بالأرقام والمستندات.. خفايا الحملة الإعلامية على مشروع مكننة المحاكم الجديد/علي جابر
المحامي علي جابر:
خلال العام 2024 وبناءً على إخبار أمام النيابة العامة التمييزية، تقدم به كل من المحامين رمزي هيكل، موسى خوري، شكري حداد، ماري ضو وشربل فريحة، تم إحالة ملف تمويل الإتحاد الأوروبي لمشروع مكننة المحاكم القديم الذي استمر منذ العام 2012 ولغاية العام 2020 مكلفاً ما يزيد عن 22 مليون يورو دون أن يؤدي صرف هذه الملايين الى أي نتيجة تذكر.
تكليف قاضي جديد للإشراف على مركز المعلوماتية التابع لوزارة العدل وعلاقتها بالحملة الإعلامية
في العام 2025 قام وزير العدل السابق هنري الخوري بتكليف قاض جديد للإشراف على مركز المعلوماتية التابع لوزارة العدل وقد تم تكليفه لمتابعة مشروع مكننة المحاكم الجديد وإجراء جردة كاملة وتقرير شامل عن مشروع المكننة القديم ومعرفة مصير الأموال التي تم إنفاقها والجهات التي تلقت هذه الأموال بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك بعد تزويد المركز بالمستندات التي استحصل عليها الوزير من وزارة التنمية الإدارية عن مشروع المكننة السابق وإعداد تقرير شامل فيها يبين مراحل المشروع والمبالغ التي تم انفاقها عليه ومقارنتها بواقع المحاكم المغاير تماماً لما هو مذكور على الورق.
تزامن قرار التكليف هذا مع حملة إعلامية ممنهجة لضرب مصداقية المشروع الجديد من جهة والتغطية على ما يحصل في موضوع التحقيق في المشروع السابق من جهة أخرى، مع العلم أن هذه الحملة تزامنت في مرحلتها الأولى فور إنجاز مرسوم الأسناد الرسمية الإلكترونية وفق التفصيل الذي سنتقدم به.
تقرير الشركة المختصة عن فشل المشروع القديم وتحقيق مالي من الإتحاد الأوروبي يضاف الى التحقيق من قبل القضاء اللبناني.
بتاريخ 3 تموز من العام 2019 حضرت ممثلة الإتحاد الأوروبي شخصياً لتشهد على حفل ضخم لإفتتاح مشروع المكننة القديم بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل ووزيرة الدولة للتنمية الإدارية آنذاك، وقد فرح الجموع بهذا الإنجاز ولكن “يا فرحة ما تمت”.
إذ تبين في العام 2020 بأن البرنامج الإلكتروني لا يمكن استخدامه وغير فاعل، وأن المعدات الإلكترونية التي تم شراؤها منذ العام 2013 بعضها غير صالح للمشروع والبعض الآخر معطل ويحتاج الى تجديد، وأن أحداً من القضاة لم يتم تدريبه على استخدام البرنامج وأن الموظفين تدربوا فقط على كيفية تشغيل الكمبيوتر وإطفائه وإرسال بريد إلكتروني!!! وقد تم الإكتفاء بالتصريح بأن البرنامج يعمل فقط في محكمة التمييز من دون معرفة ما اذا كان البرنامج يصلح لتشغيله في محكمة واحدة فقط دون باقي المحاكم.
بناءً عليه، فتح الإتحاد الأوروبي تحقيقاً في الموضوع منذ العام 2020، وكلف مكتب محاسبة أجنبيًا للتدقيق في فواتير الصرفيات للأموال التي صرفت على المشروع وذلك بموجب كتاب مرسل الى وزارة العدل استحصلنا عليه بواسطة أحد الزملاء الذي تقدم من الوزارة بطلب بناءً لحق الوصول الى المعلومات.
أموال تدريب القضاة والموظفين وأموال الدراسات والإستشارات المدفوعة التي سبقت المكننة تبخرت دون نتيجة “وطلع بالآخر الحق على القضاة والموظفين بأن المشروع فشل” بحسب الشركة المختصة.
من ضمن الأوراق التي تم الإستحصال عليها بناءً لحق الوصول للمعلومة تقارير تثبت بأن أكثر من /1,700,000/د.أ. مليون وسبعمئة ألف دولار أميركي تم صرفها لإعداد التقارير والدراسات وتدريب القضاة والموظفين على مشروع المكننة القديم.
