مقالات

في القيود الدستورية التي تحول دون انتخاب قائد الجيش العامل لرئاسة الجمهورية/فرانسوا ضاهر

القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضـاهـر:
1- القيد الأوّل يتمثّل بالحظر الخاص الذي نصّت عليه الفقرة الثالثة (3) من المادة 49 دستور التي تقول:”لا يجوز إنتخاب القضاة وموظّفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسّسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام مدّة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد.”
2- أمّا القيد الثاني فيتمثّل بالحظر العام الذي نصّت عليه الفقرة الثانية (2) من المادة الدستورية ذاتها 49، والتي تقول: “لا يجوز إنتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهّله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح.”
3- وبالعودة الى أحكام الفقرة (ج) من المادة 8 من القانون الإنتخابي رقم 2017/44 يتبيّن أنّها تقول التالي:
” 1- لا يجوز للأشخاص المذكورين أدناه، أن يترشّحوا خلال مدّة قيامهم بمهامهم أو وظائفهم، وخلال المهل التي تلي تاريخ انتهاء خدماتهم أو تاريخ قبول استقالاتهم وفقاً لما يأتي:
(…)
ج- لا يجوز أن يترشّح لعضوية مجلس النوّاب العسكريون على اختلاف الرتب سواء أكانوا من الجيش أم من قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والضابطة الجمركية وشرطة مجلس النواب ومن هم في حكمهم، إلاّ بعد إحالتهم على التقاعد أو التقدّم باستقالتهم وقبولها قبل ستّة أشهر على الأقلّ من تاريخ انتهاء ولاية مجلس النواب.”
4- بحيث إنّه بالإستناد إلى ما تقدّم، يتبيّن أنّه يوجد قيدان على إمكانية انتخاب قائد الجيش العامل لرئاسة الجمهورية.
5- وإنّه، إذا سلّمنا جدلاً، بإمكانية تجاوز القيد الدستوري الأوّل، المنصوص عنه بالفقرة 3 من المادة 49 دستور، بحجّة أنّه بعد دخول البلاد في الفراغ أو الشغور الرئاسي، لم يعد إنتخاب رئيس الجمهورية واقعاً تحت حكم المادة 73 دستور، بل تحت حكم المادة 74 دستور، التي لم تضع أيّ قيد على الشخص الذي سيتمّ إنتخابه لهذا المنصب.
غير أنّه، ورغم عدم دستورية هذا الرأي، الذي فنّدناه في دراسة سابقة تمّ نشرها، يبقى أنّه لا يصحّ إنتخاب قائد الجيش العامل لرئاسة الجمهورية، ما لم يكن قد سبق له وتقدّم باستقالته من وظيفته وقُبِلت إستقالته منها، قبل ستّة أشهر على الأقلّ من تاريخ إنتهاء ولاية المجلس النيابي.
6- الأمر الذي يُثبت أنّ انتخاب قائد الجيش العامل لرئاسة الجمهورية تشوبه عوائق دستورية لا يمكن تجاوزها إلاّ بتعديل دستوري. وإنّ هذا التعديل لا يمكن إعتباره محقّقاً ضمناً، في حال تمّ إنتخابه بأكثرية ثلثيْ أعضاء المجلس النيابي، أيّ بالأكثرية ذاتها الواجب توافرها لإقرار أيّ تعديل دستوري (79 دستور). علماً أنّ أيّ تعديل دستوري لا يستقيم إلاّ إذا تمّ وفق الآلية الدستورية التي نصّت عليها المواد 76 إلى 79 ضمناً من الدستور.
7- بحيث إنّه، في حال تمّ انتخاب رئيس جمهورية، خلافاً للقيود التي نصّ عليها الدستور، فإنّه يمكن لثلث الأعضاء (42) الذين يتألّف منهم المجلس النيابي قانوناً، أن يطعنوا بدستورية انتخابه أمام المجلس الدستوري، سنداً لحكم المادة 23 من قانون إنشائه رقم 1993/250.
8- ما يحمل على الإستنتاج بأنّ معوّقات دستورية جوهرية تحول دون انتخاب قائد الجيش العامل لرئاسة الجمهورية. فضلاً عن أنّ وضعه الوظيفي يحول أيضاً دون التعرّف عليه أو أن يعرّف هو عن نفسه في ما يتعلّق بهويّته السياسية وتوجّهاته العامة وخياراته في إدارة شؤون البلاد في مختلف الملفّات والمواضيع المطروحة.
“محكمة” – الأربعاء في 2023/1/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!