أبرز الأخبارعلم وخبر

إعتبار الإنذار غير الموقّع صحيحاً ومنتجاً لمفاعيله القانونية/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت محكمة التمييز المدنية العليا الغرفة التاسعة المؤلّفة من القضاة الرئيس لبيب زوين والمستشارين اليس شبطيني العم والياس نايفة ان المادة العاشرة فقرة أ من قانون الايجارات رقم 92/160 لم تعيّن البيانات الواجب توافرها مع الانذار، وأنّ الاجتهاد سار على أنّه أيّاً كان الشكّل الذي يرد فيه الانذار، فإنّه ينبغي أن يتضمّن اسم المرسل واسم المرسل إليه ومحلّ التبليغ وتاريخ التبليغ وموضوع الانذار من تحديد المبالغ المطالب بها، وأنّ التوقيع على الانذار يهدف إلى إعلام المستأجر عن الشخص الذي أرسل الإنذار، وأنّ القانون لم يفرض توقيعاً معيّناً، بل يكفي أن يكون اسم المرسل صريحاً وواضحاً ويكون المستأجر على علم به وتعامل مع هذا الأخير، وبالتالي، فإنّ عدم توقيع الانذار لا يجعله باطلاً إذا ما توافرت الشروط المذكورة اعلاه.
كما اعتبرت المحكمة العليا، أنّ محكمة الاستئناف لم تشوّه مضمون عقد الايجار، بل بحثت في محتوى العقد القابل للتفسير في ضوء المعطيات الموجودة في الملفّ، ومن بينها التعامل السابق بين الفريقين المتعاقدين.
واعتبرت المحكمة العليا من جهة أخرى أنّ محكمة الاستئناف أغفلت ذكر المستند المرفق بالاستحضار الاستئنافي لاحتساب المبالغ المتوجبة في ذمّة المميز.
وقضت بنقض القرار المطعون فيه جزئياً لهذه الناحية فقط
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2003/7/14:
عن الأسباب التمييزية:
أوّلاً: حيث إنّ المميّز يدلي بمخالفة القرار المطعون فيه المواد 7 و 372 و455 و488 اصول مدنية المتعلقة بحق الدفاع خاصة وأنّ الجهة المستأنفة كانت قد وافقت على إمهال المستأنف عليه للجواب،
حيث إنّ محكمة الاستئناف لم تخالف المادة 372 أصول مدنية التي تنصّ على أنّه لا يصحّ على الإطلاق إصدار الحكم ضدّ خصم لم يتمكّن من إبداء دفاعه، إذ إنّها مكّنت المستأنف عليه من الدفاع عن نفسه بانتظار ورود لائحته الجوابية مدّة تفوق الثمانية أشهر من تاريخ تبلّغ هذا الأخير الاستحضار الاستئنافي بعد أن أمهلته للجواب خلال جلسة المحاكمة التي حضرها.
وحيث إنّ المادة 455 أصول مدنية لا علاقة لها بحقّ الدفاع المعطى للمدعى عليه المستأنف عليه في هذه الدعوى، فلا مجال بالتالي للإدلاء بمخالفتها حسب مجريات المحاكمة الاستئنافية الثابتة في الملفّ.
وحيث إنّ المادة 488 أصول مدنية تعطي الكلام الأخير للمدعى عليه المستأنف عليه خلال جلسات المحاكمة، ولم تخالف محكمة الاستئناف هذه المادة خلال جلسات المحاكمة المنعقدة أمامها، فضلاً عن عدم حضور المستأنف عليه الجلسة الأخيرة.
وحيث إنّ حقّ الدفاع المعطى للمستأنف عليه المميّز عملاً بالمادة 7 أصول مدنية، قد صار احتراقه من قبل محكمة الاستئناف وذلك بعد انتظار المحكمة أكثر من ثمانية أشهر ورود لائحة المستأنف عليه الجوابية، في حين أنّه عملاً بالمادة 449 معطوفة على المادة 657 أصول مدنية “يجب” على المستأنف عليه في خلال خمسة عشر يوماً من تبلّغه الاستحضار، أن يقدّم لائحة يجيب فيها على أقوال ومطالب خصمه ويرفق فيها جميع المستندات المؤيّدة لجوابه.
