أبرز الأخبارمقالات

الهيئة العامة لمحكمة التمييز:”استئناف إيجارات بيروت” لم تخطئ في تطبيق القانون/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
اعتبرت الهيئة العامة لدى محكمة التمييز المؤلّفة من الرئيس الأوّل جان داود فهد والرؤساء التمييزيين جوزف سماحة وجان عيد وميشال طرزي وغسّان فواز وسهير الحركة أنّ محكمة الاستئناف في بيروت (الغرفة الحادية عشرة) لم تخطئ في تطبيق القانون خصوصاً وأنّ الفريقين لم يبادرا إلى تطبيق الآلية المنصوص عليها في القانون، بالاضافة إلى أمور أخرى بحثتها في قرارها.
وقضت بردّ الدعوى لعدم توافر جدّية أسبابها. وكانت على اثر صدور قانون الايجارات في العام 2014، قد قدّمت عدّة دعاوى من هذا النوع أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز ضدّ قرارات محكمة استئناف بيروت – الغرفة الحادية عشرة التي يترأسها القاضي أيمن عويدات. وقد ردّتها الهيئة العامة جميعها لعدم جدّية الأسباب المدلى بها.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2017/6/12:
بناء عليه،
أوّلاً: في الشكل:
حيث إنّ المراجعة جاءت مستوفية شروطها الشكلية كافة، فتكون مقبولة شكلاً،
ثانياً: في مدى توافر الجدية في الاخطاء الجسيمة المدلى بها.
– في السبب الأوّل: حيث إنّ الجهة المدعية تعيب على المحكمة مصدرة القرار المشكو منه الخطأ الجسيم في ردّ طلب ادخال بلدية بيروت، مدليةً بأنّها تقدّمت بلائحة أمام المحكمة المذكورة بتاريخ 2015/1/17 طلبت فيها ادخال بلدية بيروت في الدعوى، وان المحكمة مصدرة القرار المشكو منه أعطت رأياً مسبقاً عندما عبّرت بمعرض جلسة اختتام المحاكمة التي انعقدت بتاريخ 2015/6/8 عن رأيها بصدد الادخال وطلب ابلاغه من بلدية بيروت وصرّحت بلسان رئيسها بأنّها في مطلق الأحوال سوف تردّ هذا الطلب ولا حاجة لابلاغه، وان المحكمة ردّت في قرارها المشكو منه طلب الادخال دون إبلاغ بلدية بيروت المطلوب ادخالها، وجاء قرارها منطوياً على تجاهل للأحكام القانونية الملزمة لجهة وجوب ابلاغ المطلوب ادخاله أوراق الدعوى قبل تقرير الادخال من عدمه، وذلك وفقاً لأحكام المادة 39 أ.م.م.
وحيث انه من مراجعة اوراق الملف، يتبيّن أنّ الجهة المستأنفة (اي المطلوب ادخالها الدعوى) قدمت بتاريخ 2015/1/19 لائحة طلبت فيها ادخال بلدية بيروت في المحاكمة ودعوتها لسماع الحكم لجهة عدم قابلية العقار لاعادة البناء على ضوء عدم اتصاله بالطريق العام بواسطة طريق صالح لسير السيارات، ولبيان موقفها من الترخيص ببناء في عقار غير متصل بالطريق العام، ولاظهار الحقيقة وصيانة حقوق الخصوم او احدهم وتسهيلاً للحكم في النزاع،
وحيث انه من مراجعة القرار المشكو منه، يتبين ان المحكمة مصدرته اوردت في باب الوقائع انه، في الجلسة التي انعقدت بتاريخ 2015/6/8 والتي اختتمت فيها المحاكمة، لم يحضر احد عن المطلوب ادخالها بلدية بيروت التي تبين انها غير مبلغة موعد الجلسة، فتقرّر ضمّ طلب الادخال الى الاساس، ومن ثم اعتبرت ان طلب ادخال الغير لسماع الحكم إنّما يهدف الى جعل الحكم سارياً عليه سريانه على الخصوم بالذات وتفادي احتمال الطعن به بطريق اعتراض الغير أو احتمال تمسك الغير بقاعدة الأثر النسبي للقضيّة المحكوم بها، مما يستوجب ان يكون هذا الغير من الاشخاص الذين كان بالامكان اختصامهم عند رفع الدعوى، وان صفة الغير الجائز طلب ادخاله، غير متوافرة في بلدية بيروت كونها غير معنية بصورة مباشرة او غير مباشرة بالقرار الصادر بنتيجة دعوى الاسترداد وغير ملزمة به، ذلك ان البلدية تتخذ القرار بالترخيص بالهدم واعادة البناء وفق القوانين المرعية الاجراء وبصرف النظر عن قرار المحكمة بالترخيص بالاسترداد او عدمه، وان ادخال الغير من اجل جلاء الحقيقة طلب محصور بالمحكمة دون الخصوم اذا رأت فائدة من ذلك وفق المادة 45 أ.