علم وخبر

حكم إيجارات يتعلّق بمعرض سيّارات والفسحات الخارجية والآرمات/ناضر كسبار

ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
اعتبر القاضي المنفرد المدني في المتن الناظر في قضايا الايجارات الرئيس جون القزي ان ما يرتضيه كل من فريقي العقد عند قيام التعاقد لجهة الموضوع والمدى والبدل، يغدو هو المعيار في المساءلة.
كما اعتبر ان تجارة السيارات تستتبع ادخالها الى المأجور واخراجها منه. بواسطة الفسحات الخارجية المقابلة لواجهاته، ما يجعل الاستعمال وجوبياً ولكن بغير تفرّد، خصوصا وان من مقتضيات الاستثمار لمعرض سيارات، الا يصار الى سد واجهاته، كما والا تحول بينه وبين الطريق التي تحاذيه حواجز او موانع من شأنها ان تحجب عنه الزبائن.
وقضى برد الدعوى الرامية الى إلزام المستأجر نقل السيارات المعروضة في الفسحة الخارجية الى داخل المأجور، والى نزع الآرمات. كما قضى برد الدعوى لجهة المطالبة بالتعويض عن الضرر.
ومما جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2002/3/7 تحت الرقم 2002/16.
بناء عليه،
حيث ان المدى الذي استغرقته الاجارة، انتفاعاً واشغالاً تبعاً لطبيعة الاستثمار الحاصل، انما هو موضع نزاع بين فريقي المنازعة، في ضوء ما سبق من ادلاءات متناقضة لجهة التوسع ومدى تحقق شروطه، واقعا وتكييفا، كما ولجهة التعويض ومدى توافر اركانه مسألة وتبعة.
وحيث لمقاربة المسألة بصورة شمولية غير جزئية. يقتضي الوقوف عند الواقعات الثابتة، في سياق المبادئ والاحكام التي ترعاها، بشكل مؤتلف غير متنافر.
وحيث في هذا المجال، ثابت من نحو اول، تمحور العلاقة التأجيرية حول وجهة استعمال تجارية، تحددت بتجارة السيارات والدراجات ومشتقاتها ضمن المحلات في الواجهة الشرقية.
وحيث من نحو ثان، ثابت ايضا تراخي الاجارة بالوجهة المعتمدة منذ العام 1972، انتفاعاً واستثماراً.
ليثور النقاش حول المدى الذي استغرقته هذه الاجارة مع الاستعمال المتراخي للفسحة الخارجية على مر سنواتها، لعرض السيارات وتأمين المرور من والى المأجور. اذ في حين تضع الشركة المستأجرة هذا الاستعمال في خانة مستلزمات الاستثمار العادية فان الجهة المالكة تصنفه في مصاف اعمال التعدي المستوجبة الازالة والتعويض.
وحيث لاعطاء المسألة هذه النتيجة القانونية الملائمة ينبغي الوقوف عند المبادئ التي ترعاها مضمونا ومفاعيل.
وحيث ضمن هذا السياق، من الراهن بأن العقود التي تنشأ صحيحة بين فرقائها تستغرق حقوقا متبادلة كما وموجبات، تبعا لتقاطع الارادات حول البنود موضوعها كما والشروط.
وحيث بالتالي، فان ما ارتضاه كل من فريقي العقد عند قيام التعاقد لجهة الموضوع والمدى والبدل، يغدو هو المعيار في المساءلة، في الاطار الزمني الملحوظ بغير لبس او اشكالية.
وحيث ترتيباً عليه، فإنّ أيّ تحديد أو تعديل أو تجاوز مسيء يقع تحت مجهر المساءلة التي تتدرج نسبها تبعا للمدى الملازم والضرر المتاتي، في حين ان الالتزام بالمندرجات موضوع التوافق، ينأى بالعقد عن الجزاء وترتيب التبعات، ويدخل ضمن هذا التصنيف التنفيذ المؤتلف مع الوجهة المعتمدة تعاقدا كما وذاك المتفرغ عنها بحيث بات من مستلزماتها في علاقة سببية عضوية.
وحيث في هذا المجال، وبالعودة الى واقعات الدعوى، فانه طالما ثبت ان وجهة الاستعمال تحددت بتجارة السيارات والدراجات ومشتقاتها، فان كل تنفيذ على صعيد الواقع المشاهد وجب ان يتقيد بالمدى الذي اعطيه، وبالسقف الذي يحده، ضمن المعادلة المبينة اعلاه من دون اي استئثار او حصرية.
وحيث بالتالي، فإنّ تجارة السيارات انما باتت بحكم الواقع تستتبع ادخالها الى المأجور واخراجها منه، بواسطة الفسحات الخارجية المقابلة لواجهاته والتي تفصله عن الطريق العام، ما يجعل من الاستعمال وجوبيا، ولكن بغير تفرد، باعتبار ان هذا الحق المشترك يعود امر الانتفاع به لاصحاب الحقوق كافة، ولا يندرج الاستعمال والحال هذه في خانة التعدي.
وحيث ان ما يصب في هذه الوجهة، انما هو انفتاح المأجور على الطريق العام، ما يجعل ضروريا توفير هذه الامكانية تأمنيا للانتفاع بالشكل المألوف، لاسيما وان من مقتضيات الاستثمار لمعرض سيارات، اي معرض في مثل موقع هذا المعني راهنا، الا يصار الى سد واجهاته، كما والا تحول بينه وبين الطريق التي تحاذيه حواجز او موانع من شأنها ان تحجب عنه الزبائن، كمثل، ركن سيارات امامه تخص الغير، تمنع عليه حرية تحريك سياراته المعروضة وتحسر عنه امكانية جلب الزبائن المرتبطين بالموقع والاسم.
وحيث ان الواقع المشار اليه، هو مشاهد ومألوف في مثل حالات الاستثمار هذه على ما اشار اليه الخبير المعين من قبل المحكمة، اذ هو بات من مستلزماته الضرورية.
وحيث مما تقدم يتحصل وجوب رد الادلاءات المخالفة.
وحيث ان النتيجة هذه تنسحب على المطالبة المتناولة الآرمات غير الثابتة في الاصل على ما اورده الخبير في تقريره، والتي في مطلق الاحوال تدخل في سياق مستلزمات النشاط الممارس الذي ارتضاه فريقا العقد منذ البدء عند تحديد شروطه ومداه والبدل الذي يقابله.
وحيث ان المطالبة بالتعويض، تتبدى بدورها في غير مواقعها تبعا لعدم توافر شروطها، باعتبار ان المالك لم يحرم من اي منفعة محتملة بالفسحة هذه وبالاستقلال عن المأجور، مع انعدام اي فرصة لتأجيرها كونها تعتبر بمثابة ممر اجباري من الطريق العام اليه، كما وانه لم يبين وقوع اي ضرر مباشر بفعل الاستعمال المتراخي سنوات عديدة بغير منازعة. وحيث الى ذلك ترد المطالبة بالعطل والضرر لعدم التوجب.
“محكمة” – الأربعاء في 2024/9/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!