وحيث إنّ تقدير مسألة فتح المحاكمة يعود للمحكمة دون سواها ولا تخضع لرقابة محكمة التمييز، عملاً بالمادة 500 أصول مدنية، فضلاً عن عدم صحّة ما أدلى به المميّز لجهة موافقة المستأنف على هذا الطلب، لعدم إبلاغ هذا الأخير اللائحة التي تضمّنت طلب فتح المحاكمة.
وحيث يقتضي بالتالي ردّ السبب التمييزي الأوّل لعدم صحّته وعدم قانونيته.
ثانياً:وحيث إنّ المميّز يدلي بمخالفته القرار المطعون فيه قواعد الاثبات لاسيّما المادة 150 أصول مدنية، وذلك عند قضائه باعتماد الإنذار المرسل إلى المميّز المستأجر بالرغم من خلوه من توقيع المرسل.
وحيث إنّ محكمة الاستئناف أحسنت تطبيق القانون وتماشت مع اجتهاد هذه المحكمة المستمرّ القائل بأنّ المادة العاشرة، فقرة أ، من القانون رقم 92/160 لم تعيّن البيانات الواجب توافرها في الانذار، وإنّ الاجتهاد سار على أنّه أيّاً كان الشكل الذي يرد فيه الانذار، فإنّه ينبغي أن يتضمّن اسم المرسل واسم المرسل إليه، وحامل التبليغ، وتاريخ التبليغ، وموضوع الانذار من تحديد المبالغ المطالب بها، وأنّ التوقيع على الانذار يهدف إلى إعلام المستأجر عن الشخص الذي أرسل الإنذار، وأنّ القانون لم يفرض توقيعاً معيّناً، بل يكفي أن يكون اسم المرسل صريحاً وواضحاً ويكون المستأجر على علم به وتعامل مع هذا الأخير.
وحيث إنّ محكمة الاستئناف استثبتت من البطاقة المكشوفة من المستأنف عليه “أنّه يتبيّن بوضوح دون أن يؤدّي ذلك إلى لبس في ذهن المستأنف عليه، أنّ البطاقة مرسلة من المستأنف بالذات وقد ورد اسمه بوضوح في السطر الأوّل وفي السطر الأخير”،
وحيث إنّ محكمة الاستئناف أحسنت تطبيق القانون وتفسيرها للمادة العاشرة فقرة أ من قانون الايجارات بقولها “بأنّ عدم توقيع الانذار لا يجعله باطلاً إذا تبيّن من البطاقة المكشوفة المرسلة من المالك ورود اسم هذا الأخير بصراحة، وأنّها مرسلة منه شخصياً وتتضمّن البيانات الضرورية لاسم المرسل إليه ومحلّ المأجور وموقعه والبدلات المطالب بها، كما هو الحال في البطاقة الموجهة من المستأنف” إلى المستأنف عليه.
وحيث إنّ محكمة الاستئناف أسقطت المستأنف عليه من حقّه في التمديد القانوني عملاً بالمادة العاشرة فقرة أ من القانون الاستئنافي رقم 92/160، فلا مجال للإدلاء بمخالفة المحكمة قواعد الاثبات العامة بوجود نصّ خاص يتعلّق بالانذار وواجب التطبيق ممّا يفضي إلى ردّ السبب التمييزي الثاني.
ثالثاً:
1- حيث إنّ المميّز يدلي بتشويه محكمة الاستئناف مضمون أحد أبرز مندرجات سند الإيجار بتجاوزها صراحة عبارة “تركيب البرّادات” كوجهة استعمال المأجور للقول بأنّ المستأجر المميّز كان يشتري البضائع لشغلها أو تحويلها ممّا يجعل وجهة استعمال المخزن تجارية لا حرفية.
وحيث إنّه يقتضي بادئ ذي بدء التأكيد على أنّ محكمة الاستئناف أوردت حرفياً ما ورد في عقد الإيجار لجهة وجهة الاستعمال بقولها الحيثية التالية:”وحيث بالعودة إلى سند الايجار الموقّع بين الطرفين بتاريخ 78/7/1، فإنّ وجهة الاستعمال هي تركيب برّادات” وهي بالتالي لم تشوّه مضمون عقد الإيجار.
