات، واكتشف وجود عدّة خوادم عائدة لشركات عديدة وموصولة على الخادم PLESK، وبأنّه في عام 2017 تمّ تسريب معدّات وبرامج تابعة لوكالة الأمن القومي الأميركي تسهّل عملية القرصنة، وبأنّه استحصل على تلك الإعدادات من المدعى عليه خليل الصحناوي، وبأنّه استعمل تلك التقنيات ليتمكّن من الدخول إلى خادم المدعية، وذلك بعد أن أنشأ حساب OUSER الذي يتيح له إجراء مسح شامل عن كلّ الشبكات الداخلية المرتبطة به وإيجاد الثغرات اللازمة لاختراقها، وبأنّه تمكّن بتلك العملية من الوصول إلى العديد من شركات الإنترنت وسواها، ومن تنزيل الكثير من المعلومات من خادم المدعية والمتعلّقة بكيفية إنشاء ووضع هيكلية شبكات عائدة لشركات أخرى وبحسابات الموظّفين وكلمات المرور العائدة إليهم وحسابات الشركة المصرفية والداخلية وطلبات الزبائن؛
وأضاف بأنّه تمكّن في عامي 2012 و2015 من قرصنة خادم يدعى OSMAR، وقرصن كلّ المواقع الحكومية الواردة في التقرير الذي أعدّه الفرع الفنّي في شعبة المعلومات، وبأنّه قرصن في عام 2017 موقع شركة أوجيرو، وتمكّن من معرفة قيمة الفواتير وأسماء المشتركين وكلمات المرور الخاصة بهم، وبأنّه، وبعد حصوله على إعدادات القرصنة من المدعى عليه خليل صحناوي، قرصن الشبكة الداخلية الخاصة بشركة أوجيرو واستحصل على معلومات عن شبكات الزبائن وكلمات المرور الخاصة بهم والبريد الإلكتروني الخاص بالموظّفين؛
وأردف بالقول أنّه في العام 2012 كان يخترق المواقع الحكومية بدافع شخصي، إلاّ أنّه، وبعد أن تعرف على المدعى عليه خليل صحناوي في عام 2013، وأعلمه بأنّه يقوم بقرصنة مواقع إلكترونية، أخبره صحناوي بأنّه بصدد إنشاء شركة لحماية الشبكات والمعلومات وعرّفه على خبراء أجانب، وبعد فترة طلب إليه صحناوي بعد أن علم بقرصنته لخادم المدعية الحصول على البريد الإلكتروني وكلمة السرّ العائدين لعمّه موريس صحناوي، فزوّده رامي صقر بالمطلوب، وبأنّه عمل في الشركة التي أنشأها المدعى عليه صحناوي لمدّة سنة، واستمرّ بالتواصل معه بعد تركه العمل، حيث كان صحناوي يطلب إليه تزويده بأيّ قرصنة لموقع إلكتروني حكومي يتمكّن من خرقه، وبالفعل تمكّن من قرصنة العديد من المواقع مقابل شيكات مصرفية يدفعها له صحناوي، بما فيها موقع المدعية وموقع OSMAR وموقع أوجيرو، وتراوح مجموعها ما بين الستة والثمانية آلاف دولار أميركي؛
وتبيّن أنّه قد تمّ توقيف المدعى عليه خليل الصحناوي وتمّ ضبط أجهزته الإلكترونية؛
وتبيّن أنّ التقارير التي أعدّها الفرع الفني في شعبة المعلومات قد أثبتت أنّ كلّ المعلومات الموجودة في أجهزة المدعى عليه صقر موجودة أيضاً في أجهزة المدعى عليه صحناوي، إذ تبيّن أنّ الأقراص الصلبة العائدة للمدعى عليه الصحناوي تحتوي عدّة ملفّات تتضمّن قاعدة بيانات للشركات الخاصة ورؤوس أموالها، وقاعدة بيانات للوائح الشطب والنفوس، وبيانات بأسماء العاملين في تعاونية موظّفي الدولة، ودليل هواتف الضبّاط، وبيانات مفرّغة من خادم المدعية، وملفّات تحتوي على مجموعة بريد إلكتروني مع كلمات مرور، وملفّات عائدة لوزارات الداخلية والبلديات والصحّة والمهجّرين والعدل والأشغال العامة والنقل والتربية والتعليم العالي والعمل والخارجية والشؤون الإجتماعية والسياحة والإقتصاد والإتصالات، وتعاونية موظفي الدولة، وملفّات عائدة لشركتي أوجيرو وسيبيريا، وبرنامج معلومات عن السيّارات، وبرنامج لأرقام الهواتف ومستخدميها، وملف عن البنك المركزي في قبرص، ومعلومات عن مشتركين في شركتي MTC وapple، وصور ملتقطة من برنامج Flexispy المخصص للتجسّس على الهواتف، وحسابات الدخول إلى أحد خوادم OMSAR، والخادم العائد لقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى عدّة ملفّات مشفرة لم يتوصّل التحقيق إلى معرفة محتواها بذريعة نسيان المدعى عليه الصحناوي كلمات المرور العائدة لها؛
المزيد من المواقع
كما تبيّن أنّ الإختراق قد طال مواقع التفتيش المركزي، الأمن الداخلي، الأمن العام، المديرية العامة للأحوال الشخصية، الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، مؤسسة الإعلام اللبنانية، مؤسسة المحفوظات الوطنية، مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، فضلاً عن العديد من المستشفيات والجامعات والمصارف والشركات، ومن بينها الليبان بوست والميدل إيست وألفا وتاتش، وبشكل عام الأمن السيبراني في لبنان، هذا وأنّ الإختراق الذي تناول موقع شركة أوجيرو قد شمل معلومات عن عناوين وكلمات المرور لأجهزة Routers العائدة لمشتركي أوجيرو، وهي تمكّن من يحصل عليها من استخدام الإنترنت الخاص بهم، كما تناول خريطة لشبكة الإنترنت العائدة لهيئة أوجيرو، والتي تمكّن من يستحصل عليها من معرفة إعدادات الشبكة ومكوّناتها، ممّا يسهّل عملية خرقها ويترك المجال مفتوحاً لكلّ الإحتمالات (تشويش، تنصّت، قرصنة… )؛
كما تبيّن وجود محادثة بين صقر وصحناوي عبر تطبيق يسمّى “jabber”، وهي عائدة لتاريخ 2017/1/27، يستوضحه فيها الأخير عمّا إذا كان بحوزته معلومات جديدة مهمّة، ويطلب إليه المزيد من المعلومات، ويعده بالمزيد من المبالغ النقدية عدا الألفي دولار أميركي في حال تلبية طلباته، تراجع المراسلات بين pilgrim و bloody-death، والتي ورد فيها الرسائل التالية المرسلة من صحناوي إلى صقر:
“by the way I already forgot about the 2k, I was just teasing you with it, you don’t have to pay me back, consider it a gift”
“2k worth of data”
“and come by at some point this weekend because I have a couple of things that need attending and if you can deal with them then there might be some more cash”
علم إسرائيل
وتبيّن بنتيجة الدراسة الفنية والتحليلية التي أجرتها شعبة المعلومات على صفحة التويتر العائدة للمدعى عليه صحناوي أنّه يتابع صفحتين لشخصين، الأولى باسم amit serper موجود عليها علم “إسرائيل”، والثانية مدوّن عليها باللغة العبرية @iomit، كما تبيّن أنّه نشر عبر صفحته المذكورة صورة له مع فتاة “إسرائيلية” ومقرصن يدعى KEVIN MITRICK، وأنّ الصحناوي قد كتب التعليق التالي:
“hanging out with the amazing and the ouwesome @Kevin mitrick at the @telephreak party #HackerSummerCamp””.
