مقالات

فؤاد أيوب الرئاسة التي لا تنام/كميل حبيب

العميد الدكتور كميل حبيب*:
درج التقليد اللبناني على نسيان المغادر وتكريم والترحيب بالقادم إلى تولية مركز ما، ويسري هذا التقليد على أهل الجامعة الذين يسعون للتقرّب إلى الرئيس المعيّن محاولين التعرف عليه وكسب ودّه والتقرب منه، وقليلون منهم من يبقى متذكّراً الرئيس السابق حتى أهل الخاصة الذين كانوا من المقرّبين منه، فإنّ مشاغلهم قد تنسيهم من كانوا يوماً إلى جانبه.
لكنّ الأمر كان مختلفاً مع الدكتور فؤاد أيوب، إذ وجدت من باب الوفاء أن أذكره، وأنّه لا بدّ أن أكتب عن رئيسٍ عاصرته لمدّة خمس سنوات، فهو الرئيس الذي لا ينام، ويعمل حتّى أيّام الآحاد والعطل الرسمية.
في اليوم الأوّل لبداية رئاسته، كان حاضراً بخطط شاملة مرتكزة إلى دراسةٍ دقيقة لملفّات الجامعة الأكاديمية والمالية والإدارية، وفي الإجتماع الأوّل لمجلس الجامعة قرأ على مسامعنا خطّته للسنوات الخمس (أيّ لمدّة رئاسته الكاملة).
كان رئيساً صلباً سعى لتحقيق رؤيته ونجح في كافة الملفّات التي قاربها، بالرغم من محاولة إلهائه في السنوات الثلاث الأولى من عهده بمناكفات وافتراءات وتحريض وتضليل طاله وبقسوة إلّا أنّه لم يستسلم ولم يتوقّف عن إكمال ما بدأه ولم تلهه هذه المعارك الجانبية عن واجبه الوطني في رفع الجامعة اللبنانية وصونها وتعزيز موقعها العلمي على المستوى الوطني والخارجي.
وكان رئيساً حازماً، وهو أمر لم يعهده أهل الجامعة سابقاً، بحيث كانت في العادة تُترك متابعة التفاصيل لمدراء الفروع وعمداء الوحدات، إلّا أنّ د. أيوب كان مختلفاً حيث كان يتابع كافة القضايا والمسائل والتفاصيل كبيرها وصغيرها، وكان يستمع لشكاوى الطلبة والأساتذة والموظّفين، ويتصل شخصياً بالمعنيين ويعطي توجيهاته وتعليماته وينبّه ويؤنّب إذا لزم الأمر ويعمل بسرعة على إصلاح أيّ خلل وتدارك أيّ خطأ دون أن تأخذه في الحقّ لومة لائم.
كان رئيساً قائداً يعرف اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة الأزمات، وبرزت حنكته وقدرته في التعاطي مع جائحة كورونا، وهي حالة قاهرة بيّنت الفارق بين موظّفٍ تابعٍ وقائد مبادرٍ، حيث عمل الرئيس فؤاد أيوب على تشكيل لجنة مختصة داخلة الجامعة لمواجهة هذه الجائحة والتقليل من تداعياتها على القطاع التعليمي، حيث عمد إلى تجهيز الجامعة بتقنيات التعليم عن بُعْد وتدريب الأساتذة والطلبة على استخدام التطبيقات المتاحة عبر موقع الجامعة والبريد الالكتروني الخاص بها، بما يتيح متابعة الدراسة عن بُعْد وتوجيهها، وفي ذات الوقت أصرّ على إجراء الامتحانات حضورياً والتي نال نجاحها إعجاب حتّى المنافسين وأصحاب النوايا السلبية إن لم نقل السوداء.
كان رئيساً شفّافاً وصادقاً، حيث واجه أصحاب الأوركسترا المموجة غير المسندة سوى إلى أحقاد أؤلئك الذين اتخذوا الرعونة نظاماً والمنفعة الشخصية دستوراً، وقد واجههم الرئيس أيوب أمام القضاء، وسيشهد التاريخ له أنّه الوحيد في الدولة اللبنانية الذي ادعى على إدارة الجامعة(أيّ على نفسه) أمام النائب العام المالي لكي تظهر ومن خلال القضاء الحقائق المعروفة منا سلفاً.
ربّما يبدو باكراً تقييم تجربة د. فؤاد أيوب الاستثنائية في رئاسة الجامعة اللبنانية، لكن سيشهد التاريخ أنّه بمحبته الأبوية المشروطة (محبّة الأب) قاد الجامعة في أحلك الظروف يحدوه في ذلك ولاء وطني وإيمان بقدرة أهل العلم على معالجة كافة المشاكل بين أبناء الوطن الواحد.
وأختم بدعوة الرئيس فؤاد أيوب أن يبقى مواكباً للجامعة اللبنانية، مرشداً لنا في أدائنا اليومي لواجباتنا الإدارية والأكاديمية.
إنّ هذه العجالة ليست شهادة في سيرة الرئيس أيوب الحافلة بالإنجازات، وإنّما هي مجرّدة فكرة أقول من خلالها شكراً لحضرة الرئيس صاحب القلب الكبير والصبر الكبير، ووالله فعلاً لكم من اسمكم نصيب.
* عميد كلّية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية.
“محكمة” – السبت في 2021/10/23

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!