أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

“إتهامية بيروت”: فرضية سماع المحامي كشاهد لا تحجب تمثيله وحضوره التحقيق/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
عالجت الهيئة الاتهامية في بيروت نقطة قانونية جديدة في سابقة قضائية أثيرت أمامها ضمن استئناف لقرار قاضي التحقيق، تتعلّق بمدى مشروعية السماح لمحامي المدعى عليه بالمثول معه خلال التحقيقات الإستنطاقية في وقت تبدي فيه جهة الادعاء اعتراضها على حضوره بداعي إمكانية تصنيفه في المستقبل واحدًا من المشتبه فيهم، أو اللجوء إلى استدعائه بصفة شاهد ممّا يحول دون اطلاعه المسبق على مجريات التحقيق الذي يفترض أن يكون سرّيًا عليه وتجاه أيّ طرف آخر بانتظار صدور القرار الظنّي على أقلّ تقدير.
وبصورة أوضح، فإنّ الوكيلة القانونية للمدعي وهي هنا في هذا القرار القضائي، هيئة القضايا في وزارة العدل كممثّل عن الدولة اللبنانية، بادرت في جلسة تحقيق ثانية بعد استجواب المدعى عليه في جلسة سابقة، إلى القول بأنّ زميلها المحامي طلال الفاضل الحاضر مع المدعى عليه الرئيس السابق للجنة المؤقّتة لإدارة مرفأ بيروت حسن قريطم هو ممثّل لوزارة المالية ومندوبها في هذه اللجنة، وبالتالي فإنّه بحسب اعتقادها ووجهة نظرها، هناك احتمال للإدعاء عليه أو طلبه للإدلاء بشهادته في أيّ وقت خلال مرحلة التحقيق الإستنطاقي، وهذا يفيد بأنّ هناك تعارضًا في المصالح بينهما يفترض معه عدم وجوده ومكوثه خلال التحقيق.
وخلصت المحامية إلى الطلب من قاضي التحقيق بأن يمنعه من متابعة حضور جلسات التحقيق لديه في هذه الدعوى بالذات كونه وكيلًا قانونيًا عن المدعى عليه.
وبالفعل، وافق قاضي التحقيق على ما أدلت به المحامية لهذه الجهة، وأصدر قرارًا بذلك، ممّا حمل المدعى عليه قريطم بواسطة وكيله المحامي نفسه الفاضل على استئنافه أمام الهيئة الاتهامية التي بادرت إلى تصنيفه من عداد الدفوع الشكلية المنصوص عليها في المادة 73 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك لكي تتمكّن من وضع يدها على الملفّ والبتّ فيه سلبًا أو إيجابًا، ردًّا أو قبولًا، وإلاّ فهو طلب غير قابل للإستئناف من الوجهة القانونية.
واعتبرت الهيئة الاتهامية المؤلّفة من القضاة ماهر شعيتو رئيسًا وجوزف بو سليمان وبلال عدنان بدر مستشارين، أنّه يفترض لكي يكون قرار قاضي التحقيق برفض تمثيل المحامي للمدعى عليه صحيحًا، أن يتلاقى مع مضمون المادة 60 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تتناول في ما تتناوله في فقراتها الثلاث، انتفاء أهلية أو سلطة شخص يقوم بتمثيل أحد الخصوم في الدعوى، وهذا الأمر يشكّل عيبًا ظاهرًا يستوجب إعلان بطلان كلّ إجراءات التحقيق الحاصلة أمامه ويدخل حتمًا ضمن الفقرة السابعة من المادة 73 المتعلّقة بالدفوع الشكلية وكيفية إثارتها والشروط الواجبة التحقّق لتقديمها أمام الجهة القضائية المعنية.
ومن التدقيق في متن قرار قاضي التحقيق يتبدّى بشكل جلي، وجود تناقض في الرأي الذي قدّمه في معرض مناقشته لما أدلت به وكيلة الدولة اللبنانية، فهو أكّد من جهة، أنّ محامي قريطم لم يكن وكيلًا عن وزارة المالية مُمثّلة بالدولة اللبنانية في دعوى ضدّ قريطم ولم يتقاض أتعابًا منها على عمله لتنتفي معها شروط المادتين 90 و91 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، ورَدَّ طلبها الأوّل هذا، ثمّ عاد ووافق على طلبها الثاني برفض تمثيل المحامي للمدعى عليه قريطم بداعي إمكانية سماعه كشاهد في المستقبل، وهذا يفترض في الأساس، عدم اطلاعه المسبق على التحقيق ومساره، لأنّ ذلك يؤدّي إلى الإخلال بسرّية التحقيق ويخرق جدار إحاطتها بالكتمان الشديد بحسب النصوص القانونية المرعية الإجراء.