وقد قامت الفتاة “الإسرائيلية” التي تدعى Keren بردّ التغريدة معلّقة ما حرفيته:
“.a beautiful memory from last night at @ telephreak party”
“hacktheplanet everyone! Hugs and safe travels to all!# hackersummercamp.”
إدعاء الحماية وهواية القرصنة
وتبيّن أنّ المدعى عليه خليل صحناوي قد أفاد بأنه يملك شركة كريبتون المختصة بالأمن السيبراني للشركات والمؤسّسات التي تريد حماية شبكاتها الإلكترونية من التعرّض للإختراق أو للقرصنة، وبأنّه على معرفة بالمدعى عليه صقر منذ خمسة أعوام، وبأنّ الأخير عمل في شركته لمدّة ثمانية أشهر قبل أن يتمّ صرفه لعدم التزامه بواجباته الوظيفية، وأعلمه أثناء عمله لديه بأنّه يمكنه قرصنة المواقع الإلكترونية، وقد نال هذا الأمر إعجابه، كما أعلمه بأنّه تمكّن من اختراق عدّة مواقع لا سيّما شركة أوجيرو، ومن الإستحصال على معلومات عائدة لزبائن الشركة وكلمات المرور الخاصة بهم، بالإضافة إلى قرصنة شبكة عائدة لمصلحة إدارة السير التابعة لوزارة الداخلية والبلديات ولوائح الشطب، وبأنّه قد دفع لصقر عدّة مبالغ مالية كبادرة حسن نيّة منه مقابل المعلومات التي زوّده بها بنتيجة القرصنة، وذلك بموجب خمس أو ست دفعات قيمة كلّ منها حوالي الخمسماية دولار أميركي؛
أنطون الصحناوي والمعلومات الحكومية
وأضاف بأنّه أعلم شركة أوجيرو بأمر القرصنة، وبأنّه استحصل من صقر على لوائح الشطب بهدف إعطائها لقريبه المدعو نبيل الصحناوي لزوم الماكينة الإنتخابية المتعلّقة بابنه أنطون الصحناوي، وأقرّ بتواصله مع صقر من خلال استخدامه حساباً باسم Pilgrim @ jabber.ccc.de، وبأنّه طلب من الأخير الذي كان قد أعلمه بقرصنة مواقع حكومية وموقع قوى الأمن الداخلي تزويده بالمعلومات التي استحصل عليها منها، وأعلمه بأنّ ما يهمّه من الداتا هي المعلومات الحكومية فقط، وقد أعفاه لقاء ذلك من دين قيمته ألفا دولار أميركي، وبالفعل حضر رامي إلى منزله وزوّده بالمعلومات المطلوبة حيث قام الصحناوي بتحفيظها على قرص مدمج، وبأنّه قد استحصل من رامي في شهر نيسان من عام 2017 على داتا حكومية جديدة، وسلّمه إعدادات مسرّبة من وكالة الأمن القومي الأميركي تستخدم في القرصنة، وبأنّه استحصل من رامي صقر في حزيران 2017 على داتا حكومية جديدة منها استمارات الموظّفين والمشتركين في أوجيرو، وبأنّه لم يستخدم المعلومات التي استحصل عليها في أيّة غايات مشبوهة وإنّما كان كلّ ذلك من باب التمايز عن الغير والتباهي؛
وبسؤاله عن نتيجة التقرير الفنّي الذي أعدته شعبة المعلومات، صرّح بأنه استحصل على كلّ المعلومات من المدعى عليه رامي صقر، وذلك باستثناء الملفّات التي تحتوي على مجموعة بريد إلكتروني مع كلمات مرور، والتي استحصل عليها من التسريبات على شبكة الإنترنت، والمجلّد باسم MACRON MAILS المتعلّق بالرئيس الفرنسي، والتي استحصل عليها مباشرة عن الإنترنت، والمجلّد الخاص ببنك SGBL الموجود معه بحكم عمله في البنك المذكور مع إبن عمه المدعو أنطوان الصحناوي، أمّا بالنسبة لبرنامج Flexispy، فقد حمّله من على شبكة الإنترنت كونه يعمل في مجال الأمن السيبراني، وهو يستخدمه في حماية ملفّاته وملفّات زبائنه، وأكّد على نسيانه بعض كلمات المرور المتعلّقة ببعض الملفّات المحفوظة لديه بفعل عامل الوقت، وذلك بالرغم من تصريحه بأهمّية محتواها.
