القاضي طارق زيادة “عَبَر المطهر” فصار رئيس “التفتيش” ومحكمة التمييز ونائب رئيس “الدستوري”/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
عندما تُستحضر أوّل دفعة من القضاة تخرّجت في معهد الدروس القضائية في العام 1964، يبرز في طليعة أبنائها العشرة طارق زيادة الذي توّج حياته العملية والعلمية برئاسة محكمة التمييز المدنية ورئاسة هيئة التفتيش ونيابة رئاسة المجلس الدستوري بسبب سيرته الحسنة ومناقبيته العالية ورفضه الضغوطات السياسية باعتراف الرئيس سليمان فرنجية.
وقد أؤتمن على أسرار القضاة الفاسدين والمخالفين، ولكنّه لا يفرّط بها ويرفض الخوض فيها، ويقفل كلّ الطرق المؤدّية إليها ويحتفظ بمفتاحها في صدره وقلبه ولا يتنازل عنه ولا يفكّر في كتابة تجربته معهم وهو يعرفهم واحداً واحداً، ويضحك كثيراً عندما يحاول أحدهم ادعاء العفّة والنزاهة والشفافيّة.
أطلّ طارق زيادة على الدنيا في مدينة طرابلس في 24 تموز من العام 1936 ليكون طليع إخوته المرحوم الدكتور معن زيادة أحد أركان حركة” القوميين العرب” ورئيس قسم الفلسفة في كلّيّة الآداب في الجامعة اللبنانية وصاحب العديد من الكتب والذي توفّى في العام 1997، والدكتور محمود، والدكتور والسفير خالد، والدكتور غسّان، والأخوات فدوى ونجوى وسلمى التي تحمل كلّ واحدة منهن إجازة جامعية ما يدلّ على النشأة التربوية والتثقيفية التي جهد الوالدان محمّد زيادة وفاطمة الحسن في سبيل إرسائها لأبنائهما وبناتهما مع تطعيمها بالأخلاق الرفيعة والصفات الحميدة حتّى يتلألأ جوهر الإنسان بها.
الدراسة في مدارس رسمية
يفتخر طارق زيادة بأنّه ما درس منذ الصغر إلاّ في مدارس رسمية كانت متميّزة بمستواها العال بفعل كوكبة معلّميها الطموحين والمجتهدين والمجبولين بحبّ التعلّم والثقافة بشكل عام، قبل أن تنحسر أمام هجوم المدارس الخاصة، فبدأ تلقّي علوم المرحلة الإبتدائية في مدرسة “الغزالي” حيث كان من رفاقه فيها وزير الزراعة الأسبق مصطفى درنيقة.
ثمّ درس المرحلة التكميلية في مدرسة “فرح أنطون” إلى جانب رفيقه في المسيرة القضائية لاحقاً القاضي محمّد سعيد عدرة(1936-2008)، لينتقل إلى ثانوية طرابلس الرسمية في العام 1956 حيث كان معه في ذات الصفّ عمر مسيكة ثاني أمين عام لمجلس الوزراء، والوزير مصطفى درنيقة، ورئيس مجلس الخدمة المدنية والوزير الأسبق المرحوم الدكتور حسن شلق(1934-؟؟؟)، ورئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبّارة، وفي ذات المدرسة رئيس بلدية طرابلس والوزير الأسبق سامي منقارة. وكان مدير هذه الثانوية آنذاك الأديب الدكتور علي شلق(1915-2008) الذي” كان يحبّبنا بالأدب العربي وعند حصول غياب في صفوف الأساتذة كان يدخل إلى الصفّ ويدرّسنا”، كما كان الكاتب والصحفي نجدت هاجر المناضل في حزب” النداء القومي” ثمّ في الحزب “التقدّمي الاشتراكي” مع الوزير والنائب والزعيم الدرزي الراحل كمال جنبلاط(1917-1977)، ناظر هذه الثانوية.
وعلى غرار الكثيرين من أبناء جيله الكادح والصاعد من بيئة فقيرة وبحكم الوضع المادي المتواضع لذويه، إضطرّ طارق زيادة إلى التفتيش عن عمل أو ظيفة تؤمّن له مصاريف متابعة دراسته في كلّيّة الحقوق في جامعة القدّيس يوسف “اليسوعية” في بيروت “فقد كنّا نشعر بأنّه من الضروري أن نساعد أهلنا في تأمين لقمة العيش” كما يقول.
