علم وخبر

تأجير ثانوي وترك/ ناضر كسبار

ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
في أحدث قرار صادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، الناظرة في قضايا الايجارات، تاريخ 2024/7/1، بحثت هيئة المحكمة المؤلفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، عدة نقاط تتعلق بالتأجير الثانوي والترك، فاعتبرت ان إشغال المأجور يجب ان يكون فعلياً وجدياً وان يتم وفقاً للغاية المعد لها. وبالتالي فإن التردد اليه، او مراجعة اموره والتواصل مع مستأجره الثانوي، والتباحث معه بشأن اشغال المأجور، لا يشكل الاشغال العقلي. كما ان العلاقة التأجيرية تبقى محصورة بين المالك والمستأجر الاصلي.
وقضت برد الاستئناف اساساً وبتصديق الحكم الابتدائي الذي قضى بالاسقاط من حق التمديد والاخلاء.
ومما جاء في القرار:
رابعا: في الاساس:
حيث ان موضوع النزاع يتعلق بمدى سقوط حق المستأنف في التمديد القانوني للاجارة المعقودة لمصلحته على العقارين موضوع النزاع رقم 219 و1506 الباشورة العقارية.
وحيث ان الواقعة المطلوب على اساسها اسقاط الاجارة موضوع النزاع انما يدلي بتحققها في ظل سريان القانون الايجارات الاستثنائي رقم 92/160، ما يوجب تطبيق احكام هذا القانون على النزاع الراهن.
وحيث انه يتبين ان المستأنف قد إستأجر المأجورين موضوع النزاع مع اعطائه حق التأجير الثانوي.
وحيث ان المستأنف يطعن بالحكم المستأنف لقضائه بسقوط حقه بالتمديد القانوني للاجارة المشار اليها لعلة الترك لاكثر من سنة، رغم انه قام بتأخير المأجورين من الدولة اللبنانية بموافقة الجهة المدعية بداية، وان الدولة انهت اجارتها وسلمت المأجورين للمستأنف بتاريخ 2011/9/15، وانه لم تنقض بين تاريخ التسلم وتقديم دعوى الاسقاط مدة سنة علما انه لم ينقطع عن المأجورين وتابع امورهما وراجع الدولة مراراً وان اقدام المستأجر الثانوي على استعمال او عدم استعمال المأجورين لا يؤدي الى اعتبار المستأجر الاساسي مسؤولاً عن ذلك، ولا يرتد على حقوقه.
وحيث من الثابت ان المستأنف يستأجر المأجورين موضوع النزاع بوجهة استعمال محددة معهد ثانوية بيروت العالية، وقد اعطي في عقدي الايجار حق التأجير بموجب موافقة الجهة المالكة في حينه.
وحيث من الثابت انه عملا بحق المستأنف المنصوص عنه في عقد الايجار المنظم لمصلحته موضوع النزاع، قام المستأنف بتأجيرها للدولة اللبنانية وزارة التربية مع منح الجهة المالكة زيادة على البدل، وان الدولة قد انهت اجارتها وسلمت المأجورين للمستأنف بموجب محضر تاريخ 2011/9/15.
وحيث ان الجهة المدعية بداية قد طلبت اعلان سقوط اجارة المستأنف لترك المأجور مدة تزيد عن السنة وفق تقرير الخبير المعين من قبل قاضي الامور المستعجلة في بيروت تاريخ 2012/10/1 بأن المأجورين مقفلين منذ اكثر من سنتين وفق الكشف الذي قام به ووفق افادة الاشخاص الذين استمع اليهم.
وحيث ان الفقرة “و” من المادة 10 التي تعطف عليها المادة 14 من القانون 92/160 نصت على اسقاط حق المستأجر بالتمديد القانوني اذا ترك المأجور لاسباب غير امنية مدة سنة دون انقطاع ورغم استمراره بدفع الايجار.
وحيث انه يستفاد من الفقرة المذكورة ان الترك لمدة تتعدى السنة يؤدي الى الاسقاط من حق التمديد، بإستثناء حالة الترك لاسباب امنية.
وحيث ان الترك المقصود هو الترك المادي الموضوعي المجرد عن اية اسباب اخرى سوى السبب الامني بحيث لا ينظر الى نية المستأجر في التنازل عنه او في التخلي عن اجارته وان كان هذا المستأجر يرغب في الاحتفاظ بالمأجور، اذ ان العبرة فقط في استمرارية الاشغال من دون الانقطاع عنها لمدة سنة كاملة.
وحيث في المقابل فإن اشغال المأجور يجب ان يكون فعليا وجديا وان يتم وفقاً للغاية المعد لها، وبالتالي فإن مجرد مراجعة المستأجر الثانوي وسؤاله عن المأجور بشكل عرضي ومتقطع وغير متطابق مع طبيعة النشاط الممارس فيه لا يكون من شأنه بالتالي قطع مهلة الترك، وبمعنى آخر التردد او مراجعة امور المأجور والتواصل مع مستأجره الثانوي والتباحث معه بشأن اشغال المأجور، لا يشكل الاشغال الفعلي للمأجور واستعماله وفق الغاية التي اعد لها في العقد، ينم عن عدم حاجة المستأجر الجدية اليه.
وحيث ان ترك المأجور واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة وسائل الاثبات، ويقع عبء الاثبات لهذه الناحية على الجهة المالكة، علما ان احدى الطرق المعتمدة في هذا الاطار والمقبولة قانوناً اللجوء الى الخبرة بواسطة قضاء العجلة، لما في ذلك من عناصر مباغتة ونقل الواقع كما هو.
