مقالات

انتقدوا واستنكروا… فلم يعد أمامكم سوى الرحمة الالهية/ناضر كسبار

ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
لم يكن من اطلق القول الشهير:”في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية”، على خطأ. اذ ان كثرة الكلام والمقالات المنددة بما يحصل في لبنان، لم تعد تنفع.
انتقدنا النواب الذين لم يتوصلوا حتى الساعة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فلم يتحركوا. بل ينتظرون التحركات الخارجية والاجتماعات الخماسية، والبلد في أسوأ حالاته الاقتصادية والمالية والامنية والاجتماعية والتربوية والصحية.
انتقدنا ما يحصل في الادارات من فساد ورشى، وطالبنا بمعاقبة الموظفين. فقيل لنا انهم مدعومون. من يدعمهم؟ واذا لوحق الموظف المرتشي من هي الجهة التي سوف تطالب بعدم ملاحقته؟ ومن يتجرأ على ذلك. وبالتالي هناك حل من حلين: إما ان القاضي يتعرض للتهديد وهذا امر لم نسمعه او نقرأه، او انه لا يريد ان يتحرك. والخطورة في الموضوع ان رشوة الموظف تختلف عن إعطائه مبلغاً لقاء التسريع في المعاملة. فهي تتعلق بتزوير معاملة او بتخطي القوانين وجعل الدولة تخسر الملايين او تضر بمواطنين آخرين. فمن يمنع المسؤول من ملاحقة الموظف المرتشي؟
انتقدنا مسألة عدم توفر الكهرباء في لبنان. وقد صُرفت مليارات الدولارات لتوفيرها دون نتيجة، ودون تحقيق. فحل اصحاب المولدات محل الدولة، ويقال ان جهات مهمة تمتلك تلك المولدات الضخمة والمتعددة، وباتت تجني المليارات، وتفرض ما تشاء على المواطنين. وليس من يتحرك او يستنكر.
انتقدنا ما يحصل في ملف المرفأ حيث وقعت جريمة العصر، ولم يتحرك احد. فالاقمار الاصطناعية كانت مطفأة. وممنوع الوصول الى الحقيقة.
كما انتقدنا ما يحصل في ملف اموال المودعين. فاعتكف من اعتكف، وتداخلت الامور مع بعضها البعض، والحاكم حر طليق، ورؤساء مجالس الادارة يتنعمون بالثروات، والمواطن ينتقد ويستنكر دون نتيجة.
انتقدنا ما يحصل على الطرقات من عدم وجود شرطة سير، ومن خطورة الدراجات النارية التي باتت قنبلة موقوتة، وتعرض المواطنين جدياً للخطر، وليس من يتحرك.
كل ذلك مع استهتار في معالجة ملف النازحين السوريين في لبنان، وقد استفاق المسؤولون اليوم على هول الكارثة.
فهل بتنا بحاجة لتغيير الاسلوب في التعاطي مع الواقع المر والخطير، أم ننتظر الرحمة الالهية؟
“محكمة” – الأربعاء في 2024/4/24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!