وما تحدّثت عنه وكيلة الدولة اللبنانية من أنّ محامي قريطم في هذه الدعوى يناقض فحوى المادة 90 من قانون تنظيم مهنة المحاماة أيّ قبول الوكالة عن خصم موكّله ومساعدته باستشارة أو رأي قانوني، غير صحيح، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مخالفته المادة 91 من القانون المذكور لجهة تقاضيه أتعاب محاماة سنوية أو شهرية عن الدعاوى وفي الوقت نفسه تقديم استشارة أو التوكّل عن خصم موكّله، وهذا ما دفع قاضي التحقيق إلى ردّ طلب الدولة اللبنانية لانتفاء الدليل على مخالفة محامي قريطم لهاتين المادتين.
وانبرى قاضي التحقيق إلى النظر في مسألة فرضية تحوّل المحامي الفاضل في هذه الدعوى إلى مشتبه به أو سماعه كشاهد، ووجد أنّ وكيلة الدولة اللبنانية محقّة في طرحها غير المسبوق برأي الهيئة الاتهامية، ليعلن في سابقة قضائية عدم صحّة تمثيل المحامي للمدعى عليه قريطم، وهو ما جعل الهيئة الاتهامية تقول بأنّه انتقاص من حقّ الموكّل والوكيل في آن معًا.
فمن المعروف أنّه لا يحقّ لقاضي التحقيق أو قاضي الحكم أن يمنع محاميًا من تمثيل أيّ شخص أو التوكّل عنه من دون سند قانوني كأن يكون محكومًا أو مشطوبًا من الجدول العام لنقابة المحامين التي ينتمي إليها سواء أكان في بيروت أو طرابلس، ومن يقرّر في مصير هذا المنع محصور بنقابة المحامين وحدها، لأنّه في حال كان هذا المحامي ملاحقًا أمام القضاء وصدر حكم قضائي بحقّه فيكون لزامًا على نقابة المحامين أن تعمد إلى ترجمة هذا الأمر بشطبه من الجدول العام إمّا لمدّة زمنية معيّنة وإمّا لمدى الحياة وانتهاء الأجل.
ولا يمكن للقاضي أن يستند في رفض تمثيل المحامي لموكّله بناء على وجهة نظر الفريق الآخر المبنية على فرضية مستقبلية قد لا تصحّ ولا تتحقّق وما هي إلاّ استباق للتحقيق، أو استنتاج خاطئ يكون لغايات تضرّ بمصلحة الموكّل.
كما أنّه لا يجوز للقاضي أن يشترط شخص الوكيل القانوني ما دام أنّه محام بصورة رسمية ويتمتّع بالمؤهلات القانونية اللازمة، والكلمة الفضلى في الإختيار تعود لشخص المُوكّل نفسه ولإرادته واختياره وقناعته، وليس لقاضي التحقيق أو قاضي الحكم، أو مطلق قاض، كما أنّه لا يمكن فرض إلزام معيّن من دون وجود ما يُرتكز عليه من الناحية القانونية، ولا يوجد نصّ قانوني يحول دون حضور المحامي عن موكّله جلسة التحقيق أو المحاكمة إلاّ في حال التحقّق من وجود مصالح متعارضة.
وفضلًا عن أنّ حقّ الدفاع مقدّس كما هو متعارف عليه بموجب القوانين المحلّية والمواثيق والإتفاقات الدولية التي وقّع لبنان عليها، فقد عادت الهيئة الإتهامية وأكّدت ما يتردّد صداه في نصوص قانونية وأحكام وقرارات، من أنّ هذا الدفاع هو نتيجة نضال إنساني طويل ولا يمكن تحجيمه وتقليصه بفرضيات مجهولة الأسباب والغايات.