م.م.، وان المحكمة وفي معرض السلطة المعطاة لها في اتخاذ التدابير التحقيقية التي تراها مناسبة قد استعانت بالخبير جوزف غطّاس لبيان مدى قابلية العقار حيث المأجور للهدم واعادة البناء وكلّفته بمراجعة البلدية والمراجع المختصة، فقصد رئيس دائرة المباني في بلدية بيروت وفق ما ورد في تقريره، الامر الذي تنتفي معه الحاجة الى ادخال البلدية لاستيضاحها، وانتهت الى رد طلب الادخال شكلاً،
وحيث انه ولئن نصت المادة 38 أ.م.م. على انه يجوز ادخال الغير في المحاكمة بناء على طلب احد الخصوم لاجل اشراكه في سماع الحكم، او لاجل الحكم عليه بطلبات متلازمة مع طلبات احد الخصوم او لاجل الضمان، ولئن نصت المادة 39 على انه يقدم طلب التدخل او الادخال بموجب لائحة، تبلغ الى ذوي العلاقة بمن فيهم المطلوب ادخاله، الا ان المادة 45 من القانون عينه حصرت بالمحكمة الناظرة في النزاع الحق في ان تقرر ادخال شخص ثالث في المحاكمة اذا رأت ان من شأن هذا التدبير ان يسهل الحكم في الدعوى الاصلية ويؤدي الى اظهار الحقيقة، وان فيه فائدة لصيانة حقوق الخصوم او احدهم او حقوق المقرر ادخاله،
وحيث ان طلب ادخال بلدية بيروت كما هو وارد في لائحة الجهة المدعية التي قدمتها امام محكمة الاستئناف والمذكورة اعلاه انما يهدف الى بيان موقف بلدية بيروت المطلوب ادخالها من الترخيص بالبناء على العقار حيث يقع المأجور ولاظهار الحقيقة وصيانة حقوق الخصوم او احدهم وتسهيلاً للحكم في النزاع، ما يعني ان الهدف من طلب الادخال هو اظهار الحقيقة وصيانة حقوق الخصوم، وبالتالي فهو يتمحور حول اتخاذ تدبير تحقيقي من شأنه ان يساهم في جلاء الحقيقة، وان هذا الحق محصور وفق صراحة نص المادة 45 المذكورة بالمحكمة التي، وبمقتضى سلطتها التقديرية في اتخاذ التدابير التحقيقية، يعود لها ان تقرر ادخال الغير في المحاكمة للهدف المذكور،
وحيث انه في ضوء ما تقدم، لا تكون المحكمة مصدرة القرار المشكو منه قد خالفت الاحكام القانوينة الملزمة عندما اعتبرت ان لا فائدة من الادخال وردت طلب الادخال شكلاً دون ابلاغه من بلدية بيروت المطلوب ادخالها، ولا تكون قد ارتكبت اي خطأ جسيم، الامر الذي يقتضي معه رد ادلاءات الجهة المدعية ضمن هذا السبب،
– في السبب الثاني:
حيث ان الجهة المدعية تعيب على المحكمة مصدرة القرار المشكو منه خطأ جسيماً ثانياً يتمثّل في اهمال تطبيق ما تضمنه قانون الايجارات الجديد بتاريخ 2014/5/8 لجهة وجوب تكليف خبيرين لتخمين قيمة المأجور موضوع الاسترداد للهدم موضحةً انها بمعرض المحاكمة الاستئنافية أنّ قانون الايجارات الصادر بتاريخ 2014/5/8 هو القانون الذي أمسى واجب التطبيق على دعوى الاسترداد للهدم وان تخمين تعويض الاسترداد يتم وفقاً للمادة 23 من القانون المذكور على اساس بدل المثل الذي يحدد وفقاً للاسس المنصوص عليها في هذا القانون، وان المجلس الدستوري اصدر القرا رقم 2014/6 قاضياً بالابطال