مراقبة أيّ شخص
وبسؤاله عن السبب الذي دفعه إلى الإستحصال على كلّ هذه المعلومات، أجاب تارةً بداعي “الحشرية” وتحجّج تارةً أخرى بطبيعة عمله في الأمن السيبراني، وبسؤاله عن برنامج flexispy، أجاب بأنّه معدّ لمراقبة أيّ مستخدم هاتف يقوم بتحميل هذا البرنامج، نافياً استعماله لمراقبة أيّ شخص، وبسؤاله عن الملفّات المشفرة التي لم يتوصّل التحقيق إلى معرفة محتواها، أجاب بأنّه كان يعمد إلى تشفير الملفّات الهامة التي لا يريد أن يطلع عليها أحد، ولم يفصح عن رموزها السرّية بذريعة نسيانها بسبب مرور زمن طويل على عملية التشفير، كما تذرّع بنسيانه محتواها، وبسؤاله عن ملفّات أوجيرو، أجاب بأنّه قصد الشركة وأخبر مدراءها بالأمر ونبّههم إلى اختراق الشبكة، إلاّ أنّه قوبل بعدم الإكتراث، ونفى تزويده أيّة جهة داخلية أو خارجية بالمعلومات التي بحوزته، وبسؤاله عن المقابل الذي كان يدفعه للمدعى عليه صقر، يراجع محضر التحقيق عدد 302/1521 تاريخ 2018/8/27، ناقض إفادته السابقة مدلياً بأنّه لم يكن يعطيه أيّ مقابل مباشر، بل كان يدينه مبالغ مالية لمساعدته، وبأنّه أعلمه في إحدى المرّات بأنّه سيسامحه بدينه البالغ ألفي دولار أميركي في حال أحضر له بعض البيانات،
وبسؤاله عن الصفحتين المتابعتين من قبله على صفحة التويتر العائدة له، والموجود على إحداهما العلم “الإسرائيلي” والمكتوب على ثانيتهما باللغة العبرية، أجاب بأنّه هو من تابعهما منذ فترة، ولم يكن يوجد أيّ شيء عليهما يثير الشبهة أو يوحي بتعلّقهما “بإسرائيل”، وبأنّه يقوم بمتابعة الكثير من الأشخاص لمعرفة الأخبار التي تتعلّق بطبيعة عمله في مجال الأمن السيبراني، وبأنّه لم ينتبه لاحقاً إلى التعديل الجاري على الصفحتين المذكورتين،
فتاة إسرائيلية
وبسؤاله عن الفتاة “الإسرائيلية” التي نشر صورته معها، أجاب بأنّه كان يشارك في مؤتمر يضمّ كلّ الخبراء في الأمن السيبراني، حيث التقى بالمقرصن العالمي كيفن ميتنيك، فتوجّه لالتقاط الصورة معه، وكانت بقربه الفتاة “الإسرائيلية” التي جاءت وجلست بينهما، وبأنّه كان يعلم بكونها “إسرائيلية”، وبأنّه شاركها الصورة بناءً لطلبها؛
وتبيّن أنّ المدعى عليه صقر قد أقرّ بصحّة ما ورد على لسان صحناوي عن ماهية المعلومات التي ذكر الأخير استحصاله عليها منه، مشيراً إلى أنّ بعض تلك المعلومات كان موجوداً بحوزته، أيّ أنّه قرصنها بدون أيّ طلب من صحناوي، في حين أنّه قرصن بعضها الآخر بناء لطلب الأخير، ونفى إدخاله أيّة تعديلات على قاعدة البيانات العائدة للمواقع التي قرصنها؛
وتبيّن أنّه خلال التحقيق الإستنطاقي، كرّر المدعى عليهم رامي صقر وإيهاب الحج شمص وخليل صحناوي إفاداتهم المدلى بها في التحقيقات الأوّلية، ولم يستثنِ الأخير من إفادته الأوّلية سوى موضوع المقابل المادي الذي كان يتقاضاه صقر منه، إذ نفى إعطاءه المال لصقر مقابل المعلومات التي كان يستحصل عليها من قرصنة المواقع الإلكترونية؛
وتبيّن أنّ الهيئة الإتهامية في بيروت قد قرّرت بتاريخ 2018/11/23 فصل الملف إلى قسمين، بحيث أحالت القسم المتعلّق بقرصنة مواقع المؤسّسات العامة والوزارات إلى القضاء العسكري، وأبقت القسم المتعلّق بقرصنة الشركات الخاصة في عهدة دائرة التحقيق في بيروت والتي أصدرت قرارها الظني المحال أمام هذه المحكمة؛
وتبيّن أنّ المدعى عليه صقر قد كرّر أمام المحكمة إفادته الإستنطاقية، مدلياً بأنّه تعرّض للضرب ولتحريف أقواله من قبل شعبة المعلومات، وقد نفى حصوله على أيّ مقابل لقاء المعلومات التي زوّد الصحناوي بها؛
شبارو يكذّب صحناوي
وتبيّن أنّ المدعى عليه صحناوي قد أفاد أمام المحكمة بأنّه قد زوّد صقر بإعدادات وكالة الأمن القومي الأميركي بهدف حماية المواقع الإلكترونية، وليس بهدف قرصنتها، كونها تستعمل في معرفة نقاط الضعف والثغرات وتساعد في الحماية، وقد أدلى بضعف لغته العربية، وأكّد أنّه قصد أوجيرو وأعلم أحد مسؤوليها المدعو توفيق شبارو بأنّ الشركة مخترقة إلكترونياً، فاستدعي الأخير للشهادة، حيث أنكر صحّة أقوال صحناوي، مشيراً إلى أنّ الأخير قصده فقط وعرض عليه إجراء فحص اختراق الشبكة ولم يعلمه بأمر الإختراق؛
وتبيّن أنّ المدعى عليه شمص قد أفاد بأنّه تعرّض للضرب ولتحريف إفادته في مرحلة التحقيقات الأوّلية، معترفاً بخرقه عدّة مواقع إلكترونية؛
وتبيّن أنّ المدعى عليهم قد أنكروا أمام المحكمة اعتراضهم أيّة مخابرات هاتفية؛
وتبيّن أنّ المدعية الشخصية قد قصّرت في الجلسة الختامية طلباتها بوجه المدعى عليهما صقر وشمص، دون المدعى عليه الصحناوي؛
ثانياً: في الأدلة:
تأيّدت هذه الوقائع:
بالادعاء.