وحيث انه في حالة التأجير الثانوي فان المادة 7 فقرتها الثانية من القانون 92/160 نصت على انه تبقى العلاقة التأجيرية محصورة بين المالك والمستأجر الاصلي بحيث ان الترك لمدة سنة ينظر اليه بوجه المستأجر الاصلي متى كان المأجور قد ترك مدة سنة من قبل المستأجر الثانوي، ولا يجوز للمستأجر الاصلي ان يتذرع بان الترك قد حصل من قبل المستأجر الثانوي للتهرب من مفاعيل الترك المتعلقة بالاسقاط من حق التمديد الاستثنائي، فيرد ما تدلي به الجهة المستأنفة لهذه الناحية.
وحيث اضافة الى ما تقدم فان التأجير الثانوي يرد على حق المستأجر الاصلي فينقل هذا الاخير حقه بالاشغال تجاه المؤجر للمستأجر الثانوي، إلا انه يبقى مسؤولا عن نتائج هذا الاشغال تجاه المالك نتيجة بقاء علاقته الاصلية  بينهما وما ترتبه الاحكام المنظمة لهذه العلاقة من نتائج.
وحيث عملاً بما تقدم فانه يتبين بموجب الخبرة المعينة من قاضي الامور المستعجلة وافادة مدير عام وزارة التربية المرفقة به، وافادات الاشخاص الذين استمع اليهم الخبير، وافادات الشهود امام المرجع الابتدائي، ان المستأجر الثانوي اي الدولة اللبنانية وزارة التربية قد توقفت عن استعمال المأجورين وفق الغاية المحددة لهما وقد انتقل التلامذة الى مبنى آخر بتاريخ 2009/10/19 ومبنى المدرسة القائم على العقارين موضوع النزاع مقفل حتى تاريخ افادة المدير العام لوزارة التربية المشار اليها المؤرخة في 2011/8/24 ، فضلا عن ما هو مثبت لجهة استهلاك التيار الكهربائي.
وحيث تبعاً لما تقدم يكون شرط الترك لاكثر من سنة متحققاً بعدم اشغال المأجورين موضوع النزاع واقفال ابوابهما مدة تزيد عن السنة، وذلك لغير سبب امني، ما يوجب اعمال الفقرة “و” من المادة 10 من القانون 92/160.
وحيث ان مراجعة مورث الجهة المستأنفة للادارة المساجرة ثانويا بشأن المأجورين موضوع النزاع ليس من شأنه وقف مهلة السنة لتحقق الترك، اذ ان النص استثنى في هذه الحالة فقط السبب الامني، ولم يثبت تحقق هذا السبب لعدم الاسقاط من الحق بالتمديد القانوني، فترد ادلاءات الجهة المستأنفة لهذه الناحية.
وحيث بقضاء الحكم المستأنف باسقاط حق التمديد القانوني موضوع النزاع العائد لمورث الجهة المستأنفة ومن بعده للجهة المذكورة بسبب الترك لمدة سنة دون انقطاع، فانه يعتبر واقعا في موقعه القانوني الصحيح، ما يوجب تصديقه لهذه الجهة، بمعزل عن سائر ما اثير من اسباب للاسقاط.
وحيث بالنسبة للمستأنف عليها جمعية، فانه يتبين ان هذه الاخيرة قد اخلت المأجور وتركته بعد ان سلمته للمستأجر الاصلي مورث الجهة المستأنفة، ما يوجب بعد إخلائها للمأجور إخراجها من المحاكمة الراهنة.
وحيث انه كذلك لم يثبت ان من حل محل الدولة اللبنانية في المأجور كمستأجر ثانوي قد بقي في المأجورين موضوع النزاع بعد انتهاء اجارته الثانوية، ولم يثبت وجود مستأجر ثانوي في المأجور راهناً.
وحيث بالنسبة لطلب الجهة المستأنفة إدخال الدولة اللبنانية في النزاع الراهن، فانه بالنظر لما اثبتته المحكمة في متن هذا القرار، وبالنظر لترك الدولة اللبنانية كمستأجر ثانوي للمأجور منذ مدة طويلة، لا ترى المحكمة من فائدة في إدخال الدولة اللبنانية في المحاكمة الراهنة، ما يقتضي معه رد الطلب المذكور.
وحيث انه بالنسبة للاسباب الزائدة او المخالفة فانها مستوجبة الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع، وكذلك الامر بالنسبة لطلب العطل والضرر لعدم تحقق شروط ذلك.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- تصحيح الخطأ المادي الوارد في إسم مورث الجهة المستأنفة في الاستحضار الاستئنافي، وإعتبار ان اسمه هو عبد الرزاق.
3- تصحيح الخصومة وإحلال ورثة المستأنف المرحوم عبد الرزاق، وهم زوجته نهى واولاده مازن وحازم وماهر وسامر محله في المحاكمة الراهنة كمستأنفين.
4- رد طلب ادخال الدولة اللبنانية/وزارة التربية، في المحاكمة الراهنة.
5- إخراج جمعية من المحاكمة الراهنة.
6- رد الاستئناف اساساً، وتصديق الحكم المستأنف بوجه الجهة المستأنفة ورثة المرحوم عبد الرزاق، وبالتالي إلزام الجهة المستأنفة ورثة المرحوم المذكور وهم زوجته نهى واولاده مازن وحازم وماهر وسامر باخلاء المأجورين موضوع النزاع فوراً وتسليمهما للجهة المالكة المستأنفة عليها شاغرين وخاليين من اي شاغل.
7- رد سائر ما اثير من اسباب ومطالب، لعدم الفائدة او لكونها لاقت رداً ضمنياً.
8- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين الجهة المستأنفة كافة الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2024/7/1.
 “محكمة” – الأربعاء في 2024/7/3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!