أبرز الأخبارمضبطة حوار

المحامي جهاد طربيه لـ”محكمة”: غايات سياسية وراء حملة معارضي مرسوم التجنيس ولتنفّذ “الداخلية” قرار “الشورى” بشأن مرسوم 1994/ علي الموسوي

حاوره علي الموسوي:
ما إن سرّبت معلومات طفيفة وأوّلية عن مضمون مرسوم التجنيس الأوّل في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حتّى صدرت مواقف وردود فعل سياسية وقانونية متفاوتة منه بين مؤيّد وداعم ومعارض ومندّد وملوّح بالطعن به أمام مجلس شورى الدولة فور نشره في الجريدة الرسمية أو استلام نسخ رسمية عنه، وهو ما حصل بنشره على موقعي وزارة الداخلية والبلديات والمديرية العامة للأمن العام في توقيت متقارب من أجل إعادة التدقيق في مدى مطابقة الأسماء الواردة للمعايير المعتمدة في حالات مماثلة كتقديم خدمات جليلة للبنان، وعدم وجود أيّ ملاحقة قضائية أو أمنية بحقّها سواء داخل لبنان أو خارجه ولدى منظّمة الانتربول الدولي، علماً أنّ التدقيق والتحقيق يسبقان عادةً، النشر الذي يعني أنّ المرسوم صار مباحاً أمام الرأي العام.
وللوقوف على حيثيات المرسوم الصادر بالرقم 2942 تاريخ 11 أيّار 2018، إلتقت “محكمة” المحامي جهاد طربيه الذي وجد أنّ الحملة تناولت الرئيس ميشال عون حصراً على الرغم من أنّه يواجه “إستراتجية مواجهة سياسة دولية لفرض التوطين على الدولة اللبنانية”، معتبراً أنّ هذا المرسوم هو من القرارات الإدارية الفردية وبالتالي لا يحتاج إلى النشر، فيما هناك حقوقيون يرون العكس تماماً وفي مقدّمتهم الدستوري الرئيس حسين الحسيني.
ويلفت طربيه النظر إلى وجوب أن تبادر وزارة الداخلية والبلديات إلى تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة الصادر بشأن مرسوم التجنيس الصادر في العام 1994 لإعادة درس ملفّات الحاصلين على الجنسية في ظلّ حديث عن وجود تلاعب وغشّ وتزوير في بعضها ومخالفتها للدستور.
وهنا النصّ الحرفي للمقابلة:
• ماذا يعني أن يصدر مرسوم التجنّس في هذا الوقت بالذات حيث عهد الرئيس العماد ميشال عون في بداياته وليس كما حصل سابقاً في نهايات العهود الرئاسية تقريباً؟.
أستغرب طرح السؤال حول توقيت اصدار المرسوم، فالقانون لم يحدّد مهلاً لممارسة صلاحية منح الجنسية، وبالتالي يعود لصاحب الصلاحية تحديد التوقيت الذي يرتأيه.
أمّا القول بأنّه درجت العادة أن تصدر هكذا مراسيم في نهاية ولاية رئيس الجمهورية، فهذا لا يبرّر طرح سؤال في طيّاته التباسات، فالعكس هو الأصحّ. يجب النظر إيجاباً إلى التوقيت باعتبار أنّه إذا تضمّن المرسوم أيّ شائبة لأيّ جهة كانت، يمكن إصلاح الخطأ وترتيب المسؤولية المعنوية عند الاقتضاء.
• لماذا قامت هذه الحملة العنيفة على مرسوم التجنيس الجديد بعكس ما كان يحصل في السابق من مهادنة وتغاض؟ هل هي مخاوف أم كيديات سياسية ليس إلاّ؟ كما أنّ الدولة اللبنانية أعادت الجنسية إلى عدد لا بأس به من اللبنانيين الذين يعيشون في دول الانتشار منذ سنوات طويلة وتعود جذورهم إلى أصول لبنانية ولم تخرج أصوات معترضة كما حصل في مرسوم التجنّس الجديد؟
الحملة تناولت حصراً رئيس الجمهورية، مع العلم أنّ المرسوم يقترحه وزير الداخلية ويوقّع عليه ثمّ يعرض على رئيس الحكومة ويوقّع عليه ليصل أخيراً إلى رئاسة الجمهورية، هذه الحصرية تدلّ على غايات سياسية خاصة ونحن في زمن تشكيل الحكومة.
وللتذكير فقط ، يعتمد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إستراتجية مواجهة سياسة دولية لفرض التوطين على الدولة اللبنانية، وهناك فرق شاسع بين السياسة الدولية في فرض التوطين وبين خيار الرئيس في ممارسة صلاحيته القانونية والاستنسابية في منح الجنسية اللبنانية.
• هل من خفايا غير معلومة في موضوع مرسوم الجنسية الجديد؟ وهل يكمل سيره من دون تعقيدات أسوة بسواه من مراسيم؟ وكيف تتوقّع أن يتعامل مجلس شورى الدولة مع مرسوم التجنّس الجديد في حال تقديم مراجعات بشأنه أمامه لإبطاله؟
تجاه الحملة المبرمجة على المرسوم وحسماً للتأويلات، طلبت رئاسة الجمهورية من المديرية العامة للأمن العام تقبّل أيّ مستندات قانونية تعيب منح الجنسية اللبنانية لأيّ من الأشخاص الواردة أسماؤهم في المرسوم، ليبنى على الشيء مقتضاه.