أمانة سرّ الشرطة
وذات يوم قرأ صديقه في الجامعة الدكتور والقاضي والوزير أسعد دياب(1938- 2010) في الجريدة أنّ الشرطة تطلب أميناً للسرّ لمديريتها( دائرة التحرّي) الكائنة في ساحة الشهداء، “فاتفقت معه على التقدّم لها، وذهبنا معاً، وعندما وصلنا فوجىء رجال الشرطة بولدين صغيرين لم تصل سنّهما إلى العشرين جايين يعملوا أمناء سرّ للشرطة، وهكذا عدنا خائبين وصرفنا النظر عنها”.
لم ييأس من هذه الخطوة الناقصة على درب السعي لجني المال بعرق الجبين، ولم يطل الأمر حتّى تحقّقت رغبته الصادقة، بعدما طلبت وزارة البرق والبريد والهاتف موظّفين في العام 1957، فسارع إلى تلقّفها وتعيّن كاتباً في ملاكها في المبنى الرئيسي الكائن في محلّة رياض الصلح في وسط بيروت، ثمّ انتقل إلى مكتبها في ميناء طرابلس “وقبضت راتبي الأوّل الذي بلغ 170 ليرة، ودفعت منه القسط الجامعي عن العام الدراسي 1957- 1958”.
بطاقة الإحتياط وثورة الـ 58
وتبدو المرحلة الجامعية في حياة طارق زيادة غنيّة بالمواقف واللطائف والحكايات التي لا تنسى، ويحلو له تردادها بتهذيب وابتسامة عريضة تُفرح الوجه المقابل ولا تخدش الأذن بصوتها، فخلال ثورة العام 1958 ضدّ نظام الرئيس كميل شمعون(1900-1987)، يقول، “مررت بظروف صعبة حيث كنت أجتاز حواجز الجيش اللبناني من المدينة القديمة في طرابلس إلى المدينة الحديثة لكي أركب في سيّارة تقلّني إلى بيروت، وأثناء عبوري أحد الحواجز أبرزت بطاقتي في الاحتياط لأنّنا كنّا قد خضعنا للتدريب العسكري، فقال لي الرقيب:” ما إنتو اللي عم تطلقوا الرصاص علينا”، وكان في اعتقادي أنّ هذه البطاقة ستسهّل من مهمّتي، ولكنّه عاد وسمح لي بالمرور، لأنّني أخبرته بأنّني ذاهب لتقديم الإمتحانات الجامعية”.
نصيحة تساوي صفراً.. تيّان وليس قرداحي
ولم يعرف معهد الحقوق في الجامعة” اليسوعية” والمُؤَسّس في العام 1914 والمرتبط بمعهد الحقوق في مدينة ليون الفرنسية، إلاّ خيرة الأساتذة اللبنانيين والفرنسيين الذين تركوا بصمات واضحة في المسار القانوني والعدلي في بلديهما سواء في المراكز القضائية التي شغلوها بامتياز أو في محاضراتهم ومؤلّفاتهم القيّمة والتي لا يزال صداها يطلّ بين الفينة والأخرى في القرارات والأحكام في قصور العدل ليدعم فكرة أو حيثية تحتاج إلى إسناد معنوي لها.
هكذا كان إميل تيّان(1901- 1977) رئيس مجلس القضاء الأعلى بين العامين 1948 و1949، ووزير العدل في العام 1957، والذي” كان يترك جلسات المجلس النيابي عند مثول الحكومة أمامه ويأتي إلى الجامعة ليلقي علينا محاضراته، وكان شديد الاهتمام بطلاّبه، وكان يعتبر نفسه بروفسوراً، وعندما كنّا نناديه “معالي الوزير” كان يطلب منا أن نقول له” السيّد البروفسور”.
وهكذا كان رئيس مجلس القضاء الأعلى بين العام العامين 1932 و1943، شكري قرداحي الذي” كان معروفاً بأنّه لا يسمع جيّداً بسبب كبر سنّه، فقيل لأحد الطلاّب الدمشقيين الذين لم يكونوا يحضرون دائماً أنّه عندما تدخل إلى الامتحان عند قرداحي تكلّم بما شئت، لأنّه لا يسمع، فعمل بالنصيحة وأخذ يهرف بما لا يعرف، فقال له الأستاذ الذي يسمعه أنا إميل تيّان، أما الذي لا يسمع، فموجود في الغرفة الثانية وأعطاه صفراً “.
وهكذا كان الدكتور صبحي محمصاني(1909- 1986) الذي خاض الانتخابات النيابية عن دائرة بيروت في العام 1960 وتمكّن من الفوز ليصبح نائباً.