ثم تلتها تقارير عن أن نطاق المشروع شمل محاكم لبنان كافة إضافة الى مجلس شورى الدولة، بالإضافة الى جداول ومواعيد دورات تدريبية تم إعدادها لجميع قضاة لبنان بالأسماء والمراكز ولجميع الموظفين والتأكيد بأن الأموال دفعها الإتحاد الأوروبي وتولت جهات مانحة أخرى صب الأموال على هذه العملية.
وبعد مراجعة عدد كبير من القضاة أكد الجميع بأن أحداً لم يتلق أي تدريب على البرنامج القديم الذي لم يسمعوا به أصلاً إلا بعضهم من خلال وسائل الإعلام. أما الموظفون، فجزء بسيط منهم تم تدريبه على بعض المهام البسيطة وبالتأكيد لم يتدربوا على البرنامج.
وفي المحصلة، طارت الدراسات وطارت التقارير وطارت الأموال ولم يحرك أحد ساكناً تجاه هذا الموضوع لأن وقائعه ومستنداته بقيت طي الكتمان.
أما بعد أن تم الإستحصال على المستندات، فوجئنا بأن الشركة المختصة ذكرت حرفياً في تقريرها باللغة الإنكليزية ما يلي:
Encountered Problems:
– Resistance from courts’ personnel during requirements analysis, training and operation phases.
– Inconsistency and gaps between the law procedures and the actual working methodology in the different courts.
– Most Courts use unofficial personal forms created by the clerks and judges in their daily case management work, which required a lot of effort for standardization.
– Delay in validation and decision making from the beneficiaries.
يعني على الطريقة اللبنانية:
“نحنا ما خصنا، الحق على القضاة والموظفين !!”
كل ذلك وأيضاً لم يحرك أحد ساكناً. وكل هذه الملايين تم صرفها ولم يتمكن أحد من الإستحصال على تفاصيل الصرفيات لتزويدها للإتحاد الأوروبي ولا حتى أسماء من كانوا مشرفين باستشارات مدفوعة حتى الآن.
مرسوم الأسناد الرسمية الإلكترونية وبرنامج المكننة الجديد كان بداية الخيط لفضح كل شيء يتعلق بالمكننة السابقة
خلال العام 2024 ومع إنهاء الفريق الذي تطوع لكتابة مرسوم الأسناد الرسمية الإلكترونية مجاناً بعد أن كان عالقاً منذ العام 2018 بسبب “تنفيعات” اكتشفها كل من وزير العدل السابق هنري الخوري ووزيرة التنمية الإدارية السابقة نجلا رياشي، طلب وزير العدل السابق هنري الخوري من مركز المعلوماتية التابع لوزارة العدل تشغيل برنامج المكننة السابق، ومن هنا بدأ الخيط الأول:
فتارة كانت الحجة بأن لا كهرباء في قصر العدل، فقام الوزير بتأمين الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية في قصر عدل بيروت. وتارة أخرى كان الجواب بأن المعدات لم تعد صالحة للإستخدام وأصبحت قديمة، واستمر الحال على هذا المنوال الى أن تم تأمين معدات حديثة وانترنت في دائرة التنفيذ في بيروت التي، كانت مجهزة بالمعدات غير الصالحة، فتكرر طلب الوزير بتشغيل البرنامج ولو بنسخة تجريبية لكي يطلع عليه فكان الجواب بأن الرخص المطلوبة لعمل البرنامج قد انتهت ولم تعد الوزارة قادرة على شراء رخص جديدة لاستخدام البرنامج !!!
كل ذلك في محاولة لتغطية حقيقة عدم صلاحية البرنامج الإلكتروني للإستخدام على الرغم من كل الملايين التي أنفقت عليه.
نجاح مشروع مكننة المحاكم الجديد وإجراء الإختبارات الرسمية أمام الجهات المعنية كافة.
تمكن الفريق المتطوع لدى وزارة العدل من وضع برنامج إلكتروني جديد للمكننة وتمكن من إجراء تجارب رسمية عليه حيث يمكن من خلاله دفع الرسوم والطوابع بشكل إلكتروني والمراجعة في الملفات من قبل أصحاب العلاقة وخدمات أخرى تم تسميتها بالخدمات القضائية الإلكترونية دون أن يتقاضى أي من المتطوعين من محامين أو قضاة أي أجر.
وتم وضع الخطة الشاملة نحو التطوير التدريجي للمحاكم بالتعاون مع صندوق تعاضد القضاة الذي قدم الحل لمشكلة استيفاء الرسوم بطريقة إلكترونية بموافقة وزارة المال، وبناءً عليه تم تسليم القضاء المختص المستندات اللازمة للتحقيق في عملية هدر الأموال للمشروع السابق، كما وتكليف القاضي المشرف على مركز المعلوماتية لمتابعة مشروع المكننة الجديد والتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل من أجل تأمين الدعم اللوجستي اللازم للمحاكم كما ومتابعة دقائق البرنامج الإلكتروني الجديد تمهيداً لتسليمه للجهات المعنية من قضاة وموظفين وتدريبهم على استخدامه.
