مقالات

أهمّ الأسئلة المتعلّقة بقوانين الإيجارات التي تُهمّ المستأجرين والمؤجّرين/ملاك خضر

المحامية المتدرّجة ملاك خضر:
يُطرح علينا يومياً كمحامين، الكثير من الأسئلة المتعلّقة بعقود الايجار سواء من المؤجّرين أو المستأجرين خصوصاً مع تعدّد أسعار صرف الدولار.
ولم تكن رحلة البحث في قوانين الايجارات سهلة، وأكاد أجزم أنّ هذه الرحلة كانت برعاية “خزّق ولزّق”، فلا قانون واحد، بل قوانين متفرّقة منها العادية ومنها الاستثنائية.
والمؤسف في الأمر أنّ العاصمة بيروت التي سُمّيت بأمّ الشرائع لغزارة وتميّز مشرّعيها، أصبحت قوانين إيجاراتها أعجوبة من عجائب لبنان، ومثالاً عن ضياع وفوضى ولا مسؤولية المشرع اللبناني، وأنّ أكثر ما آلمني عندما كنت أطالع هذه القوانين هي المأساة والشرخ الذي تسبّبت به بين المؤجّر والمستأجر حيث سقط أحد المؤجّرين أرضاً وتوفّي خلال جلسة استجواب، وأقدم إبن أحد المالكين على إطلاق النار على المستأجر بسبب تفاقم الخلاف بينهم؛ وهي حوادث مؤلمة تحدّث عنها القاضي غسان رباح في مقدّمة مؤلّفه المستأجر والمالك.
وتجدر الإشارة إلى أنّني سأحصر مقالي هذا بعقود الإيجار السكنية العادية الخاضعة لحرّية التعاقد، على أنّني ساطرح الموضوع بطريقة الأسئلة والأجوبة.
• هل غياب الكتابة في عقد الايجار تحرم المستأجر حقوقه؟!
عقد الايجار سواء أكان شفهياً أو خطياً هو ملزم للطرفين، والكتابة تؤثّر على الاثبات، وليس على نشوء العقد وإلزاميته،
فالمادة 177 موجبات وعقود نصّت على أنّ أركان العقد هي الرضى والموضوع والسبب والشكل في حال كان مشروطاً، وفي عقود الإيجار فإنّ القواعد الخاصة التي نصّ عليها المشرّع هي الشيء والبدل وسائر الشروط التي يراد إدراجها، ولم يأت على ذكر الكتابة الا في حال اتفاق الطرفان على شرط الكتابة حينها يصبح الزامياً. وبالتالي بغياب الاتفاق المشار إليه أعلاه، يمكن إثبات عقد الإيجار بكافة طرق الإثبات كالإيصالات وشهادة الشهود والقرائن وغيرها.
• ما هي المفاعيل المترتّبة على اعتبار مدّة الإيجار معقودة لسنة واحدة مثلاً؟!
أخضع المشرع عقود الايجارات المبنية المعدّة للسكن ولغير السكن لحرّية التعاقد ولمشيئة المتعاقدين، إلّا أنّه وضع أحكاماً إلزامية لا يمكن للمتعاقدين الاتفاق على معارضتها، وفقاً للقانون رقم 92/159.
فإذا كانت المدّة المحدّدة في العقد أقلّ من ثلاث سنوات كسنة مثلاً، تعتبر الاجارة حكماً معقودة لفترة زمنية مدّتها ثلاث سنوات على ما نصّت عليه المادة ٥٤٣ موجبات وعقود.
وبالشروط ذاتها، لذلك يعمد المأجرون إلى وضع بند في العقد تصاعدي لبدل الايجار السنوي.
• هل انتهاء مدّة العقد وبقاء المستأجر في المأجور وتقاضي المؤجّر بدل الايجار يسمح للمؤجّر بطرد المستأجر متى أراد؟
تنصّ المادة ٥٩٢ موجبات وعقود على أنّه إذا انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر واضعاً يده على المأجور عُدّ الايجار مجدّداً بالشروط عينها وللمدّة نفسها، ولكنّ الاستمرار بالانتفاع خلافاً لرغبة المؤجّر لا يفيد أبداً التجديد الضمني، بل إنّه بمجرّد إبداء موقف واضح من المؤجّر بعدم الرغبة بتجديد العقد، يثبت عدم شرعية استمرار المستأجر بوضع يده على المأجور.
وبالتالي على المؤجر إعلان رغبته بعدم تجديد العقد أو إرسال إنذار بانتهاء مدّة العقد وطلب التخلية، وإنّ قبضه للإيجار عند خلاف ذلك يعتبر تجديداً ضمنياً لعقد الايجار بالشروط والمدّة السابقة.
• ما هي المهلة الممنوحة للمستأجر لإخلاء المكان؟!
