طرائف وأشعار

القضاة والمحامون…مواقف وطرائف/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
الاتكال على اضعف اثنين في لبنان
في بداية العام 1992 التقيت المحامي الالمعي مطانيوس عيد فقال لي: يحضر الموكل ويقول لي:
اتكالي على الله وعليك.
فأقول له فوراً: رح تخسر الدعوى لانك اتكلت على اضعف اثنين في لبنان الله وانا.
واضاف:
لقد كنت اقول دائما ان الموكل المزعج عنده ثلاث صفات:
– عقله صغير،
– مصرياتو قلال،
– ودعواه مشربكة.
* * *
الشيخ ادمون
وذهبت مرة لزيارته في منزله فبادرني قائلا:
– لو علمت انك ستكتب هكذا عن الشيخ إدمون كسبار لكنت اخبرتك ماذا حصل معي.
فقلت له: وماذا حصل معك؟
فأجاب:
لقد ورد في إحدى مقالاتك عن الشيخ إدمون ما يأتي:
…يقول الاستاذ اوغست باخوس احد تلامذة النقيب الاكثر وفاء له: هنيئاً اذا لم يكن النقيب كسبار خصما لك اما اذا حصل العكس فالافضل ان تبدأ بالنذور للسيدة العذراء.
ويضيف مطانيوس:
مرة كنت احضر جلسة ضد الضمان امام محكمة بداية بيروت ولم اكن اعرف وكيل خصمي لاننا كنا في الجلسة الاولى. فحضر الشيخ ادمون الجلسة واستمهل للجواب. وبعد انتهاء الجلسة ذهبت الى غرفة النقابة لاعيد الروب وكان معي زميلي الاستاذ حبيب فلفلي. وكنت اضرب كفا بكف واندب حظي واقول: يا ويلي يا ويلي الله يساعدني، يا ويلي الشيخ ادمون وكيل خصمي… عندها قال لي زميلي بصوت خافت:
– “اسكت، ولك اسكت موكلنا خلفنا هلق بياخذ منك الدعوى ما عندنا غيرها”.
مطانيوس الفارس
في زيارة للمحامي مطانيوس عيد اخبرني ان احدهم كتب عنه مقالة في احدى الجرائد وقال عنه انه مشهور “بالفروسية”. وكان يندب حظه مازحا ويقول: في مثل هذه الايام، وهي ايام حرب، اخاف ان يعتقد القبضايات ان كلمة فروسية تعني انني فارس وانني قبضاي فلا يعرفون معنى الكلمة فيهجموا علي للمبارزة كما كان يحصل ايام زمان حيث القبضايات كانت تعرف بعضها.
* * *
توفي موكله
كما اخبرني انه كان في بداية مهنته في المحاماة قد قدم عدة دعاوى صغيرة وانه ذهب مرة الى منزل موكله ليقبض اتعابه الزهيدة وكان بحاجة اليها. فقرع الباب الذي فتحته زوجة موكله وهي باللباس الاسود وعلم منها ان زوجها قد توفي. فاستحى ولم يطالبها بشيء وعاد ادراجه.
* * *
السياسيون عندنا
المعلوم ان الاستاذ مطانيوس عيد يكره السياسة ولا يتدخل فيها وينتقد بعض رجالاتها، ويقول عنهم انهم يهمشون بعضهم البعض بالتصاريح والتصاريح المضادة. ويخبر قصة الولد الذي راى والده يقبل فتاة غريبة فأخبر والدته التي جمعت جميع الجيران وسألت الولد امامهم جميعا عما يفعله والده مع الفتاة فأجابها بخجل قائلا: كان يفعل كما كنت تفعلين مع جارنا بيار.
ويضيف قائلا: وهكذا بعض رجال السياسة عندنا فيهم الخير والبركة ويتهمون بعضهم البعض.
* * *
هل تركتم شنطا في لبنان
وقرأ مرة تصريحا خطيرا لاحد السياسيين الحزبيين فإتصل به وسأله عن كيفية الادلاء بتصريح خطير من هذا النوع. فأجابه ان موقفه هو عين الصواب وان عليه وعلى بقية افراد الشعب ان يتركوا امور السياسة لاصحابها والا يتدخلوا فيها.
فأحتج مطانيوس على هذا الكلام قائلا له ان مصيره ومصير اقربائه واصدقائه ومواطنيه بخطر ومن غير المسموح الادلاء بتصاريح من هذا النوع.
فأجابه السياسي الحزبي:
– اذا ما كان عاجبك ضب شنطتك وسافر.
فأجابه وهو يضحك هازئا:
– طول عمرك ليش حضرتكم تركتوا شنط في هذا البلد؟
* * *
سعيد عقل يعمل بنصيحة والدته
ويخبر عن صديقه الشاعر سعيد عقل انه سأله مرة عن سبب عدم تصفيف شعر رأ سه.
فأجابه عقل:
– منذ صغري اوصتني والدتي الا العب بحالي وانا لا ازال اعمل بنصيحتها واترك كل شيء على الطبيعة.
* * *
الجيران والغسيل الداخلي
ويروي مطانيوس قصة جيرانه الذين ينشرون غسيلهم الداخلي مقابل منزله فيحجبون عنه الرؤية ويقول:
– البارحة ولد لهم ولد وهذا يعني ان “بنطلوناً” زيادة سيعلق على حبل الغسيل تماما كما يقال عند العشائر انهم ربحوا بارودة زيادة.