بالتحقيقات الأولية والإستنطاقية والعلنية كافة.
بإقرار المدعى عليهم وبمدلول أقوالهم.
بالتقارير المعدّة من شعبة المعلومات والمستندة إلى المضبوطات الإلكترونية العائدة للمدعى عليهم.
بمجمل الأوراق وبمجريات المحاكمة.
ثالثاً: في القانون:
حيث إنّ هذه المحكمة قد وضعت يدها على الدعوى بموجب القرار الظّنيّ الصّادر فيها، وهي مقيّدة بحدود الدعوى المسوقة بموجبه، بحيث لا يمكنها أن تطال في حكمها سوى الأفعال التي أحيل بها المدعى عليهم أمامها، وإن كان بإمكانها تغيير الوصف القانوني الذي أسبغه القرار الظنّي على الوقائع المدعى بها أصولاً بما يتلاءم مع ما تراه منطبقاً عليها قانوناً، ودون أن تتقيّد البتّة في هذا الشأن بالوصف القانوني الوارد في القرار الظنّي أو حتّى بالوصف الذي يعطيه الخصوم؛
وحيث بالعودة إلى القرار الظنّي، يتبيّن أنّ الإختراق الإلكتروني المدعى به أمام هذا المحكمة، هو فقط ذلك الذي تناول مواقع الشركات والمؤسّسات الخاصة، أما القرصنة التي طالت مواقع الوزارات والمؤسّسات العامة فهي خارجة عن حدود ما هو مبسوط أمام المحكمة؛
وحيث إنّ القرار الظنّي اعتبر أنّ قرصنة المواقع الإلكترونية العائدة للمدعية ولغيرها من شركات ومؤسّسات القطاع الخاص، وقرصنة المعلومات المأخوذة من عملية القرصنة، تستجمع عناصر الجرم المنصوص عليه في المادة 85 من القانون رقم 99/75 بالنسبة لجميع المدعى عليهم، والجرم المنصوص عليه في المادة 86 من القانون المذكور بالنسبة للمدعى عليهما صقر والحج شمص لإقدامهما بغاية الربح على الإعتداء على حقّ الملكية الفكرية والفنّية، واستبعد عنها وصف السرقة المنصوص عليها في المادة 635 وما يليها من قانون العقوبات، مبرّراً ذلك بكون المعلومات التي تمّت قرصنتها لا تدخل ضمن الأموال المادية المنقولة المقصودة في تعريف جرم السرقة، هذا وأنّ القرار المذكور قد انتهى أيضاً إلى الظنّ بجميع المدعى عليهم بالجنحة المنصوص عليها في المادة 17 من القانون رقم 99/140 لجهة التنصّت غير الشرعي؛
وحيث من البديهي القول إنّ المحكمة لا تتقيّد في ما انتهى إليه القرار الظنّي لهذه الناحية، بحيث يعود لها تطبيق ما تراه منطبقاً على القرصنة المبسوطة أمامها من نصوص جزائية؛
وحيث يتعيّن بادئ ذي بدء الإشارة إلى أنّ الأدلّة الموجودة في الملفّ تثبت يقيناً، وعلى نحو لا يرقى إليه الشكّ ضلوع المدعى عليهم جميعاً في فعل القرصنة أو الإختراق، ولا يجدي المدعى عليهم نفعاً التذرّع بتعرّضهم للعنف أمام شعبة المعلومات، الأمر الذي لم يلقَ ما يؤيّده في الأوراق، هذا وأنّ قيامهم بالأفعال المدعى بها ثابت بإقرارهم الذي هو سيّد الأدلّة، وبمدلول أقوالهم المفصّلة في باب الوقائع، وبالأدّلة المستمدة من أجهزتهم الإلكترونية التي تمّ ضبطها، كما أنّه لا يسع صحناوي التذرّع بعدم اشتراكه بقرصنة المواقع الإلكترونية، وطالما أنّ تلك القرصنة قد تمّت في بعض الأحيان بناء لطلبه ومن خلال الإستعانة بوسائل أو برامج هو من سلّمها لصقر لتسهيل مهمّته، كما لا ينفعه ادعاء ضعفه باللغة العربية، إذ لم يتبيّن للمحكمة أثناء استجوابه أنّه يجهل لغته الأمّ أو أنّه لا يستطيع فهمها أو التعبير بواسطتها، فيردّ ما سيق خلاف ما تقدّم لعدم صحّته؛
وحيث إنّ النزاع الراهن يطرح على بساط البحث أمرين: أوّلهما يتمحور حول معرفة ما إذا كانت المواقع الإلكترونية والمعلومات التي تمّ خرقها مشمولة بحماية القانون رقم 99/75، لا سيّما وأنّ أحد المدعى عليهم قد نازع بهذا الأمر، وثانيهما ما إذا كانت المعلومات السرّية المأخوذة من تلك المواقع يمكن أن تكون محلاً لجرم السرقة؛
