مقالات

لمحاسبة المسؤولين عن فرار السجناء من نظارة عدلية بعبدا/محمّد مغربي

المحامي الدكتور محمّد مغربي:
بالإضافة إلى كلّ الكوارث الوطنية الشديدة التي حلّت بالشعب اللبناني أثناء الأشهر الماضية، وقعت عشية يوم عيد الإستقلال كارثة وطنية جديدة لا تقل شأناً عن سابقاتها، أعني بها حادثة “فرار” 69 من المحتجزين في نظارة قصر العدل في جبل لبنان، بعبدا، وما نتج عنها من مقتل خمسة منهم في الحدث في ظروف غامضة.
وليس الفارون أبداً من السجناء المحكوم عليهم، بل هم من الموجودين مؤقتاً في النظارة من أجل النظر في أمرهم. وهم عادة وعامة من فئتين. وتتألف الفئة الأولى من الذين تمّ احتجازهم من جانب احدى فصائل قوى الأمن الداخلي وتمّ تسليمهم إلى النيابة العامة الإستئنافية فإمّا يتركون أحراراً مباشرة أو يسلمون إلى قاضي التحقيق للنظر في أمر توقيفهم أو تركهم أحراراً، أو يدعي عليهم النائب العام أو أحد المحامين العامين مباشرة وموقوفين أمام القاضي المنفرد الجزائي.
وأمّا الفئة الثانية فتتألف من موقوفين بموجب مذكّرة توقيف أو إلقاء قبض نظامية وجيء بهم إلى النظارة لحضور جلسة تحقيق أمام قاضي التحقيق أو المحاكمة أمام احدى محاكم الجزاء.
وفي الحالتين، فإنّ وجود المحتجزين في النظارة هو طارىء ومؤقّت ووجيز. ولم يكن هناك يوم السبت من جلسات تحقيق أو محاكمة!
وتؤلّف هذه الكارثة الوطنية حالة من الإنتهاك الخطير والمتمادي لحقوق الأنسان وتطرح الأسئلة الآتي ذكرها:
1- فهل أنّ الــ 69 محتجزاً في نظارة بعبدا يوم السبت في 21 تشرين الثاني 2020 هم من الذين تمّ احتجازهم بوسيلة مشروعة هي مذكّرة التوقيف الإحتياطي الصادرة عن قاضي تحقيق أو مذكّرة التوقيف المتلازمة مع الإدعاء المباشر الصادر عن النيابة العامة أمام القاضي المنفرد الجزائي؟ أم أنهم من المحجوزة حرّيتهم بصورة غير شرعية ممّا يؤلّف جناية تقع تحت طائلة العقوبات؟ ومن هم المسؤولون عن حالات حجز الحرّية؟
2- كيف يجوز انسانياً حشر 69 إنساناً في مساحة النظارة التي لا تتجاوز 30 متراً مربعاً ومن هو المسؤول عن هذه الحالة الشاذة؟
3- كيف مات في الحدث على مقربة من أبواب المجلس الدستوري خمسة من المحتجزين الفارين وهل تمّ ذلك بحادث سير كما أشيع أو تمّ قتلهم ؟
4- لماذا أنّ الأغلبية العظمى من المحتجزين الفارين هم من المسلمين، في حين أن المسلمين أقلية في محافظة جبل لبنان؟ وما هي حالة البؤس الشديد التي يعانون منها والتي أوصلتهم إلى نظارة بعبدا؟
في خطابه بمناسبة ذكرى الإستقلال وعد رئيس الجمهورية بمكافحة الفساد، فهل أن هناك فساداً أكثر من حالة الفساد وإنتهاك حقوق الإنسان التي تمثلها نظارة قصر العدل في بعبدا ولا سيّما في 21 تشرين الثاني 2020؟
لذا فإنني أدعوه إلى أخذ المبادرة بما له من سلطة معنوية، بالدفع إلى اتخاذ الخطوات التالية:
أوّلاً: تحميل المسؤولية عن هذه الكارثة الوطنية في المبدأ على المراجع المسؤولة عنها، إنْ بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهي: (1) الرئيس الأوّل لمحكمة الإستئناف في جبل لبنان و(2) آمر نظارة قصر العدل في بعبدا و(3) قائد سرية جبل لبنان و(4) مدير عام قوى الأمن الداخلي، ورؤسائهم في السلطة التنفيذية وهم (1) وزيرة العدل و(2) وزير الداخلية، وإقالتهم جميعاً وإلاّ كفّ يدهم بانتظار التحقيق.
ثانياً: فتح تحقيق سريع في حالات حجز الحرّية لدى المحتجزين والإدعاء على المتسبّبين بها وإخلاء سبيل المحجوزة حرّيتهم دون تأخير.
ثالثاً: فتح تحقيق سريع في حادثة مقتل خمسة من الفارين في الحدث قرب باب المجلس الدستوري وتوقيف المسؤولين عنها وملاحقتهم.
رابعاً: دراسة أسباب أنّ الغالبية العظمى للمحتجزين في نظارة بعبدا هم من المسلمين في حين أنّ المسلمين هم أقلية من سكّان محافظة جبل لبنان ومعالجة هذه الأسباب.
“محكمة” – الخميس في 2020/11/26

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!