المحامي ناجي البستاني يستعيد حادثة بين أبيه القاضي والرئيس حلو

يروي الوزير السابق ناجي البستاني*: “عيّن الرئيس فؤاد شهاب والدي القاضي نبيه البستاني مدعياً عاماً تمييزاً، علماً أنّه لا يعرفه شخصياً ولم ير وجهه. زاره في القصر الجمهوري لشكره على تعيينه، فقال له الرئيس شهاب: “تشكّر حالك وملفّك”.
إستمرّ والدي في موقعه مدعياً عاماً تمييزياً ستّ سنوات، انتخب خلالها شارل حلو رئيساً للجمهورية. في إحدى الليالي رنّ جرس الهاتف في منزلنا حوالى الحادية عشرة ليلاً. حين أجبت، قال لي محدّثي هنا القصر الجمهوري وفخامة الرئيس يريد الحديث مع القاضي البستاني.
قلت له إنّه نائم. هل من الضروري أن أوقظه؟ قال لي محدّثي، دقيقة وأعود إليك. بعد لحظات، قال لي إنّ من الضروري أن يتكلّم معه فخامة الرئيس، ففعلت. عندما حمل والدي الهاتف سمعت أنّ هناك “شريعة” تدور على الخطّ. بعد انتهاء المكالمة دخلت إلى غرفة والدي وسألته عن الأمر، فقال لي إنّ صاحب مجلّة “ماغازين” جورج أبو عضل كتب مقالة عنيفة ضدّ رئيس الجمهورية، وفيكتور موسى كان على العشاء عند الرئيس حلو ويحمل كراهية لأبو عضل اقترح على الرئيس توقيفه. يومها كان القانون يسمح بتوقيف الصحافي، فقال له والدي: فخامة الرئيس لقد قرأت المقالة وأنا أقول لك من الضروري أن يلاحق لأنّ هناك تعرّضاً لمقام الرئاسة.إذا قمت بتوقيفه لن أتركه مجدّداً، لأنّ تكتّل الوسط الذي يضمّ سليمان فرنجيه وصائب سلام وكامل الأسعد ويموّله أبو عضل سيقومون بزيارتك ويطلبون إطلاقه، وأنا لن أتركه.
سألت الوالد على ماذا اتفقتم؟ قال لي غداً سيكلّمني الرئيس.
بالفعل تكلّم الرئيس حلو مع والدي في اليوم التالي وطلب توقيف أبو عضل، فكرّر عليه والدي القول: لكن لن أتركه. وحصل كما قال والدي للرئيس حلو. إذ بمجرّد أن طلب والدي من القاضي منيف عويدات أن يحضر أبو عضل وتمّ توقيفه، اتصل الرئيس حلو وطلب تخلية سبيله فرفض والدي، ممّا اضطرهم للإتيان ليلاً برئيس الهيئة الإتهامية عبدالله ناصر من بلاد جبيل، واستأنفوا القرار وأخلي سبيل أبو عضل.
هذه الحادثة خلقت إشكالية مع الرئيس حلو دفعت والدي إلى مصارحته بعد أشهر: فخامة الرئيس لن أستطيع أن أتابع معك. أريد أن أنتقل إلى مجلس الشورى. وبالفعل، أصبح رئيساً لمجلس الشورى”.
*المصدر: مجلّة الأمن العام – العدد 81 – حزيران 2020.
“محكمة” – الإثنين في 2020/7/20