وهكذا كان أيضاً كلّ من بشارة طبّاع أحد قضاة المحاكم المختلطة في عهد الانتداب الفرنسي، والقضاة بيار صفا، وغبريال بيضا، وفرنسوا دبّانة.
وكان من رفاقه الوزير الأسبق خليل أبو حمد، والدكتور ريمون فرحات، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية المحامي منير الحاج، والوزير الأسبق أسعد دياب الذي تأخّر عنه سنة واحدة لظروف خاصة به.
وقّف معنا ليصير في توازن
ولم تنته حفلة تخرّجه مع رفاقه في العام 1960 إلاّ بطرفة لبنانية صرفة فقد” رعى رئيس الحكومة أحمد الداعوق حفلة التخرّج، وعندما وقف المتخرّجون في فناء المعهد لأخذ الصورة التذكارية وصلت، فقالوا لي عجّل طارق وقّف معنا حتّى يصير هناك توازن، قاصدين التوازن الطائفي، لأنّني كنت المسلم الوحيد بينهم”.
إنتسب زيادة لنقابة المحامين في طرابلس، وتدرّج لمدّة عامين فقط، باعتبار أنّ دراسة الحقوق صارت أربعة أعوام بدلاً من ثلاثة ومن يأخذها تحسب له سنة تدرّج، في مكتب النقيب عدنان الجسر(1913-2001) نجل رئيس مجلس النوّاب في عهد الانتداب الفرنسي الراحل الشيخ محمّد الجسر(1881- 1934)، ووالد الوزير والنائب والمحامي سمير الجسر، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار المهندس نبيل الجسر.
وحسن الحاج وأنا
ولكنْ لم يطل الأمر به حتّى خلع “روب” المحاماة الأسود مفضّلاً عليه رداء القضاة الأحمر، فما أن صار محامياً بالاستئناف حتّى أنشيء معهد الدروس القضائية في عهد رئيس الجمهورية فؤاد شهاب(1902- 1973) في 16 تشرين الأوّل من العام 1961، وتقدّم لامتحانات الدفعة الأولى في شهر أيلول من العام 1962 فنجح مع تسعة آخرين هم: حسن رضا الحاج، وكمال شفيق القاضي، ومصطفى حسين نور الدين، وسمير سليم مطر، وأنطوان عبد الله الراهب، وفلاديمير فضل الله الفرزلي، وإلياس فارس نموّر، وعبد الرحمن جميل شهاب، وأنطوان سامي رشماني.
حلّ زيادة في المرتبة الثانية بعد طليع الدورة حسن الحاج في شهر تشرين الثاني من العام 1964 “وكان القاضي يوسف جبران يقول لي:” حسن بيحفظ مع النقطة والفاصلة”، بينما كنت أنا أعتمد على التحليل، وليس على الذاكرة، وعندما تخرّجنا قال لنا وزير العدل نسيم مجدلاني أنت وحسن الحاج يحقّ لكما باختيار المركز الذي تريدانه، فاختار حسن بيروت، واخترت أنا طرابلس وكقاضي منفرد مدني”.
مناصبه القضائية
وشغل زيادة المراكز القضائية التالية: قاضي منفرد مدني في طرابلس في شهر أيّار من العام 1965، وقاضي الأمور المستعجلة في طرابلس بين العامين 1966 و1968، وقاضي منفرد في قضاء زغرتا 1968- 1969، ومستشار في الغرفة الأولى لمحكمة الاستئناف في لبنان الشمالي الغرفة المدنية والهيئة الاتهامية بين تشرين الأوّل من العام 1969 والعام 1982، ومستشار منتدب لدى الغرفة الثالثة لمحكمة التمييز بين العامين 1982 و1984، ورئيس محكمة الاستئناف المدنية في بيروت بين شهر كانون الثاني من العام 1984 و16 تشرين الأوّل من العام 1997 حيث عيّن رئيساً للغرفة الثانية لمحكمة التمييز وبقي لغاية شهر تموز من العام 2000 حيث عيّن رئيساً لهيئة التفتيش القضائي وعضواً في مجلس القضاء الأعلى حتّى بلوغه سنّ التقاعد في 24 تموّز من العام 2004 خاتماً مسيرة حافلة بالتميّز والنزاهة والعطاء لا تزال قصور العدل تشهد عليها.