وأكثر ممّا تقدّم، فقد ذكّرت الهيئة الإتهامية في بيروت بأنّ “إجراءات وقواعد التحقيق وصحّة التمثيل فيه قد حدّدها المشرّع صراحة وتفصيلًا في قانون أصول المحاكمات الجزائية مستكملًا النقص في قانون أصول المحاكمات المدنية، فلا يعود لأيّ مرجع قضائي أن يختلق قواعد قانونية لم ينصّ عليها المشرّع”، لتنتهي إلى التشديد على انتفاء نصّ حرمان المحامي من تمثيل أيّ مدعى عليه في أيّ تحقيق حتّى ولو كان قد جرى سماع إفادته كشاهد في الدعوى ذاتها، ما دام قانونُ تنظيم مهنة المحاماة منفّذًا وفقًا للأصول، وما دامت شروط التمانع غير متوافرة،”فكيف إذا كان المحامي لم يُستمع كشاهد، وكانت مسألة سماعه كشاهد مفترضة، فإنّه من باب أولى أنّه لا شيء يحول دون صحّة التمثيل”.
وتكمن خطورة ما طرح أمام قاضي التحقيق وما وافق عليه، في أنّه يتيح لأيّ طرف في أيّ دعوى، طلب منع محامي الطرف الآخر من التوكّل أساسًا وحضور التحقيق ما لم يكن هناك تعارض مصالح، والأخطر منه أنّ قاضي التحقيق يقبل بهذه الفكرة وينفّذها، ممّا يعني إمكانية استباحة حقّ الدفاع المقدّس.
ولكن، كان للهيئة الإتهامية رأيّ قانوني مخالف ومعلّل يصون فكرة التمثّل بمحام وفسخت قرار قاضي التحقيق، وذلك “لعدم توافر أيّ نصّ يقرّر عدم صحّة تمثيل المحامي للمدعى عليه، في الحالة موضوع الدعوى، سواء استمع كشاهد فعلًا، أم كانت واقعة سماعه مفترضة”، وبالتالي فإنّ إجراءات التحقيق التي حصلت بحضور المحامي الفاضل صحيحة وسليمة ولا تشوبها أيّة شائبة قانونية.
“محكمة” تتفرّد بنشر قرار الهيئة الإتهامية في بيروت كاملًا على الشكل التالي:
إنّ الهيئة الاتهامية في بيروت المؤلّفة من القضاة الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزف بو سليمان وبلال عدنان بدر،
لدى التدقيق والمذاكرة،
تبيّن أنّ المدعى عليه، المستأنف، حسن قريطم، وكيله المحامي طلال الفاضل، قدّم بتاريخ 2021/3/31، استئنافاً، طعنًا في القرار الصادر بتاريخ 2021/3/26 عن قاضي التحقيق الأوّل في بيروت، والذي انتهى إلى ردّ طلب الدولة اللبنانية ممثّلة بهيئة القضايا في ما يتعلّق بعدم صحّة تمثيل الأستاذ الفاضل المسند إلى المواد 90 و91 و92 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، وقبول طلبها المسند إلى قاعدة سرّية التحقيق وعدم قبول تمثيل الأستاذ طلال الفاضل للمدعى عليه حسن قريطم في هذه الدعوى، طلب بموجبه قبول استئنافه شكلًا لوروده ضمن المهلة القانونية واستيفائه الشروط المفروضة قانونًا كافةً، وقبوله أساسًا وفسخ القرار المستأنف لعدم استناده إلى أيّ أساس قانوني وبعد فسخه إصدار القرار بإعلان صحّة تمثيل المحامي طلال الفاضل للمستأنف (المدعى عليه) حسن قريطم وتضمين الجهة المستأنف عليها الرسوم والمصاريف والأتعاب كافة،
بناء عليه
أوّلًا: في الشكل:
حيث يقتضي استهلالًا تحديد ما إذا كان القرار المطعون فيه قابلًا للإستئناف من قبل المدعى عليه،
وحيث يتبيّن أنّ قاضي التحقيق قد انتهى بموجب قراره المطعون فيه إلى عدم قبول تمثيل المحامي الأستاذ طلال الفاضل للمدعى عليه حسن قريطم في هذه الدعوى،