وحيث إنّ محكمة الاستئناف عندما اعتبرت أنّ وجهة استعمال المأجور لتركيب البرّادات يتطلّب شراء مواد لتركيب البرّادات وبيعها من الغير، فهي بحثت في محتوى السند أو العقد القابل للتفسير في ضوء المعطيات الموجودة في الملفّ ومن بينها التعامل السابق بين الفريقين المتعاقدين.
وحيث إنّه عند ضرورة التفسير تنتفي إمكانية تشويه وتضحى النتيجة التي توصّلت إليها المحكمة الاستئنافية بمنأى عن رقابة محكمة التمييز، الأمر الذي يوجب ردّ هذا الشقّ من السبب التمييزي الثالث.
2- وحيث إنّ المميّز يدلي بأنّ القرار المطعون فيه شوّه مضمون المستندات، ومنها المقطع الأخير من الصفحة التاسعة ومطلع الصفحة العاشرة من الاستحضار الاستئنافي والمستند المرفق بالاستحضار الاستئنافي وهو كتاب العرض الفعلي والايداع المسجّل لدى دائرة كاتب العدل في طرابلس الأستاذ عبد الحميد الرافعي تحت رقم 96/584 تاريخ 96/3/26، إذ ورد في القرار المذكور في الصفحة الخامسة منه أنّه “لم يثبت أنّه دفع أيّ مبلغ بعد العرض المذكور”، أي العرض والايداع الجاري بتاريخ 95/5/16 في حين أنّ المستأنف المميّز عليه أقرّ بنفسه بأنّ المستأنف عليه أبلغه الغرض الفعلي والايداع المشار إليه آنفاً رقم 96/584 تاريخ 96/3/26
وحيث إنّه وفقاً للفقرة السابعة من المادة 708 من قانون الأصول المدنية، يتحقّق التشويه بمضمون المستندات عندما تذكر محكمة الاستئناف في قرارها وقائع خلافاً لما وردت عليه، أو بصورة تناقض المعنى الواضح والصريح لنصوصها.
وحيث إنّ محكمة الاستئناف بقولها بأنّه لم يثبت أنّ المميّز دفع أيّ مبلغ بعد تاريخ 95/5/16 تكون قد شوّهت أقوال المميّز عليه بالذات الواردة في استحضاره الاستئنافي، كما أغفلت ذكر المستند المرفق بالاستحضار الاستئنافي لاحتساب المبالغ المتوجّبة في ذمّة المميّز ممّا يعرّض قرارها للنقض الجزئي في ما يتعلّق بمسألة احتساب المبالغ المتوجّبة بذمّة المستأجر المميّز.
وحيث إنّه بعد النقض الجزئي، يقتضي إعادة بحث قيمة البدلات المتوجّبة على أساس أنّ المأجور تجاري وبعد حسم المبالغ المدفوعة من قبل المستأجر.
وحيث إنّ المستأنف كان قد احتسب البدلات المتوجّبة بذمّة المستأجر عن الفترة الممتدة من 95/6/1 ولغاية 96/12/31 والبالغة /2241775/ ليرة لبنانية وطالب بإلزامه بتسديدها وتسديد المبالغ التي استحقّ حتّى تاريخ التخلية الفعلية على أساس أن الإيجار هو تجاري.
وحيث ثبت من أوراق الدعوى كما صار بحثه آنفاً في معرض النقض الجزئي للقرار الاستئنافي، أنّ المميّز كان قد أودع لدى دائرة كاتب العدل الأستاذ عبد الحميد الرافعي في المعاملة رقم 96/584 تاريخ 96/3/29 مبلغاً قدره /817368/ ليرة لبنانية، وكان ذلك خلال المحاكمة الابتدائية.
وحيث إنّ المميّز أدلى في لائحتيه المقدّمتين في المرحلة التمييزية أنّ المبلغ لدى دائرة كاتب العدل المذكور “قد خرج من ذمّته المالية منذ تاريخ إيداعها ويعود للمميّز عليه وحده دون سواه حقّ قبضها”.