وفي مطلق الأحوال، كلّ قرار إداري قابل للطعن به أمام مجلس شوري الدولة، والأمر عينه بخصوص المرسوم موضوع الحملة الإعلامية والسياسية، ويكفي توفّر الصفة والمصلحة لدى مقدّم المراجعة لقبول الطعن شكلاً، ثمّ تقديم المستندات الكافية لإثبات العيب في منح الجنسية لمن ورد اسمه في المرسوم كي يبطل.
جنسية اللبنانية لأولادها من زوجها الأجنبي
• ما هي المخاوف الجدّية من عدم إقرار قانون يتيح للمرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي أن تعطي أولادها الجنسية اللبنانية؟أليس هذا حقّاً لهذه المرأة اللبنانية التي باتت موجودة في صلب الحياة اللبنانية على شتى الصعد من السياسة إلى القضاء والاقتصاد والاجتماع ولقمة العيش؟
من الواجب على المجلس النيابي الحالي إقرار قانون جديد يحدّد الشروط الواجب توفّرها والاجراءات الواجب اتباعها لمنح الجنسية اللبنانية باعتبار أنّ القانون المعمول به حالياً صادر عن المفوّض السامي للجمهورية الفرنسية سنة 1925، علماً أنّه يوجد العديد من مشاريع القوانين، ومن الطبيعي والواجب أن يتضمّن القانون المأمول إقراره مادة تعطي الحقّ للمرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي أن تمنح الجنسية اللبنانية لأولادها عملاً بمبدأ المساواة بين جميع اللبنانيين. إلاّ أنّ التحفّظ المطروح يتعلّق بالمرأة اللبنانية المتزوّجة من فلسطيني وحالياً يشمل المرأة اللبنانية المتزوّجة من سوري الجنسية، فالسبب ليس الخوف مطلقاً، بل انفاذاً لسياسة الدولة اللبنانية تجاه القضيّة الفلسطينية، وحالياً تجاه الدولة السورية، هذا فضلاً عن وجوب إعمال مبدأ رفض التوطين المكّرس في الدستور اللبناني.
مرسوم الجنسية عام 1994
• لماذا دائماً سيمفونية التغيير الديموغرافي تطغى على كلّ شيء عند الحديث عن مراسيم الجنسية ما دام نصيب كلّ طائفة ومذهب محفوظ ومصان بالدستور والعرف؟
لم تطرح مطلقاً مسألة التغيير الديموغرافي إلاّ بمناسبة صدور مرسوم منح الجنسية سنة 1994 الذي أعطى الجنسية اللبنانية لعشرات الآلاف، وفي غالبيتهم العظمى من الطوائف الإسلامية الكريمة، ممّا جعل عدد اللبنانيين المسيحيين أقلّ من عدد اللبنانيين المسلمين، وأصبحت تطرح من حين لآخر كيفية المواءمة بين المناصفة في المؤسّسات الدستورية والقانونية وبين اختلال العدد في قيود سجّلات الأحوال شخصية.
• أين أصبح الطعن بمرسوم التجنيس الصادر في العام 1994 بعد ربع قرن على نشره والعمل به وقد ولد جيل من المجنّسين وبعضهم يتولّى مراكز مختلفة في هيكلية الدولة؟
بتاريخ 2003/5/7 صدر قرار عن مجلس القضايا بالمراجعة التي تقدّمت بها الرابطة المارونية طعناً بالمرسوم رقم 5247/ 94 تاريخ 1994/6/20 قضى في فقرته الحكمية بوجوب “إحالة القضيّة موضوع المراجعة الراهنة على الادارة المختصة (وزارة الداخلية) لاعادة درس الملفّات الادارية لديها(أيّ ملفّات الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية بموجب المرسوم المطعون فيه)، وبالتالي إعادة النظر في المرسوم المطعون فيه، وذلك في سبيل الرجوع عن القرارات التي منحت لبعض الأشخاص الجنسية اللبنانية من دون وجه حقّ، أو التي اكتسبها أصحابها عن طريق الغشّ والتزوير، أو التي تعتبر مخالفة للدستور أو مخالفة بصورة فادحة للقانون”.
ولغاية تاريخه، وبالرغم من مرور حوالي خمس عشر سنة، لم تنتهِ وزارة الداخلية من درس ملفّات من حصل على الجنسية اللبنانية بفعل المرسوم المذكور.
حبّذا لو أنّ الجهد المخصّص في الحملة على المرسوم الحالي والمتضمّن أقلّ من أربعماية اسم منحوا الجنسية اللبنانية، يقابل بجهد مماثل تجاه وزارة الداخلية لانفاذ القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة منذ حوالي خمس عشر سنة والذي استفاد منه عشرات الآلاف في حينه.
نشر المرسوم
• لقد نشرت في الجريدة الرسمية مراسيم إعادة الجنسية إلى لبنانيين ولم ينشر مرسوم التجنّس الجديد، كيف ترى هذا التفاوت؟
إنّ مرسوم منح الجنسية هو من القرارات الإدارية الفردية بحسب اجتهاد القضاء الإداري في لبنان وفرنسا، وبالتالي من غير الواجب قانوناً نشر المرسوم ليصبح ساري المفعول.
وفي مطلق الأحوال، العاملون في المجال الحقوقي يعرفون جيّداً بأنّ القرار الاداري يحتاج لوقت مادي بين تاريخ صدوره وتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وفي الحالة الحاضرة تفصل أيّام معدودة بين تاريخ صدور المرسوم وتاريخ بدء الحملة الاعلامية والسياسية بشأنه.
“محكمة” – السبت في 2018/06/09
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!