وحيث إنّه وبصرف النظر عن صحّة ما ذهب إليه قاضي التحقيق، وهو ما سيكون موضوعًا للمناقشة في فقرة الأساس، فإنّه فعليًا يكون قد اعتبر أنّ المحامي الفاضل قد انتفت صفته لتمثيل المدعى عليه في الدعوى الراهنة، وهو بحسب المادة /60/ من قانون أصول المحاكمات المدنية، من العيوب الموضوعية التي تؤدّي إلى بطلان الإجراء القضائي،
وحيث إنّ ما سلف يستتبع، ودائمًا على فرض التسليم بصحّة ما ذهب إليه قاضي التحقيق، نتيجة حتمية، وهي بطلان جميع إجراءات التحقيق التي مثل فيها المحامي الفاضل عن المدعى عليه قريطم،
وحيث إنّ بطلان إجراءات التحقيق هو من الدفوع الشكلية التي ذكرتها صراحة المادة /73/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية،
وحيث يكون قرار قاضي التحقيق، من القرارات التي يمكن للمدعى عليه استئنافها بحسب نصّي المادتين /73 و135/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية،
حيث يتبيّن أنّ المدعى عليه، المستأنف، الموقوف بموجب دعوى أخرى، قد أبلغ القرار المستأنف بواسطة وكيله بتاريخ 2021/3/31 وقدّم استئنافه في اليوم عينه، وقد تضمّن أسبابًا قانونية فيكون قد ورد ضمن المهلة القانونية وهو مستوف لسائر شروطه الشكلية، الأمر الذي يفضي إلى قبوله شكلًا،
ثانيًا: في الأساس:
حيث يدلي المدعى عليه بوجوب فسخ القرار المستأنف، لأنّ التمثيل يكون صحيحًا عندما يكون صادرًا عن شخص يتمتّع بالأهلية لشخص آخر يمتلك أهلية تمثيله للمهمّة المنتدب إليها، وأنّه اختار من يمثّله لا سيّما وأنّ الوكيل القانوني ليس عضوًا في مجلس الإدارة، حتّى ولو كان كذلك فلا شيء يمنع من تمثيله له، ولأنّ قاضي التحقيق ردّ طلب الدولة اللبنانية الذي استند إلى أحكام من مواد واردة في قانون تنظيم مهنة المحاماة في حين أنّه وافق على طلب الدولة المتمثّل في استنتاج الدولة أنّه يمكن أن يكون الوكيل القانوني شاهدًا أو مشتبهًا به، وهو سبب غير صحيح وغير واقع في محلّه القانوني، ولأنّ القرار المستأنف تبنّى وجهة نظر وكيلة هيئة القضايا الدولة المستأنف عليها وهي وجهة نظر غريبة وغير مسبوقة خاصة أنّه في الجلسة الأولى تمّ الإستماع لعدّة ساعات إليه حيث أفاد بأغلب ما لديه من معلومات ولم تقم الجهة المستأنف عليها الدولة اللبنانية ممثّلة بهيئة القضايا بتقديم أيّ دفاع، ولأنّ قرار قاضي التحقيق لا يستند إلى أيّ نصّ قانوني وهو سابقة في ما يتعلّق بإعلان عدم صحّة تمثيل محامي وهو ما ينتقص من حقوقه والمحامي على حدّ سواء فيمنع الأوّل من توكيل محام ويعلن عدم صحّة تمثيل الثاني، ولأنّه هو من يختار وكيله وليس القاضي وهذا ما يميّز قدسية حقّ الدفاع، ولأنّ الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية التي وقّع عليها لبنان تتضمّن قواعد يقتضي احترامها منها ما ينصّ حرفيًا على أنّه لا يجوز لأيّ إدارة أو هيئة قضائية أن ترفض أو تعيق مثول المحامي أمامها للقيام بواجبه ما لم يكن غير مؤهّل قانونيًا، ولأنّ قانون تنظيم مهنة المحاماة حدّد بصورة واضحة اكتساب صفة المحامي وطريقة اكتسابها ومتى تحقّقت وجرى الإنتساب فلا يمكن منع المحامي من الحضور مع موكّله إلاّ بقرار صادر عن نقابة المحامين وفقًا للأحكام الخاصة المرعية، وأنّ قانون تنظيم مهنة المحاماة هو الذي يحدّد متى يستطيع المحامي التوكّل وعدم