المرتضى: على ممتطي العدالة التوقّف عن المتاجرة بآلام الثكالى وأوجاع المكلومين
دعا وزير الثقافة القاضي محمّد وسام المرتضى “ممتطي العدالة، (“سبع البرومبة”، هو ومعلّمه ومن لفّ لفّهما ومن هم وراءهما)”، إلى الكفّ عن “المتاجرةً بآلام الثكالى وأوجاع المكلومين، تريدون استعمال القضاء وسيلةً لمحاولة القضاء على الركن الأساس في الثلاثية الفولاذية التي تشكّل الدرع الحصينة لهذا البلد في وجه العدوان الاسرائيلي والمدّ التكفيري والضامنة لإستمرار الكيان ولواقع العيش معاً ولحرية الفكر والمعتقد والسدّ المنيع في مواجهة التطبيع.”
وأضاف المرتضى:“وسابقاً خرج ذهولاً من فم معلمك أنّه يريد ثلاثية الشعب والجيش والقضاء وصرفنا نظراً وقلنا (ظنّ خيراً ولا تسل عن الخبر) وانّ الأمر مجرّد ( صف حكي) لكن تبيّن أنه ما اضمر امرؤٌ شيئاً الاّ وظهر في فلتات لسانه. فكفّوا، فإنّكم منهزمون”.
وتابع المرتضى خلال افتتاحه المؤتمر الإسلامي العربي لمناهضة التطبيع التربوي الذي نظّمه مركز الأبحاث والدراسات التربوية واتحاد المعلمين العرب، “أمّا لحامي المؤسسات نقول أنت تعرف ما نعرف، وعلى بيّنةٍ مما نقول، ونعلم أنك مقدامٌ فأقدم وضعْ حدّاً لهذا المسلك رحمةً بالمؤسسة القضائية ورحمةً بهذا الشعب ورحمةً بهذا الوطن وضنّاً بالدستور.”
وقال الوزير المرتضى: تجتمعون اليوم في هذا المؤتمر لمناهضة التطبيع، وهأنذا أقف أمامكم بصفتي وزيراً للثقافة في الجمهورية اللبنانية لأعلن أنني أدعو إلى التطبيع ولأقطع جزماً ويقيناً أنّه لا مناص من التطبيع. لكن ما هو هذا التطبيع الذي أدعو اليه؟”.
وأضاف “التطبيع لغةً هو جعلُ الأمرِ موافقًاً للطبيعة. أمّا الإحتلال الاسرائيلي فهو مخالفٌ للطبيعة مناقضٌ للقيم الإنسانية ومجافٍ للشرائع الدولية والحقوق الوطنية والقومية،
والتطبيعَ الحقيقيَّ، الذي أدعو اليه، والذي أرى أنه لا محيد عنه، يكونُ بإعادة الأمور إلى طبيعتِها، أي بإجتثاث الاحتلال وتحرير الأرض واسترجاع الحقوق، فلا والف لا للتسليم بالإحتلال أو لتسويق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية معه.
والأخطرُ في الاحتلال الإسرائيلي، أنه لا يستهدفُ الأرضَ فقط، بل تاريخ شعبِنا وتراثَه. فهو ينتحلُ لنفسِه كلَّ إنجازٍ حضاريٍّ راكمته العصور في بلادِنا، بدءًا من أنواع الأطعمة والمآكل، وصولًا إلى أرقى الأساطير الشعبية والمعتقدات الفلسفية التي كان لها الدور الفاعل في تكوين الحضارة البشرية. هذا يدفعُنا إلى عَقْدِ العزائمِ والأفكار على العمل بصورةٍ إيجابيةٍ لإبراز عناصر شخصيَّتِنا القومية، بمقوِّماتِها الثقافية ومكوِّناتِها الاجتماعية، لإيضاح حقيقتِنا الحضارية التي تفضحُ ادِّعاءاتِ الاحتلال وبطلانَها، أي أن نبادرَ إلى الفعلِ ولا نكتفي بردّات الفعل.
