أبرز الأخبارمقالات

متى تفرض الغرامة الاكراهية ومنذ متى يبدأ بدل المثل؟/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة الناظرة في دعاوى الايجارات، والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري عدة نقاط قانونية مهمة تتعلق بالاستئناف الاصلي والاستئناف التبعي.
ونظراً للتعليل الواسع الوارد في القرار فسوف ننشره على مرحلتين. المرحلة الاولى تتعلق بالاستئناف الاصلي والمرحلة الثانية تتعلق بالاستئناف التبعي.
في ما يتعلق بالاستئناف التبعي، فقد بحثت المحكمة مسألة الغرامة الاكراهية فاعتبرت ان المحكمة تتمتع بالتالي بسلطة تقديرية في الحكم بالغرامة الاكراهية وبالتالي يرد الادلاء المتعلق بعدم تعليل محكمة الدرجة الاولى لاتجاهها بعدم الحكم بالغرامة الاكراهية كون مجرد رد طلب الحكم بالغرامة الاكراهية يعني ان المحكمة لا ترى ضرورة لها.
كما بحثت المحكمة في مفهوم بدل المثل، فاعتبرت ان الحكم القاضي بالاسقاط من حق التمديد القانوني هو حكم معلن للحق وليس منشئاً له فيكون الحق بالتمديد قد سقط من تاريخ تقديم دعوى الاسقاط، ومن تاريخها يصبح المستأجر شاغلاً المأجور دون مسوغ شرعي ويحق للمؤجر بالتالي طلب الحكم ببدل اشغال عن المدة التي استفاد فيها المستاجر من المأجور، على ان البدلات تحسب من تاريخ المطالبة بها اي في الحالة الراهنة من تاريخ تقديم الدعوى وحتى الاخلاء الفعلي.
وقضت بفسخ الحكم المستأنف لهذه الجهة.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/4/4:
ب- في الاستئناف التبعي: وحيث ان الجهة المستأنف عليها المستأنفة تبعياً تطلب من جهة اولى فسخ الحكم المستأنف في شقه المتعلق برد طلب الزام المستأنف بوجهه تبعياً بغرامة اكراهية قدرها مئة دولار اميركي عن كل يوم يتأخر فيه عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر بإلزامه بإخلاء المأجور، كون الحكم المذكور لم يعلل لهذه الجهة، ولوجود خشية من عدم تنفيذ المستأنف الاصلي المستأنف بوجهه تبعياً للحكم بالاخلاء.
وحيث ان طلب الحكم بالغرامة الاكراهية قد استند على سلطة المحكمة المعطاة لها بموجب المادة /569/ أ.م.م. في فرض غرامة اكراهية لضمان تنفيذ الاحكام الصادرة عنها.
وحيث ان المحكمة تتمتع بالتالي بسلطة تقديرية في الحكم بالغرامة الاكراهية وبالتالي يرد الادلاء المتعلق بعدم تعليل محكمة الدرجة الاولى لاتجاهها بعدم الحكم بالغرامة الاكراهية كون مجرد رد طلب الحكم بالغرامة الاكراهية يعني ان المحكمة لا ترى ضرورة لها.
وحيث ان المحكمة الراهنة وفي ضوء المفعول الناشر للاستئناف لا ترى ضرورة من الحكم بالغرامة الاكراهية ضماناً لتنفيذ الحكم الصادر عنها انطلاقاً من طبيعة الدعوى المتعلقة بإخلاء مأجور وبالنظر للطرق القانونية المتاحة للاخلاء جبراً في حال تمنع المحكوم عليه من الاخلاء.
وحيث ان ما تقدم يوجب رد الاستئناف التبعي لجهة فرض الغرامة الاكراهية ورد الاستئناف التبعي لهذه الجهة.
وحيث ان الجهة المستأنفة تبعياً تطلب من جهة ثانية فسخ الحكم المستأنف في شقه المتعلق برد طلب الزام المستانف الاصلي المستأنف بوجهه تبعياً بأن يسدد بدل الاشغال الفعلي للمأجور منذ تقديم الدعوى الراهنة ولغاية التسليم الفعلي اليه، كون القرار القاضي بالاسقاط من حق التمديد هو قرار معلن للحق وليس منشئاً له، ما ينتج عنه اعتبار الاجارة ساقطة من تاريخ تقديم الدعوى ما يجعل المستأجر الساقط حقه شاغلاً للمأجور خارج اطار عقد الايجار.