وحيث إنّ المشرع اللبناني قد كرّس في المادة الخامسة من القانون 99/75 الحماية بواسطة حقوق المؤلّف لكلّ شخص يبتكر عملاً أدبياً أو فنّياً، وأولاه حقّ الملكية المطلقة على هذا العمل بمجرّد ابتكاره، وبمعزل عن أيّة إجراءات شكلية، وهذه الحماية تشمل وفق أحكام المادة الثانية جميع إنتاجات العقل البشري، سواء كانت كتابية أو تصويرية أو نحتية أو خطّية أو شفهية، ومهما كانت قيمتها أو أهمّيتها أو غايتها، ومهما كانت طريقة أو شكل التعبير عنها، وهي لا تقتصر بالتالي على الأعمال المبتكرة التقليدية التي تتجسّد كتابياً أو تصويرياً أو نحتياً، بل تتعدّاها لتشمل أيّ عمل مبتكر حتّى ولو كان ابتكاره قد تمّ بواسطة الحاسوب الآلي أيّ الكومبيوتر؛
وحيث إنّ القانون رقم 99/75 قد أقرّ صراحة في مادته الثانية الحماية لبرامج الحاسب الآلي بواسطة حقّ المؤلّف، كما أقرّ الحماية عينها لقواعد البيانات بصورة ضمنية، إذ إنّ قواعد البيانات هي عبارة عن مجموعة بيانات أو عناصر مستقلّة منظّمة بطريقة منهجية ويتوفّر فيها عنصر الإبتكار، ويتمّ الوصول إليها بوسائل إلكترونية، فالقانون المذكور أضفى بمقتضى مادته الثالثة الحماية على مجموعات المعلومات سواء أكانت في شكل مقروء آلياً أو أيّ شكل آخر، وقواعد البيانات تستفيد من تلك الحماية انطلاقاً من كونها مجموعة معلومات، بشرط استيفائها طبعاً عنصر الإبتكار؛
وحيث وفي عطف على ما تقدّم، فإنّ الموقع الإلكتروني الذي يتكوّن من مجموعة من الصفحات المترابطة في ما بينها والتي تحتوي على معطيات ومعلومات ذات مصادر متعدّدة يتمّ تنظيمها بطريقة مبتكرة، يتمتّع بدوره بحماية حقّ المؤلّف باعتبار أنّ إنشاءه وتجميع المعلومات داخله يتضمّن عنصر الإبتكار، فلا شكّ أنّ المواقع الإلكترونية هي عبارة عن مصنّفات، وهي لا تختلف في المبدأ عن المصنّفات التقليدية كالكتاب والقطعة الموسيقية، فهي نتاج العقل والعمل البشري وهي تحوز الحماية بنظر القانون بواسطة حقوق المؤلّف، وطالما أنّها تأتي نتاج أفكار وتطبيقات مبتكرة وجهود بشرية، وبالتالي تتوفّر فيها عناصر الحماية بواسطة حقّ المؤلّف؛
وحيث إنه ظُنَّ بالمدعى عليهم بمقتضى المادة 85 من القانون رقم 99/75، والتي تنصّ على ما يلي:
“…. يعاقب…. كلّ شخص:
• وضع أو كلّف أحداً بأن يضع بقصد الغشّ إسماً مختلساً على عمل أدبي أو فنّي.
• قلّد بقصد الغشّ وخداع المشتري إمضاء المؤلّف أو الإشارة التي يستعملها.
• قلّد عن معرفة عملاً أدبيا ًأو فنّياً.
• باع أو أودع عنده أو عرض للبيع أو وضع في التداول عن معرفة عملاً مقلّداً أو موقّعاً عليه باسم منتحل “؛
وحيث إنّ أيّاً من أركان الجرائم المنصوص عليها في المادة 85 غير متوفّر في أفعال المدعى عليهم التي اقتصرت على الإعتداء على المواقع الإلكترونية وما تحويه من معلومات، ولم تنطوِ على أيّ تقليد لتلك المواقع أو على وضع إسم مختلس عليها؛
وحيث إنّ المحكمة لا تقضي بإبطال التعقّبات عنهم إلاّ إذا تحقّقت أنّ الفعل المظنون به لا يؤلّف جرماً جزائياً معاقباً عليه في القانون، بحيث يتعيّن عليها استكمال البحث كي تتأكّد أيضاً من عدم انطباق أيّ نصّ مجرِّم آخر على الفعل المدعى به قبل أن تتوصّل إلى النتيجة؛
وحيث إنّ فعل كلّ من المدعى عليهما صقر وشمص، والمتمثّل بإقدامهما، وبغاية الربح، على قرصنة المواقع الإلكترونية، والمشمولة بالحماية المقرّرة بموجب القانون 99/75 وفق ما سيق أعلاه، يستجمع عناصر الجنحة المنصوص والمعاقب عليها في المادة 86 من القانون المذكور، فيقتضي إدانتهما بها؛
وحيث إنّ فعل كلّ من المدعى عليهما صقر وشمص، والمتمثّل بإقدامهما، وبغاية الربح، على أخذ المعلومات الواردة في تلك المواقع الإلكترونية، والمشمولة بدورها بالحماية المقرّرة بموجب القانون 99/75 وفق ما سيق أعلاه، يستجمع عناصر الجنحة المنصوص والمعاقب عليها في المادة 86 من القانون المذكور، فيقتضي إدانتهما بها؛
وحيث إنّه، وفضلاً عمّا ورد أعلاه، واستكمالاً في البحث، لأنّ المحكمة ملزمة بإعطاء الفعل الجرمي كلّ أوصافه سنداً لأحكام المادة 181 من قانون العقوبات، فإنّ المادة 635 من قانون العقوبات تعرّف جرم السرقة بما يلي:
“السرقة هي أخذ مال الغير المنقول خفية أو عنوة بقصد التملّك تنزل الطاقات المحرزة منزلة الأشياء المنقولة في تطبيق النصوص الجزائية.”