ورأى المرتضى أن “الوجدان الشعبي العربي من المحيط إلى الخليج، ما زالت قلوبُه تنبضُ وحناجرُه تهتفُ بفلسطين. وهو، بالرغم من أي سياسة رسمية مغايرةٍ انتهجتها بعضُ الحكومات، ما زال مؤمناً باسترجاع ما سُلِبَ من أرضٍ وحقّ. من هنا تكونُ مواكبةُ هذه الآمال والتطلعات بنشرِ المزيدِ من الوعيِ التربوي والمعرفي والقانوني، واجبًا لا بدَّ منه لتبقى الأجيالُ القادمة أمينةً على قضية لن تنتهي إلا بالانتصار الحتمي”.
وأردف “لقد استفاد الكيانُ المغتصب بامتداداته في المحافل الدُّوَلية والمجتمعات الغربية، مما أحدثَتْه الثورة الرقمية، فراح يسوِّق لمستوطنيه كلَّ فضيلةٍ وللعربِ كلَّ نقيصة، ويُظهِرُ أهلَ فلسطين ظالمين معتدين، والغزاةَ روَّادَ حداثةٍ في حالة الدفاع عن النفسِ. كما روِّجَ لتعابير وأفكارٍ ومصطلحات تزوِّرُ الماضي وتشوِّهُ الحاضر، واستبدلَ بالأسماءِ التاريخية للمدن والقرى والأماكن، أسماءً جديدةً لا تمتُّ إلى واقعِ البيوتِ والحقولِ والناسِ والشجر، والزَّرْعِ والضَّرْعِ بِصِلة؛ في محاولة لاقتلاعِ الذاكرة من جذورِها. حتى باتت أجيالٌ كثيرة في العالم تتلقّى منذ صفوفِها المدرسية تعاليم مشوَّهةً عن المنطقة العربية وعن فلسطين، فيها توقيرٌ للصهاينة وتحقيرٌ للعرب. محاولةٌ، وإن لم يُقيَّضْ لها النجاحُ المبرَمُ بعد، فإنها تسير على قدمٍ وساق، مستغلَّةً تعاطفًا مصلحيًّا من هنا، وتأييدًا عاطفيًّا من هناك، وانخراطًا دائمًا في مشاريع الاستحواذ على المنطقة وثرواتِها من قبل المصالح الاقتصادية للدول المتقدمة وشركاتِها العابرة، في مقابل تشرذم القوى العربية وفقدانِ معظمِها لخطةِ مواجهةٍ علميةٍ واضحة”.
واكد ان “هذا كلُّه يعيدُنا إلى نقطةِ البَدْءِ في أيِّ مشروع، وهي(الوعي المعرفي)؛ فالجهلُ لا يصلحُ سبيلًا للمقاومة، ولا يُنتِجُ انتصارًا، اما المعرفةُ فهي سلاحٌ فعّالٌ جدًّا في مقارعة الاحتلال. هذا يُكْسِبُ مؤتمرَكم أهميةً قصوى، لأنه يعالجُ سبُلَ المواجهة من زاوية التربية، ويسعى إلى حمايةِ الناشئةِ في العالم كلِّه، من المناهج والمعلومات والدراسات التي تبرمجُ عقولهم على ما يخالفُ الحقيقةَ التاريخية ويناقضُ المبادئ الإنسانية”.
وسأل المرتضى “هل أهمُّ من بيروتَ منبرًا لمثل هذه القضية السامية؟ فلبنان كان وسيبقى النقيض للكيان المغتصب وبيروت ستستمر رأس حربة في مواجهة التطبيع معه وعاصمةً للكرامة والانتصار التي فرَّ المحتلون من شوارعِها وهم يستجدون المقاومين أن “أوقفوا إطلاقَ النارِ علينا فنحن خارجون”.