وانتخب مجلس النوّاب اللبناني القاضي طارق زيادة عضواً في المجلس الدستوري في جلسة عقدت يوم الخميس الواقع فيه 18 كانون الأوّل من العام 2008، واختاره زملاؤه في المجلس المذكور نائباً للرئيس الدكتور عصام سليمان.
تسأل زيادة عن سبب تفضيله القانون المدني على “أخيه غير الشقيق” القانون الجزائي، فيجيب:” إنّ العمل في القضاء الجزائي يتأثّر بالظروف السياسية، وكان أستاذنا في المعهد ورئيس مجلس القضاء الأعلى لاحقاً بين العامين 1990 و1992 الدكتور عاطف النقيب يشجّعنا على سلوك الطريق المدني، وكان يقول لنا شو بدكم بالجزاء وأجوائه، واتبعت خطواته، فصرت أشجّع القضاة الشباب على الأمر نفسه وذلك حتّى يقوى ساعدهم ويستطيعوا مجابهة الضغوط ولا تغرّهم المناصب العابرة، وكنت أوصي في مجلس القضاء الأعلى بأن تسند المراكز المدنية لقضاة شباب قبل أن تسند إليهم المراكز الجزائية”.
“التمييز” ولا وساطات
ويستحيل على كلّ قضاة لبنان أن يتسلّموا رئاسة محاكم التمييز، وذلك بسبب وجود عشر غرف فقط تحتاج إلى عشرة قضاة يُختار بعضهم لكفاءته وعلمه وتمرّسه في الاحاطة الشاملة بالقانون، وبعضهم الآخر على خلفية تدخّل مرجعيات سياسيّة لمصلحته وفرضه في هذا المركز حتّى ولو كان هناك من هو أعلى درجةً منه وأقدم منه في القضاء، وبالتالي فإنّ من يصل إلى هذا المنصب المهمّ يكون”بيته بالقلعة” كما يقول المثل.
وزيادة هو من الفئة الأولى التي وصلت بجهدها من دون وساطة أحد، وفرضت كيانها ولم تنتظر ضغطاً من هذا أو ذاك، وهو المعروف برفضه للغة الضغوطات والتدخّلات السياسية في العمل القضائي البحت، ويروي أنّه في مطلع “حياتي القضائية اتصلت بي شخصية كبيرة(رفض الإفصاح عن اسمها) وأحبّت أن توصيني بقضيّة موجودة لديّ، فقلت إذا كان صاحبها معه حقّ، فسوف يصل هذا الحقّ إلى بيته، وإذا لم يكن معه حقّ فليعذرني، وكان هذا آخر الاتصالات التي تلقّيتها خلال وجودي في القضاء”.
فرنجية والمطهر
ويستذكر أنّه عندما ذهب لتهنئة الرئيس سليمان فرنجية(1910-1992) بانتخابه رئيساً للجمهورية في العام 1970″وكان لا يعرفني مع أنّني عملت قاضياً منفرداً في زغرتا لأقلّ من سنة، فعرّفوه عليّ، وقال لي يا ابني أنت عَبَرْتَ المطهر، فأجبته يا فخامة الرئيس أنا هنا ليس لأنال وساماً، وإنّما لأهنّئك بالرئاسة، ودعاني للجلوس إلى جانبه”.
وعلى الرغم من أنّ لرئاسة التفتيش القضائي سلطة مضاعفة تخوّل صاحبها التحقيق مع كبار القضاة من دون تراجع في القضاءين العدلي والإداري، إلاّ أنّ زيادة لا يتردّد في التعبير عن فرحه باستلامه رئاسة محكمة التمييز أكثر من هيئة التفتيش، لأنّه” هو التتويج للعمل القضائي، بينما رئاسة التفتيش التي تتعاطى المراقبة والتوجيه، فهي أقرب إلى المطبخ الداخلي للقضاء وتغلب الصفة الإدارية عليها”.
شنّ زيادة حملات شبه يوميّة و”كبسات” خاطفة على المحاكم، وأقلامها، ودوائر التحقيق، والنيابات العامة، للتدقيق في سجّلاتها والتحقّق من دوام العمل والالتزام به وتوجيه القضاة والمتقاضين، لأنّ “المراقبة المباشرة ضروريّة جدّاً”، وهذا ما جعل الجميع يرتاح إليه، “فقد كنت أرتاح جيّداً للقضاة العاملين الصادقين واتصلّ بهم شخصياً مهنّئاً وكانوا في البدء يظنّون بأنّ هناك مشكلة، وعندما يسمعون المديح تنفرج كلماتهم، وتظهر علامات الراحة فيها”.