التوكّل وهو الذي يراقب عمل هذا المحامي ولم يسبق أن صدر قرار قضائي يمنع محاميًا من تمثيل موكّله إلاّ بناء على أحكام واضحة وصريحة وليس على فرضيات مستقبلية واستنتاجات أدلى بها أحد أطراف الدعوى بصورة غير صحيحة ولا نعجز عن كشف أسبابها ولكن نرى ذلك يخرج عن الإطار الموضوعي والإلتزام بواجب الدفاع عن الموكّل الناتج عن حقّ مقدّس وهذه القدسية ليست قدسية استعراضية بل هي نتيجة نضال إنساني مزمن لا يمكن تحجيمه بفرضيات مجهولة بأسبابها وأهدافها بعلّيتها وبغايتها،
وحيث يتبيّن من مراجعة محضر ضبط المحاكمة التالي:
– أنّ المدعى عليه، المستأنف، أحيل بموجب ورقة الطلب رقم /3747/ تاريخ 2020/3/5، أمام قاضي التحقيق في بيروت ليحاكم بجنحة المادة /373/ من قانون العقوبات،
– أنّ المدعى عليه اختار المحامي الأستاذ طلال الفاضل للدفاع عنه، وقد أبرزت الوكالة في ملفّ الدعوى بتاريخ 2020/12/15،
– أنّ المحامي الفاضل مثّل المدعى عليه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2020/12/17، كما أنّه حضر إلى جانب المدعى عليه كممثّل قانوني عنه، عند استجوابه في الجلسة التي انعقدت بتاريخ 2020/12/22، وقد قرّر قاضي التحقيق في تلك الجلسة وقف الإستجواب بالنظر لبعض العوامل التقنية ليتابعه بتاريخ 2020/12/29،
– أنّه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2020/12/29، والمخصّصة لمتابعة استجواب المدعى عليه، المستأنف، صرّحت وكيلة الدولة اللبنانية، المحامية نعيم، أنّ المحامي الأستاذ الفاضل هو ممثّل لوزارة المالية ومندوب المالية في اللجنة المؤقّتة للمرفأ، طالبة من قاضي التحقيق منعه من حضور الجلسة بسبب تضارب المصالح، وقد صرّح المحامي الفاضل أنّه يحضر عن المحامي نعوم فرح، ولا يعتقد أنّ هناك تضارب مصالح، وقد تمّ استكمال استجواب المدعى عليه بحضور المحامي الفاضل كما يبيّن محضر ضبط التحقيق،
– أنّه بتاريخ 2021/3/26، أصدر قاضي التحقيق قراره المطعون فيه، الذي وبعد أن استعرض نصوص المواد 90 و91 و92 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، خلص إلى القول:”بأنّه لم يتبيّن أنّ المحامي الفاضل كان وكيلًا عن الدولة اللبنانية، وزارة المال، في دعوى ضدّ المدعى عليه قريطم، كما لم يتبيّن أنّ الأستاذ الفاضل يتقاضى أتعاب محاماة سنوية وشهرية من وزارة المالية، ممّا يجعل شروط المادتين /90 و91/ محاماة غير متوافرة، ويقتضي ردّ طلب الدولة لهذه الناحية، وإهمال المادة /92/ محاماة لعدم علاقتها بالنقطة المطروحة”،
ثمّ أضاف: “أنّ المدعية تشير إلى أنّه من المرجّح الإستماع إلى الأستاذ الفاضل كمشتبه فيه أو على الأقلّ بصورة شاهد، وأنّ الأستاذ الفاضل كان يحضر جلسات اللجنة المؤقّتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت التي يترأسها المدعى عليه حسن قريطم”، ليكمل: “أنّ الدعوى الراهنة تتعلّق بجرم له علاقة بعمل المدعى عليه في اللجنة المذكورة التي كان يحضر جلساتها الأستاذ الفاضل، وأنّه من الجائز أن تقرّر الدائرة مستقبلًا دعوة الأستاذ الفاضل بصفة شاهد عن بعض الوقائع التي تفيد التحقيق المتعلّقة بتمثيله لوزارة المالية في جلسات اللجنة، الأمر الذي يقتضي معه الحؤول دون اطلاع الأستاذ الفاضل على إفادة المدعى عليه قريطم حفاظًا على سرّية التحقيق، وأنّه يقتضي تأسيسًا عليه عدم قبول تمثيل المحامي الأستاذ طلال الفاضل للمدعى عليه حسن قريطم في هذه الدعوى”،
