لكي يكون اعتكاف المساعدين القضائيين مجديًا/خالد مكي
المحامي خالد مكي:
إنّ القاعدة المُكرسّة؛ إذا أردت أن تَضرب ، إضرب فأوجع ، وإلاّ فلا تَضرب.
بخصوص إعتكاف الموظفين الملحقين بالعدليات -(قصور العدل) – أرى أنّه من المُجدي من وجهة نظري التي تعبّر عن رأيي الخاص ومقاربتي للموضوع مع الأخذ بعين الإعتبار التجارب السابقة، ما يلي:
– إنّني أؤيد مطالب جميع الموظفين العموميين المحقة ، بضرورة زيادة رواتبهم أو إعطائهم تعويضات بما يتناسب مع تدهور قيمة النقد الوطني وبما يؤمّن لهم ولعائلاتهم حياة كريمة.
– أمام عدم مبالاة المعنيين أصحاب القرار بمطالب الموظّفين المُحقة ؛ فكان لا بد من اللجوء إلى الإعتكاف والتوقف عن العمل لحين تحقيق المطالب؛ وهذا أمر محقّ.
– لكي يحقّق الاعتكاف أهدافه ويكون منتجًا، يجب أن يكون إعتكافًا شاملًا دون أي استثناءات تحت أيّ ظرف أو سبب – سوى حفظ حقّ المتقاضين بتقديم الدعاوى أو الاستئنافات أو أيّ من المراجعات القضائية المرتبطة بمهل إسقاط حيث يتمّ توريدها وتسجيلها كحفظ حقّ دون أيّ إجراء آخر؛ لأنّ المهل تتعلق بالانتظام العام وتتطلّب تعديلًا تشريعيًا لإمكانية تجاوزها.
– إنّ بدعة إستثناء الاعتكاف من معاملات وملفات الموقوفين ، وأشدّد على كلمة ووصف الموضوع بكلمة -(بدعة)- هو أمر ضار بمطالب الموظفين ؛ حيث إنّه بمجرّد وضع استثناءات للإعتكاف بحجّة الموقوفين أو لأيّ سبب آخر؛ يفقد الاعتكاف رمزيته وهدفه وفعاليته ويصبح هذا الاعتكاف لزوم ما لا يلزم، ومصدر ضرر للموظف والمواطن في آن معًا.
– إنّ المعنيين وأصحاب القرار الذين بيدهم كلمة الحلّ والربط بموضوع تحسين الأوضاع المالية للموظفين، لا يعنيهم وآخر أولوياتهم إذا كان لأيّ مواطن دعوى مدنيّة أو جزائية أو إدارية تتعلّق بحقوقه الخاصة؛ وآخر همّهم إذا توقّفت تلك الدعاوى أو تتابعت في المحاكم ؛ كون هؤلاء المعنيين أصحاب القرار المتحكّمين بأمور الشعب لا يلجأون ولا يحتكمون إلى القضاء، لأنّ حقوقهم محصّنة ولا تُمسّ، يعني لا يوجد ضرر يلحق بهم إذا توقّفت عجلة القضاء ، بل بالعكس يمكن أن ينتفعوا من توقّف المحاكم. وبالتالي، فإن المواطن العادي هو من يتضرّر من الاعتكاف الجزئي.
– لكي يحقّق الاعتكاف هدفه المحقّ للموظّفين؛ يجب أن يشمل ملفّات الموقوفين أوّلًا وأخيرًا؛ بحيث تتكدّس ملفّاتهم وتعجّ النظارات والسجون المكتظّة أساسًا بالموقوفين ؛ وتعلوا الصرخات وتبدأ الانتفاضة من النظارات والسجون ؛ وعندها يصل صوتكم ومطالبكم أيّها الموظفون، إلى أصحاب القرار المعنيين، وبالتالي أصبح بالإمكان البحث بمطالبكم واحتمال كبير جدًّا أن يصار إلى إنصافكم وتحقيق مطالبكم والنتيجة المرجوّة ؛ وذلك ليس محبّة بكم أو بحقوقكم ؛ إنّما منعاً وتجنّباً للفوضى وللملمة غضب وثورة الموقوفين وما ينتج عنها من بلبلة وعدم إستقرار …
– لماذا التمييز بين ملفات الموقوفين وملفات المتقاضيين المواطنين العاديين، ومنح الفئة الأولى إستثناء عن الإعتكاف والتوقف عن العمل؟ ومن قال إن حقوق الموقوفين أسمى وأهمّ من حقوق المواطنين العاديين العالقة ملفاتهم أمام القضاء؟
– من قال إنّ حق الموقوف في التقاضي أهمّ من حق المواطن المتقاضي العادي؛ لا سيّما وأنّ الموقوف موجود في السجن عقابًا عن فعل جرمي إرتكبه يعاقب عليه القانون ؛ على قاعدة القصاص والعقاب ، فهل يصار إلى مكافأته من الموظفين المعتكفين على حساب حقوق المواطنين العاديين؟
– أيّها الموظفون، إنّ الإعتكاف مع إستثناءات لا قيمة له، ولا يحقّق شيئًا سوى ضرر بالمتقاضين وبالمواطنين والمحامين، لذلك فليكن إعتكافًا شاملًا دون إستثناءات ينتج عنه صرخة يصل صداها لمن يعنيهم الأمر، وتتحقّق معها المطالب بالسرعة الممكنة وإلّا متابعة العمل دون إعتكاف مبتور.
“محكمة” – الخميس في 2024/2/22