مقالات

أين القضاء من سرقة أموال الشعب؟/ جمال الحلو

القاضي المتقاعد جمال الحلو:
بئسَ الزّمنِ الّذي نشحذُ فيه جنى عمرِنا!
يومًا بعد يومٍ يتبيّنُ لنا أنّ أجدادَنا كانوا أوعى بكثيرٍ من هذا الجيلِ، حتّى أثناءَ ظهورِ العملةِ الورقيّةِ، ظلّوا يتعاملون بالذّهبِ. فيشترون الليرات الذهبيّةَ سواءَ أكانت إنجليزيّةً أم رشاديّةً عثمانيّةً، ويخبّئونها في مكانٍ آمنٍ. أضفْ إلى ذلك شراءَهم العقارات على أنواعِها. وكان أهلُ المدنِ منهم على الأخصِّ يمارسون التجارةَ والاستثمارَ بشكلٍ يؤمّنُ لهم الاستقرارَ في معيشتِهم.
لقد تبيّنَ اليوم أنّ المصارفَ كذبةٌ كبيرةٌ، وأنّ الناسَ (الطيّبين منهم) انخدعوا خدعةَ العمرِ على يدِ أشهرِ مافياتِ الأموالِ، من خلالِ خطّةٍ محكمةِ التنفيذِ للاستيلاءِ على أموالِ الشعبِ المسكين. وبتغطيةٍ من بعض السياسيّين الفاسدين (في عتمةِ ليلٍ بهيمِ).
فرحَ المواطنُ بزيادةِ الفوائد، فجمعَ “تحويشةَ عمرِه” ووضعَها في سلّةِ بنوكِ النفاقِ والشقاقِ وسوءِ الأخلاقِ. وما أن لاحَت الفرصةُ السانحةُ حتّى انقضّوا انقضاضَ الذئبِ على الشاةِ، فسرقوا وسلبوا ونهبوا لا حسيبَ ولا رقيبَ. وعندما بادرَ النائبُ العامُّ الماليُّ إلى الحجز على المصارف، وحصص أصحابها (بصرفِ النظرِ عن الأبعادِ القانونيّةِ للقرارِ، وجدليّةِ صوابيتِه أو عدمِها، “وإن كنت أميلُ إلى إنفاذِه”) ثارت ثائرةُ الغيارى على القطاعِ المصرفيِّ، فضغطوا على القضاءِ لوقفِ تنفيذِ القرار بسرعةٍ قياسيّةٍ فاقت مواقيتَ الصّلاةِ.
وللأسفِ الشديدِ هرّبَ البعضُ أموالَهم (وعلى رأسِ هؤلاء أصحابُ المصارفِ الّذين هرّبوا أموالَهم إلى الخارجِ) فأهلُ مكّة أدرى بشعابِها!
وعندما قامَ بعضُ القضاةِ الشرفاءِ بالحجزِ على بعضِ المصارفِ ومنعِ أصحابها من السفرِ، هاجت ثلّةٌ من المنتفعين وماجت، فجرى فسخُ القرارات، وذهبَ بعضُها إلى التمييزِ، “ومن يعشْ يرَ قرارات توحيدِ الاجتهادِ!” على أملِ ظهورِ صقور العدالةِ ليبطشوا بيدٍ من حديدٍ على رؤوسِ الفاسدين(ولنقلْ جميعُنا.. آمين).
شعاراتٌ ذهبت أدراجَ الرياحِ في صباحِ الحقوقِ ومساءِ العقوقِ!
معًا لراحةِ البالِ…
لضمانِ المستقبلِ …
الأمان على مرِّ الزّمانِ…
إحفظْ مالَك لعيالِك…
إستفِدْ أنت والحفيدُ..
مع مصرفِنا ستعيشُ فرحةَ العيدِ…
ووو إلى آخرِ الاسطوانةِ الطنّانةِ، والرنّانةِ. “وما بين حانا ومانا ضاعت لِحانا”.
أيّها القضاءُ أنت أمامَ امتحانٍ مفصليٍّ، لتحميَ الشعبَ المسكين… والتاريخُ سيكشفُ زيفَ الظالمين، وسينصفُ رحى العادلين…
وللإستعارةِ: إضربْ والريح تصيح، إضرب يا حامي الدار (والدارُ هنا دار ُالعدالةِ، والعدلُ أساسُ الملكِ)، ولمصارفِ الدهشةِ نقول:
خدْعتُكم لن تنطلي على الحصيفِ والشريفِ والمنيفِ… تريدون تخليصَ الناسِ من الدولارات من خلال شرائِها بأبخسِ الأثمانِ وبيعِها لفلانٍ وعلّانٍ تحت عنوانِ “السوقِ السوداءِ”.
بالله عليكم أين هي السوقُ البيضاءُ؟!
ويا قاضمي العملة (والمفروضُ قانونًا أنّها مغطّاةٌ بالذهبِ)، والخوفُ إذا كان الذهبُ “ذهبَ “…
أقول:
قاتلَكم اللهُ أنّى تؤفكون… وفوّضنا بكم ربَّ العالمين القادرَ المقتدرَ…
فليراتكم كشفَت دولاراتكم!
وأختمُ بقولِه تعالى: “وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون”. صدق الله العظيم.
“محكمة” – الإثنين في 2020/9/28

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!