ولم يكن يتردّد في نقل هذه الصورة الجميلة إلى مجلس القضاء الأعلى في اجتماعاته “حتّى أنّه في آخر تشكيلات قضائية إشتغلت فيها في العام 2002، كنت مرجع تقييم القضاة، وكان مجلس القضاء يصغي باهتمام إلى معلوماتي”.
وخرج من هيئة التفتيش بعبرة لا ينساها وهي” أنّني اكتشفت بأنّ لدينا قضاة كثيرين جيّدون، وبأنّهم بحاجة إلى أن يشعروا بأنّهم محميّون من مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش، وبأنّ حمايتهم ورعايتهم تأتي من داخل القضاء، وعندها يرتاحون يقوى صمودهم ولا يعتمدون على الخارج”.
التدريس والمؤلّفات
نال زيادة شهادتي دبلوم في الدراسات العليا في القانون العام والقانون الخاص في العامين 1973 و1974 من كلّيّة الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية في محلّة الصنائع في بيروت.ومارس التدريس الجامعي في المركز الجامعي التابع لليسوعية في الشمال عندما افتتحه رئيس الجامعة الأب دوكرييه في العام 1967، وفي كلّيّة الحقوق في الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية في طرابلس بين العامين 1978 و1985، وفي كلّيّة الحقوق في جامعة الروح القدس” الكسليك” في مدينة جبيل بين العامين 1994 و1996، وفي معهد الدروس القضائية في ثمانينيات القرن العشرين، وفي كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة البلمند بين العامين 1989 و1999. ووضع كتباً عدّة هي: “التأمينات والرهونات والامتيازات العقارية”، و” التحديد والتحرير والسجّل العقاري”( بالاشتراك مع القاضي أسعد دياب)، و”أبحاث قانونية”، و” المؤسّسة التجارية”( بالاشتراك مع الدكتور فيكتور مكربل)، و”عقد النقل البحري”( بالاشتراك مع مكربل نفسه)، و”دراسات في الفقه والقانون”، و” صفحات من الحرب الأهلية الإسبانية”، و”قضاء الأمور المستعجلة”، و” القضايا الدستورية والقانونية والاقتصادية للجمهورية الثانية”، و”كتابات حقوقية”.
تواريخ لا تنسى
وهنالك تواريخ في مسيرة القاضي زيادة لها معنى خاص لا بدّ من ذكرها، لأنّها تنمّ عن كفاءة هذا الرجل وعصاميته ودماثته واستحقاقه التكريم تلو التكريم، حتّى أنّ هناك قضاة كثيرين لا يزالون يردّدون كيف أنّ طارق زيادة صنع من هيئة التفتيش القضائي هيبة حافظت على مكانة القضاء في ذهن الرأي العام.
ومن تلك التواريخ المحفورة بعمق، نذكر الآتي:
• في شهر آذار من العام 1997، كرّمته الحركة الثقافية في إنطلياس خلال فاعليات معرض الكتاب السنوي، كعلم من أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي.
• في شهر تموز من العام 2004، كرّمته نقابة المحامين في بيروت لمناسبة إحالته على التقاعد، ومنحته الوسام المذهّب والذي يعطى عادةً للنقباء السابقين، وكانت هذه المرّة الأولى التي يمنح فيها هذا الوسام لقاض.
• في ربيع العام 2005، كرّم وزير العدل الجزائري ورؤساء هيئات التفتيش القضائي في العالم العربي القاضي زيادة في الجزائر وكان أوّل قاض عربي يُكرّم في نطاق المؤسّسات التابعة لمجلس وزراء العدل العرب.
• في شهر حزيران من العام 2009، كرّمته محكمة النقض في إمارة أبو ظبي التي أسّسها مع قضاة آخرين، وشغل مركز مستشار في الغرفة المدنية فيها خلال السنتين 2007 و2009، وهذا التكريم جاء بسبب عودته إلى بيروت نهائياً للقيام بدوره كعضو في المجلس الدستوري بعد انتخابه فيه.
• في شهر تشرين الثاني من العام 2013، كرّمه نادي فيكتوري ليونزVictory Lions)) في الشمال كأديب من أدباء طرابلس الفيحاء.
تأهّل زيادة من الشاعرة المرهفة هيا رهيف أفيوني، وأنجب منها ثلاثة أبناء هم: الأستاذة الجامعية ريم، والحقوقية مي، والمحامي محمّد.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 12 – كانون الأوّل 2016)