الجزئي للقانون المشار اليه كونه يتصف بطابع القانون البرنامج، وانه بالنظر لعدم تكوين صندوق المساعدات الملحوظ في القسم الاول من الباب الثاني منه وعدم تعيين اصول تحديد بدل المثل، فإن قانون الايجارات الجديد يكون غير قابل للتطبيق في المرحلة الحاضرة، موضحةً انها طلبت استئخار البت في الدعوى لحين استكمال القانون، الا ان القرار المشكو منه اكد على وجوب اعمال النصوص القانونية التي تضمنها هذا القانون مع حفظ حق الجهة المستأجرة بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها لها على ان تدفع لها عند انشاء الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية، وان القرار المشكو منه توصل الى تقرير نفاذ القانون الجديد بالرغم من ابطال بعض مواده من قبل المجلس الدستوري، في حين ان المواد التي جرى ابطالها مرتبطة ومتكاملة مع المواد الاخرى من القانون ولا يمكن تطبيقها بمعزل عن المواد التي جرى ابطالها،
كما ادلت الجهة المدعية بأنه وعلى الرغم من عدم امكانية تطبيق الاحكام القانونية لقانون الايجارات الجديد لارتباطها بالمواد التي ابطلها المجلس الدستوري، فإن القرار المشكو منه اصر على تطبيقها واضعاً نفسه مكان المشترع طارحاً حلولاً من شأنها مفاقمة الازمة بدلا من تخفيفها، ولاسيما انه لتحديد بدل المثل الذي يتخذ اساساً لاحتساب تعويض الاسترداد لاجل الهدم واعادة البناء وفقاً لاحكام المادة 22 من قانون الايجارات الجديد، لا بد من اتباع الاجراءات التي لحظها القانون المذكور في المادة 18 منه، واهمها ان تحديد بدل المثل يمكن ان يتم رضاءً بين المؤجر والمستأجر على ان يخضع هذا البدل لقرار اللجنة في حال طلب المستأجر منها الحصول على مساهمة مالية من الصندوق، واذا لم يجر التوصل الى تحديد بدل المثل رضاءً، فيستعين المؤجر بخبيرين يتوليان تخمين بدل المثل للمأجور وابلاغ قرار التخمين من المستأجر الذي يمكنه اما الموافقة على التخمين او التقدم بتقرير تخمين مقابل، وذلك وفقاً للاصول والشروط المحددة في المادة 18 المذكورة، وان القرار المشكو منه لم يطبق ما تضمنته المادة 18 لجهة اصول تحديد بدل المثل كما عمد الى تعيين خبير فرد اوكل اليه مهمة محدّدة في متن القرار الصادر بتاريخ 2013/6/27 اي قبل صدور قانون الايجارات الجديد الذي لحظ ضرورة الاستعانة بخبيرين في المحافظة مسجلين لدى المحاكم، كما ان المادة 19 حددت ما يجب ان يتضمنه تقرير الخبير تحت طائلة البطلان، اضافة الى ان الجهة المطلوب ادخالها لم تعرض في الاصل على الجهة المدعية تحديد بدل المثل بالرغم من اعتبارها ان قانون الايجارات الجديد هو الواجب التطبيق فتكون المحكمة مصدرة القرار المشكو قد ارتكبت خطأ جسيماً بتطبيقها احكام المواد 3 الى 37 من قانون الايجارات الجديد وبإغفال المفاعيل المنبثقة عن عدم امكانية تطبيق احكام قانون الايجارات الجديد المرتبطة بالمواد التي جرى ابطالها من قبل المجلس الدستوري، واغفال ما ادلت به المدعية من دفوع واقوال ومطالب لجهة عدم امكانية تطبيق قانون الايجارات الجديد، واعتبار القاضي المنفرد مختصاً بدلاً من اللجنة التي جرى ابطالها من قبل المجلس الدستوري واعتبار ان لهذه اللجنة الصفة القضائية، واهمال احكام المادة 18 من قانون الايجارات الجديد التي حددت آلية واصول تعيين بدل المثل الذي يعتمد كأساس في احتساب تعويض الاسترداد.