إنّ المشرّع اللبناني عندما اعتبر أنّ مدّة عقد الايجار المعقود لأقلّ من ثلاث سنوات تعتبر لفترة ثلاث سنوات، كحماية للمستأجر، وبالتالي لا يحقّ للمستأجر أن يتعسف باستعمال حقّه بالبقاء، وبالتالي عند حلول الثلاث سنوات عليه إخلاء المكان، وفي حال لم يكن العقد قد نصّ على مدّة وبحسب المادة ٥٩٢ المذكورة سابقاً حقّ لكلّ من المتعاقدين أن يفسخ العقد ويستفيد المستأجر من المهلة المعيّنة عرفاً لإخلاء المكان، وبالتالي عند تحديد المدّة وعدم الرغبة بتجديد العقد وكون العقد شرعة المتعاقدين، على المستأجر إخلاء المكان.
• هل رفض المؤجّر تقاضي بدل الايجار ومطالبته للمستأجرين بزيادة البدل يعتبر فسخاً للعقد؟!
إنّ العقود المنشأة على الوجه القانوني تلزم المتعاقدين، وبالتالي لا يحقّ للمؤجّر قبل انتهاء مدّة العقد المطالبة بزيادات على بدل الإيجار، وعند رفضه استلام بدل الايجار يمكن للمستأجر القيام بمعاملة عرض وإيداع لدى كاتب العدل، وعدم قانونية الزيادة تشمل أيضاً التجديد الضمني طالما المؤجّر لم يكن قد أعلن عن عدم رغبته بالتجديد وبقي يتقاضى البدل كرغبة ضمنية بالتجديد في ظلّ التعامل السابق، وبالتالي حتّى تكون الزيادة قانونية عليه عند انتهاء العقد إمّا طلب التخلية أو تنظيم عقد جديد ببدل أعلى.
• قانونية اعتماد بند عملة الدولار في عقود الإيجار؟
برز حديثاً اعتماد بند يحدّد قيمة البدل بالدولار الاميركي نقداً، وهنا يجب علينا النظر الى حرفية العقد، فإذا كان العقد قد نصّ على أن يدفع بالدولار الأميركي فقط، أو بالدولار الأميركي أو بما يوازيه بالليرة اللبنانية على سعر المنصّة، وبالتالي وفي الحالة الأولى يمكن اعتماد سعر الصرف الرسمي الذي ما زال ١٥١٥ ليرة لبنانية المعلن من قبل مصرف لبنان عملاً بقانون النقد والتسليف وقانون العقوبات اللذين يعاقبان على رفض قبول العملة الوطنية، بينما في الحالة الثانية فإنّ ارادة المتعاقدين قد اتجهت الى اختيار سعر صرف المنصّة، وبالتالي لا يكون المستأجر ملزماً بدفع الدولار كون الليرة اللبنانية هي العملة الوطنية الرسمية ولكن تكون إرادة الفرقاء قد اتجهت إلى تحديد قيمتها بحسب سعر صرفها بحسب منصّة صيرفة.
• على من تقع مصاريف التصليحات والتحسينات؟
على المؤجر واجب ضمان الانتفاع بالمأجور وضمان العيوب التي تجعله غير صالح للإستعمال، وبالتالي يحقّ للمستأجر الرجوع على المؤجّر بكلّ هذه الاصلاحات. أمّا العيوب التي لا تحول دون الانتفاع فلا يحقّ للمستأجر أن يرجع من أجلها على المؤجّر، وهذا شأن العيوب المتسامح بها عرفاً. وفي حال تكبّد المستأجر مصاريف يقع عليها موجب الضمان من المؤجّر له أن يطلب تخفيض البدل أو يطلب فسخ العقد وله أيضاً حقّ المطالبة ببدل العطل والضرر.
أمّا بالنسبة للتحسينات الكمالية، فإذا تمّت بعلم المؤجّر وبدون معارضته، فللمستأجر المطالبة بقيمتها، أمّا إذا تمّت بعلمه وبمعارضته فله أن يطلب نزعها وتعويضه عن أضرار النزع، شرط إقامته الدليل على أنها لا تعود له بالفائدة.
• على من تقع الرسوم البلدية ورسوم الأملاك المبنية عند تحرير عقد الإيجار؟!
إنّ الرسوم البلدية هي على عاتق المستأجر. أمّا رسوم الأملاك المبنية فهي على عاتق المؤجّر.
نأمل أن نكون قد استطعنا إيضاح بعض الإشكالات المتعلّقة بعلاقة المالك بالمستأجر في ما خص العقود الخاضعة لحرّية التعاقد وفقاً للقانون رقم 92/159، مع الإشارة إلى أنّ عقود الإيجار القديمة والخاضعة للتمديد القانوني تعاني الكثير من النزاعات سوف نتطرّق لها ببحث لاحق نظراً لدقّتها ولاختلافها عن الإيجارات المعقودة بعد تاريخ 1992/7/23.
“محكمة” – السبت في 2022/10/22

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!