وحيث ترى هذه المحكمة الأخذ بأقوال المميّز لهذه الجهة وحسم قيمة المبلغ المعروض فعلياً والمودع لدى دائرة كاتب العدل بموجب المعاملة رقم 96/584 المشار إليها آنفاً، من قيمة المبلغ المتوجّب أصلاً بذمّة المستأجر المميّز، بحيث يصبح المبلغ المتوجّب لغاية تاريخ 96/12/31 كما يلي:
/2241775/ -/817368/ = 1424407 ل.ل.
ويقتضي تعديل البند /4/ من الفقرة ثالثاً من الفقرة الحكمية للقرار المطعون فيه والحكم مجدّداً بإلزام المستأنف عليه المميّز بدفع مبلغ /1424407/ ل.ل. وإلزام الأخير بالبدلات التي ستستحقّ حتّى تاريخ التخلية الفعلية على أساس أنّ الاجارة هي تجارة.
رابعاً:
حيث إنّ المميّز يدلي بأنّ محكمة الاستئناف خالفت قواعد الإثبات المنصوص عنه في المادة 174 أصول مدنية إذ إنّها اعتبرت أنّ المستأجر المميّز هو الذي قد تبلّغ البطاقة المكشوفة رغم إنكاره لهذا الأمر، والتأكيد بأنّ ابنه القاصر هو الذي تبلّغ ووقّع الإشعار بالاستلام، ولم تقرّر المحكمة إجراء المقابلة أو المطابقة بين توقيع مستلم الإشعار المذكور وتوقيع ابن المميّز.
وحيث إنّه بمعزل عن مسألة بحث القوّة الثبوتية لما ورد الإشعار بالإستلام، فإنّ المادة 174 أصول مدنية نصّت على أنّه إذا رأت المحكمة من وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين اقتناعها في شأن صحّة الخطّ أو التوقيع، جاز لها أن تكتفي بذلك وأن تبني عليه حكمها إمّا بصحّة المحرّر (التوقيع على الإشعار بالاستلام) إمّا بعدم صحّته، وذلك دون أن تكون ملزمة بإصدار أمر بإجراء أيّ تحقيق ولو طلب إليها بإجراء هذا التحقيق، وهذا ما توصّلت إليه محكمة الاستئناف دون مخالفة قواعد الاثبات بما فيها المادة 174 وما يليها من قانون الأصول المدنية.
وحيث إنّه بالاضافة إلى ما سبق بيانه، فإنّ طلب تحقيق الخطّ هو من التدابير المتروكة لقاضي الأساس الذي له أن يقدّر جدواها دون رقابة محكمة التمييز.
وحيث يقتضي بالتالي ردّ السبب التمييزي الرابع، وردّ باقي الأسباب والطلبات الزائدة أو المخالفة، بما فيها طلب العطل والضرر لعدم ثبوت سوء النيّة.
لذلك
تقرّر المحكمة:
1- قبول التمييز شكلاً
2- ردّ الأسباب التمييزية ما عدا الشقّ الثاني من السبب الثالث الذي أدّى إلى نقض القرار المطعون فيه جزئياً
3- إبرام القرار المطعون فيه ما عدا ما ورد تحت البند 4 من الفقرة ثالثاً حيث يصبح البند 4 كما يلي:
4- فسخ الحكم لجهة عدم البتّ بالبدلات، والحكم مجدّداً بإلزام المستأنف عليه بدفع /1424407/ل.ل. (مليون وأربعماية وأربعة وعشرين ألفاً وأربعماية وسبع ليرات لبنانية) المتوجّبة حتّى 96/12/31 وإلزام الأخير بالبدلات التي ستستحقّ حتّى تاريخ التخلية الفعلية على أساس أنّ الإيجار هو تجاري
5- تضمين المميّز والمميّز عليه مصاريف المحاكمة التمييزية مناصفة
6- ردّ باقي الأسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة.
قراراً أعطي وأفهم بتاريخ 2003/7/14.. “محكمة” – الاثنين في 2019/9/23

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!