علم وخبر

محكمة الأساس تستقلّ في تقدير التعويض ووسائل الإثبات/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت محكمة التمييز العليا الناظرة في قضايا العمل والمؤلّفة من القضاة الرئيس شبيب مقلّد والمستشارين أليس شبطيني العم وبرنار الشويري أنّ المحكمة لا تأخذ بما يدلي به المميّز الأوّل مرّة أمامها والذي يكون خليطًا من الواقع والقانون، وأنّ محكمة الأساس تستقلّ في تقدير التعويض عن الصرف التعسفي بعناصره كافة.
كما اعتبرت الشقّ من الحكم الذي اعتبر المميّز متعسّفًا في صرف المميّز ضدّه لأسباب اقتصادية دون مراعاة الأصول المنصوص عنها قانونًا، قد انبرم لأنّ المميّز لم يطعن بهذا الشقّ من الحكم.
واعتبرت المحكمة أنّ محكمة الأساس التي أتاحت للمميّز تسمية شهوده واستمعت إليهم، تستقلّ في تقدير وسائل الإثبات المتوافرة في الملفّ دون أن يخضع تقديرها لرقابة محكمة التمييز. وقضت بردّ التمييز برمّته.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2002/6/27:
ثانيًا: في الأسباب التمييزية
حيث إنّ المميّز ضدّه عمل، وفقًا لبيانات الحكم المطعون فيه، مدّة ستة وعشرين سنة لدى المميّز الذي أبلغه بتاريخ 1998/12/28 رغبته بوقف العمل، فتقدّم بدعوى يطلب فيها الحكم له بالتعويض عن الصرف التعسفي، وبتعويض نهاية الخدمة، ببدل أشهر الإنذار وببدل إجازات سنوية وبتعويضات عائلية، فقضى مجلس العمل التحكيمي باعتبار أنّ صرف المميّز ضدّه من الخدمة يتسم بطابع التعسف وبإلزام المميّز بأن يدفع التعويض عن هذا التصرّف وببدل أشهر الإنذار وبقسم من بدلات الإجازات السنوية، وباعتبار تعويض نهاية الخدمة متوجّبًا للمميّز ضدّه بذمّة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، وبردّ الطلب المتعلّق بالتعويضات العائلية.
وحيث إنّ المميّز يطعن في الحكم للأسباب التالية:
1- لمخالفته أحكام المادة 74 عمل ببنديها (2) (7)
2- لمخالفته نصّ المادة 132 أصول مدنية
3- لفقدانه الأساس القانوني ومخالفته المادة 50 عمل فقرتها الأولى
4- لتشويهه للحقيقة وللوقائع المتعلّقة بمقدار راتب المميّز ضدّه
5- للأخذ فقط بإفادات شهود المميّز ضدّه لإصدار الحكم.
فعن السببين الأوّل والثالث مجتمعين:
حيث إنّ المميّز يعيب على الحكم المطعون فيه أنّه، إذ قضى باعتباره متعسّفًا في صرف المميّز ضدّه من الخدمة.
في حين كان يتعيّن عليه أن يعتبره محقًّا في هذا الصرف، لأنّ المميّز ضدّه أهمل عمله ولم يتقيّد بمواعيده ولم يستمع إلى أوامره، من ناحية أولى، ولأنّه هدّد زوجته المريضة من ناحية ثانية، ولأنّه قدّر التعويض عن الصرف بحدّه الأقصى، من ناحية ثالثة.
فقد خالف أحكام المادة 74 عمل بنديها (2) و(4) كما خالف أحكام المادة 50 من القانون ذاته بنداها (أ)
لكن، ومن ناحية أولى،
حيث إنّ الحكم المطعون فيه تضمّن أنّ تذرّع المميّز بمسؤولية المميّز ضدّه عن فسخ عقد العمل واجب الردّ، لأنّ المميّز أقرّ بأنّه لم يكن يوجّه أيّ إنذار خطّي للأجير الذي كان يتابع عمله لديه بعد كلّ غياب، فيكون قد أحسن تطبيق أحكام المادة 74 عمل بندها (5)
ومن ناحية ثانية:
حيث إنّ المميّز لم يدلِ أمام مجلس العمل التحكيمي بأنّه صرف المميّز ضدّه من خدمته لأنّه أقدم على تهديد زوجته المريضة، هذا التهديد الذي حصل وفقًا لإدلاءات المميّز بالذات، بعد صرف الأجير من الخدمة فيكون ما أدلى به لأوّل مرّة تمييزًا خليطًا من الواقع والقانون.
ومن ناحية ثالثة:
حيث إنّ محكمة الأساس تستقلّ في تقدير التعويض عن الصرف التعسفي بعناصره كافة.
وحيث إنّ السببين الأوّل والثالث يكونان مستوجبي الردّ.
وحيث إنّ المميّز لم يطعن في الشقّ من الحكم الذي اعتبره متعسّفًا في صرف المميّز ضدّه لأسباب إقتصادية دون مراعاة الأصول المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العمل بندها (و) فيكون الحكم قد انبرم لهذه الجهة.
وعن السببين الثاني والخامس مجتمعين:
حيث إنّ المميّز يعيب على الحكم المطعون فيه، أنّه إذ قضى باعتباره متعسّفًا في صرف المميّز ضدّه بالإستناد إلى شهود هذا الأخير ودون الإستماع إلى شهوده ودون أن يتسنّى له الإدلاء بأسماء شهوده ليصار إلى الإستماع إليهم، من ناحية أولى، ودون أن يرتّب النتائج على عدم تمكّن المميّز ضدّه من إقامة البيّنة على “عدم صرفه من العمل وإعادته إليه (كما وعلى) إثبات استمرار عقد عمله بصورة مستمرّة (..) وإثبات تاريخ دخوله العمل وحتّى مقدار راتبه الأخير” في حين كان يتعيّن عليه أن يقضي بخلاف ما تقدّم، فقد خالف أحكام المادة 132 أصول مدنية.
لكن، حيث إنّ محكمة الأساس التي أتاحت للمميّز تسمية شهوده واستمعت إليهم، تستقلّ في تقدير الإثبات المتوافر في الملفّ دون أن يخضع تقديرها لرقابة محكمة التمييز ويكون السببان الثاني والخامس مستوجبي الردّ.
“محكمة” – الأحد في 2021/9/19

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!