وحيث ان الحكم المستأنف رد طلب الحكم ببدل الاشغال معتبراً ان بدل المثل لا يستحق باعتباره تعويضاَ عن اشغال المأجور خلال الفترة اللاحقة لتحقق عنصر الاسقاط من حق التمديد، الا من تاريخ صيرورة الحكم القاضي بإسقاط حق المستأجر من التمديد القانوني حكماً قطعياً، اما قبل ذلك فلا يلزم المستاجر الا بتسديد بدلات الايجار المتفق عليها بين الفريقين وذلك حماية لحق المستأجر بالدفاع عن نفسه امام القضاء بمعرض دعوى الاسقاط من حق التمديد المقامة بوجهه وحماية حقه بسلوك طرق الطعن التي اتاح له القانون اللجوء اليها، واعتبر الحكم المذكور ان الحكم الابتدائي الذي يقضي بالاسقاط من حق التمديد القانوني ليس بالحكم القطعي كونه قابل للاستئناف، فيكون بدل المثل غير مستحق بعد بذمة المستأجر بالرغم من اعلان سقوط حقه بالتمديد.
وحيث ان الحكم القاضي بالاسقاط من حق التمديد القانوني هو حكم معلن للحق وليس منشئاً له فيكون الحق بالتمديد قد سقط من تاريخ تقديم دعوى الاسقاط، ومن تاريخها يصبح المستأجر شاغلاً المأجور دون مسوغ شرعي ويحق للمؤجر بالتالي طلب الحكم ببدل اشغال عن المدة التي استفاد فيها المستاجر من المأجور، على ان البدلات تحسب من تاريخ المطالبة بها اي في الحالة الراهنة من تاريخ تقديم الدعوى وحتى الاخلاء الفعلي.
وحيث ان النزاع الراهن يفترض بادئ ذي بدء التثبت مما اذا كان للقرار القاضي بالاسقاط من حق التمديد مفعولاً اعلانياً يعود الى يوم المطالبة بهذا الاسقاط وذلك سندا للمادة /559/ أ.م.م. ام مفعولاً انشائياً لا يكون معه للاسقاط الا مفعول للمستقبل.
وحيث انه يقتضي التأكيد في هذا السياق، بأنه وفقاً للقاعدة العامة المكرسة في المادة /559/أ.م.م. فإن الحكم يعلن الحق ولا ينشئه، لان مصدر الحق لا يكون الحكم بحد ذاته بل السبب الذي انشأ هذا الحق (العمل او التصرف القانوني، الواقعة القانونية..) والذي يقتصر الحكم على اعلانه، وانه لا نص خاص في قانون اصول المحاكمات المدنية او اي قانون آخر يستثني الحكم القاضي بإسقاط الحق بالتمديد من الاثر الاعلاني الذي يعود للاحكام بشكل عام.
وحيث انه تبعاً لذلك، يعتبر الاسقاط من حق التمديد متحققاً ومنتجاً لمفاعيله بتاريخ اقامة دعوى الاسقاط وذلك بصرف النظر عما آل اليه الحكم الابتدائي وبغض النظر عن تاريخ صيرورة القرار الاستئنافي مبرماً.
وحيث طالما ان فسخ الاجارة بنتيجة الاسقاط من حق التمديد يعد واقعاً بتاريخ الادعاء وليس بتاريخ الاعلان عنه، فإنه لا يعود من مبرر للابقاء على مفاعيل التمديد في الفترة اللاحقة للادعاء، وسنداً لذلك، تكون الفترة الزمنية التي يستمر فيها الاشغال منذ تاريخ الادعاء وحتى الاخلاء غير مرعية بأحكام التمديد القانوني، وبالتالي لا تكون المبالغ المتوجبة لقاء هذا الاشغال من قبيل بدلات الايجار وانما من قبيل بدلات المثل.