وحيث ان المحكمة مصدرة القرار المشكو منه بحثت اولاً في مدى وجوب تطبيق قانون الايجارات الصادر في 2014/5/8 فاعتبرت انه يقتضي التأكيد على وجوب اعمال النصوص القانونية التي تضمنها قانون الايجارات الجديد الصادر بتاريخ 2014/5/8 باستثناء تلك المتعلقة بزيادة بدلات الايجار للمستأجرين الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى الاجور اذا تقرر الموافقة على منحهم مساعدة الصندوق، وذلك لحين تنفيذ قرار الموافقة بعد انشاء الصندوق وتنظيم آلية عمله من قبل السلطة التنفيذية (…)، وانه في ما يتعلق بالمساعدة التي يطلبها المستأجر في الحالات التي لا علاقة لها ببدل المثل، اذا كان من فئة المستأجرين الذين يحق لهم طلب المساعدة من الصندوق المنشأ وسائر ما تضمنه القانون من مهام تتعلق باللجنة، فإن تلقي وبت طلب المساعدة من المستأجر يعتبر لهذه الجهة متصفاً بالصفة الرجائية، وهو اسوة بالقرارات الرجائية التي تصدر عن القضاء بصفته مرجعاً رجائياً في بعض المواضيع والاختصاصات، فإنه بإبطال اللجنة من قبل المجلس الدستوري يعود اختصاص النظر بهذا الامر الى المرجع القضائي العادي اي القاضي المنفرد الناظر في قضايا الايجارات والإشغال الذي يتلقى الطلبات الرجائية المتعلقة بالمساعدة من المستأجرين الذين يحق لهم طلبها ويفصل بها بموجب سلطته الآمرة الرجائية وينفذ قراره وفق الآلية المحددة لهذه الغاية في القانون الجديد.
كما اعتبرت انه بسبب عدم انشاء الصندوق المخصص بمساعدة المستأجرين وتنظيمه من قبل السلطة التنفيذية لا يعود من مجال لاعمال وتنفيذ القرارات التي تصدر عن القاضي المنفرد كون المادة 8 من القانون المذكور نصت صراحة على تعليق مهلة دفع الزيادة على بدل الايجار الناتجة عن تنفيذ هذا القانون الى حين نفاذ القرار بالموافقة على المساهمة او بعدمها، اما لجهة سائر المساعدات والمساهمات من الصندوق الخاص خاصة تلك المتعلقة بحق الاسترداد المعطاة للمالك لقاء تعويض يدفع للمستأجر، فإن النصوص المحددة لآلية منح هذه المساعدات والمساهمات للمستأجر لم تفرض تعليق نفاذ الاسترداد لحين تنفيذ القرار القاضي بالموافقة على هذه المساعدة نتيجة الاسترداد باعتبار ان هذه المساعدة تتعلق بالمستأجر والادارة ولا علاقة للمالك بها، ما يعني ان قرار الاسترداد ينفذ ويسلم المأجور للمالك لقاء التعويض المحدد من المحكمة على ان يحفظ حق المستأجر بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها له بموجب قرار صادر عنه على ان تدفع له عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية،
وحيث ان المحكمة انتقلت بعدها الى البحث في مدى تحقق شروط الاسترداد موضوع النزاع وتوصلت الى القول بتحقق تلك الشروط، ومن ثم وفي اطار بحثها في مقدار التعويض لقاء الاسترداد استندت الى احكام المادتين 55 و32 من القانون الجديد للايجارات وتوصلت الى تطبيق المادة 32 الاخيرة، وبالتالي الى اعتبار انه يقتضي تطبيق الاسس المحددة في القانون الجديد للتعويض عد اقرار حق المالك في استرداد المأجور، واعتبرت انه تطبيقاً للمادة 22 من القانون الجديد انه عند استرداد المأجور للهدم يدفع