مقالات

معاناة المساعدين القضائيين كبيرة فساعدوهم/جوزف تامر

القاضي جوزف تامر*:
معالي الوزير، حضرة الرئيس الأول، حضرة أعضاء مجلس القضاء الأعلى، حضرة الزملاء الكرام،
“إنّ الإنسانَ مفطورٌ على التعلُّقِ بحبال الآمال ولو كانت أوهى من نسيج العنكبوت…”
و”إنّ صاحب اليأس يتوسّم في كلّ جديد فرجاً…”
هذه هي تماماً حال المساعدين القضائيين اليوم، الذين ما أن تناهى إلى مسامعهم خبر انعقاد هذا الإجتماع معكم حتّى هبّوا يطلبون مني، بصفتي رئيساً لمجلس إدارة صندوقهم التعاوني، أن أنقل إليكم بكلّ صدق وأمانة همومهم وشجونهم، علّكم تفرّجون كربتهم وتخرجونهم من ديجور اليأس الذي يقبعون فيه منذ زهاء سنتين ونيف.
لن أطيل بالحديث، إذ طبعاً لا حاجة لي للإضاءة على العناء الذي يتجشّمه المساعدون القضائيون بغية الحضور إلى قصور العدل في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات، ولا على تآكل رواتبهم بفعل التضخّم وانهيار العملة، ولا على الظروف المزرية التي يعملون فيها في ظلّ انقطاع الكهرباء وعدم توفّر القرطاسية، ولا التدفئة، ولا الحمامات، واللائحة تطول…، إذ نحن جميعنا على تماس مباشر مع المساعدين القضائيين في محاكمنا وندرك جيّداً معاناتهم هذه، ولكنني هنا لأقول لكم وبكلّ صراحة أمرين:
الأوّل، أنّ المساعدين القضائيين قد خارت قواهم وتببهم الضنك فوصلوا إلى مرحلةٍ لم يعد لديهم فيها القدرة على تحمل وطأة هذه الأزمة التي ما برحت تهدّد لقمة عيشهم وصحّتهم وصحّة عائلاتهم، والأمثلة على ذلك كثيرة، منهم فقد حياته أو حياة أقرب الناس إليه على أبواب المستشفيات، ومنهم من توقّف عن تلقّي علاجه أو أخذ دوائه وراح يستجير الله يومياً أن ينقهه ويبعد عنه أيّ مكروه، ومنهم من حزم أمتعته وعزم على الرحيل…
وثانياً، أنّ المساعدين القضائيين، إضافةً إلى جزالة الأعباء التي يرزحون تحتها والتي لا يجدون للخلاص منها سبيلاً، يشعرون أنّهم صاغرون ومتروكون لمصيرهم، وأنّهم خارج أيّ حلول يجري تباحثها من قبل المسؤولين، ويعتبرون أنّ أيّ تحسين لوضع القضاة لا يشملهم، سوف يوسّع الهوّة في ما بينهم، الأمر الذي أحبط عزيمتهم ودفعهم مرغمين إلى الإعتكاف والمطالبة بما يلي:
– تعزيز وضع صندوقهم المادي عبر زيادة مساهمة الدولة فيه وإفادته من المنح أو الهبات المرتقبة؛
– إفادة صندوقهم من أيّ تعديل تشريعي للرسوم القضائية أسوة بصندوق تعاضد القضاة؛
– إقرار طابع للمساعدين القضائيين قيمته ثلاثة بالألف من الحدّ الأدنى للأجور؛
– زيادة رواتبهم بما يؤمّن لهم العيش الكريم؛
– تأمين حدّ أدنى من مادة البنزين تضمن لهم الإنتقال إلى أعمالهم؛
– إيجاد حلول ناجعة لمسألة الطبابة والاستشفاء في ظلّ تعثّر تعاونية الموظّفين؛
في الختام، إنّ عيون المساعدين القضائيين شاخصة إليكم اليوم، وينتظرون منكم الكثير، آمل أن أكون قد نقلت لكم بوضوح صرختهم ووجعهم، وآمل أيضاً أن تلقى هذه الصرخة صدى لديكم لأنّه وبكلّ بساطة إنْ لم نساعد المساعدين القضائيين الآن ربّما لن نجد من يساعدنا، ولا من يقطع الرسوم التي تحدّثتم عنها…
* رئيس الصندوق التعاوني للمساعدين القضائيين. وقد ألقيت هذه الكلمة خلال اجتماع مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل هنري الخوري والرؤساء الأول لمحاكم الاستئناف في المحافظات ورئيس صندوق تعاضد القضاة القاضي علي ابراهيم في الطبقة الرابعة من قصر عدل بيروت.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/2/16

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!