* * *
تغدى هناك وهضم عندنا
والتقيته في قصر العدل منذ مدة فسألني معاتبا:
– لماذا لا نراكم في هذه الايام؟ فقلت له انني سأزوره في هذا اليوم بالذات. ولكن بكل اسف سوف احضر بعد الظهر لانني مرتبط بغذاء.
فقال منشرحا:
– وهل تقول ذلك بأسف. هذا افضل حل تغدى هناك وتعالى هضم عندنا.
* * *
اسمك داخل في الاسباب الموجبة للقانون
ومن اجمل طرائف مطانيوس ان احد المحامين كان يحضر دائما الى “جنينته” الشهيرة وهو يندب حظه لان اعماله قد توقفت بسبب الحرب ولم يتوكل بدعوى واحدة منذ بدايتها. في هذا الوقت كان مجلس النواب قد انتهى من اصدار قانون اعطاء القروض للمحامين ولا ينقصه الا توقيع رئيس الجمهورية عندما حضر المحامي بسرعة الى عند مطانيوس وهويقول: لقد وافق المجلس على قانون اعطاء القروض للمحامين ولذلك يجب تحضير اوراقي التي تثبت انني محام.
فأجابه مطانيوس ضاحكا:
– ليس من الضروري ان تفعل ذلك لان اسمك داخل في الاسباب الموجبة للقانون.
* * *
شرف، هيك بينقصوا واحد
والمعلوم ان المحامي مطانيوس عيد ينتقد الجميع وهم يتقبلون منه انتقاداته لانهم يعلمون انه يتحلى بطيبة القلب: وفي جنينته الشهيرة يجتمع الاستاذ عيد مع عدد كبير من القضاة والمحامين ينتقد خلال الجلسة بعض المواقف التي لا تنسجم مع قناعاته. وفي احد الايام التقاه احد المحامين النواب الذي تربطه بمطانيوس علاقة صداقة حميمة وقال له:
– ايمتى رح نجتمع عندك يا مطانيوس حتى نحكي بالناس وننتقدهم؟
فأجابه مطانيوس فورا وهو يضحك.
– شرف ساعة ما بدك هيك بينقصوا واحد.

* * *
الجاحظ وابن الزيات
وزار مرة النائب اوغست باخوس في مكتبه في البوشرية وقال له:
– يا استاذ، ان الجاحظ قد اشتهر بعد ان اهدى احد كتبه لإبن الزيات، اما انا فقد اهديتك كتابين عن الايجارات والهبة ولا ازال مكاني ومن دون شهرة.
* * *
والد الفقير
واثناء دخولنا مرة الى احد قصور العدل اقترب منه احدهم وهو يطلب منه مالا قائلا له:
– انت والد الفقير
فنهره مطانيوس بشدة وهو يقول له:
– لا تقل ذلك لانني اعرفك منذ عشرين سنة ولا تزال فقيرا.
** *
ما عدا مطانيوس عيد
ودخول الاستاذ عيد الى العدلية يعني ان مجموعة كبيرة من المحامين سوف تتحلق حوله للاستفادة من علمه وثقافته من جهة وللاستماع الى طرائفه من جهة ثانية.
يخبر انه دخل مرة الى مكتب احد اصدقائه القضاة الذي أصدر حكما ضده وقال له مازحا:
– ارجو يا سيدي في المرة القادمة عندما تصدر حكما ضدي ان تكتب “باسم الشعب اللبناني” ما عدا مطانيوس عيد لانه لا يمكن ان تحكم باسمي وضدي.
** *
لا يفهمون طرائفي
والمعلوم كما اسلفنا ان الاستاذ عيد يكره السياسة والاحزاب وينتقد بعضها. وعندما طلب منه احدهم بأن يخفف انتقاداته لاحد الاحزاب والتي تحصل عن طريق القاء النكات ضده، فأجابه مطانيوس:
– انهم لا يفهمون طرائفي ولو فهموها لكانوا هاجموني من زمان.
* * *
الاجراءات الطبية
وينتقد الاستاذ عيد الاجراءات الطبية التي يتخذها بعضهم كوضع كيس مياه ساخنة على رجلي المريض ويقول:
– كيف تريده ان يشفى وهم يضعون كيس مياه ساخنة على رجليه في حين ان ايام زمان كانت تجلس حورية لتشفيه.
* * *
يخبر طرائف جوزيف الاخطل
والتقاه مرة المحامي جوزيف بشارة الخوري ابن الاخطل الصغير فرأه يضحك مع مجموعة كبيرة من المحامين ثم مر بسرعة بالقرب من الاستاذ خوري بعد ان رفع يده علامة الترحيب. فأستوقفه هذا الاخير وقال له:
– لماذا تضحك معهم وتمر بقربي بسرعة؟
فأجابه مطانيوس فورا:
– لانني عندما كنت معهم كنت اخبرهم طرائفك اما معك فماذا اخبرك؟
* * *
ايام المدرسة
ويتذكر مطانيوس ايام المدرسة عندما كان مجبرا على التكلم مع رفاقه باللغة الفرنسية تحت طائلة استلامه ال signal ويقول في هذا المجال:
– كنت منذ الثامنة صباحا استلم ال signal ويبقى معي طوال النهار واتكلم ما اشاء طوال النهار في حين ان احد رفاقي وهو صديق كبير لي ومحام شهير كان يبقى صامتا طوال النهار حتى لا يلفظ كلمة عربية واحدة. وفي آخر الدوام كنت استفزه فيشتمني، فأقول له: voilà le signal
“محكمة” – الخميس في 2019/3/21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!