المالك للمستأجر تعويضاً يوازي بدل ايجار ست سنوات محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده وان المادة 20 من القانون المذكور حددت بدل المثل بنسبة 5% من القيمة البيعية للمأجور في حالته القائمة في ما لو كان خالياً، ومن ثم استندت الى تقرير الخبير المعين استئنافاً في تقدير قيمة المأجور وفي تحديد التعويض، وقررت بالتالي تصديق الحكم الابتدائي جزئياً لجهة الترخيص للجهة المالكة باسترداد المأجور وتعديل قيمة التعويض المحكوم به تخفيضاً بحيث تصبح /40,290/ د.أ. بدلاً من /55,000/د.أ. وبحفظ حق المستأجرتين سهام وريتا رعد بالحصول على المساعدة نتيجة استرداد المالك للمأجور موضوع النزاع، بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها لهما بموجب قرار صادر عنه، على ان تدفع لهما عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية،
وحيث انه، من جهة اولى، وبالنسبة لادلاء الجهة المدعية باهمال تطبيق الآلية المقررة في قانون الايجارات الصادر في العام 2014، فإن المادة 22 من هذا القانون نصت في الفقرة الثانية منها على انه اذا رغب المالك في استرداد المأجور اثناء السنة الاولى من الفترة التمديدية (النسوات التسع) لاجل هدم البناء الذي يقع فيه المأجور، واقامة بناء جديد مكانه فعليه ان يدفع للمستأجر تعويضاً يوازي بدل ايجار ست سنوات محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده،
وحيث ان المادة المذكورة اشارت الى ان احتساب التعويض عند الاسترداد للهدم يتم على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده، ما يعني انه لا بد من الاستناد الى بدل المثل الذي جرى تحديده وفقاً للاحكام التي نص عليها قانون الايجارات المذكور في المواد 18 وما يليها منه،
وحيث ان المادة 18 المذكورة نصت على انه يجري تحديد بدل المثل:
أ‌- رضاءً بالاتفاق في ما بين المؤجر والمستأجر على ان يخضع هذا البدل لقرار اللجنة في حال طلب المستأجر منها الحصول على مساهمة مالية من الصندوق،
ب‌- اذا لم يجر التوصل الى تحديد بدل المثل رضاءً بالاتفاق بين المؤجر والمستأجر خلال الاشهر الثلاثة الاولى التي تلي تاريخ نفاذ هذا القانون، فيكون للمؤجر ان يتبع الاجراءات التالية:
1- يستعين المؤجر بخبيرين من قائمة الخبراء المحليين في المحافظة المسجلين لدى المحاكم، يكون احدهما مهندساً مدنياً او معمارياً والثاني ممن يعملون بالتخمين العقاري المسجلين في جدول الخبراء، يتولى الخبيران وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الاصول المنصوص عليها في المادة (19) من هذا القانون،
2- يقوم المؤجر بواسطة الكاتب العدل بإبلاغ تقرير التخمين لبدل المثل الى المستأجر الذي عليه وفي خلال شهرين من تبلغه التقرير اما الموافقة عليه واعتماده في تحديد بدل ايجار المثل او التقدم بتقرير تخمين مقابل عن طريق الاستعانة بخبيرين من قائمة الخبراء المحليين في المحافظة المسجلين لدى المحاكم، يكون احدهما مهندساً مدنياً او معمارياً والثاني ممن يعملون بالتخمين العقاري ومسجلين في جدول الخبراء، يتولى الخبيران المعينان من قبل المستأجر وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الاصول المنصوص عنها في المادة 19 من هذا القانون،