وحيث يتبيّن إذا أنّ قاضي التحقيق وبعدما انتهى إلى عدم توافر شروط إعمال المواد 90 و91 و92 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، عاد ليقول بعدم صحّة تمثيل المحامي لموكّله لأنـّـــــــه من الممكـن أن يستمع المحامي لاحقًا بصفة شاهد،
وحيث يقتضي بيان ما إذا كان من أساس قانوني يبرّر النتيجة التي توصّل إليها قاضي التحقيق،
وحيث إنّ قاضي التحقيق يستند إلى مبدأ سرّية التحقيق، ويعتبر أنّ حضور المحامي وكيل المدعى عليه، إلى جانب الأخير في جلسات استماعه، يشكّل خرقًا لمبدأ سرّية التحقيق، لأنّه من الممكن أن يدعو المحامي لاحقًا بصفة شاهد في الدعوى نفسها،
وحيث لا بدّ من الإشارة بدايةً، إلى أنّ إجراءات وقواعد التحقيق وصحّة التمثيل فيه قد حدّدها المشرّع صراحة وتفصيلًا في قانون أصول المحاكمات الجزائية مستكملًا النقص في قانون أصول المحاكمات المدنية، فلا يعود لأيّ مرجع قضائي أن يختلق قواعد قانونية لم ينصّ عليها المشرّع،
وحيث إنّه ليس في القانون أيّ نصّ يحرم محاميًا من تمثيل مدعى عليه في تحقيق، وإن كان المحامي قد استُمع فعلًا كشاهد في الدعوى نفسها، طالما أنّ شروط المواد /90 و91 و92/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة غير متوافرة، فكيف إذا كان المحامي لم يستمع كشاهد، وكانت مسألة سماعه كشاهد مفترضة، فإنّه من باب أولى أنّه لا شيء يحول دون صحّة التمثيل،
وحيث تبعًا لعدم توافر أيّ نصّ يقرّر عدم صحّة تمثيل المحامي الفاضل للمدعى عليه، في الحالة موضوع الدعوى، سواء استمع كشاهد فعلًا، أم كانت واقعة سماعه مفترضة كما ذهب قاضي التحقيق، إلاّ طبعًا في حالة تحقّق التعارض في التمثيل وهي حالة غير متوافرة كما ذهب قاضي التحقيق نفسه، يكون ما ذهب إليه قاضي التحقيق واقعًا في موقعه القانوني غير السليم ويقتضي فسخه، وإعلان صحّة تمثيل المحامي الفاضل للمدعى عليه قريطم وتبعًا صحّة إجراءات التحقيق التي حصلت بحضوره،
لـذلك
تقرّر الهيئة بالإتفاق:
1. قبول استئناف المدعى عليه، المستأنف حسن قريطم شكلًا، وأساسًا وفسخ القرار المستأنف، المنتهي إلى ردّ طلب الدولة اللبنانية ممثّلة بهيئة القضايا في ما يتعلّق بعدم صحّة تمثيل الأستاذ الفاضل المسند إلى المواد 90 و91 و92 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، وقبول طلبها المسند إلى قاعدة سرّية التحقيق وعدم قبول تمثيل الأستاذ طلال الفاضل للمدعى عليه حسن قريطم في هذه الدعوى، وتقرير ردّ ما أثارته الدولة لناحية صحّة تمثيل المحامي الفاضل للمدعى عليه قريطم وتبعًا صحّة إجراءات التحقيق التي حصلت بحضوره،
2. حفظ رسوم ونفقات الاستئناف،
3. إعادة الملفّ إلى مرجعه بواسطة النيابة العامة الاستئنافية في بيروت لمتابعة التحقيق،
قراراً صدر في غرفة المذاكرة في بيروت بتاريخ 2021/4/1
“محكمة” – الأربعاء في 2021/4/7
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتبادل أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!