وحيث إنّ الرأي السائد في الفقه والإجتهاد يعتبر أنّ موضوع جرائم السرقة ينبغي أن يكون مالاً مادياً، ولا يمكن أن يكون منفعة ولا فكرة ولا معلومة ولا حقّاً، إذ إنّ أيّاً من المنفعة أو الفكرة أو المعلومة أو الحقّ غير قابل للتجسيد فلا يصحّ فيه فعل الأخذ، لذا فإنّ هذا الرأي يعتبر أنّ السرقة لا تقع إلاّ على الأموال المادية دون المعنوية، وحجّته في ذلك أنّ الأشياء المادية هي وحدها التي تقبل الحيازة والتسليم والإستيلاء، أما الأموال المعنوية غير القابلة لتجسيد في كيان ماديّ، فلا يمكن الاستحواذ عليها، وبالتالي لا تصلح محلاً لتسليم أو لأخذ، إلاّ أن تتجسّد بما هو ماديّ يؤدّي غرضها؛
وحيث إنّه إذا كان صحيحاً أنّ مبدأ شرعية الجرائم يوجب على المحكمة التقيّد بحرفية النصوص، وعدم التوسّع في تفسيرها إلى حالات لم يشأ المشرّع تجريمها، إلاّ أنّ هذا لا يعني في المقابل، أن تُفَسَّر النصوص على نحوٍ يؤدّي إلى تضييقها بما من شأنه أن يفضي إلى استبعاد بعض الحالات بما يتنافى ومدلولها الحقيقي، لأنّ في ذلك إنحرافاً في فهم النصّ وقصراً له على بعض ما شاءه المشرّع، وإهمالاً لباقي المقاصد التي ينطوي عليها؛ إذ لا مانعاً من تطبيق النصوص التقليدية لمكافحة الأساليب الجديدة التي باتت تُعتمَد في ارتكاب الجرائم المذكورة، بشرط طبعاً توفر كلّ أركانها المطلوبة في القضيّة المعروضة؛
وحيث إنّ جرم السرقة هو من الجرائم التي تشكّل اعتداءً على ملكية الأموال المنقولة، وبالتالي فإنّ ما يصلح أن يكون محلاًّ له هو فقط ما يعتبر مالاً منقولاً، وعليه فإنّ المحكمة ترى، وخلافاً لما هو سائد في الفقه والإجتهاد، أنّ نصّ المادة 635 من قانون العقوبات، لا يقتصر فقط على المنقولات المادية، بل إنّه ينطبق أيضاً على المنقولات المعنوية، بما فيها المعلومات والبيانات الإلكترونية، وذلك وفقاً للحجج التالية:
1. إنّ نص المادة 635 من قانون العقوبات قد تكلّم عن أخذ أموال منقولة، والمال قد يكون حسياً وقد يكون معنوياً، فالقول بأنّ موضوع جرم السرقة يقتضي أن يكون مالاً مادياً هو تضييق للمعنى الحقيقي لكلمة “مال” الواردة في نص المادة المذكورة.
2. إنّ حقّ الملكية لا يقتصر على الأشياء المادية بل يقع أيضاً على الأشياء المعنوية.
3. إنّ نصّ المادة 635 من قانون العقوبات قد اشترط أخذ المال، وإنّه إذا كان صحيحاً أنّ أخذ المال المادي يتمّ باستحواذ السارق على حيازته المادية بالنظر لماهيته القابلة للحيازة، إلا أنّ ذلك لا يعني إطلاقاً أنّ الأموال المادية وحدها هي التي تصلح محلاً للأخذ، بل إنّ الأموال المعنوية أيضاً تقبل الأخذ وإن كانت لا تقبل الحيازة المادية، بحيث يتمّ ذلك من خلال تمكين من استحصل عليها من استعمالها والإنتفاع بها من دون أيّة عوائق؛ وآية ذلك أنّ المادة 384 من قانون الموجبات والعقود تجيز بيع المال المادي والمال المعنوي، كما أنّ المادة 404 من قانون الموجبات والعقود تشرح كيفية تسليم المبيع عندما يكون غير مادي أيّ معنوي، بحيث يمكن أن يكون المال المعنوي محلاً للتسليم وللإستلام.
4. إنّ المادة 635 من قانون العقوبات لا تشترط في فعل الأخذ المؤلّف لجرم السرقة أن يكون ناقلاً للحيازة المادية، بل إنّ أحكامها قد وردت عامة ومطلقة مشترطةً فقط أن يكون الأخذ قد تناول مالاً منقولاً؛
5. إنّ المادة 635 من قانون العقوبات قد شملت بأحكامها الطاقات المحرزة، والتي لا تقبل الحيازة المادية، وأنزلتها منزلة الأشياء المنقولة، علماً بأنّه حتّى الأشياء لغةً تعني كلّ ما هو موجود ثابت متحقّق وسواء أكان حسّياً أم معنوياً.
6. إنّ المادة 282 من قانون العقوبات تنصّ صراحة على ما يلي:”من سرق أشياء أو وثائق أو معلومات……”، وهذا الأمر يعني أنّ المشترع اعتبر أنّ المعلومات يمكن أن تكون محلاً لجرم السرقة، علماً بأنّها لا تتمتّع بالكيان المادي القابل للحيازة المادية.
7. إنّ المعلومات والبيانات الإلكترونية تعتبر من الأموال المعنوية المنقولة بالنظر لقيمتها الإقتصادية، وهي بالتالي قابلة للتملّك والسرقة، وآيّة ذلك ورودها ضمن الفئات المشمولة بحماية القانون 99/75 المتعلّق بحماية الملكية الأدبية والفنية، وفق صراحة منطوق المادة الثالثة منه.
8. إنّ الجرائم المعلوماتية، وإن تكن قد استجدّت بفعل التطوّر التكنولوجي واستخدام شبكات الإتصال الحديثة، إلاّ أنّ ذلك لا يعني إطلاقاً استبعادها من نطاق القوانين التقليدية النافذة قبل ظهورها، إذ إنّ الأمر لا يعدو كونه أسلوباً جديداً في ارتكاب الجرائم التقليدية، ومن الطبيعي أنّ ما يشهده العالم من تطوّر وتقدّم علمي على كلّ الأصعدة لا بد وأن ينعكس على بروز أساليب جديدة من صور الجرائم التقليدية، والنصوص التقليدية لا يمكن أن تُستَبعد من التطبيق إلّا إذا كانت معانيها لا تستغرق الأساليب الجديدة المرتكبة فيها الجريمة، لا سيّما وأنّ المشرّع قد قصد من تجريم السرقة حماية حقّ ملكية المنقول من الإعتداء، وهذا الأمر يتحقّق في المادي والمعنوي على السواء، خاصةً وأنّ الأموال المعنوية باتت في كثير من الأحوال تفوق قيمتها وأهمّيتها قيمة الأموال المادية وأهمّيتها.