3- على المستأجر ابلاغ تقرير التخمين الموضوع من قبل الخبيرين المعينين من قبله الى المالك بواسطة الكاتب العدل خلال مهلة الشهرين الآنفي الذكر تحت طائلة سقوط حقه في الاعتراض على التخمين المرسل من المالك او حتى الادلاء بمضمون تقرير مقابل،
وقد لحظ البند الرابع من المادة 18 من القانون الصادر في العام 2014 اللجنة التي تتولى الفصل في النزاع حول بدل المثل، وان هذا البند قد ابطل بموجب قرار المجلس الدستوري تاريخ 2014/8/6،
وحيث ان قانون الايجارات الجديد رقم 2، والنافذ بتاريخ 2017/2/28 ، استعاد في المادة 18 منه ما ورد في المادة ذاتها من القانون الصادر في العام 2014، مضيفاً بنداً رابعاً اجاز فيه لكل من المؤجر والمستأجر، اذا اختلف التقريران، ان يلجأ الى اللجنة التي انشأها بموجب المادة 7 منه للفصل في النزاع الناشئ عن هذا الاختلاف،
وحيث انه يستفاد مما تقدم، ان القانون الصادر في العام 2014، ومن بعده القانون الجديد تاريخ 2017/2/28، اتاح للمؤجر والمستأجر تحديد بدل المثل رضاءً، ومن ثم اجاز كل من القانونين للمؤجر اتباع اجراءات في تحديد بدل المثل عبر تعيين خبيرين وفق ما هو مبين اعلاه، ونص كل منهما على الآلية التي تطبق عندها، اي عندما يبادر المؤجر الى الاستعانة بالخبيرين، في حال عدم التوصل الى تحديد البدل رضائياً،
وحيث انه من العودة الى القرار المشكو منه، يتبين ان المحكمة مصدرته قررت بتاريخ 2015/1/19 تكليف الفريقين بمناقشة مدى تطبيق المادتين 22 و32 من قانون الايجارات الصادر في العام 2014 على النزاع، ولم يتوافر في الملف ما يشير الى ان الفريقين بادرا الى اتباع الآلية المنصوص عليها في المادة 18 المذكورة التي تحيل اليها المادة 22 من القانون المشار اليه عبر الاتفاق رضاءً على تحديد بدل المثل، كما انه من الثابت ان المؤجر لم يبادر الى تعيين خبيرين وابلاغ تقريرهما من المستأجرتين وفق الآلية التي حددت القانون،
وحيث ان المستأنف عليه (اي المؤجر) اعتبر في لائحته تاريخ 2015/3/30 انه يعود للمحكمة تحديد بدل المثل وفق الاصول والمبادئ العامة، كما اكد في لائحته تاريخ 2015/6/8 على ان القانون الجديد هو الواجب التطبيق عملاً بالفقرة د من المادة 22 منه، في حين ان المستأنفتين (اي المدعتين) في لائحتهما تاريخ 2015/1/19 طلبتا استئخار النظر في الدعوى لحين استكمال القانون الجديد كونه موضوع ابطال جزئي وغير قابل للتطبيق بالنظر لعدم تكوين صندوق المساعدات وعدم تعيين اصول تحديد بدل المثل الواجب اعتماده لتقدير التعويض،
وحيث انه يستفاد مما تقدم انه، وعلى الرغم من وضع القانون الجديد موضوع المناقشة بين الفريقين، وعلى الرغم من ان هذا القانون نص على آلية تحديد بدل المثل، الا ان طرفي الدعوى لم يبادرا الى تطبيق هذه الآلية عبر الاتفاق رضاءً على تحديده، كما ان المؤجر (اي المطلوب ادخاله) لم يبادر الى تعيين خبيرين لتحديد بدل المثل، انما اعطى للمحكمة الحق في تقدير بدل المثل وفق القواعد العامة، ما ينطوي على تنازل ضمني عن الآلية المنصوص عليها في المادة 18،