بعض الجهات الإعلامية شنت حملة على مشروع المكننة الجديد المجاني وتناست الملايين التي صرفت على مشروع المكننة القديم.
لم نتفاجئ بالحملات الإعلامية التي تم شنها على مشروع المكننة الجديد لا سيما من أشخاص نعلم صلتها بمن ليس له مصلحة بأن يفتضح أمره في موضوع المكننة السابق. لأن المعادلة أصبحت واضحة :
فإذا نجح مشروع المكننة الجديد، فهذا يعني أن المشروع السابق الذي كلف الملايين قد فشل رسمياً، الأمر الذي سيكون له تبعات كبيرة خاصة في ظل التحقيقات القائمة أمام القضاء المختص والتحقيقات المالية التي يطلبها الإتحاد الأوروبي، الأمر الذي يؤدي الى انكفاء المجتمع الدولي عن تقديم أي مساعدة في قطاع العدالة أبداً وهذا ما سمعناه وتأكدنا منه من كافة الجهات المانحة طوال السنوات الماضية ولم يعد خافياً على أحد.
أما المفاجأة الطريفة فهي أن الجهتين أو الثلاثة التي انتقدت المشروع الجديد أقرت بأنها لم تتطلع عليه ولا تعرف كيف يعمل، والأكثر طرافة أن بعضهم عرف بكافة تفاصيل المشروع وهو موجود خارج لبنان!!! ولا زلنا حتى الآن لا نعلم لماذا لم يحضر هؤلاء الأشخاص للإطلاع على البرنامج بتفاصيله ومن بعدها إبداء الرأي علماً أن وزير العدل السابق دعا جميع الجهات المعنية للإطلاع بحرية على كافة تفاصيله.
برنامج المحاكم الإلكترونية هو برنامج مختلف عن برنامج التوقيع الرقمي ولا عقود سرية
برنامج المحاكم الإلكترونية الجديد هو برنامج يعتمد على منصة معروفة عالمياً تم توليفها وإعدادها وإضافة البرمجيات اللازمة لها لتصبح جاهزة للإستخدام كبرنامج للمحاكم بواسطة فريق متطوع وأصبح جاهزاً للإستخدام دون الحاجة الى اعتماد أي مقدم خدمات أو أي شركة خاصة ويمكن تطويره وصيانته بواسطة مركز المعلوماتية التابع لوزارة العدل، والخدمات التي يقدمها موجودة على الصفحة الرسمية للبرنامج الإلكتروني لمحاكم لبنان.
وهذا البرنامج بعد أن يتم تعميمه على كافة المحاكم يتم الإشراف عليه من قبل القضاة لجهة استخدامه ومركز المعلوماتية التابعة لوزارة العدل لجهة صيانته وتأمين الأمور اللوجستية وصندوق تعاضد القضاة لجهة خدمات الدفع الإلكتروني.
أما برنامج التوقيع الرقمي فهو برنامج مختلف تماماً عن برنامج المحاكم، ولا صلة بينه وبين برنامج المحاكم، وهو عبارة عن برنامج يسمح للمستخدم بتوقيع المستندات الرقمية بواسطة التوقيع المعزز الذي يقدمه مقدم الخدمات المعتمد من قبل الوزارة وفقاً للشروط المنصوص عنها في مرسوم الأسناد الرسمية الإلكترونية الصادر سنة 2024. وعبارة مقدم الخدمات المعتمد لا تعني ان الوزارة قد تعاقدت مع مقدم الخدمات كما يظن البعض وإنما مجرد شهادة بأنه مطابق للمواصفات المطلوبة بموجب المرسوم المذكور اذ يمكن ان يكون لوزارة واحدة أكثر من مقدم خدمات معتمد، ولا تعني بالتأكيد بأن هنالك أي عقود سرية موقعة مع الوزارة.
إن المستندات المرفقة مع هذا التقرير هي جزء بسيط ولكن أساسي من المستندات التي تم الإستحصال عليها والتي تكفي بحد ذاتها لأن تقنع الرأي العام بوجوب متابعة موضوع التحقيق المطلوب من الإتحاد الأوروبي ولأن يقوم الإعلام الحقيق بالتصدي لمناورات من يخططون لطمس الحقيقة وتضليل الناس.
إضغط هنا للإطلاع على المستندات:
المستندات
“محكمة” – الأربعاء في 2025/2/19