9. إنّ الأخذ بقصد التملّك يمكن أن يتحقّق بشأن المال المعنوي، وهو يقوم بكلّ فعل يتمكّن من خلاله السارق من مباشرة سلطات على الشيء لا تدخل إلاّ في نطاق سلطات المالك، وهو يتجلّى بشأن البيانات والمعلومات الإلكترونية من خلال الإستيلاء عليها أو الإطلاع عليها دون علم وإرادة صاحبها أو حائزها القانوني، وبشرط طبعاً أن تكون تلك المعلومات سرّية وغير متاحة لإطلاع الكافة عليها، بحيث يتحقّق بمجرّد أخذ نسخة من تلك البيانات والمعلومات، لأنّ صاحبها أو مالكها لم يعد هو الوحيد المحتكر للمعلومة والمستأثر، بها بل أضحى هناك من يشاركه في ذلك.
وحيث تأسيساً على ما تقدّم، يكون فعل المدعى عليهما صقر والحج شمص المتمثّل بأخذهما المعلومات من المواقع التي اخترقاها، مستجمعاً لعناصر الجرم المنصوص والمعاقب عليه في المادة 636 معطوفة على المادة 257 من قانون العقوبات، وذلك سنداً للبند الخامس من الفقرة الثانية من المادة عينها،؛
وحيث إنّ جرم السرقة هذا يجتمع معنوياً مع جرم المادة 86 من القانون رقم 99/75، ما يوجب إدانة كلّ منهما بهما، في ما يتعلّق بأخذ المعلومات، على أن توقع عليه عقوبة جرم السرقة سنداً لأحكام المادة 181 من قانون العقوبات، لكونها النصّ الخاص في هذا الفعل، وطالما أنّ نصّ المادة 86 يتكلّم عن الإعتداء على حقوق المؤلّف بشكل عام، في حين أنّ نصّ المادة 636 يتناول جرم السرقة بالتحديد؛
وحيث وبالعودة إلى القرار الظنّي، يتبيّن أنّ ذلك القرار قد ظنّ بالمدعى عليه صحناوي تبعاً لإقدامه على إعطاء المدعى عليه رامي صقر برنامجاً من شأنه أن يسهّل له عملية القرصنة، وطلبه منه استعماله، وتزويده بنتيجة هذا الإستعمال من معلومات، وانتهى إلى اعتباره شريكاً لصقر في فعله، وإلى الظنّ به بمقتضى المادة 85، التي ثبت انتفاء عناصرها أعلاه، وإلى منع المحاكمة عنه بجنحة المادة 86 لعدم كفاية الدليل في حقّه في ضوء عدم ثبوت بيعه أيّ من المعلومات التي استحصل عليها من رامي صقر؛
وحيث إذا سُلِّم جدلاً بأنّ المدعى عليه صحناوي لم يبع تلك المعلومات من الغير، علماً بأنّ المادة 86 لم تشترط عنصر البيع بل اشترطت فقط غاية تحقيق الربح، إلاّ أنّه من الثابت أنّه كان على الأقلّ متدخّلاً في الفعل الذي ارتكبه المدعى عليه صقر، وعلى هذا الأساس تمّ الظن به تبعاً لكونه اشترك مع صقر في فعله، وقد تبيّن أنّ أفعال الأخير تستجمع عناصر الجنحة المنصوص عليها في المادة 86 من القانون 99/75 والجنحة المنصوص عليها في المادة 257/636، فيدان بهما الصحناوي معطوفتين على المادة 220 من قانون العقوبات، ولا ينال من ذلك قرار منع المحاكمة الصادر عنه لهذه الناحية، لأنّ المحكمة، وإن كانت تتقيّد بقرار منع المحاكمة بجرم ما، إلاّ أنّ ذلك القرار لا يحول دون حقّها بتوصيف الفعل المدعى به أمامها بما ينطبق عليه من نصوص، لأنّ المحاكمة لا تمنع إلاّ بصدد فعل، ولا يجوز منعها بصدد وصف، وهذا ما فعلته بالضبط، إذ أدانت الصحناوي بالنصّ المنطبق على اشتراكه بالجرم المرتكب من رامي صقر، وذلك الإشتراك قد شمله القرار الظنّي ولم يقترن بأيّ قرار مانع للمحاكمة؛
وحيث من الثابت أنّ المدعى عليهم قد استحصلوا على خريطة شبكة توزيع الإنترنت في أوجيرو، وتلك الخريطة تتيح لمن يحوز عليها التنصّت على الإتصالات الهاتفية، وأنّه قد عُثِرَ في هاتف المدعى عليه الصحناوي على برنامج Flexispy الذي يتيح باعترافه مراقبة أيّ مستخدم هاتف يقوم بتحميل هذا البرنامج؛
وحيث إنّ ما تقدّم، مضافاً إليه القرينة المستمدّة من ماهية الأفعال التي ارتكبوها والتي تمكّنوا من خلالها من الولوج إلى المعلومات الخاصة بالشركات وبالأفراد وبكلّ وزارات الدولة وأجهزتها والمؤسّسات العامة، ومن اهتمامهم بمعرفة البريد الإلكتروني العائد للأفراد مع كلمات السرّ، يوفّر للمحكمة اليقين التام في ما يتعلّق بارتكابهم فعل التنصّت على المخابرات الهاتفية، فيدان كلّ منهم بالجنحة المنصوص والمعاقب عليها في المادة 17 من القانون رقم 140 تاريخ 1999/11/3؛
وحيث إنّ المدعية حصرت دعواها الشخصية بالمدعى عليهما صقر والحج شمص، دون المدعى عليه الصحناوي؛
وحيث إنّه يقتضي إلزام المدعى عليهما صقر والحج شمص، بالتكافل والتضامن بينهما، بأن يدفعا للمدعية مبلغاً قدره ثلاثماية مليون ليرة لبنانية كبدل عطلها وضررها؛
وحيث إنّه بالتوصّل إلى هذه النتيجة تصبح مناقشة أيّ أمر زائد أو مخالف نافلةً؛
لـذلـك
وسنداً لأحكام المادة 196 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، تحكم:
أوّلاً: بإدانة كلّ من المدعى عليهما رامي صقر وإيهاب الحج شمص المبيّنة كامل هويّتهما أعلاه بالجنحة المنصوص عليها في المادة 86 من القانون رقم 99/75 عن فعله المتمثّل باختراق المواقع الإلكترونية للشركات والمؤسّسات الخاصة، وبإدانة كلّ منهما بالجنحتين المجتمعتين معنوياً المنصوص عليهما في المادتين 86 من القانون رقم 99/75 والمادة 257/636 من قانون العقوبات، وذلك عن فعله المتمثّل بسرقة المعلومات الموجودة في تلك المواقع، على أن توقع عليه عقوبة جرم السرقة سنداً لأحكام المادة 181 من قانون العقوبات، وبإدانة كلّ منهما بالجنحة المنصوص عليها في المادة 17 من القانون رقم 99/140، وبحبس كلّ منهما عن الجنحة الأولى ثلاث سنوات، وبتغريم كلّ منهما خمسين مليون ليرة لبنانية، وبنشر هذا الحكم في جريدتي النهار والأخبار على نفقة المدعى عليهما، وبإلصاقه مدّة خمسة عشر يوماً على باب قاعة المحكمة وعلى باب المدخل الرئيسي في المبنى الواقع فيه محلّ سكنه وفقاً لأحكام المادة 97 من القانون المذكور معطوفة على المادة 67 من قانون العقوبات، وبحبس كلّ منهما عن الجنحتين الثانيتين المجتمعتين معنوياً ثلاث سنوات وبتغريم كلّ منهما أربعماية ألف ليرة لبنانية، وبتشديد العقوبتين وفقاً للمادة 257 من قانون العقوبات إلى الحبس مدّة أربع سنوات ونصف والغرامة إلى ثمانماية ألف ليرة لبنانية، وبحبس كلّ منهما عن الجنحة الأخيرة ثلاث سنوات، وبتغريم كلّ منهما خمسين مليون ليرة لبنانية، وبإدغام العقوبات الأصلية بعقوبتي الجنحة الثانية كونهما الأشدّ، بحيث تنفّذ في كلّ منهما عقوبة الحبس لمدّة أربع سنوات ونصف، والغرامة ثمانماية ألف ليرة لبنانية، وعقوبتي إلصاق الحكم ونشره، وعلى أن تحتسب لكلّ منهما مدّة توقيفه، وعلى أن يحبس في حال عدم دفع الغرامة يوماً واحداً إضافياً عن كلّ عشرة آلاف ليرة لبنانية سنداً للمادة 54 من قانون العقوبات،
ثانياً: بإدانة المدعى عليه خليل صحناوي المبيّنة كامل هوّيته أعلاه بالجنحة المنصوص عليها في المادة 86 من القانون رقم 99/75 معطوفة على المادة 220 من قانون العقوبات بالنسبة لاختراق المواقع الإلكترونية للشركات والمؤسّسات الخاصة، وبإدانته بالجنحتين المجتمعتين معنوياً المنصوص عليهما في المادتين 86 من القانون رقم 99/75 والمادة 257/636 من قانون العقوبات، معطوفتين على المادة 220 من قانون العقوبات، بالنسبة لسرقة المعلومات الموجودة في تلك المواقع، على أن توقع عليه عقوبة جرم السرقة سنداً لأحكام المادة 181 من قانون العقوبات، وبإدانته بالجنحة المنصوص عليها في المادة 17 من القانون رقم 99/140، وبحبسه عن الجنحة الأولى ثلاث سنوات، وبتغريمه خمسين مليون ليرة لبنانية، وبنشر هذا الحكم في جريدتي النهار والأخبار على نفقة المدعى عليه، وبإلصاقه مدّة خمسة عشر يوماً على باب قاعة المحكمة وعلى باب المدخل الرئيسي في المبنى الواقع فيه محلّ سكنه وفقاً لأحكام المادة 97 من القانون المذكور معطوفة على المادة 67 من قانون العقوبات، وبحبسه عن الجنحتين الثانيتين المجتمعتين معنوياً ثلاث سنوات وبتغريمه أربعماية ألف ليرة لبنانية، وبتشديد العقوبتين وفقاً للمادة 257 من قانون العقوبات إلى الحبس مدّة أربع سنوات ونصف والغرامة إلى ثمانماية ألف ليرة لبنانية، وبحبسه عن الجنحة الأخيرة ثلاث سنوات، وبتغريمه خمسين مليون ليرة لبنانية، وبإدغام العقوبات الأصلية بعقوبتي الجنحة الثانية كونهما الأشدّ، بحيث تنفّذ فيه عقوبة الحبس لمدّة أربع سنوات ونصف، والغرامة ثمانماية ألف ليرة لبنانية، وعقوبتي إلصاق الحكم ونشره، وعلى أن تحتسب له مدّة توقيفه، وعلى أن يحبس في حال عدم دفع الغرامة يوماً واحداً إضافياً عن كلّ عشرة آلاف ليرة لبنانية سنداً للمادة 54 من قانون العقوبات،
ثالثاً: بإبلاغ هذا الحكم لمصلحة حماية الملكية الفكرية خلال مدّة خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره وفقاً لأحكام المادة 90 من القانون رقم 99/75،
رابعاً: بمصادرة المضبوطات العائدة للمدعى عليهم وفقاً لأحكام المادة 69 من قانون العقوبات.
خامساً: بإلزام المدعى عليهما رامي صقر وإيهاب شمص بأن يدفعا بالتضامن والتكافل بينهما للمدعية ثلاثماية مليون ليرة لبنانية، كبدل عطلها وضررها،
سادساً: بتضمين المدعى عليهم النفقات كافة.
حكماً بمثابة الوجاهي في حقّ المدعية والمدعى عليهم، يقبل منهم الاستئناف، صدر وأفهم علناً في بيروت في تاريخ 2020/7/23
“محكمة” – الأحد في 2020/7/26
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!