وتوجه للاخوة العرب بكل محبة قائلا: ” لا غنى لكم عن بيروت فهي عاصمةُ العروبة التي تخرَّجَتْ من جامعاتِها عقولٌ عربيةٌ نيرةٌ تبوأَت أعلى المناصبِ في السياسة والعلوم والمجتمع، وهي عاصمةُ الفكر التي منها انطلقت العقائدُ السياسية والأحزابُ الوحدويةُ والتياراتُ القومية الجامعة، هي عاصمةُ الثقافة التي أوقدت للعربِ شعلةَ النهضة ومصباحَ الحداثة، وهي أكثرُ عواصم العالم استحقاقًا لاحتضان قضايا الإنسانِ والقيم، والفكر والمعرفة والوطنية”.
ولممتطي العدالة، (لـ”سبع البرومبة”، هو ومعلمه ومن لفّ لفّهما ومن هم وراءهما)، قال المرتضى كفى متاجرةً بآلام الثكالى وأوجاع المكلومين، تريدون استعمال القضاء وسيلةً لمحاولة القضاء على الركن الأساس في الثلاثية الفولاذية التي تشكّل الدرع الحصينة لهذا البلد في وجه العدوان الاسرائيلي والمدّ التكفيري والضامنة لإستمرار الكيان ولواقع العيش معاً ولحرية الفكر والمعتقد والسدّ المنيع في مواجهة التطبيع، تريدون ذلك.
وسابقاً خرج ذهولاً من فم معلمك أنه يريد ثلاثية الشعب والجيش والقضاء وصرفنا نظراً وقلنا (ظن خيراً ولا تسل عن الخبر) وان الأمر مجرد ( صف حكي) لكن تبيّن أنه ما اضمر امرؤٌ شيئاً الاّ وظهر في فلتات لسانه. فكفّوا، فإنكم منهزمون…
أمّا لحامي المؤسسات نقول أنت تعرف ما نعرف، وعلى بينةٍ مما نقول، ونعلم أنك مقدامٌ فأقدم وضعْ حدّاً لهذا المسلك رحمةً بالمؤسسة القضائية ورحمةً بهذا الشعب ورحمةً بهذا الوطن وضنّاً بالدستور،
وللجميع نقول: نحن، كبيروت أم الشرائع التي تعقدون فيها مؤتمركم، نأبى إنصياعًا إلا للحق، ولن نركن الى الذين ظلموا”.
وأشار المرتضى الى ان “أحوالنا العامة المرهقة الناتجة عن سياساتٍ بائسةٍ وتراكم فسادٍ وتسيّبٍ وهدرٍ ومكائد وحصار فهذه الأحوال لا بدَّ من مواجهتِها بخطةٍ اقتصادية إنمائية يقتضي العمل على تنفيذِها، شبيهةٍ بما تسعونَ إليه أنتم في هذا المؤتمر من خطة مواجهةٍ تربوية. وكلُّنا أملٌ في أن يتمَّ ذلك بأقصى سرعةٍ عندما تزول الأسباب التي أوقفَت عجَلةَ مجلس الوزراء، أما زوال الأسباب التي أوقفت عجلة هذا المجلس فتكون بتطهير المحراب من الرجس وبالتزامِ المعنيين جميعًا أحكامَ الدستور والقوانين النافذة”.
وختم معتبرا انه “تبقى في القلبِ غُصَّةٌ، أنَّ مقاومًا ثقافيًّا من الدرجةِ الأولى رافضًا لأيِّ شكلٍ من أشكال التعاطي مع الكيان الإسرائيلي، مناهضًا لمشاريع تفتيت هذه المنطقة في السياسة والثقافة والاجتماع، غيَّبَه الموتُ عنّا وهو في قِمَّةِ عطائه وأَوْجِ الحاجةِ إليه، فضمَّه ثرى بيروت، فيما بقي نضالُه متقدًا في سمائها. رحمَ الله سماح إدريس، وليكنْ نهجُه النضاليُّ مثالًا لأبناءِ أمتنا جمعاء”.
“محكمة” – الخميس في 2021/12/9