الأخبار

درباس ونجار وكلّاب وسيف قرأوا سيرة غالب غانم الذاتية: إحترف الكتابة لكنّ الحقوق أوقعته في شركها

عقدت ندوة حول كتاب رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق القاضي غالب غانم “أيام الصفاء والضوضاء” ضمن نشاطات المهرجان اللبناني للكتاب في انطلياس شارك فيها المحامي الكسندر نجار، والدكتورة الهام كلاب والوزير السابق رشيد درباس، وأدارها الدكتور أنطوان سيف.
وقال سيف إنّ “غالب غانم حينما شد العزم على تدوين سيرته الذاتية ونشرها كان واثقا من أن المحطة العمرية السابعة والسبعين من حياته تيمنا بسبعون ميخائيل نعيمة تقدم افضل الحظوظ للوعي التنظيمي الذي طالما عرف به صاحبه وكان وراء انجازاته كافة، ناهيك بالحكمة التي لها حضور طاغ مستمر ايام الصفاء والهدوء الطبيعي يعمد بها الى قياس صدقية مساعيه بعد الانعتاق من كثير من مشاغل النضال الحاد”.
ورأى سيف أنّ “السيرة الذاتية حمولة حياتية ولملمة لما يتشظّى من تاريخ، هي نمط من أنماط كتابة التاريخ.”
واعتبر نجار أنّ “كتابة السيرة الذاتية مغامرة محفوفة بالمخاطر لأنّه يصعب على كاتبها أن يجمع ذكرياته من دون نقصان كما يصعب عليه المحافطة على موضوعيته وعدم توظيف الحقائق لمصلحته على حساب الحقيقة.”
ورأى أنّ “هذا الفخ لم يقع فيه غالب غانم، إذ نبّه القارئ في مستهلّ كتابه إلى أنّه لا يحب الـ”انا” لأنّها لا تتآلف مع التواضع الذي هو في صدارة الفضائل ولكنّه مضطرّ للإستعانة به لمقتضيات السيرة الذاتية معلنًا بذلك عن تواضعه وحياده منذ البداية.”
ولفت نجار النظر إلى أنّ “غالب غانم احترف الكتابة لكنّ الحقوق أوقعته في شركها من دون أن تبعده عن الأدب، ولعلّ الحقوق والأدب توأمان، إذ أن الميدانين يستخدمان الكلمة في خدمة الهدف المطلوب، فالدفاع عن الحرّية يشكّل قاسمًا مشتركًا بينهما، فالكاتب مؤتمن على الحرّيات ويستخدم حرّية التعبير سلاحًا دفاعًا عن المظلوم ومكافحة الطغيان والفاسدين، فيما المحامي والقاضي يطبّقان القانون من أجل صون الحرّية العامة وإنصاف الضحيّة والإفراج عن المظلوم.”
وأشار نجار إلى أنّ “مسيرة غانم القضائية تميّزت بنزاهته واستقلاليته وعلمه”، مبديًا إعجابه “برصانته وسعة معرفته وقدرته العالية على التنظيم الإداري.”
وخلص نجار إلى القول إنّ “لبنان لا ينقصه رجال مميّزون قادرون على النهوض بالبلد والرئيس غالب غانم يستحقّ حتمًا أن يلعب دورًا وطنيًا على أعلى المستويات ليساعد بلدنا على العبور من الجحيم إلى النعيم.”
وقالت كلّاب: “في أيّام الصفاء المهدّد والمجرح وفي أيّام الضوضاء التي تصمّ الأذان والعقول تنفتح كوّة في حائط الأمل تنشر ضوءها المكتنز بالشجاعة والمعرفة والنضال والإبداع والعاطفة وينفتح الأفق على كتاب غالب غانم أيّام الصفاء مع ملامح من صورته”.
ورأت انّ “سيرة غانم استثنائية، مبدعة، ملهمة قوية، عادلة وفيّاضة، تتجاوز ضفافها بإيمان وصدق وبلاغة وأناقة، وهذه السيرة تقدّم في الكتاب زادًا إنسانيًا وفكريًا وقانونيًا وأدبيًا، زاد مذهل في زمن جفاف الكتب وثرثرة الكلام وانكسار النفوس وانطفاء الوحي”.
واعتبرت كلّاب أنّ “هذا الكتاب قاموس نابض يهتدى به ويستدعي المعرفة كما يستدعي الوحي والحلم، يزن الأدب بميزان العدل ويزن العدل بميزان العقل، ويزهو بهذه الأضمومة الفريدة التي نحت أطرافها وأخصب حقولها في تحويله نثار العمر إلى صنيع مفعم بالحياة، وهو شهادة حياة زاخرة ووثيقة للأجيال المقبلة كي تدرك أنّ لبنان كان واحة شجاعة وحقّ وبطولة وإبداع، وأنّ قامات باسقة معطاءة مثل غالب غانم سطّرت أيّامها الباهرة في سجّل التاريخ”.
وقال درباس إنّ “غانم بعد طول كتمان، قرّر البوح الرصين، فما أخفى حزنًا ولا بيَّت ضغنًا، بل سرد لنا من الحوادث رواية أدبية، واضعًا إيّانا في أرجوحة تهدهدنا بين فرط الأدب ولذّة التشويق.”
وأضاف: “ما زلت أؤمن بأنّ القضاء حديقة الجمهورية، رغم تصدّع الأبنية وانقطاع الكهرباء واختفاء أوراق الهامش، وأنّه المتن الذي تُكْتَبُ الدولةُ كلُّها على هامشه وليس العكس. وما زلت على يقين بأنّ استرجاع الرونق سيكون أوّل مظاهر استعادة الدولة، كما أعتقد أنّ من أولاهم القانون حقّ الحكم باسم الشعب اللبناني يستطيعون صيانة الموجود والنأي به عن مظاهر الفوضى التي يجب أن تمّحي من الذاكرة القضائية”.
وتابع درباس: “ليس غالب غانم نسيج وحده، بل هو حلقة في نسق النسيج، جاء ليكمل لا لينقض الناموس. كوكبٌ من كوكبة، على ضوئه أستطلع معكم سيرة من هامش السيرة، فتبزغ أمامي حقائق من خلال وقائع لا تنسى”، معتبرًا أنّ كتاب غانم يتضمّن “توجيهًا ورؤية ومستقبلاً مكتوبًا بسردية رواقية لا روائية، كأنّي بالمؤلّف يصحبنا معه في قاعة الخطوات الضائعة وهو يحدّثنا عمّا كان، وما يجب أن يكون، وعن فصل من العصامية المرموقة طبع أجيالاً تَرَقَّت إلى الأعلى، بفضل المثابرة والجدّية.”
وتحدّث مؤلّف الكتاب القاضي غانم، فاعتبر أنّه في “وليمة أدبية، قانونية وطنية واجتماعية”، وقرأ أمام الحضور الفصل الأخير من كتابه بعنوان “من سواك يتعطّف”، مشيرًا إلى أنّه “بمثابة فعل ندامة وصلاة وشكر للربّ.”
“محكمة” – السبت في 2023/3/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!