وحيث انه اذا كان استمرار المستأجر بإشغال المأجور اثناء فترة التقاضي يبرره حقه المشروع بالدفاع عن نفسه حفاظاً على مصالحه ودفاعاً عنها، وذلك بمعزل عن النتيجة النهائية للدعوى، اذ من غير المنطقي الزام المستأجر بمغادرة مأجوره منذ تقديم دعوى الاسقاط بوجهه وريثما يصدر حكم مبرم فيها تحسباً لما قد ينتج عن المفعول الاعلاني للحكم في ما لو استجابت المحكمة لطلب فسخ الاجارة او اسقاط حق التمديد، الا ان مبادئ العدل والانصاف تحول في المقابل دون ان تتم ممارسة حق الدفاع من قبل المستأجر على حساب المؤجر والا اثرى الاول على حساب هذا الاخير، مما يستتبع وجوب اقرار الحق للمؤجر بالمطالبة بمقابل عن هذا الاشغال الذي امتد من تاريخ اقامة دعوى الاسقاط وحتى الاخلاء الفعلي,
وحيث ان اشغال المستأجر للمأجور في الفترة التي لم يعد يرعاها عقد الايجار يرتب عليه اذن تعويضاً لمصلحة المالك، وهذا التعويض لا يتعدى كونه تعويضاً عن الاشغال الفعلي والواقعي لملك المؤجر ولا يشكل تعويضاً عن فعل جرمي، وتبعاً لذلك، فإن بدلات المثل تتوجب عليه حتماً بسبب الاشغال وهي غير مرتبطة بخطأ صادر عنه، خاصة انه كان بإمكان المحكوم عليه تنفيذ الحكم رضاء دون سلوك طرق التنفيذ الجبري.
وحيث انه تأسيساً على ما تقدم، يقتضي تقدير بدل الاشغال في ظرفه الواقعي والزمني وبصرف النظر عن حسن او سوء نية الشاغل، فلا جدوى بالتالي من التحقق من مدى مشروعية الاشغال او عدمها.
وحيث ان ذهاب الحكم الابتدائي خلاف هذه الوجهة يكون واقعا في غير موقعه القانوني الصحيح مما يقتضي فسخه ورؤية الدعوى انتقالا والحكم مجددا بتوجب بدل للاشغال موضوع الدعوى يسمى بدل المثل.
وحيث ان الدعوى لهذه الجهة لا تكون جاهزة لاصدار حكم نهائي فيها، اذ ترى المحكمة ضرورة الاستعانة بالخبرة الفنية لتحديد بدل المثل للمأجور موضوع الدعوى الراهنة بحسب السعر الرائج في السوق منذ تاريخ 2014/6/18، وحتى تاريخ صدور القرار الراهن.
وحيث انه بالنسبة لطلب فتح المحاكمة المقدم من الجهة المستأنفة وعليها، فانه مستوجب الرد باعتبار ان حقوق الدفاع قد جرى تأمينها اصولاً، فضلاً عن ان المحكمة قررت فتح المحاكمة لتنفيذ الخبررة المحددة منها.
لذلك
ومع حفظ البت بالنقاط غير المفصولة،
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئنافين الاصلي والطارئ شكلاً
2- تصحيح الخصومة واعتبار الجهة المستأنفة المستأنف بوجهها تبعياً مؤلفة من ورثة المرحوم ق. وهم: خ. وب. وم. وع. وص. وو. وا. وث. ون.
3- رد طلب فتح المحاكمة المقدم من الجهة المستأنفة وعليها للاسباب المبينة في متن القرار
4- رد الاستئناف الاصلي في الاساس، للاسباب المبينة من المحكمة في متن هذا القرار، وتصديق الحكم المستأنف لناحية الاسقاط من حق التمديد القانوني لاجارة المأجور الكائن على العقار رقم /286/ من منطقة المرفأ العقارية والمعقودة اساساً باسم ق. ورد الاستئناف التبعي لجهة الحكم بغرامة اكراهية، وتصديق ما قضى به الحكم المذكور لهذه الجهة.
5- قبول الاستئناف التبعي جزئياً في الاساس لجهة رد طلب الحكم ببدل المثل، وفسخ الحكم المستأنف لهذه الجهة ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً، وفتح المحاكمة مجدداً، وتعيين الخبير السيد ج. للكشف على المأجور موضوع الدعوى الراهنة وتحديد بدل المثل سنوياً ابتداءً من تاريخ 2014/6/18 ولغاية تاريخ تنفيذ الخبرة لتمكين المحكمة من تحديد بدل الاشغال على ان تسلف الجهة المستانف عليها اصلياً المستأنفة تبعياً مبلغ خمسماية الف ليرة لبنانية على حساب اتعاب الخبير وعلى ان يقدم الاخير تقريره ضمن مهلة شهر من تاريخ تبلغه المهمة
6- ارجاء الجلسة الى نهار الاثنين الواقع في 2019/6/17 وابلاغ من يلزم
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/4/4
“محكمة” – الأحد في 2019/5/5

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!