وحيث انه استناداً الى مجمل ما تقدم، لا يمكن ان يعاب على المحكمة مصدرة القرار المشكو منه انها اهملت تطبيق الآلية المنصوص عليها في قانون الايجارات الصادر في العام 2014، وهي آلية منوط امر تطبيقها بالفرقاء وليس بالمحكمة التي وضعت القانون الجديد موضوع المناقشة بينهما،
وحيث ان المحكمة مصدرة القرار المشكو منه لا تكون قد ارتكبت اي خطأ جسيم في ما يتعلق بهذا الشق من السبب الثاني المدلى به،
وحيث انه، من جهة ثانية، وبالنسبة لادلاءات الجهة المدعية المتعلقة في الشق من السبب الثاني المتعلق بتأكيد القرار المشكو منه على وجوب اعمال النصوص القانونية التي تضمنها هذا القانون مع حفظ حق الجهة المستأجرة بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها لها على ان تدفع لها عند انشاء الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية، فإن المحكمة مصدرة القرار المشكو منه قررت، في البند الثاني من الفقرة الحكمية، حفظ حق المستأجرتين س. ر. ور. ر. بالحصول على المساعدة نتيجة استرداد المالك للمأجور موضوع النزاع، بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها لها بموجب قرار صادر عنه، على ان تدفع لهما عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية،
وحيث انه بتاريخ 2017/2/28 تم تعديل قانون الايجارات اذ صدر القانون رقم 2 بتاريخ 2017/2/28 والمنشور في الجريدة الرسمية بالتاريخ عينه، وان القانون المذكور انشأ في المادة الثالثة منه صندوقاً يهدف الى مساعدة المستأجرين المعنيين في هذا القانون ضمن شروط حددها، كما نص في المادة 58 منه على ما يلي: “خلافاً لأيّ نص مخالف، يعلق تطبيق احكام مواد هذا القانون المتصلة بالحساب بالمساعدات والتقديمات، كما المراجعات القضائية في الاساس او التنفيذ او الاحكام التي سبق وان صدرت والتي تؤدي الى تحديد بدل ايجار او اخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق المذكور الى حين دخوله حيز التنفيذ،”
وحيث انه يتبين مما تقدم ان قانون الايجارات الجديد اعطى المستأجر الذي تتوافر فيه شروط الحصول على مساعدة من الصندوق الحق بأن يتقدم بطلب للحصول على هذه المساعدة، وذلك امام اللجنة التي اشأها بموجب المادة 7 منه، وعلق الاحكام التي سبق وصدرت والتي تؤدي الى الاخلاء الى حين دخول الصندوق حيز التنفيذ،
وحيث انه بصدور القانون الجديد، بما تضمنه من انشاء للجنة التي تتولى النظر في طلبات المساعدة، ومن نشاء للصندوق الذي يتولى تقديم المساعدة للمستأجر الذي تتوافر فيه الشروط المطلوبة، وبما نص عليه في المادة 58 منه، يكون البند الثاني من الفقرة الحكمية من القرار المشكو منه غير ذي اثر على حق المستأجر في تقديم طلب الاستحصال على المساعدة من المرجع المختص اي اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 منه،
وحيث انه استناداً الى ما تقدم، يمسي البحث في مدى وقوع القرار المطعون فيه في الخطأ الجسيم لهذا السبب، نافلاً، وبالتالي مستوجب الرد،
4- في السبب الثالث:
حيث ان الجهة المدعية تعيب على المحكمة مصدرة القرار المشكو منه الخطأ الجسيم المتمثّل في اهمال تطبيق ما تضمنه قانون اصول المحاكمات المدنية في المادة 351 منه في ما يتعلق بموجبات الخبير موضحة انها قدمت مذكرة ملاحظات الى الخبير المهندس ج. غ. بتاريخ 2014/3/13، الا ان الخبير المذكور اغفل ايراد تسلمه للمذكرة المشار اليها مكتفياً بإيرادها في فقرة المستندات المرفقة بالتقرير، مخالفاً بذلك احكام المادة 351 أ.م.م. لجهة وجوب ان يأخذ الخبير في الاعتبار ملاحظات الخصوم وطلباتهم وان يضمها الى التقرير ويشير فيه الى النتيجة التي رتبها عليها، وان الخبير تجاهل موجبات الامانة والتجرد والصدق التي يقتضي تقيده بها سنداً لاحكام الفقرة الاولى من المادة 320 أ.م.م. وان الخطأ الجسيم المقترف بهذا الصدد انعكس على حقوق الجهة المدعية اذ انه لو مارس القضاة مصدرو القرار المشكو منه مهامهم بصورة دقيقة، لكانو توصلوا الى تقرير بطلان تقرير الخبير،
وحيث ان المحكمة مصدرة القرار المشكو منه اعتبرت، في ردها على طعون الجهة المدعية بتقرير الخبير، ان اغفال الاشارة الى استلام اوراق ومستندات لا يؤدي بحد ذاته الى ابطال التقرير وتعيبه، ولاسيما في ضوء ارفاق المستندات المذكورة بالتقرير، ما يتيح للمحكمة الاطلاع عليها والاخذ بمضمونها، وينفي انعدام الامانة والصدق، وان واقعة مراجعة بلدية بيروت ثابتة لطالما لم تثبت الجهة المستأنفة (اي المدعية) عكسها، وان ما صرح به رئيس دائرة المباني في البلدية وهو من اصحاب الاختصاص قد اخذ بعين الاعتبار ما اثارته الجهة المستأنفة واعتبر ان عدم امكانية تأمين مرآب لا يؤدي بحد ذاته الى الحؤول دون اعادة البناء وفق القوانين المرعية الاجراء، وقد اكد الخبير ان العقار متصل بالطريق العام، لتخلص الى القول ان الخبير قد نفذ مهمته وفق البنود المحددة له واطلع على المستندات الاساسية والرئيسية وقام بالاجراءات اللازمة للتقصي عن قابلية العقار لاعادة البناء، وبالتالي لتخلص الى الاخذ بالتقرير ورد الطعون المساقة بوجهه لعدم جديتها وثبوتها،
وحيث انه تبعاً لذلك، فإن المحكمة مصدرة القرار المشكو منه لم تهمل تطبيق ما تضمنه قانون اصول المحاكمات المدنية في المادة 351 منه، وهي تحققت من ان الخبير نفذ مهمته وفق البنود المحددة له وبأمانة وصدق واطلع على المستندات الاساسية والرئيسية وقام بالاجراءات اللازمة للتقصي عن قابلية العقار لاعادة البناء، فلا تكون بالتالي قد ارتكبت اي خطأ جسيم، ما يجعل ادلاءات المدعي مستوجبة الرد لعدم الصحة،
وحيث انه بعد رد الاسباب المدلى بها، يقتضي رد الدعوى لعدم جدية اسبابها ومصادرة التأمين وتضمين الجهة المدعية النفقات ومبلغ مليون ليرة لبنانية كتعويض للجهة المدعى عليها سنداً لاحكام المادة 750 أ.م.م. وتغريمها مبلغ مليون ليرة لبنانية،
لذلك
تقرّر الهيئة بالاجماع:
1- قبول الدعوى شكلاً.
2- ردّها لعدم توافر جدّية أسبابها.
3- مصادرة التأمين، وتضمين الجهة المدعية النفقات ومبلغ مليون ليرة لبنانية كتعويض للجهة المدعى عليها وتغريمها مبلغ مليون ليرة لبنانية.
قراراً صدر بتاريخ 2017/6/12.
“محكمة” – السبت في 2018/08/25
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!